الكتاب يجمع بين الفكر الفلسفي والأدب في تناغم رائع وكثيراً ما تأتي فكرة ما علي بالك ، ثم تنظر لتجدها أمامك في حضور جميل أعجبتني كثرة المعلومات الفلسفية والأدبية والاستعانة بالروايات العالمية أيضاً ولكن، لا تظن أن المرآة هنا هي المرآة الزجاجية التي تري وجهك فيها كل صباح فقط ... لا !! فالمرآة أيضاً في عيون الناس وصفحة المياة التي تري فيها وجهك متموجاً ... وغيرها كثير من الأنواع .. ستري أن المرآة حولك في كل مكان وزمان حتي في داخلك هناك مرآة .. !
يوماً ما ستحتاج المرآة لما هو أكثر من نظرةٍ سريعةٍ قبل الخروج , يوماً ما ستقف طويلاً أمامها لاجئاً و راجياً مساعدتها في إدراك وجودك .. و ستلحّ عليك بعد هذه التجربة سؤالات المرآة و الأنا و الوجود كما ألحت عليّ ! عثرت على هذا الكتاب الجميل بالصدفة , يبحر محمود رجب في تاريخ المرآة منذ البحيرة و حتى الاستعمالات الواسعة لمجاز المرآة في الأدب و الفن و علم النفس و الفلسفة و التصوّف . ممتع جداً هذا الكتاب !
كتاب مدهش! والمرآة موضوع أكثر ثراء مما كنت أظن، فمن قديم حتى قبل التوصل لعلم البصريات أو بالتزامن معه كان للمرآة حضورا فعالا في الحياة اليومية والنظرية على حد سواء، في التزين والتجمل وأيضا في السحر والخرافة والأساطير، مثلما في اللغة والمجاز والفلسفة وعلم الوجود وعلم النفس، في الدين والتصوف، في الأدب والسيرة الذاتية والفن التشكيلي، المرآة بحق هي جزء أصيل من التجربة البشرية، وأداة أدرك الفلاسفة والفنانون أهميتها فجعلوها محورا لنظرياتهم ووسيلة للتعبير عن آمالهم وهواجسهم وسندا لموقفهم من العالم ورؤيتهم للذات والآخر، في حين اعتمد عليها المتصوفة في توجههم نحو الله من خلال فعل الانعكاس أو التمرأي الذي يعتبر ركنا أساسيا في فلسفتهم، يعرض الكتاب لتلك الرحلة الطويلة الماتعة بإيجاز غير مخل وبتعدد رائع في المصادر والاقتباسات
دراسة جميلة ودقيقة للمرآة تنظم أفكارنا اليومية والمعتادة عنها، أطرف النقاط التي قرأتها هي الحديث عن نمو السيرة الذاتية بالتزامن مع شيوع المرايا الحديثة الصقيلة الواضحة، وكذلك الربط بين رامبرانت والمرايا.
استعرت هذا الكتاب من مكتبة جامعتي، وهو عبق برائحة الكتب القديمة، تلك الرائحة النفاثة التي تشتد وتنتشر مع كل صفحة وتقليب.
حتى لا أدري إن كنتُ أريد المدح أم الذم..؟! ولا أعلم ما أصنّفه، ولا ما أقيّمه..؟!
ولكن أستطيع على الأقل، أن أقيّم هذا المجهود الكبير المذهل... عن المرآة، بكل أبعادها الانعكاسية؛ المادية والوجدانية، الذاتية والاجتماعية، التاريخية والعلمية، الوهمية والحقيقية.
ولكن ينتهي رجب بشكل ميتافيزيقي بحت نوعًا ما، ودون إبداء رأيه الخاص… وكأن هناك رواية ما تُروى تحت البساط…؟! رواية حين نهاية الصفحات أجمَعت روافد كل أبحاث الكتاب… أبطالها هم أولئك الذين يرتحلون في الذات، ويعبر عنها الكاتب بالرحلة الصوفيّة أو السفر الروحي… عبر أسفار أربعة… إلى الله، خاتمًا كلامه بـ “تلك شفرة التوحيد الباطني عند المتصوّفة”!
ومما أذهلني في الكتاب (على كثرتها)، التطبيقات المرآوية للمرآة المقعرة على وجه التحديد، وكيف بالإمكان لوضعيّات معينة لها -المرآة المقعرة- أن تخلق أطيافًا معلّقة في الهواء… على سبيل التوضيح على شاكلة ظهور طيف قوس قزح إثر الانعكاس الحاصل من الطبيعة المرآوية، للماء، الهواء والسحاب.
وإن هذه الأطياف التي تخلقها المرايا المقعرة، بوضعيات معينة (مع إدراج رسوم توضيحية بالكتاب)… تتجاوز أحيانًا أن لا تعكس على صفحتها بزوايا معينة جسمًا ماثلاً أمامها… وقد أشار الكاتب إلى تسمية هذه الأمثلة بـ “أغلاط المرايا ومغالطاتها”، ليس فقط فيما يخص المقعرة وحدها، بل المحدبة والمخروطية وحتى المستوية إذا تم التلاعب بزواياها عمدًا مع أخرى، استنادًا إلى العلم، الهندسة والرياضيات.
وإن هذه المغالطات التي تحدث للمرايا، وترصدها حاسة العين وتبصرها… تتعالى أيضًا على الحواس مثيلاتٍ لها على مستوى العقل كذلك… فيرى المجنون (والذي وصل إلى أعلى درجات تصديق الوهم) إلى أن يرى تمثّلات وهمه المنعكسة في عين عقله خيالاتٍ مجسّدة أمامه، لذلك فهو يخاطبها ويتفاعل معها، على أنها حقيقة ماثلة أمامه.
ومما أثار اهتمامي فكرة فن صناعة “عالم من الصور” -بتعبير آخر الحقيقة الوهمية- الناتجة عن الثورة الإعلامية المرئية خصوصًا والتي طرحها الكاتب بشكل سريع جدًا، بين العالم المتقدّم والعالم المتخلّف (أي الأقل تقدّمًا حتى ولو بدرجتين على حد التعبير الثاني للكتاب أيضًا)، حيث يشير الكتاب إلى “أن المتفوقين تكنولوجيًا وحدهم الذين ينفردون بامتلاك أسرار استخدامه في الحالتين على السواء، أي إن سلبًا وإن إيجابًا، مما يترتب على ذلك زيادة سيطرة أقلية على مقدرات البشرية” من قبيل “عالم متقدّم صانع للصور، قادر على (اجتياز) المرآة، وعالم متخلّف يتعامل مع الصور المنعكسة على سطح المرآة” فيأخذها على سبيل الانبهار على أنها حقائق..!
وبعيدًا عن المغالطات المرآوية، وعلى النقيض؛ فإن المرايا تقرّبنا بشكل أكبر بواسطة فلسفة انعكاساتها إلى التوصل إلى كوامن ذواتنا، سواء الجسمانية أو الروحانية، وربما من الصعب تعدادها وحصرها… وإن العين الإنسانية والتي عدّها الكتاب إحدى المرايا الطبيعية التي “تعكس على نحو حقيقي وفعلي، مَن يقف أمامها وينظر في حدقتها”، هي بالإضافة إلى ذلك وكما يُشاع بتسميتها بـ (نافذة الروح) تعكس واقعيًا؛ ظاهر الإنسان، ورمزيًا؛ باطنه.. وربما من الممكن إدراجها ضمن سلسلة قول الرسول (ص) المأثور والذي ارتكز عليه الكاتب في كثير من جوانب كتابه: “من عرف نفسه، فقد عرف ربّه”.
ويذكر الكاتب مختلف من الشخصيات الصوفية على حد تشخيصه، منها أسماء فلاسفة قدماء، مسيحيين، وشيعة، وحكماء هنود، وصينيين، وجاء على ذكر بعض من رواياتهم وتجاربهم الشخصية.. ومفاد بعض هذه التجارب التي صيغت بقالب روائي رمزي تحت العنوان الأخير للكتاب في فن السيرة الذاتية (الراوي - المروى عليه)، أن للإنسان مرآة نورانية تعكسه وتعرّفه نفسه وهو (الملاك)، إلا أنه أمام التحدي الأخير إلى الله، يكتشف أنه هو نفسه مرآة ولا حقيقة مطلقة سوى الله عز وجل، وهو ما أشار إليه في بدايات الكتاب عن رمزية الوجه المرآوية بما يرد في التوراة عن النبي موسى حين كلمه الله فاستضاء وجهه وعن الشيعة في قول الإمام علي “أنا وجه الله”..
وكنتُ أتمنى لو تطرقتُ لشتى الأفكار المطروحة في الكتاب، ولكنني بعجالة سأتوقف إلى هنا :(
في الكتاب تتحول المرآة ذلك الشيء الجامد إلى نافذة حيوية تنقلك بين العصور لتري بنظرة الاقدمين و المعاصرين، تأخذك في عالم الأشباح والمُثُل، تأخذك أيضاً بين القصص والسير .. إنها حقاً أشبه ببانوراما عقلية غنية من داخل النفس إلى خارجها تواجه فيها المعلوم حينما يصير هو نفسه المجهول …. كتاب غني ومجهود بحثي متميز للغاية ..
أعتقد أنه كتاب نادر باللغة العربية في العصر الحديث من حيث الموضوع وزاوية التناول وسلاسة الأسلوب وموسوعية البحث وجودته. شكرًا للصدفة اللي عرفتني على الكتاب.
بالرغم من انه بيتكلم عن المرايا الا انه لو كان الكاتب مطلع و يتبع نهج بحثى فلسفى فى كتابة لازم تستفيد وتستمتع , دا تعليقا على اول200 صفحة لانى مقدرتش اكملة وانا بقراه حصلت احداث رابعة فاتقفلت منه و مكملتوش