هذه هي الراوية الثانية للكاتب العراقي الراحل حسن مطلك.الذي أعدم شنقاً سنة1990 لأشتراكه في محاولة لقلب نظام الحكم , وهي لاتقل أهمية عن روايته الاولى الشهيره ( دابادا) اللتي شكلت حدثاً بارزاً ومهماً في الأدب العراقي المعاصرمنذ صدورها في سنة 1988,لما تميزة به من فرادة وتحديث في مستويات السرد واللغه والتقنية والموضوع . وتأتي الآن قوة الضحك في أورا التي جمعها شقيقه دكتورمحسن مطلك الرمليمن بين الاوراق اللتي تركها الراحل متبعاً إشارات ومخططات كان المؤلف يضعها أثناءإعداته المتكرره لكتابتها . إن هذه الرواية تؤكد مره أخرى على عمق وقيمة مشروع حسن مطلك وأهميته كروائي متميز فمن بين الكثير ممن تزخر به الرواية نجد رؤية مختلفه عن السائد في تناول علاقة الشرق والغرب حيث يطرح حسن مطلك هذه العلاقه على أرضية البعدين الإنساني والحضاري موحداً بين الأزمنة متخذاً من أرض عاصمة الأشوريين مكاناً لحركة شخوصه وفيها ما يشبه النبوءة عنما تعرضت له آثار الحضارات العراقيه من سرقه. وقد كتبها مدفوعاً بعذابه لما يحدث لها قائلاً هناك ذكرى بعيده منذ أن كان طالباً في الصف الثاني شهدتُ رجل وجد صندوقاً مرمرياً جميلاً وباعه بأربعه دنانير لرجل إنقليزي آن ذاك تعذبت ومازلت اتعذب
حسن مطلك روضان . - ولد في قضاء الشرقاط – قرية سديرة عام 1959. - عاش في كنف عائلة ذات ماضي عريق في الزعامة العشائرية وثرية بعطائها للادب الشعبي. - اكمل دراسته في قريته وفي الشرقاط. - حصل على شهادة بكالوريوس آداب من جامعة بغداد. - نشر الكثير من قصصه القصيرة في الصحافة العراقية، وكتب عنها نقاد متميزون. - ارتبط بصداقات حميمة مع الوسط العراقي وكان حاضراً في المشهد الثقافي والادبي وفي الندوات التي يقيمها اتحاد الادباء والكتاب العراقيين. - فاز بالجائزة التقديرية للقصة القصيرة عن الحرب العراقية – الايرانية. - صدرت له في بيروت رواية "دابادا" التي احتوت دلالات فلسفية عميقة جعلت منها مادة خصبة للمناقشات والتأويلات الأدبية وكتبت عنها الصحافة العربية كثيراً وتناولها النقاد بالمديح والثناء وصدرت بعد وفاته... وله عدة روايات ومجاميع قصصية مخطوطة أهمها رواية قوة الضحك في اورا التي صدرت عام 2004. - عام 1990 أشترك القاص والروائي حسن مطلك، في ثورة 6 كانون المعروفة بحركة النقيب سطم، ، فتم القاء القبض عليه وحكم بالاعدام . - كتب عنه الناقد جبرا ابراهيم جبرا، والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، والناقد عبد الرزاق الربيعي وعشرات غيرهم.. رحم الله الشهيد الروائي حسن مطلك
"و ظلت أفكاره القديمة على السطح لم تكن أفكاره، كانت مستعارة ومتدنية في نوعيتها وكانت الطفولة هي الأسئلة الأولى الوحيدة الممكنة التي تشير إلى أنه يفكر، ولكنه حين كبر امتلأ بالقناعات، فلم يعرف شيئاً، غير أن له اسماً.. وليس له سلطة على الذات أبداً، تروح وتجيء في ركام التشوش ونتف الذكريات والمحاولات المستمرة للاستقامة. الغضب هو التفسير الوحيد للتقدم خطوة واحدة ممكنة ومجدية في الحياة."
لغة نثرية رائعة ومبهمة، كأنني أقرأ أحجية. يضع حسن مطلك التاريخ والحاضر ويشرح ما يجري بين مقطع ومقطع بشكل ساحر. احتجت أن أفسر كل مقطع، أن أتأمل النصوص واحدة واحدة. كل شيء له معنى رمزي: الشرق والغرب، الاستعمار وتسطيحه للحضارات، ومساعدة أهلها له، الموت – الكثير من الموت – ربما كان يعني موت الحضارة المستمر وموت الأصل لها. نشوء حضارة جديدة فارغة، يتحطم الفخار، وتسقط التماثيل الشاهدة على قدم الزمن، والمجرم هو المستعمر الغربي، خائفًا مرعوبًا من قوة الشرق، تائهًا وسط كل هذا التاريخ والمعنى بلغة رائعة ونص شعري أخاذ
"السيد أوليفر المشبع برائحة الشمبانيا، والفوضى التي تهز أطناب البيت، وعُري الأواني الملكية التي وصفها بالمكتشفات الهائلة قبل لحظة فوران الخمر في عروق السيدة المدمنة، عندما تعبر عن شوق وحشي إلى الضباب الإنكليزي وتنظم جدول الشتائم ضد الشرق، فتتناول الاكتشاف، قاذفة به وبأحلام زوجها "أوليفي" المدلّع.. إلى الجحيم، كما تقول في كل مرة، فيتلقى السيد أوليفر الترهات بروح الرجل المتحضّر، ويقدم لها كأسًا.. كخطوة أولى لنقل العصبية من خارج إلى داخل بدنها. كان ديام هناك، ينتظر عودة مديره الذي أرسل بطلب والده لأمر هام كما قال، ولكن يبدو أنه قد نسيه بين الأشياء، وذهب ليزرع نفسه على إحدى الحافات الصخرية، يراقب غبار الأغنام ويتذكر ضباب لندن المحمّل برائحة اليوريا... ونفايات نهر التايمز."
أذهلتني الرواية، أذهلني عمق النصوص، العمق الذي لم أستطع أن أفهم معظمه لشدة تعقيده. ليست مجرد رواية، أو عمل أدبي، بل حمل ثقيل يتطلب التأمل والسؤال والتفسير. مليئة بالأحاجي، والتاريخ، وانكسارات لا تُحصى لسكان أورا، مقدرة إبداعية تُظهر بؤس كاتبها، وعِظَم فقد الأدب له.
قوّة الشعر في لغة حسن جاءت أكبر من القصة، شعر منثور والله. لكن الرواية رمزية وغامضة وربما كانت أكبر منّي. حضارة العراق بيد المستعمر، الجملة التي هزّتني حين قال: "منذ أن كنت في الصف الثاني الإبتدائي شهدت رجلًا وجد صندوقًا مرمريًا جميلًا وباعه بأربعة دنانير إلى رجل انگليزي! آنذاك تعذبت! ومازلت أتعذب."
"وقلت فيما بعد: إنهم يفهمون التاريخ على انه سجلٍ لأحداث, ولايعرفون التاريخ هو أن, وانه طفولة عشتها قبل أن أُولد. إن السر يكمن في هذا الحزن الرافديْنيّ, التاريخ هو جزء من حياتي فما زلتُ اؤدي التحيه نفسها التي كان يؤديها آشور ناصربال"
كلما نظرتُ الى تلك الصوره, وذلك الفمُ المائل الى الاسفل وكأنه يسخرُ مني. أشعرُ بأنني يجب أن ابكي. حسناً, لا أشعر بهذا. وإنما بكيتُ بالفعل. وأشعر بأن حسن مطلك كتب هذه الروايه وهو معلقٌ في الهواء بينما يتدلى جسده من حبلٍ خشن ينتهي بحلقة شبه دائريه من الحبل نفسه تُحاط بالرأس ثم تَزيد من إحكامها القبض بذلك الرأس الذي يحوي وجهاً ثُبتَ فيه فمٌ تميلُ نهايتاه الى الأسفل قبل أن تصيرا الى الاعلى قبل موتهِ بقليل.
إنه البؤس..البؤس..البؤس هو من كتب هذه الروايه وليس حسن, إنه البؤس يسيل من عينيّ حسن مطلك فيتلقاه الورق فتتشكل الفكرة, الحزن, العذاب, فن الرفس من جرّاء ذلك العذاب, الكلمات, القلق, الجُمَل, النص, الفكرة مرة اخرى.. الموتْ. الناتج من موقفٍ واحد مرَّ من أمام حسن مطلك جعله في موقفٍ يشبه ان يكون هو آخر من بقي على هذه الأرض ويحاول إيقاظ الجميع.. والجميع ميّتون. تذكرتُ جملة قرأتها في كتابه (العين الى الداخل) والذي اخذ عنوانه من عبارة اطلقها حسن في روايته هذه(عندما تكون العين الى الداخل, فانها تعكس صورة العالم دائماً), تقول هذه الجمله: "لن أطمئن حتى اقوم مقام (إسرافيل) نافخ البوق..طوط..طوط..إستيقظوا من هذا الموت". وقد كان ذلك الموقف: "هناك ذكرى بعيده منذ ان كنت في الصف الثاني الإبتدائي: شهدتُ رجلاً وجد صندوقاً مرمرياً جميلاً وباعه باربعة دنانير الى رجل انكليزي..آنذاك تعذبت..وما زلتُ أتعذب".
تتكلم الرواية عن هذا المشهد الطفولي الاسطوري البعيد, المليء بالقلق الذاتي والوجودي للإنسان وما يصاحب هذا القلق من إدراك مؤلم لهذا الوجود. إن الاغراب ينهبون تراثنا (أُورا) ونحن نساعدهم على ذلك, بل نعمل عندهم. وأن (اوليفر) الانكليزي يغضب علينا بدلاً منّا نحن الذين نتخذ من المعبد الاسطوري بيتاً للخلاء. كانت الرواية أشبه بقصيده نثريه طويله..طويله جداً, ولن تُفهم هذه الروايه من اول مره, ذلك ضرب من المستحيل.
ربما لانه قال ذات مره: أنا والكتابه شيءٌ واحد. نرى أن هذه الروايه تكشف لنا مدى الإنسحاق البشري وتشتته وعمق الإنسان النائي ومقدار حزنه اللانهائي وضياعه الأبدي في تجاويف ذاته المظلمه الخَربه يفتش عن شيءٍ ما ليثبتَ له أن كل مايراه وما رآه كان كابوساً سينتهي على اية حال ليكتشف بعدها أنه لم يخلق بعد من الاساس. ثم يتنفس كمن نجا للتو من الغرق ليرجع نتيجة لهذه العمليه(التنفس) ويتفاجأ بانه موجود بالفعل على شكل حلقه تعيد دوران نفسها لايقاف نفسها. كمن يصارعُ تنيناً اسطورياً ذا سبعة روؤس كلما قطعَ رأساً نبت مكان هذا الرأس المقطوع سبعة روؤس أخرى فوراً.
يقول مُطلّك في مقدمة كتابه : أورا : هوا كل مكان لم أرَه تاريخ مفتعل بل رقعة ألم تأخذ شكل القبر , لأن المعادل الكلي لما قلت هوا الموت المخيف , والرفس ,ومحاولة الهرب إلى مكان بلا ذكريات .
هذه الرواية الثانية لـ حسن مُطلك , جمعها شقيقه بعد موته لأنه أعدم بالعراق إثر إشتراكه في إنقلاب على النظام.
الرواية ( رمزية ) أختار من كل الأزمان ما أرآد تاره يتحدث عن أنهم سكان مملكة قديمة ( الآشوريه ) ويتحدث عن الفيضان الذي أصابهم ثم يتحدث عن أنهم من الزمن الحاضر إممممم لم تعجبني كثيراً بالرغم من أن أسلوب الكاتب جميل
من الرواية : *وقلت فيما بعد: إنهم يفهمون التاريخ على أنه سجل لأحداث , ولا يعرفون أن التاريخ هو أنا , وانه طفولة عشتها قبل أن أولد إن السر يكمن في هذا الحزن الرافدي ,التاريخ هو جزء من حياتي فلازلت أؤدي التحيه نفسها التي كان يؤديها آشور ناصربال. * وبكت حنما أكتشفت بأنني مازلت طفلاً بكيت على المشهد كاملاً مشهد الحيرة الصغر , الحاجة إلى حادثٍ أكبر , أكبر من المطر خلف الباب والهواء البارد يمر فهل كان لدي ما أقول ؟ أقول : نعم إنني بحاجة ماسة إلى الإستغراق بيد أني لاحظة إنسحابي المتمهل إلى متطلبات يوميه خوفاً من أن أتورط في شيء أحبه وأتعلق ,فيبتعد داخلي عني وأسقط في الحرج.
هل سبق وأن قرأت رواية تمتلك زخم جمالي هائل ؟ تبدأ في المواصلة لأن لغة الكاتب تعبر عن نفس كبير في القراءة ولأن هناك تناقض حاد بين موته وروايته هذه المعنونة بقوة الضحك ، أنت لا تشاهد استعراض لغوي كمثل الروايات المبتذلة بل بُعدًا جماليًا يضيف إلى الرواية ، حسن هُنا يقتبس الكثير من مذكراته لذلك تجد بعض الجمل قد دونت في مذكراته ووضعها هُنا في سياق الرواية، قد قلتها سابقًا بأن حسن يمتلك لغة كثيفة وقوية ومحكمة ومميزة كبصمة وراثية ، لكن حسن الروائي ليس جيد على عكس لغته القوية الأخاذة في الأوصاف والتشبيهات كانت تحتاج روايته لتختمر قليلًا قبل خبزها وبيعها أعتقد لو أنه كان يكتب نصوصًا حرة كان سيبدع أكثر من القالب الروائي.
الرواية غريبة لدرجة كبيرة. أفهم جمال استخدام الرمزية لِمَن يفهمها ولكن في حالة هذه الرواية أظن أن الكاتب وحده من يفهمها. حتى مع وجود الرمزية الغامضة في بعض الروايات لكنها لا تمنع متعة الرواية وإنشاء الخيالات أثناء ، إلا في هذه الرواية !!.
اتوقع أن هذا الكتاب لا يُقيَّم، ليس لكونه رائع جدًا أو فاشل جدًا، لكن لأنه محاولة- محاولة حسن مطلگ الشاب لخلق رواية رمزية عن قرية في منتصف اللامكان- يعرف تفاصيلها ابناء اللامكان حق المعرفة- أسطر يحاول أن ينقد فيها رؤى المجتمع ورؤى الاستعمار والتاريخ والحضارة أعجبني كم ما قرأه وعرفه في سنوات شبابه القصيرة، فيشير إلى شعر ويليام بليك مرات عديدة، وروايات كولن ويلسون والكوميديا الإلهية لدانتي أليغيري ويذكر الاستماع لمقطوعات شوبان ربما كان ليضيف الكثير على الرواية العراقية لو لم يغدره النظام السابق الذي غدر بالكثيرين من ابناء بلده. وعلى أي حال فهذه محاولة جيدة وإن كانت غير مكتملة وربما مقطعة لشاب مثقف بلغة رائعة يجرب التعبير الرمزي، الله يرحمك حسن مطلگ
أعتقد أن هذه االرواية سابقة لعصرها و ربما عصرنا ، و أن مستوى التلقي ( اللغوي - الرمزي - الحكائي ) يحتاج لاشتغال القارئ . تحكي الرواية عن تلك العلاقة بين الكنز و اللص ، الوطن و المحتل ، آخذة بتلك العلاقة إلى أشكال عديدة . لكن الحقيقة الواضحة في هذا النص أن لغة حسن مطلك هي الأقوى تأثيرا فيها ، و هي التي تحرك جسد الرواية . في هذه الرواية نشهد بطولة اللغة .