يقع مؤلف “الذاكرة الشعبية لمجتمعات ألف ليلة وليلة: السرد ومرجعياته التاريخية وآلياته“ لمحسن جاسم الموسوي في ستمائة وست صفحات، ويتكون من سبعة فصول تعالج على التوالي مواضيع: 1- استقبال حكايات “ألف ليلة وليلة” في أوروبا 2- صيغ الكلام وأوجه الكتابة في “ألف ليلة وليلة” 3- ميكانيزمات موازية للحكي في “ألف ليلة وليلة” 4- المرأة في محكي “ألف ليلة وليلة” 5- فضاء المدينة وتمفصلاته في “ألف ليلة وليلة” 6- العجيب والغريب والمدهش 7- مخاتلات المحكي: الوجوه الجديدة لشهرزاد.
ويعد هذا البحث ثالث أعمال المؤلف في الموضوع، وقد استغرق البحث فيه ما يزيد عن العقدين من الزمن (1991- 2015)، وغاية الناقد الأساسية من معالجة هذا الموضوع هي الاشتغال على أصول “ألف ليلة وليلة”-وفي مقدمتها مخطوطة أنطوان غالان التي حررها الدكتور محسن مهدي، والتي صدرت عن دار بريل، سنة 1985- وجعْلِها مدخلاً لدراسة موضوعات متعددة منها ما يرتبط بالجانب السردي، ومنها ما يرتبط بالجنوسة، ومنها ما يتعلق بطرق استقبال تلك الأصول في الشرق والغرب، وغيرها من المواضيع. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لا تزعم هذه الورقة ملاحقة وتتبع جميع المرجعيات النقدية التي اعتمدها الناقد في هذا المؤلف النقدي، بقدر ما هي محاولة لإبراز أهم المرجعيات التي تعلن عن نفسها بشكل واضح، ومن خلال جملة من المؤشرات النصية الصريحة في متن الكتاب، مع العلم أن المؤلف لا يصرحّ هنا بمرجعياته النقدية والمعرفية، كما أنه لم يخصص في المؤلف شقاً نظرياً للحديث عن المقاربة/المقاربات النقدية التي اعتمدها في قراءة حكايات “ألف ليلة وليلة” وأصولها المتعددة. وهو الأمر الذي يجعل من محاولة استخلاص وتتبع المقاربات النقدية المعتمدة في المؤلف أمراً شاقاً ونسبياً، وتستند بالدرجة الأولى إلى ما ينفلت من منطوق النص من مرجعيات، أو ما يُستشف من طبيعة التحليل والنتائج المتحققة في نهايته، وقد اتضح لنا من خلال مطالعة هذا البحث أن المرجعيات التي يبوح بها النص، يمكن حصرها في المقاربة البنيوية والمقصود هنا على وجه الدقة، السرديات والسيميائية السردية، والمقاربة التاريخية للأدب، وعلم اجتماع للأدب، والتحليل الثقافي، وإستراتيجية التلقي والتأويل.
الذاكرة الشعبية لمجتمعات ألف ليلة وليلة.....د\محسن جاسم الموسوي
في ظني أن هذا العمل واحد من أرقى وأفضل الدراسات النقدية اللي سبق وقرأتها في حياتي، مش بس بخصوص ألف ليلة وليلة، لأ دا في المطلق، ممتع جدا بجانب الاستفادة العظيمة اللي بيقدمها في محاولة فهم لنَص خالد ملهم زي ألف ليلة وليلة، وبيتتبع أثر الليالي العربية على المجتمع الغربي بكل التفاصيل الممكنة بداية من الترجمة الانجليزية الأولى في القرن ال18 لحد عصرنا دا، وفي طريقه انه بيعمل كدا بيقدم تحليل شافي وكافي عن كل الزوايا الخاصة بألف ليلة وليلة، صانعا ما يشبه ملف شخصي لك تفصيلة، وازاي أثر شهريار وشهرزاد ممتد وباقي في أي نوعية أدبية تظهر، وبيعمل ما يشبه اسقاط حي على التاريخ العربي والإسلامي من خلال نصوص الحكايات، وبيستعرض شكل الشرق الحقيقي وممارساته سواء فيما يخص الطبقات الحاكمة أو البشر العاديين من تجار ورحالة وشعراء، وفي كل جزئية يستعرض لنا بمهارة شق واسع من الحياة.
كتاب مهم ومفيد جدا لأي كاتب في أي مجال، وخاصة الحقل الأدبي والروائي، بيفتح زوايا فهم وآفاق مختلفة، وبالمثل أهميته لأي قاريء يرغب في قراءة كتاب فذ من جميع النواحي.
الكتاب لغته أدبية رشيقة (مع قليل من الأكاديمية) وشارح لكل جزئية بطريقة سلسة جميلة، وبيساعد على فهم اكتر من نقطة بخصوص ألف ليلة وليلة وسحرها الباقي إلى يومنا هذا.