"لا وجود لأية قاعدة. كل الناس استثناءات لقاعدة لا وجود لها". بهذه العبارة يضع فرناندو بيسوا أحسن تعريف لشخصيته وكتاباته، فالحديث عن فرناندو بيسوا لا يمكن أن يكون إلا حديثاً عن الاستثناء والتميز أمام كاتبٍ متعدد الأوجه يعتبر أحد أكبر ممثلي الحداثة الأدبية في القرن العشرين. لقد كان بيسوا شاعراً، وناثراً، ومنجّماً، ومقاولاً، ومفكراً اقتصادياً، ومخترعاً. ولعل تعدد هذه الصفات وتداخلها الغريب في شخصيته هو ما تعكسه هذه النصوص القصصية التي نقدّمها اليوم للقارئ العربي.
ونقدّم هنا خمسة نصوص قصصية تعتبر من أشهر ما كتبه فرناندو بيسوا في هذا الجنس الأدبي، بالإضافة إلى خمسة نصوص سردية يعتبرها الكتاب "حكاياتٍ ذات مغزى". لقد اخترنا هذه النصوص لأنها تمثل أشكالاً قصصية مختلفة ونصوصاً مكتملة اتّفق معظم دارسي أعمال بيسوا على صيغتها النهائية وقيمتها الأدبية والفنية.
Fernando António Nogueira Pessoa was a poet and writer.
It is sometimes said that the four greatest Portuguese poets of modern times are Fernando Pessoa. The statement is possible since Pessoa, whose name means ‘person’ in Portuguese, had three alter egos who wrote in styles completely different from his own. In fact Pessoa wrote under dozens of names, but Alberto Caeiro, Ricardo Reis and Álvaro de Campos were – their creator claimed – full-fledged individuals who wrote things that he himself would never or could never write. He dubbed them ‘heteronyms’ rather than pseudonyms, since they were not false names but “other names”, belonging to distinct literary personalities. Not only were their styles different; they thought differently, they had different religious and political views, different aesthetic sensibilities, different social temperaments. And each produced a large body of poetry. Álvaro de Campos and Ricardo Reis also signed dozens of pages of prose.
The critic Harold Bloom referred to him in the book The Western Canon as the most representative poet of the twentieth century, along with Pablo Neruda.
يتصيد بيسوا في قصته " الباب " لغزاً من ألغاز النفس البشرية الأكثر تعقيداً وضجراً وإملالاً وقبحاً وفضحاً للنفس الإنسانية الضعيفة والهشة أمام الرغبات التي تدق على ناقوس الذات فجأة من دون مبرر، فيتصدى لها الإنسان بدون وعي لتلك الرغبات المحطمة، كأنها غريزة فطرية يحلها ذلكم الإنسان، ذلك القيد النفسي الذي يزوال عمله بعنف وتطرف ويحمل الإنسان إلى مالا يريد.. ينقلنا بيسوا إلى أحد دهاليز النفس البشرية الأكثر ظلاماً من خلال شخصية ضبابية وصورة مشوشة عن معاناة نفس بشرية مع طرقات الرغبات العبثية المصاحبة لذلك الإنسان بقوة وصرير وحشي لا يمكن للمرء الفكاك منه، قصة خبيثة ذكرتني بأساليب " إدغار آلان بو " في فتح المغاليق وسبر اغوار النفس برمزية مربكة وخيال طافح بالعبقرية والجنون وسرد لجحافل من المعاني في صور معقدة متتالية تقف فيها حائراً أمام هذيان الكاتب ....
لن أعقب على بقية القصص الموجودة في هذا الكتاب لأنها تكن في مستوى قصة الباب، بإسثناء قصة " السالك " التي أحببت فيها أسلوبها الرمزي ورسم الشخصية الضبابية فيها بقلم جميل وتعبيرات كأنها حلم يتراقص بين جنبات القصة...
تجربة أولى جيدة مع بيسوا، أتمنى أن أحظى بقراءة بقية أعماله ..
الباب وقصص أخرى، مجموعة قصصية من الصعب تصنيفها، رُبما يكون أفضل تعريف عنها أنّها تشكيلة عجيبة من فرناندو بيسوا، التي نشر بعضها باسم مستعار، والأخرى تم التحقيق فيها من قبل دارسي أعمال بيسوا، لذلك حوت على بعض الكلمات والسطور الناقصة، ولكنها بالمجمل حافظت على معنى القصة وقيمتها الأدبية والفنية . إن كُنت تُحب كتابات بيسوا ستُعجبك قصصه بالتأكيد .
القصة الأولى "الباب" تناقش ظاهرة الجنون، يُلقي بيسوا الضوء على الجنون من وجهة نظر فلسفيّة، ويقول "لو كل إنسان حكما لكان بقيّة الناس كلهم مجانين"، ويقول أيضاً "ما يراه الإنسان يؤمن به مادياً وذهنياً، وما لا يراه لا يؤمن به. الإنسان يؤمن في حدود ما يراه ولا شيء غير ذلك" . إذن هل بالإمكان تعريف الجنون؟ هل الجنون شيء معروف ومحدد؟ إذن كيف يمكننا أن نُطلق على شخص ما بأنّه "مجنون"؟ يكاد يكون من المستحيل تعريف الجنون، هو شيء يتماهى لا شكل له. إن ما يراه شخصاً ما يختلف عمّا أراه أنا، إن تصرّف هذا الشخص بطريقة غريبة ومختلفة وغير منطقيّة تجاه أمر ما؛ يؤكد شيئاً مهماً أنّه يرى شيئاً لا يستطيع الآخرون رؤيته، بالمعنى أنّه رُبما وصل لدرجة من التطور في فكره جعلته مختلف عن الجميع، وهنا نميل إلى تسميّة هذه الحالة بـ الجنون ولماذا؟ لأننا بكل بساطة لا نفهمها ولا نعرفها . في هذه القصة يتخذ بيسوا الأسلوب النثري في معالجة ظاهرة الجنون بطريقة عامة، بالإضافة إلى معالجتها بطريقة خاصة عن طريق قصة الباب وهي قصة عن شاب اعتاد منذ أن كان طفلاً بأن يركل باب معين برجله اليمنى كل يوم حتى كبر وتطور هذا الأمر إلى حاجة ضرورية في حياته، حاول هذا الشاب في التخلص من هذه العادة وتأثيرها عليه، سافر عدّة مرات وجرّب العديد من الطرق ولكن دون جدوى، لم تخفت جاذبية الباب في نظره، وهذه الجاذبية هي التي أصابته بالجنون. "إننا في حالتنا السويّة، لدينا لست أدري أي مفهوم عن روح المجنون" .
القصة الثانية "عشاء جد متميز" هي قصة جد متميّزة، هنا بيسوا يطرق باب الحكايا المُرعبة التي قد تنتج من أفعال النفس البشريّة، بطل القصة هير بروزيت رئيس الجمعية الذواقية التي تهتم بكل ما يخص الأكل والشراب، وفي نقاش حول الجديد في الطبخ اتفق الجميع على أنّه لا يوجد جديد في الأطباق، لم يكن هناك سوى التجديد، نتيجة لذلك قرر الرئيس أن يقيم عشاء جد متميّز وأن مهمة المدعوين أن يكتشفوا أين يكمن التميز. ستجد نفسك أحد هؤلاء المدعوين وستحاول معهم دخول غرفة الطعام وتراقب الطاولة والنُدل والأكل حتى تكتشف ما المميز بالضبط، وما أن تكتشف حتى تُصاب الذعر. وما أن تنتهي ستعرف أن بإمكان النفس البشرية أن تُحدث كل هذا العبث والجنون .
القصة الثالثة "السالك"، -ذكرتني كثيراً بالعزيز هيرمان هسه- ، القصة تحكي عن شاب كان مقتنعا بحياته إلى أن التقى مرة بالرجل ذو الملابس السوداء، لا يذكر ماذا قال له بالضبط غير بعض الكلمات "لا تحدق إلى الطريق؛ اسلكها"، ومن هنا تغيرت حياة الشاب وبدأ يبحث عن شيء ما لا يعرف ما هو ولكن يعرف أنّه يجب أن يبحث عنه، فتغير فكره وأصبح شديد الانعزال والتفكير إلى أن اتخذ أخيراً قراراً شُجاعاً بأن يسلك الطريق ويغادر، أن يسلك الطريق إلى النهاية وأن يتعرف على كل شيء حتى يتعرف على ما يريد، زار العديد من القرى وتعرف على الكثير من الناس ووقع في الحب عدّة مرات، وقع في حُب اللذة والمجد والسلطة والحكمة والموت، واستطاع في كل مرة أن يتخلّى عن الحب مهما كان نوعه في سبيل البحث عن الرجل ذو الملابس السوداء، والعثور على الحياة الهانئة والسعيدة التي تتمثل في ألا يملك المرء أي رغبة في امتلاك أي شيء. القصة تحمل بعض الاضطراب بحكم أنّه تم تجميعها من مسودّات مختلفة لنصوص لم ينشرها الكاتب بنفسه، كما يوجد ملخص للقصة في نهايتها، الأمر الذي يُشعرك أن هُناك بعض الأمور الناقصة .
القصة الرابعة "سرقة في مزرعة فنياش" هنا بيسوا يطرق باب الحكايا البوليسيّة، أيضاً هذه القصة تحتوي على بعض الثغرات الذي صعّبت مهمة الترجمة بالتالي أدّى إلى عدم وصول القصة للقارئ بالطريقة الصحيحة، لذلك قرأتها بتمهل تام ولكنني أشعر بأنني لم أستوعبها تماماً، أعني أنني فهمت القصة وعرفت من السارق وعرفت كيف خطط للسرقة ومتى لكن هناك شيئا ناقصاً لا أدري يجعلني غير متأكدة تماماً.
القصة الخامسة "البنكي الفوضوي" هنا بيسوا يتحدث عن السياسية وعن المشاكل الاجتماعيّة من خلال حوار بين شخصين، يحاول من خلاله عرض وجهة نظر فلسفية عن كيف يُخلق المجتمع الحُرّ، وكيف بإمكان الشخص أن يكون حرّا بذاته، وكيف يستخدم الفوضوية لتحقيق ذلك ويعرّفها بأنها "التمرد ضد كل الأعراف والقوالب الاجتماعية والرغبة في هدمها كاملة والاجتهاد في ذلك"، من الصعب جداً تحقيق المجتمع الحر الذي يتحدث عنه بيسوا، المجتمع الذي يعامل الجميع سواء لا يحكمه العرف والنسب والمال وغيرها من الأمور التي تحكم مجتمعاتنا، من الصعب جداً تحطيم الأوهام الاجتماعية على مستوى المجتمع، ولكن ليس من الصعب تحطيمها بالنسبة لشخص حتى يحقق ذاته الحُرّة .
القصة الأخيرة "خمس حكايات ذات مغزى" عبارة عن نصوص قصيرة جداً تحمل في نهايتها المغزى والمستفاد من الحكاية، إن قدرة بيسوا في كتابة نص قصير يحمل مغزى مهم وكبير جداً قدرة عجيبة جداً، أحببت الخمس حكايا وسأبحث عن الحكايا الأخرى لأن بيسوا كتب مجموعة من الحكايا ذات مغزى وهنا الكتاب عرض خمساً منها فقط .
في القراءة لبيسوا شعور بالتلصص وانتهاك خصوصية شخص ما، خاصةً حين تمر بك جملة لم تكتمل، أو مكان فارغ لكلمة مشطوبة، هناك إحساس بالتطفل والعبث بأشياء أحدهم في غيابه، في عمق فعل القراءة هناك شيء غير مريح، لكنها متعة كبيرة على أية حال ...
ثاني تجربة لي مع هذا الأديب المتعدد الشخصيات، فمرةً مع الشذرات ومرةً مع القصص القصيرة، ويبقى هناك الكثير من ملامح شخصيته الأدبية لأكتشفه مع الوقت ..
و كقصصيّ، لا يسعنا سوى الإشادة ببيسوا وأسلوبه، برغم أنّ بعض القصص ناقصة ومبعثرة، إلا أنها زاخرة بأفكار وفلسفات عميقة، أملك لها في داخلي عظيم الأسى على عدم اكتمالها، لإدراكي مقدار الجمال الذي كانت ستصيبه إن اكتملت، بالأخص قصة "السالك" .
المُلفت في الكتاب أن القصص جاءت بأساليب وأنواع مختلفة، فهي تتنوع بين النفسي والبوليسي والرمزي والساخر، كما لو أن بيسوا بهذا التنويع كان يحاول أن يجد نفسه، أو يبحث عمّا يشبهها، وهذا الاستنتاج رفع من رصيده عندي، فلا أقرب إلى النفس من التائة الذي يجاهد لإيجاد السبيل .
عرفتُ السعادة، في ألا يملك المرء أي رغبة في امتلاك أي شيء ... 💙
تعد المجموعة سلسة من الانزياحات التي تخلق هالة حول هوية المعنى! تدور حول إشكال جوهرانية الهوية وثنائياتها +حواجز الترميز المفردة. قدم من خلالها بيسوا نماذج ل-سيكولوجية المنتمي واللامنتمي"بين الأقطاب والمتعارضات" بما تحمله في طياتها من فوضى وانحراف وعراقيل ك-الهوية الذاتية التي أذابها الاتصال- من أزمة المفهوم إلى أزمة الواقع وفق منهجية نافذة إلى العمق تسائل وتفكك و تشكك كل ما يعتري الفكر والنفس والأشياء من تشويش والتباس.
ما ميّز بيسوا : -حركيّة الصورة بين لغة الكلام ولغة الكتابة! -الإيغال في النظرية التقليدية للمعاني الأربعة ( الحرفي، المجازي ، الأخلاقي والباطني). - التمدد في العقل النقدي (جمع بين النقد الاجتماعي والتأمل الفلسفي).
لم تعجبني هذه المجموعة القصصية لـ "بيسوا". ما اقترب منها من القصة اختلط بالتنظير والتأملات الطويلة. وما كان تأملات وخواطر شابته أشباه القصص والحكايا. لم أجد في كل المجموعة نصا متكاملاً يشفي غليلي، أو يلبّي بحثي عن قصص تأملية فلسفية.
المجموعة القصصية الاولي التي أقرأها لبيسوا ... وحقا ممتعة للغاية .. إلا أنني اعترف بإعجابي ببيسوا في الكتابة الذاتية والخواطر والشعر أكثر .. اعجبت به للغاية في كتابته للفقرات الفلسفية الهادئة المليئة بالشجن والوحدة والفكر والقلق أكثر من إعجابي به في القصص .. لكن ،،، أكثر ما أعجبني في الكتاب وأمنحه الـ النجوم الثلاثة .. الخمس قصص الأخيرة في الكتاب .. خمس قصص قصيرة للغاية ولكنها خطيرة في معناها وفكرها .. حقا فكر يستحق القراءة والتدبر ... بيسوا .. لم تخذلني يوما في أي كتاب واتوقع منك هذا دائماً ~~~
كانت مجموعة قصصية موفقة للغاية، علي مستوى التأليف وعلى مستوى الترجمة، بل وعلي مستوى القراءة! من الجميل أن أبدأ مع بيسوا من هكذا نصوص. راقت لي من الخمس قصص المنشورة في هذا الكتاب البنكي الفوضوي والباب، والباقي جميلات ولكن متواضعات بعض الشيء على اسم ضخم مثل اسم فرناندو بيسوا حتى القصص الأخيرة ممتعة جدا، كنت أقهقه عاليا كالمجنونة لما قرأتها! الرجل عنده حس دعابة شديد :D .. عموما في كتابات بيسوا فلسفة كبيرة وغريبة أيضا لذلك إشحذ عقلك جيدا قبل الولوج :)
في كل مرة أعود لأكمل القراءة أشعر بالصداع لكن الشكر لله لم أستسلم له ، تمنيت بشدّة أن أعرف السبب وراء إعجاب الكثيرين به ! بالرغم من ذلك فالترجمة وأسلوب الكتابة كانا أكثر من رائعين .
لا أعلم أين يكمن الخلل أو العيب أفي الكتاب ؟ أم فيّ ، المهم أنّه لم يُعجبني إطلاقاً .
الكتاب عبارة عن قصص قصيرة للبرتغالي فيرناندو بيسوا. القصص جميلة جدًا، أكثر القصص التي أعجبتني هي "الباب" وقصة "البنكي الفوضوي". للقصص غايات وتطعيمات فلسفية جميلة، مفيدة جدًا ومثيرة للدهشة والتفكر.
قصة الباب و السّالك أكثر قصّتين أعجبتني. النجمة الناقصة عشان النهايات الناقصة والأحداث المقطّعة لبعض القصص. مع إن هذا مو ذنب بيسوا لكن ذنب المسودات غير الواضحة لمحققة نصوص بيسوا. مع ذلك، ماخرّب هذا وضوح وسلاسة أسلوب بيسوا الكبيرة في السرد أبدًا. له نكهة غير، نكهة ممتعة في مُتابعة عرض أفكاره، على شكل حوارات مع أشخاص، أو في تفاصيل حدث، أو في أفكار وتساؤلات شخصية لها صوت عالٍ، وأعتقد إن كل هذي السلاسة والترتيب الذكي للكلمات و قصّ القصص؛ يعود لكونه شاعر.
في أول قصتين شعرت أنني اقرأ إدغار آلان بو، الرعب فيهما ليس من النوع الظاهر المباشر كمصاصي الدماء والجنيات والوحوش، لكنه رعب نفسي.. استنزاف لطاقتك قراءة بيسوا مزعجة جدا لكنها ضرورية، كمن ينكأ جرحه بيده، أشعر به يمسك جراحي ويحفها ويؤلمني لكنه ضروري للشفاء يكشف انعكاسات النفس على الجسد والفكر على الفعل.. بعض القصص لم أحبها أحببت القصص القصيرة الختامية جميعها❤🙏🏻شكراً للأرض منجبة العبقرية
تطل علينا هذه الترجمة الصادرة بداية هذه السنة عن قطعة أدبية طالما اعتبرت من روائع الأدب البرتغالي ،ولا يمكن أن تكون إلا للرائع " فرناندو بيسوا " ... الكثير يعرفونه و يصنفونه شاعرا ... ولكن هذا الكتاب أبان على أنه أكثر من ذلك .. و خول لي أن أقول تبا لمن يضع الحدود و التصنيفات خاصة في الكتابة الأدبية ... مجموعة من القصص القصيرة مشبعة بالرمزية و بالجمالية الأدبية و بغائية الرسالة المضمرة غالبا و التي تستوجب يقظة من المتلقي ... سأشارك معكم ما كتبته على الكتاب و الخاص بالقصة الأول المعنونة. " بالباب " : ... درس في تجسيد الخوف بأشياء بسيطة بطلاها الباب و الركلة ،قد يكونا صورا انعكاسية لأشياء كثيرة ... الركلة تعفي و تخلص الفعل المازوشي و تريح النفسية وتعيد الصواب ولو لومضة ،لا تهدأ حتى تعيد نفسها ... المحيط قد يخلصنا من هذا الخراب خاصة الأصدقاء والعائلة ،حتى تغيير الأمكنة شريطة الوعي بجرح الآخرين .
بيسوا بأمكان ان تراه شاعراً فناناً.. منجم حفار أوهام هو الوحيد الذي يجعلك تعيد نظرتك للوجود ولكن بطريقة اللغز وبطريقتك أنت لا هو.. هنا في مجموعة قصصية مزيج بين الفانتاستيك والاثارة والدهشه يضع بيسوا الكثير من الافكار الخلابة والتي تعيد النظر في كل شيء ورغم ان بيسوا ليس بالقاص بالمعنى الكلاسيكي لكنك وكأنك تمضي في قصيدة وسرد شاعري .. بدء بالباب.. اي باب هذا.. الذي ترحل في اي مكان يرافقك اكثر من ظلك انه اكثر من اوهامك.. بيسوا يجعلك تخرج من هذه القصه فارغ فاك تماما.. ثم ينتقل الى عشاء جد متميز يصف فيها النفس البشرية ولكن في قالب فانتيستيك وبنموذج مرعب تستفرغ بعده.. ثم في قصة السالك الملي بالحيرة ومن ثمة الى قصة سرقة في مزرعة وكيفيفة فك الرموز بقالب بوليسي.. ومن بعدها قصة البنكي الفوضوي هنا بيسوا هذه طريقته السردية التي يجيدها هنا الافكار تنساب بين يدي كالماء ياللروعة كيف يجعل من الفوضى حرية وعنوان حياة و من ثمة مجموعة من القصص القصيرة المعبرة ذات الرسائل الواضحة
منذ مدة لم أقرأ ما يدهشني! هنا الوضع مختلف الكاتب لديه قدرة على إدهاشك بعبقريته ووصفه الذي يجعلك تعيش الحالة حرفياً بدون إطالة ليس لها داعٍ القصة الأولى الباب ؛ الجنون فنون فعلاً وهذا يتضح هنا بالفكرة والسرد العبقري ويجعلك تنظر للأمور من زاوية أخرى القصة عشاء جد متميز قصة مرعبة مخيفة بداية الوصف فيها شيق وغني إن صح التعبير ولكن النهاية العقدة شيء مخيف مرعب يجعلك تشعر بالغثيان وهذا يحسب له لدقة تعبيره القصة السالك قصة غريبة فلسفية مميزة أيضاً قصة سرقة في مزرعة فنياش بوليسية أعجبتني جداً بما أنني أهوى البوليسي وحللت اللغز منذ بدايته قصة البنكي الفوضوي هي الأقل بالنسبة لي مضموناً وسرداً لا أقيمها بأكثر من نجمتين في نهاية الكتاب مجموعة قصص قصيرة جداً مع المغزى منها تجعلك تبتسم رغماً عنك الكاتب خفيف الظل وغريب الأطوار وله خبرة في الجنون ولكن بطريقةعبقرية القراءة الأولى لبيسوا ولن تكون الأخيرة ان شاء الله
دخول ممل ورتيب جداً في الفصول الأربعة الأولى (الباب- عشاء جد متميز- السالك- سرقة في مزرعة فنياش).. فكرت كثيراً في اقفال الكتاب والتوقف عن اكماله.. ولكن ولأنه قرائتي الأولى لبيسوا قررت أن أكمله حتى أستطيع الحكم.. ليأتي فصل (البنكي الفوضوي) .. وياللروعة.. هذه القصة التي نشرت في مجلة في عام 1922 تحكي فلسفة رائعة في التمرد ضد الظلم الاجتماعي.. أن تكون فوضوياً يعني أن تبحث عن الحرية، وأن تتحرر من ضغط الأوهام الاجتماعية..
ثم يختم من جمع هذه النصوص في الكتاب بخمس قصص قصيرة ذات مغزى.. خمس قصص تقودك بعد إنهاء الكتاب للبحث عن كتب أخرى لبيسوا..
5 نجوم للفصلين الأخيرين.. ونجمة واحدة للفصول الأربعة الأولى..
أنا لا أحب قراءة القصص لكن ما كتبه بيسوا أمر مختلف تمامًا.. وااااو عظيم عبقري مدهش ذكي ملعون كيف يفكر هكذا هذا البيسوا!!!! حقيقي مش مهتمة بالكتاب ككل لم يعجبني إلا قصة "الباب" و "عشاء جد متميز" و أنا أدرك السبب خلف إعجابي.. شخصيتي هكذا أنجذب للإثارة النفسية، الغموض، الجنون والغرابة.. قصة عشاء جد متميز قدمت صورة عظيمة لأشهر الإنحرافات النفسية عظيم عظيم جدا
كان شئ غريب جداً إني أقرا قصة بوليسية كتبها بيسوا، بالذات إن كتاب اللاطمأنينة ما كانش بيقترح أي احتمال لإن بيسوا يكون بيكتب النوع ده من القصص. بس فضل بيسوا مع ذلك بلغته الخاصة بيه جداً. الباب كانت تمهيد لطيف جداً للقصص إللي بعد كده وحتّى كان مقصوص منها حتت كتير زي ما كان بيحصل في نص اللاطمأنينة. عشاء جد متميز كان واضح فيها تأثر بيسوا بإدجار آلان بو سواء على مستوى الحدث أو المكان والحبكة (بيجيب سيرة بو في مكان ما في الكتاب بس مش متذكر لو كان في نفس القصة ولا في مكان تاني). السالك تعتبر أقرب حاجة لانطباعي عن بيسوا فعلاً وبعدها القصة البوليسية "سرقة في مزرعة فنياش" وفي الآخر القصة المفضلة عندي في المجموعة كلها "البنكي الفوضوي" إللي مفيهاش أحداث تقريباً وعبارة عن محاورة (هو في الحقيقة مونولوج طويل أكتر منه محاورة) بين البنكي الفوضوي وبين صديقه. وفي الآخر الكوميك ريليف في "خمس حكايات ذات مغزى." ترتيب القصص كان موفق جداً فعلاً والترجمة جيدة للغاية من سعيد بنعبد الواحد إللي كتب مقدمة لطيفة جداً للمجموعة دي.
مممم حسناً .. يبدو أن صبري علي بعض الكتب ومحاولتي أن أنهيها بدلا من القاءها بعيدا أصبح ذو فائدة أخيراً. معظم القصص لها بٌعد فلسفي أحببته، إعتمد بيسوا علي الإثارة النفسية في قصصه ربما أفرط في إهتمامه ببعض النقاط حد الإسهاب.. بشكل عام ما اعجبني حقا قصة "السالك" رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معني حتي انها لو كانت وحدها في كتاب لأعطيته فوق الـ 5/5 إن أمكن. فلسفة وعمق وتشبيهات غاية في الذكاء. عرفتٌ السعادة في ألا يملك المرء أي رغبة في إمتلاك أي شيء.. كان تلك الحياة تجذبني دون أن تشدني اليها. لكنه تذكر ما كان يبحث عنه فاضطر للرحيل. لماذا؟ سأله الزاهد بحزن. هل يستحق العناء إدراك شيء أخر أكثر من هذه الطمأنينة المطلقة؟
أيضا أحببت " خمس حكايات ذات مغزي" آخر بضع صفحات بكل واحدة او اثنتان حكاية ثم مغزاها وهي نوعاً ما سياسية. مغزي أول قصة ربما لم يكن أكثرهم تميزاً أو أهمية لكنه اضحكني علي أي حال .. احذروا الدموع، عندما تسيل من عيون رجال السياسة.
في حالة بيسوا أنت تتعامل مع ميراث (مخطوطات ومسودات ونصوص تحتاج للنقيح وأخرى للتخلص منها ) وليس مع منتج ناجز ونهائي أمضاه المؤلف, هنا يأتي عمل المحقق الذي من المستحيل أن يرضى عن عمله سواءً نَشَر أو حَجَب أضاف أو ترك ونخضع لدوافعه وتفضيلاته التي ربما نجهلها وتغيب عنّا, في هذه المجموعة مثلا قصة السالك -وهي أجملها بالإضافة إلى الباب التي هي أقل منها قيمة- تنتهي القصة ثم تجد كما هو مدرج في نهاية القصة أن المُحقِقَتين ارتأتا إضافة عدة صفحات تحت عنوان ملخص للقصة وتذكير بالأحداث, وهذا الملخص يسمّي الأشياء بمسمياتها المباشرة ويلغي الطابع التخييلي والغموض للقصة الذي هو جوهر جماليتها, أعدت قراءة الملخص عدة مرات ولم أجد جدوى من إضافته وبدا أنه أفكار أولية وهيكل مبدئي للقصة أكثر مما هي رغبة المؤلف بالجنوح بهذه القصة تحديدا للحكمة والأمثولة كما في القصص الأخيرة من الكتاب
ما يميّز قصص بيسوا هو كونها مختلفة من عدة نواحي، أولا من ناحية أنها تتناول مواضيع بطريقة غير مألوفة و غير معتادة، من الواضح أن إهتمام بيسوا كان منصبّاً على عرض أفكاره مهما كانت غريبة و مختلفة و ليس على كتابة ما يرضي المجتمع و القراء. ثانيا، كل قصة من قصصه مختلفة عن الأخرى، بيسوا لا يعتمد على نمط و اسلوب ثابت، لدرجة قد يبدو أن لكل قصة كاتب مختلف، هنا يظهر تصرفه بنشر بعض كتاباته بأسماء مستعارة مفهوماً و منطقيا، كأن كل إسم مستعار كان له شخصية و وجود و افكار مستقلة عن الشخصيات الأخرى. و اخيراً، استطاع بيسوا أن يمزج بين السخرية و الجدية بطريقة تناسب النص بدون الإخلال او الانتقاص منه، كما نجح في إيصال الشعور بالقلق و الرعب و الفضول و المفاجأة بطريقة طبيعية و تلقائية.