بانت سعاد قصيدة جاءت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تعود لكعب بن زهير بن أبي سلمى ألقاها بين يدي رسول الله عندما جاءه تائباً ودخل في الإسلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه قبل إسلامه لتطاوله على النبي ورسالته وما جاء به من رسالة سمحاء. ونظراً لما حظيت به هذه القصيدة من فائق العناية ووافر الرعاية من معارضة وشرحاً ودرساً على مر العصور ومما كان لها من أثر التراث العربي قام العالم جلال الدين السيوطي بشرحها شرحاً أديباً وافياً، وعمل الدكتور مصطفى عليان على التحقيق من شرح القصيدة وفق منهج السيوطي.
Jalal Al-Din Al-Suyuti عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي من كبار علماء المسلمين. ولد السيوطي مساء يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة 849هـ في القاهرة، رحل أبوه من اسيوط لدراسة العلم واسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، وكان سليل أسرة أشتهرت بالعلم والتدين، وتوفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، وأتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه.
كان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة. وقام برحلات علمية عديدة شملت بلاد الحجاز والشام واليمن والهند والمغرب الإسلامي. ثم دَّرس الحديث بالمدرسة الشيخونية. ثم تجرد للعبادة والتأمل.
عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، فابتدأ في طلب العلم سنة 1459م، ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمض عامان حتى أجيز بتدريس اللغة العربية، كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه "محيي الدين الكافيجي" الذي لازمه الـسيوطي أربعة عشر عامًا كاملة وأخذ منه أغلب علمه، وأطلق عليه لقب "أستاذ الوجود"، ومن شيوخه "شرف الدين المناوي" وأخذ عنه القرآن والفقه، و"تقي الدين الشبلي" وأخذ عنه الحديث أربع سنين فلما مات لزم "الكافيجي" أربعة عشر عامًا وأخذ عنه التفسير والأصول والعربية والمعاني، حيث أخذ علم الحديث فقط عن (150) شيخًا من النابهين في هذا العلم. ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء.
توفي الإمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن بجواره والده في اسيوط وله ضريح ومسجد كبير باسيوط. وفي الصفحة 90 من الجزء الثاني من حفي هذه النسخة.
كلما قرأت كتابا مضى عليه أكثر من 100 عام أقول في نفسي:هل يمكن ان نكتب شيئا كهذا؟؟ان المتتبع للتاريخ الأدبي عبر العصور يعرف أننا اليوم في القاع وأن الكتابة بأي موضوع او تخصص لم تكن أسوأ منها اليوم في أي عصر مضى....أنا لا اناقش المحتوى هنا ولكن أتحدث عن الكتابة كفن وأن الإنسان قد يصل مرحلة متقدمة في التعبير عمّا يجول في خاطره...ان الكتابة المعاصرة تكاد تفتقر إلى أبسط خصائص النجاح وهي الصدق حيث انك لا تشعر بصدق الكاتب ولا بأحاسيسه التي كانت تختلجه وهو يكتب...على عكس العصور الماضية حيث تشعر بأن بدنك يقشعر من قوة وصدق المشاعر...
كنه المراد في بيان بانت سعاد بتحقيق رائع لدكتور مصطفى عليان السيوطي يتذوق بيتا بيتا كمن يتذوق وجبة شهية مركبة من عناصر مختلفة فيحلل سر روعة هذه الوجبة بسر التفاصيل ودقتها البيت الأول بانت سعاد فقلبي اليوم متبول المتبول الفاني من شدة الضنا والسقم لا يشرح المعنى فقط إنما ينصب في النص متخذا إياه موضوعا لعرض وجهة النظر والتأمل والبوح والكتابة واستدعاء منجزات جمالية أخرى تشارك النص الرئيسي في تجربته الشعورية شعراء ومفسرين وفلاسفة وبلاغيين يقدمهم السيوطي في أثناء البيان، فيقدم نفسه العامرة بالمعرفة والثقافة والخبرة بانت سعاد فارقت يقول: ولا شك أن فراق الأحبة من أشد الآلام وأعظم الأحزان الحزن "يروى أن الحسن رضي الله عنه بكى على ولد، فقيل له في ذلك، فقال: "ما رأيت الله تعالى جعل الحزن عارا على يعقوب"
كل دال في البيت عضو مهم له دور دلالي وجمالي، فيستحق وقفة تأمل وتحليل كل دلالة خفية تتستر وراء هذه الدوال الظاهرة تستحق وقفة وتأمل وتحليل ترتيب الدوال وتنسيقها ونظمها ليس اعتباطيا في بيت شعري لشاعر أصيل )لماذا قال (أغن) قبل (غضيض الطرف)قبل (مكحول لماذا الصوت ثم الصورة ذات البعد الأخلاقي المعنوي ثم الصورة ذات الحس المادي الكاشف لتفصيلة جمالية لا تتضح عن بعد .....فإن قيل لماذا ......وإن قيل لماذا هكذا يفكر السيوطي ويطرح الأسئلة ويجيب عليها ويمتعنا
الكتاب رائع وممتع لمن يتذوق الشعر، الحقيقة أني قرأت الشرح فقط، يعني نصف الكتاب، لم أتطرق للموضوعات التي قبل الشرح، قرأت ما يربو على ٤٠٠ صفحة تشرح ٥٧ بيتًا للقصيدة الملقاة بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام. أنصح بالاستماع لشروح الشيخ محمد رشيد أبي قيس الطائي مزامنة مع قراءة الكتاب.