تعد قضية التكفير وضوابطه وموانعه من أكثر القضايا العقدية التي دار حولها الجدل والنقاش الحاد في عصرنا الحاضر بل مازالت كذلك منذ عقود وقرون وطبيعة هذه القضية وما وقع فيها من الإشكال عند كثير من الخائضين في غمارها تتطلب تكثيف البحوث المحررة في معالجتها وتسليط الأضواء على غواضمها ومشكلاتها فهي تتطلب البحث في حقيقة الإيمان عند أهل السنة وضبط ما يتحقق به وضبط حقيقة نقيضه : الكفر وما يتحقق به وأنواعه وضبط العلاقة بين الظاهر والباطن وفق عقيدة أهل السنة والجماعة
وهذا هو الذي دار فيه الخلاف بين هؤلاء وبين الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، حين ألزمهم أن الشرك في الإرادة كالشرك في الاعتقاد ولا فرق، وأن شرك الإرادة لا يقيد بشرك الاعتقاد بل هو شرك بذاته. ولما استقر عندهم أن تلك الأمور إما خطأ في الأسباب لا علاقة لها بالشرك ، وإما مجرد معصية لا تصل إلى حد الشرك فقد اتهموه بالتكفير بالمعصية وأنه خارجي حروري مستحل لدماء المسلمين. ولا يزال الأمر في ذلك على أشده إلى اليوم ، ولن ينتهي ما دام الخلاف في حقيقة التوحيد قائما.