مجموعة لقاءات قام بها الكاتب على فترات زمنية بعيدة نسبياً، بل وفي عدة بلدان، لعدد من الشخصيات الأدبية والفنية وبعض المفكرين مثل نصر حامد أبوزيد اللقاءات كان بعضها جيداً وتم اعداده بشكل جيد مثل لقاءه مع علي بدر الروائي العراقي، وبعضها كان قصيراً والأسئلة عشوائية لا ترتكز على أهداف محددة بشكل عام كتاب جيد لمن يحب تلك النوعية من الكتب
كتاب جيد يحاور فيه الكاتب عدد من المفكرين والشخصيات الأدبية من جميع أنحاء الوطن العربي، بعضهم معروف مثل أدونيس وخيري شلبي، وبعضهم ربما أسمع عنه للمرة الأولى مثل الشاعر قاسم حداد الحوارات كانت جيدة في مجملها، يبدأ الكاتب بوصف أجواء اللقاء وانطباعاته عن الشخصية التي يحاورها قبل وأثناء اللقاء، ثم دراسة سريعة لشخصية الأديب أو المفكر قبل اختيار الأسئلة التي يوجهها للضيف اللقاءات كانت بعضها قصيرة للغاية مثل اللقاء مع خيري شلبي الذي لم أخرج منه بأي جديد، وبعضها مطول ومستفيض مثل لقاءه مع نصر حامد أبوزيد والذي اتسم بالشمول والعمق
لقاءات كان أجراها علي سعيد في فترات سابقة وتم نشرها في الصحف، كنت أظن أني لن أخرج بفائدة تذكر منها ولا أجد متعة، ولكن علي أمتعني بأسلوبه في محاولة البناء الدرامي في الحوارات وإن مان يكثر من كلمة "بُعيد" ، استفدت من هذه اللقاءات حيث كشفت لي بعض الجوانب المخفية من الشخصيات في الكتب. يحتوي على ثلاثة عشر لقاء بين مطول وقصير.
لن تصدق ما يمكن لهذه الحقيبة الجلدية أن تسعه إلا بعد أن تطلع على ما في جوفها من قصص وحوارات تكتسب قيمتها الثقافية بالتقادم. بين دفتّي هذا الكتاب كنز عظيم، تحمله بين يديك فيسقط في قلبك. هو أكثر من تجربة قراءة، مضمخة صفحاته بأرواح مفكرين وأدباء وفنانين، تتردد في أرجائه أصواتهم، قصصهم، وأسرارهم. وعلى النقيض من الشائع عن الكتب التي تتناول الحوارات الثقافية بشكلها التقليدي والباعث على الملل، يأخذنا علي سعيد في رحلة شيّقة على متن القصص التي استطاع بكل ما يملك من حذق الصحافي ومهارة السيناريست أن يحيكها بعصاه السحرية لا بقلمه ويحملنا بعيدًا حيث للحكايات فضاء واسع ودروب لا تنتهي. تكمن قيمة هذا الكتاب في الأسماء التي يضمّها، من أدونيس وقاسم حداد ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد وسهيل زكّار إلى ألبيرتو مانغيل وعلي بدر وغيرهم. إلى جانب كونهم قامات أدبية وفكرية وفنية واسعة الشهرة وذائعة الصيت، هم أيضًا شخصيات مثيرة للجدل. يشاركنا علي سعيد ما ناله من حظ حين دبرّت له الأقدار هذه المواعيد التي استغلها في طرق الأبواب المغلقة والسير في الدهاليز والأزقة المعتمة للأحاديث التي تتيح حميمية غرف الفنادق والمقاهي الريفية البعيدة عن ضجيج المدن، الخوض فيها. إلى جانب كون هذه الحقيبة الجلدية تحمل للقارئ متعة لا نظير لها، هي كذلك أداة ذات فائدة عظيمة لكل الراغبين في طرق هذا المجال. أن تكون محاورًا ذكيًا فهو نتاج قراءات وفيرة وسعة اطّلاع وهو ما وشت به هذه الحوارات التي كشفت عن علي سعيد آخر، القارئ المتبّحر الذي تجري في عروقه دماء السرد والحكايات. في أثناء قراءة هذا الكتاب لن تجد مفرًّا من الحنين الذي سيحكم قبضته على قلبك كلما ذُكرت دمشق التي احتضنت أكثر تلك اللقاءات. صفحات هذا الكتاب يا أصدقاء لها عبق الياسمين.
بهذا الوقت أكون قد قرأت الكثير من كتب المقابلات والحوارات والتي تقذفها الدور سنوياً بكل استسهال، بعض الدور تبدو وكأنها تخصصت في هذا النوع، بحيث صار يطغى على ترجماتها هذه الكتب الصغيرة التي تضم حوارات مع أسماء لامعة، قراءة مثل هذه الكتب إشكالي برأيي، لأنه يفترض اطلاعك على أغلب إنتاج الأديب أو المفكر أو الفيلسوف صاحب الحوار لتفهم قيمة الأسئلة الموجهة له وقيمة الأجوبة التي يقدمها، ما الذي يحاول المحاور اكتشافه في مسيرة هذه الشخصية، لهذا مع الوقت ينمو لديك نوع من اللامبالاة تجاه هذا الصنف من الكتب، تبدو لك مقحمة على قراءاتك فيما تلمع في ذهنك فكرتان، الأولى هي ما الذي سيقوله لي الكاتب في حواراته ولم يقله في كتبه؟ والأخرى هي ما قاله ماركيز عن ملله من كثرة الحوارات التي أجريت معه والتي ظلت تكرر ذات الأسئلة لسنوات بحيث صار يعطي إجابات مختلفة في كل مرة ليتجاوز ملله، هل معنى هذه أنني سأقرأ إجابات ملول في مقابلة مكررة؟
أظن أن (علي سعيد) تنبه لهذا وهو يفتح لنا حقيبته الجلدية، فلذا قدم كتابه هذا - والذي ضم حوارات مع أسماء بعضها معروف جيداً للقارئ العربي وبعضها الآخر يستحق أن يعرف – بطريقة سردية، متجاوزاً أسلوب السؤال والجواب المعتاد، يمهد لنا علي حواراته بسرد قصة اللقاء كيف تم وأين، يلج بنا الفنادق الخليجية أو المقاهي الدمشقية، ليتحدث مع نحات عراقي كان يحاول إنقاذ الذاكرة العراقية بعد سقوط بغداد لينتهي ميتاً في حادث سيارة، يلتقي بعراقي آخر – علي بدر – ليحدثنا عن كيف ولدت كل هذه الروايات التي كتبها، نلتقي بأدونيس بنصر حامد أبوزيد بأحلام مستغانمي، بل حتى بألبرتو مانغويل عندما زار المملكة مشاركاً في مسابقة اقرأ، من أكثر اللقاءات التي أحببتها وألهمتني كان لقاءه بالمؤرخ السوري سهيل زكار، العجوز الذي أخذه لمنزله الدمشقي حيث يعمل هناك متوحداً منذ أعوام بعيدة على أوسع وأشمل موسوعة عن الحروب الصليبية، هكذا لا يقدم لنا علي سعيد هؤلاء فقط، وإنما يقدم لنا علي سعيد نفسه، هكذا لا يتراجع المحاور للخلف كما هو متعارف تاركاً الميدان لضيفه، بل ينزل إلى الميدان ليكون صديقاً لضيفه، يتمشى معه ويكاد يصيبه بنوبة قلبية كما فعل مع خيري شلبي.
أعترف أني بدأت به العام الماضي، في نوفمبر بعد معرض الكويت للكتاب 2016، وتركته لأعود إليه بين عمل وآخر... ثلاثة عشر حوارًا بديعًا وإن لم أتفق مع كل ما جاء فيها، وإن لم أعجب بكل الشخصيات، لكنها على الأقل تظهر اطلاع علي سعيد كقارئ قبل أن يكون صحفيًا، على أعمال من التقاهم. أعتقد أن أهم إنجاز في هذا الكتاب هو التقاء ألبرتو مانغويل (مانغيل) لأنه كان حوارًا مباشرًا، أعني ليس منقولًا عن مطبوعة أجنبية، وهذا نشاط لافت ازداد مؤخرًا لدى بعض المترجمين السعوديين. أظن أن أهم الحوارات كان حوار سهيل زكار الذي قد لا يكون معروفًا، أو ليس اسمًا رائجًا بما يكفي... أعني أن أدونيس وقاسم حداد ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد كلها أسماء مثيرة للجدل ولذلك فقد حظيت بالاهتمام الشديد، وقد لا يكون في حواراتهم في الكتاب جديدًا يذكر، على عكس زكار.... أسلوب الحوار عفوي، وسرده كذلك رغم أنه يحتاج إلى قليل من التحرير. أحب الكتب التي تفتح شهيتي للقراءة أكثر، وهذا أحدها بلا شك...
علي سعيد نبّهني بأسامي ضخمة ومفكّرين وباحثين لم أكن أعرفهم من قبل، وزادت معرفتي بالذين أعرفهم مسبقًا. يحكي قصة لقاءه بكل فنّان وأديب قبل أن يكتب الحوار بطريقة سردية جميلة تجعلك تنغمس بها وكأنك كنت تحضر بينهم. جميل جدًا.
ملخص الحقيبة الجلدية كتاب جمع فيه علي سعيد مجموعة حوارات أجراها مع مفكرين وأدباء وفنانين. الإهداء (إلى أبي رحلت قبل نشر هذا الكتاب، لوددت أن أحاورك عنه، حواري الأجمل). رحم الله والد علي سعيد وكل أحبائنا الذين اختارهم إلى جواره. شرح علي فكرة كتابه في المقدمة، فيما يلي جزء منها: الحوار حكاية (الحوار هو تحدٍّ محفوف بالمخاطر. أن تجلس أمام مفكر، كاتب، أو فنان، مجردًا من كل شيء سوى سلاح واحد هو السؤال، أنها حقًا ذروة المجازفة التي لا تشعر بها إلا بعد أن تتورط في أتونها). بدأ الحوار كتحٍد ثم تحول إلى قصة (القصة هنا ليست نسجًا من خيوط المخيلة، بل هي أحداث وقعت وتثاقلت حتى أحنت الذاكرة وصار لزاما أن تروى. لذا اخترت من بين العديد من الحوارات التي أجريتها بين أعوام ( 2005 - 2015 ) فقط تلك الأحاديث التي تولدت من روح الحكايا والتي كان محركها الأول الحدث أو الواقعة أو «الدراما »؛ أي عدم الاقتصار على صيغة السؤال والجواب التقليديتين وإنما التقدم نحو ناصية السرد القصصي، ليس فقط تلبيةً لمتطلبات الوصف المشهدي للأحداث وإنما أيضا، للاقتراب أكثر نحو عوالم هؤلاء النخبة من المفكرين والكتاب والفنانين، كي نتعرف على تجاربهم ونلامس هوامش إنسانية مؤثرة في شخصياتهم، ما كانت لتظهر في هذا الكتاب، لولا امتطاء حصان السرد؛ تصحبني في كل تلك الرحلات البعيدة والقريبة، حقيبة جلدية، كانت بمثابة مستودع الحكايات وهي تحتضن أصوات من كانوا ومن رحلوا، في تلك الأشرطة التي تحولت إلى تحف عتيقة (Vintage) ، بجوار مسجلة وأشرطة ودفتر ملاحظات صغير وقلم، متحريا الأمانة في نقل أحاديث شخصيات «الحقيبة الجلدية» ، مؤمنا أن الكتاب أوسع مساحة حرّة في العالم لتداول الأفكار ، لذا لم أبتر رأيا لأي من شخصي��ت كتابي، فقط قمت بتحرير واختصار بعض الزوائد كي تظهر الأحاديث بشكل هرموني ، سلس القراءة.) يضم الكتاب ١٣ حوارا لمبدعين من مجالات متنوعة، كنت أعرف بعضهم وتعرفت على بعضهم الآخر من خلال الكتاب. اقتبست بعض الأفكار التي لفتت نظري من كل حوار، لأعطيكم فكرة عن كل منها.
(١) باسم حمد نحات عراقي، حكي لعلي عن مسيرته الفنية وشغفه بالنحت (أصبحت علاقتي بالطين علاقة صوفية تمامًا، كثيرًا ما كان يأتي أصدقائي ويجدونني مغمى علي من شدة الإعياء ومن أثر التمرين وقد تكررت هذه الحالة لي مرارًا، يمر يومان أو ثلاثة وأنا أنسى الأكل والشرب وهي تلك الفترة التي بدأت تتهدم فيها علاقاتي الاجتماعية مع الأسرة نتيجة الفوضى التي غزت حياتي بشكل كامل. قاطعته: باسم ارتعش بدني). ويحكي باسم أيضا عن مقاومة الدمار والعنف الذي خلفته حرب ٢٠٠٣ بالفن والأمل والصبر .
(٢) في إحدى اللقاءات التي جمعت أدونيس وعلي تحدثا عن كتاب الثابت والمتحول، وقال أدونيس (أن المجتمع العربي لم يخرج بعد من البني الأولية، البنى القبلية والعشائرية والطائفية. قد تكون هذه الظاهرة غير مرئية في كل العالم إلا عند العرب. العرب دخلوا عصر الحداثة من باب المنتجات والاستهلاك والعولمة ولم يدخلوا هذا العصر من باب المعرفة).
(٣) قال ألبيرتو مانغويل لعلي (يتوجب على القول أولاً، كما تشير استعارة بورخيس إلى أن المكتبة مرآة هي للعالم. ولكنها مرآة لا وجود فيها للحدود السياسية أو الدينية أو حتى الجمالية. إن أفلاطون أقرب إلى فيلسوف عربي ما، منه إلى نيتشه. أبو نواس أقرب إلى لوركا منه إلى محمود درويش . بالنسبة لي الأمر لا يتعلق برغبتي بقراءة الأدب العربي الكلاسيكي أو الأدب العربي المعاصر. الكتب تقدم نفسها وأنا أقوم بقراءتها ، والكتب هي من تبني علاقاتها عبر الزمن وعبر المكان . وأنا أستمتع جداً بشعور تخطى الحدود بشكل دائم . إننا نحب العيش ضمن أطر حدود معينة. دوريس ليسنغ كتبت كتاباً مهماً يحتوي على مقالات عنوانه ( سجون نختار العيش فيها ) ، وأعتقد أن ذلك صحيح كليا. إننا نختار أن نبني لأنفسنا سجوناً نقطن فيها. هناك سجون سياسية ( جغرافية ) وأخرى دينية . إنها مصنوعة من مخاوفنا . ولكن الأدب يرفض ذلك . مثال آخر : إنني متأثر جداً باللحظات التي يثبت فيها الأدب قدرته على تعريف العالم).
(٤) أجرى علي حوارا جريء مع نصر حامد أبو زيد استعرض من خلاله الماضي والحاضر، وسأله عن المستقبل فأجابه (أما سؤالك، هل أنا متفائل أم متشائم، أنا ( متشائل )، بمعنى عندما تنظر للحظة تشعر بالتشاؤم، ولكن عندما تنظر للإمكانيات والاحتمال ستكون متفائلاً. أعتقد أن الذي يعمل في إطار الفكر، ويسعى للتغيير لابد أن يكون متفائلاً وإلا لن يستطيع مواصلة العمل. ولقاؤنا بالشباب في كل المجتمعات العربية، مثلك يخلق تفاؤلا. ولكن السؤال كيف نعطي الشباب الفرصة في أن يطور مفاهيمه النقدية وأن يتكلم بصوت عال، إنما أنا أستطيع أن أقول لك أن آلاف الشباب في كل الأقطار العربية غير راضين عن الإجابات الجاهزة وهم يبحثون عن إجابات أخرى ويجدون استلهاما وقوة من كتابات أناس كثر من ضمنهم العبد لله. هذا لا بد أن يعطيك نوعا من التفاؤل).
(٥) وحينما سأل علي قاسم حداد عن علاقة الشعر بالموسيقى، أجابه (اتصالي باللغة اتصال موسيقى الدرجة الأولى وهذا يتضح من خلال تعاملي مع اللغة وأجد في اللغة العربية حالات بلاغية وإيقاعية لا متناهية . لذا أعتقد على الشاعر الجديد الآن وفي المستقبل ودائما، أن يكتشف في اللغة العربية ما لا حدود له من الموسيقى ، ولا يقف عند ما قال المتكلمون إن الشعر خارج الأوزان والتفعيلة ، ليس كذلك . السبب بسيط ، إن موسيقى بحور الخليل والأوزان هي في الأصل ناتجة من العلاقات الإيقاعية بين الحروف والكليات والنحو والصرف ، بمعنى أن الخليل بن أحمد لم يأت بشيء جديد من خارج اللغة . البحور هي مجموع هارموني بين المفردات والكليات وتجاوراتها وإيقاعها اللفظي والموسيقى ، لذلك أمام الشاعر الذي يأتي للشعر بدون الأوزان الجاهزة ، بحرّ وكن غني من الموسيقى . لا أكتب جملة دون أن يكون فيها سراً موسيقيا أو جانبا موسيقيا نثراً كان أو شعراً . من هنا أجد علاقة هائلة بين الموسيقى والشعر وهذا السر الذي يجب أن لا يفرط فيه هذا الشاعر الجديد مما يصله بالإنسان . الإنسان ، في ما يتصل بالشعر ، سوف يسمع أولاً . التقنية البشرية تقوم من خلال اتصال الإنسان بمعظم الإبداع عن طريق الأذن . يجب أن لا نُفَرط في هذا الجانب مهما كان الشكل الكتابي الذي نكتبه . حتى الجملة النثرية والمقالة ثمة إيقاع معين يجب أن نكتشفه أو نبتكره ونحافظ عليه . وهذا ما أظنه من الثروات الدائمة في الكتابة الأدبية العربية).
(٦) في حواره مع أحلام مستغانمي قالت عن أدبها (لقد كتبت شيئا يشبهني والكتابة بصمات).
(٧) حكي محمد أركون لعلي عن أبحاثه وأفكاره، وعن تجربة يسميها الحج العقلي (كنت قمت بالعمرة مع صديق جزائري في بعثة علمية من اليونسكو إلى مكة ، الذين دعونا كانوا يقدروننا فنظموا زيارة حج كامل ومررنا بجميع المناسك كما هو الحج الشرعي والحج العقلي ؛ قمتُ بالحج الشرعي ولكن الحج العقلي داخل ذهني كان هو الأهم ، لأني كتبتُ أشياء في رأسي في كل مكان وفي كل مرحلة من مراحل الحج ، وقمت بالحج في مناسكه كما فرضت).
(٨) حكي على بدر عن بداياته في الكتابة (كانت لدي تجارب في كتابة النصوص الفلسفية ، وترجمة الروايات العالمية غير أن ترجمتي لم تكن منضبطة ، بمعنى آخر كنت أتدخل كثيرا في تقرير أحداث النص ، وقد أفدت من هذه التجربة في موضعين ، - هل تعرف . . إنني أنظر اليوم إلى هذه التجارب بوصفها درسا كبيرا بالنسبة لي - الموضع الأول إن الترجمة كانت تفكيكا حقيقيا للعمل الأدبي ، ومعرفة شخصياته وبنائه من الداخل . والثاني البروز المفاجئ لموهبة مذهلة وهي إني أثناء ترجمتي الرواية أبدأ بتحريف أحداث الرواية التي أترجمها ، أحرف مسيرة الأبطال وأصحح أخطاء المؤلف المفترضة » . واو . . بدت علي علامات الدهشة ، فقال علي بدر : « أجل » . وأتم سرده : « أصبحت لدي مجموعة من الكتب التي لا يمكن أن تعدها مترجمة ولا مؤلفة ، ولا يمكن نشرها بأي حال من الأحوال ، ولكن هذا العمل العابث والوهمي مدني بقوة منقطعة النظير ، قوة لا تتوقف عن السرد ودلتني على إني مختنق بأشياء كثيرة أريد أن أسردها . . . وهكذا اشتريت ورقا وطابعة تشبه طابعات الحرب العالمية الثانية ، وحبست نفسي لمدة سنتين دون الخروج نهائيا من الغرفة ، وبدأت أكتب أحداث روايتي التي عصفت بي عصفا ، لقد بدأت بكتابة رواية تخص كل ما كنت أفكر فيه في تلك الفترة ، وهي الحرب وتحديدا ردة فعلي إزاء الحرب ، ردة فعل شاب مثقف ومتمدن تخرج من الجامعة فوجد نفسه إزاء آلة جديدة ، هي الحرب ، كانت التجربة عاصفة بكل معنى الكلمة(.
(٩) زار علي سعيد سهيل ركاز في بيته فاكتشف أنه يسكن في منجم كتب! قال علي(دكتور كنت أظن أنك ستسقبلني في مركز بحوث وليس في مكتبة بيتك ، أنطلقت قهقهة بصوته الزكاري ، ثم قال: الذي في الأسفل مكتبة بها خمسة وثلاثين ألف كتاب ذهلت من هذا الرقم الجديد علي ، هل أنا في مكتبة عامة أم في بيت ، كان جليد الزيارة الأولى بذوب رويدا رويدًا لأتعرف على هذا المؤرخ السبعيني وهو يقص لي برنامجه اليومي الذي أشك أن يتحمله شباب في هذا الزمن ، كان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه صباحا ، وفي المساء يتجه نحو جامع أهلية بدرس طلبة البكالوريوس فيها حتى الثامنة ، ثم يعود ويعمل حتى الساعة الان بعد منتصف الليل في التأليف والتحقيق والترجمة).
(١٠) تمكن علي سعيد من معرفة نتيجة البوكر قبل الإعلان عنها وزف بشرى الفوز لأحمد سعداوي ثم أجرى معه حوارا بعدها بفترة قصيرة. (لا أريد أن أنسى الشسمه بطل روايتك الأبرز ، لو تحدثني كيف بنيت وسميت هذه الشخصية. ابتسم سعداوي مجيباً : « الشسمه وهو فرانكشتاين البغدادي ، هو كائن يتمي لنا جميعاً . وربما فيه بعد كوني . بأن يكون يمثل الإنسان في أي مكان في العالم. الإنسان الذي هو جماع حافل بالمتناقضات. ”الشسمه“ هو الإنسان عارياً. الإنسان تحت ضوء شديد وليس في عتمة أوهام الشخصية. لدينا أوهام شخصية عن أنفسنا بأننا من متماسكون وأننا متناغمون مع أنفسنا وأننا كل متماسك. لكننا الحقيقة بالتحليل والتأمل الذاتي، سترينا هذه الحقيقة أننا مجموعة متناقضات والانسجام مجرد شكل خارجي ووهم شخصي نفرضه على الآخر. هذه النظرة المعرفية عن للإنسان، دراميا تجسدت في إشكالية غياب المفهوم والروح الوطنية وصورة الوطن تحت طائلة التناحر الطائفي والمذهبي والأثني في العراق بالذات في سنوات من ٢٠٠٥- ٢٠٠٧ حيث العودة إلى المرجعيات الطبيعية من الطائفية إلى القبلية إلى المعتقد الديني وكلها دوائر ضيقة ولا يمكن أن يقوم الشعور الوطني عليها. عصرنا وعالمنا هو عالم الدول الوطنية والدولة الوطنية دولة لا تؤسس نفسها استنادا إلى عرق أو مذهب وإنما إلى هوية المواطنة والحقوق المتساوية لجميع الأفراد. وحتى وإن كان هنالك بلد ينتمي كل أبنائه لديانة أو طائفة واحدة ستجد أن الميول والرغبات والأفكار متباينة. فكرة أن تكون هنالك هوية واحدة صلبة وصلدة ومغلقة على نفسها، هي فكرة واهمة جداً. كل هذا كان خلفية درامية ورمزية خلق شخصية ”الشسمه“، الذي هو نحن ومأزقنا جميعا).
(١١) غسان مسعود والمقهى الشكسبيري (طلبت من غسان مسعود بعد أن شرب قهوته ، أن يبوح لي بأمنية ربما حلم يود قوله أو توثيقه من هذه الإطلالة الشكسبيرية . نظر إلي ثم أدار وجهه نحو النافذة العالية المطلة وقال متجليا : « أنا رجل أشتغل في الأحلام والفن تجارة الأحلام، في الفن تأتي بالأحلام وتجعلها كائنات حية كالفراش ، كالطيور وكالحمام وتطلقها بين المجتمع وبين الناس ؛ طالما أشتغل في هكذا مهنة فأنا أحلم أن أرى أمتي في مقدمة الأمم).
(١٢) هكذا بدأ علي حواره مع أميمة الخليل (كل حديث مع أميمة الخليل من شأنه أن يتحول إلى قصيدة. وكل حكاية يولدها اللقاء بهذه الفنانة البديعة من شأنه أن يتحول إلى أغنية). وهكذا ختم (تغلق أميمة حديثنا ، بمطر : تجربة مطر ، فضلاً عن أنها مُوَقعه شعريا بقصيدة للشاعر الرائد بدر شاكر السياب ، هي موقعه موسيقيا من المؤلف اللبناني عبد الله المصري . وعبد الله المصري في هذه التجربة ، أخذني . ولم يأخذ مني . أخذني لمحل ، لا أعرف إذا أخذ مني أفضل أن يتحدث هو . لكن من وجهة نظري ومن حبي الكبير لهذا العمل ، أقول : نقلني عبدالله المصري خطوة متقدمة في مسيرتي بهذا العمل ( مطر ) . أعتز كثيرا بهذه التجربة التي جعلت تعبيراً جديداً يظهر من صوتي و قيمة جديدة تضاف على القيمة الموجودة في مسيرتي . هذه التجربة مهمة كثيراًً»).
(١٣) خيري شلبي أسدي لعلي نصيحة متعلقة بالكتابة (منها إذا وصلت في الكتابة إلى نقطة ما وانسد كل شيء ولم يعد بمقدورك الاستمرار ، امسح السطر الأخير ، من آخر مقطع كتبته وستجد الأمور قد تسهلت » . قال الروائي المصري وهو متكئ على تلك الأريكة الدمشقية المطعم�� بالموزاييك والقشور الصدفية البديعة ، في بهو فندق الشام ، ثم أردف : السطر الأخير الذي كتبته قد يسد تدفق الكتابة والأفكار وإذا وجدت أن السطر الأخير لم يكن كافيا ، أمحو الفقرة الأخيرة كاملة ( paragraph ) وأعد كتابتها من جديد »). وأيضاً حكي علي عن موقف طريف حدث بنهما وجعل خيري شلبي يدعو عليه ثم يتراجع ويقول يا رب سامحو.
(١٤) الشخصية ١٤ هي شخصية علي سعيد، تعرفت عليها من خلال اختياراته لضيوفه وحكايته معهم وإلمامه بأعمالهم، وكأن الكتاب يسرد ١٣ حكاية قصيرة ضمن حكاية واحدة طويلة، حكاية الصحفي والروائي والسينارسيت والمخرج الشغوف بالإبداع.
خلاصة الدهشة التي يبعثها العمل الإبداعي لا تنحصر في نتيجته النهاية له، سواء أكانت رواية أو قصيدة أو نظرية أو لوحة، بل تشمل جميع مراحله، بداء بلحظة انقداح شرارة الإلهام ومرورا بكل مراحل التنفيذ والتجريب والمحو بهدف إعادة الكتابة والتدقيق، ووصولا إلى إتمام العمل، ودخوله إلى مرحلة التذوق والتأويل.
ملاحظة: تمنيت لو أن الكتاب احتوى على صور، أظن أنها كانت ستشكل إضافة قيمه لمحتواه.
حوارات مع شخصيات لامعة في الفكر والثقافة والفن. بثقافته الواسعة واسلوبه الفريد، استطاع المحاور علي سعيد أن يتجاوز الأسلوب التقليدي في الحوار. يبدأ بقصّة لقاءه بضيفه، ومن هنا يشدُّك إلى مواصلة القراءة لترى نفسك في العمق، بين السؤال والجواب، والأخذ والرد. | وهنا ملاحظتان، وهما:
ـ لا أدري لماذا الكاتب تجاوز شخصيات بيئته الثقافية، وهي المملكة السعودية.!
ـ بعض الحوارات كانت خاتمتها مفتوحة، تنتهي بكلام الضيف. وكان المفروض أن تنتهي بكيفية انتهاء اللقاء بين المتحاوريْن، كما حصل مع نصر أبو زيد بتوصيله للمطار وغسان مسعود وغيرهما. فكما هناك قصة للقاء هناك قصة للإفتراق والختام. |
يلتقي علي سعيد بنخبة من مفكرين وأدباء وفنانين في مجموعة حوارات، دارت في السياسة والثقافة والأدب والفن وأخرى؛ ك أدونيس ، ونصر حامد أبوزيد، أميمة الخليل، البيرتو مانغويل وآخرون. مروراً ب علاقات القوة وتأثيرها، ووضع المثقفين وسياقهم الاجتماعي والسياسي أحياناً. امتازت الحوارات بنهج الطابع التشريحي، والتشخيصي للفكر أو الفكرة. أعاد من خلالها علي سعيد وبأسلوب ممتع وجذاب، خلق جسد للأحاديث الفكرية والثقافية في صيغة سردية- حكائية تجاوزت أقاليم "الديالوغ". كما بلغ هامش الإنسانية الصانعة لحركة الإنسان النفسية واللغوية والاجتماعية والمعرفية، بما فيها مواقفهم الفكرية والأدبية والسياسية .
زي ما بلاقي متعة إني أقرأ الأدب ورواياته، بلاقي متعة ولذة مساوية ليه وأنا بقرأ عن أصحابه، أحيانًا الإنسان لما بيقرأ أو يسمع لشخص بيكون لا إراديًا صورة عنه، وده اللي حصل معايا تجاه على سعيد ، إنسان جميل وقلمه جميل ، وممتنة لكل الأقدار اللي خلته يكون صحفي ويعمل اللقاءات الجميلة دي وبالأخص بقاء نصر حامد أبوزيد، شعرت أن نصر شخص قريب ليا وشعرت بالأسى والأسف عشانه.
قراءة في كتاب «الحقيبة الجلدية»..لعلي سعيد -- رائد أنيس الجشي (نشرت في الملحق الثقافي - جريدة اليوم )
يعتمد الكاتب والصحفي علي سعيد في بناء كتابه (الحقيبة الجلدية: دار أثر 2016) على وحدة أكبر من ثنائية السؤال والجواب المتعارف عليها في المقابلات الصحفية وذلك بإضافة مُكمّلات معرفية تدعم النص اللفظي بسيمائية الشخوص حتى تكاد تتخيل تجاعيد الزمن وتستنشق رائحة المكان وتستمع اللغة الصامتة التي لا تعني هنا لغة الإشارة بل دلالة الخطاب في سياقها الاجتماعي والتي تجعل المتلقي للحوار يرى أكثر مما يقرأ ويشعر معه بعاطفة المكان. تلك الخاصية التي تتلبس الشعراء فلا يتحدثون عن الحزن بل عن طريقة تدخين السيجارة والتنهد قبل متابعة الحديث بعد تمرير نظرة إلى الحبيبة الصامتة التي تشحذ الأمل والقوة بنظرة أو ابتسامة عفوية، كما في قصة (باسم حمد.. منحوت الجحيم). فالحقيبة الجلدية إذن، كتاب حوارات ولكن بطريقة السرد، بكل ما يقتضيه من تقنيات فنية برع فيها المؤلف، وهو ينقلنا بمتعة من نص سردي لآخر وذلك بعد أن «أعاد الكاتب الحوارات التي أجراها إلى الجسم الحكائي بوصفه جزءًا لا ينفصل عن البناء الأشمل - القصة - هادما صيغة السؤال والجواب التقليديتين ليصحب القارئ من خلال سرده إلى ما وراء الديالوغ» وهو ما يمكن أن يسجل لعلي سعيد، في تقديمه مقترحا فنيا وبنائيا جديدا، يغير مفهومنا السائد حول طبيعة كتبة الحوارات، فنحن بالتأكيد ليس أمام كتاب مقابلات صحافية وإنما لغة وسرد والأهم خلاصة تجربة تمتد من العام 2005 إلى 2015، أي عمر قصص «الحقيبة الجلدية».الكتاب إذن، ليس مقابلة وليس حوارًا متبادلًا بين طرفين وحسب إنه أيضا جزء من السيرة التي تعود للحياة لتتحرك من جديد. زد على ذلك، أننا لو عَرينَّا الكتاب من السرد وصيغتي السؤال والجواب فإننا سنحصل كذلك على مؤَلف قيم من عدة فصول فنية، ثقافية أدبية، تاريخية، إنسانية، أخلاقية وفكرية مع شخصيات مؤثرة في مجالها كأدونيس، ألبيرتو مانغويل، نصر حامد أبوزيد، محمد أركون، أحلام مستغانمي، قاسم حداد..إلخ ولذلك ربما يتعين على المتلقي أن يتحرر من أدوات قراءة المقابلات الشخصية وأدوات قراءة الرواية؛ لأنه وإن كانت ثمة تقاطعات بينهما مع أسلوب الكتاب إلا أنّه وبكل تأكيد ليس أحدهما. لابد من اجتراح أدوات متقاطعة عند تفكيك النسيج أو استبعادها تمامًا لتلقي المعرفة والانجذاب جهة الفن من ناحية روحية وإنسانية. كان عمر أبو ريشة يرى أن بيت المفاجأة هو البيت الأخير ودونه تكون القصيدة عادية ويرى إدجار آلان بو الشخصيات التي تستحق أن يكتب عنها هي تلك المعقدة جدا التي تليق بفيلم سينمائي وفي بعض الحوارات يركز علي سعيد على أن تكون ذروة الدراما في الختام، الختام الدرامي السينمائي حتى في واقعيته ففي حواره مع نحات عراقي مغمور نتلمس تجسيد هذا «التكنيك» في الكتابة. لذا علينا أن نلتفت إلى أن الشخوص وإن كانت واقعية إلى أنها تصل في نهاية القصة/الحوار إلى تلك النقطة العاطفية الدرامية التي تنحو أكثر باتجاه الغوص في الهوامش الإنسانية.
التفاصيل الجانبية في الحقيبة الجلدية لا يمكن إغفالها في كتاب الحقيبة الجلدية، ففي قصة لقائه بالضيف يلتقي بشخص آخر يمر به مرورًا عابرًا وتَتسلَّلُ قصة صغيرة جدًا مع هذا الشخص فمثلا وهو يلتقي بأدونيس يصادف أركون يتذكر أركون مرة أخرى في لقاء مع نصر حامد أبو زيد إلا أن هذه الشخصية ليست شخصية عابرة في الكتاب إنها شخصية رئيسية ومهمة فيه كما هي في الواقع. هكذا يستخدم على سعيد تقنية الإلماح والتمهيد كروائي مجيد لرواية واقعية وقد يحدث أن يلتقي هو مع ذات الشخصية أكثر من مرة في ظروف مختلفة تكون تلك اللقاءات كنقاط انعطاف تؤدي إلى الحوار وكأن الصحفي ينمو داخله بمصادفات حينًا وتعمدٍ في حين آخر كما حدث مع أدونيس مثلا.
أما حول اختيار زمان ومكان الحوار، فيأتي في لحظة تجليه المناسبة بعد أن تشبع سعيد بالضيف معرفيا وثقافيا وربما شخصيا «مخترعا» بشكل ذكي أسئلة لا استطلاعية فقط بل استفزازية، أحيانا بتمرير رأيه الخاص أو آراء الآخرين المحتملة في سياق الحديث ليحث الضيف على الإفصاح عما في داخله موافقة أو اعتراضا وهو لا يشعر أنه في جلسة استقراء آراء. والجميل أن أدونيس عاد ليظهر كشخصية عابرة ومميزة الأثر في حواراته مع ضيوف آخرين. إن عدم الترتيب الزمني للحوارات سمح لهذه التقنية أن تكون لافتة في الكتاب ككتلة واحدة رغم تجزئها.
التأرجح بخفة بين الزمان والمكان، من التقنيات السردية البارزة التي يستخدمها المؤلف بذكاء حيث نلاحظ الانتقال الزمني من وإلى الحاضر فقد يبدأ الفصل بحديث عن المستقبل عن الموت عن الحزن بلغة تليق به قبل أن يعود النص الى الماضي مع من توفي من ضيوف الحقيبة وكأنه يتحول من حزن واكتئاب على ارتحال قامة فكرية وفنية إلى احتفاء بحياتها كما أن المفردات التي ينتقيها تعاضده في رسم تفاصيل الزمنين وتدس توقيتها خفية في لا شعور القراء إنه يجيد التلاعب بالزمن والاعتماد على ذكاء المتلقي في رسم المشاهد وهذا يجعل من الحوارات التي يجريها أكثر متعة منذ أول عنوان (باسم حمد.. منحوت الجحيم) إلى آخر عنوان يمهد لانتهاء الكتاب في المشوار الأخير بصحبة الروائي المصري الراحل خيري شلبي. ...
"حقيبة جلدية، كانت بمثابة مستودع للحكايات وهي تَحتضن أصوات من كانوا ومن رحلوا."هكذا قدم علي سعيد الحقيبة الجلدية. منذ مدة وانا عاجزة في إيجاد كتاب يَجعلني أشعر بنشوة لذيذة، أعيش بمتعة بعده، لا استيقظ الا وانا متحمسة للقراءة من جديد دون ان اشعر بالملل. لا تستهويني الكتب التي تتحدث عن القراءة والكتابة والروائيين، خوفًا من أن يصيبني الملل، فأغلب الصحفيين والكتاب يفتقرون لجمالية اللغة والصياغة في الحوارات وكتابة المقالات. وهذا الشيء لا ينطبق على علي سعيد، يا الله على لغة علي سعيد في الكتابة، لم يُبهرني اُسلوب صحفي من قبل كما فعل علي سعيد في الحقيبة الجلدية. اكتشافي النادر هذا العام، هو هذا الصحفي الشاب، هذا الكائن تَسكنه طاقة غريبة من الحب، وانت تقرأ الحوارات متنقلاً ما بين الدين والسياسة والشعر والغناء والتمثيل والفن والحب والخ من الحكايات التي لا تنتهي. تَشعر بهذا الحب الذي يسكنه يتدفق من لغته، لا أحد يكتب الحوار كحكاية كما يفعل علي سعيد.
أعتقد أن قيمة هذا العمل الحقيقية لا تكمن في الفوز بضيافة شخصيات لامعة على طاولة الحوار، ولا التنوع الذي نشده علي سعيد في الاختيار بين أدب وفكر وفن وثقافة، ولا فيما سطره الضيوف على صفحات هذا الكتاب، ولكن في إجراء علي سعيد الحياة في تلك الحوارات لنشاهدها تستجلب من الزمن والمكان الأدوات التي تحقق لها العودة على مسرح الحدث، تفوق الحس السردي الأدبي لعلي هنا فضخَّ في الكتاب روحاً أدبية إنسانية جميلة تستحق الاحتفاء، كان هذا هو أصل قيمة هذا العمل الذي اكتسب أيضاً تباعاً لذلك القدرة المعرفية وال��هنية التي تمتع بها الكاتب في إجراء حواراته، ومن ثم اقتباسه من ضوء الأسماء المختارة ما لا تُنكر رؤيته. الجميل أن الكتاب لا يعدك بمتعة فقط، وإنما بفائدة ومعرفة، وإضافة. أدونيس، ألبرتو مانغويل، ونصر حامد أبو زيد، أحلام مستغانمي، غسان مسعود، قاسم حداد، أسماء لا تحتاج إلى معرفة. علي لا يكتفي بذلك، يقدم لك مثلاً: باسم حمد، النحات الذي استلهم العراق في تماثيله، يدخلك إلى عوالم علي بدر الروائية المكتظة بالحروب المفروضة. يقف بك في منجم كتب مؤرخ عجيب، اسمه سهيل زكار، لا بد أن تحفظ هذا الاسم وتبحث عن كتبه إذا أشغلك شغفك بالتاريخ. يحلق بك في فضاء أغاني أميمة خليل، ويجوب معك أروقة البوكر لتتعرف على أحمد سعداوي الذي فاز بها في روايته " فرانكشتاين في بغداد". رحلة قرائية ماتعة، وواعدة بأن في جعبة علي سعيد الكثير الأجمل.
يضم الكتاب أسماء متعددة ربما يعرف بعضها القارئ ويجهل البعض الآخر، لذي قد تكون قراءة الكتاب من دون النظر للفهرست شيقة أكثر إذا لا يمكن تصور من سوف يرافق علي سعيد في الحوار القادم وماهي الأفكار التي سيطرحها ذلك الرفيق. يحتوي الكتاب على الجميل والممل من المقاطع. شخصياً تأثرت بخيري شلبي في نهاية الكتاب ححين قال: "انظر!" وكأنني كنت المخاطب المباشر بتلك الوصايا.
مفيد في التعرف على الشخصيات المهمة التي يحتويها.. رغم أنّه يشوبه قليلاً عدم مجاراة أدونيس وأركون على سبيل المثال في الأسئلة في كثير من الأحيان، إلا أنّ علي سعيد كان مطّلعًا بالشكل الكافي ليخرج بحوارات مثيرة ومهمة بالمجمل.. كتاب جيد جدًا.
المختلف في هذا الكتاب هي أنه اعتمد سرد الحكاية بدلاً من اعتماد طريقة الحوار المستندة على السؤال والجواب. ومن هذه الحوارات المهمة: أدونيس.. البوح المؤجل ألبيرتو مانغويل.. قلق الأسئلة نصر حامد ابو زيد.. في رثاء الغرفة ١٢٠١ قاسم حداد ليس في ستاربكس جرح محمد أركون
الحوار أو فعل التحاور ، قد يبدو جدليا أو هكذا يفترض به أن يكون . لعله جدل مشوّق تارة ، و تارة أخرى رتيب و خانق -خاصة- في الحوارات الصحفية التي نجدها مقولبة على نحو ما . لم أظن أنني سأشعر بكل هذه المتعة و أنا أقرأ حوارات صحفية ، و لعلي لو لمحتها في صحيفة ما لن أتوقف لقراءتها ! لغة ( علي سعيد ) السردية السلسة ، تخطيه لأطر الحوار المعتادة ، اختياره الجاذب للشخصيات ، تجعل من كتاب ( الحقيبة الجلدية ) حكايا لسير ذاتية و مذكرات أقرب منه لحوار صحفي . تعرفت من خلاله على جوانب مهمة في حياة بعض الشخصيات المتفردة ، كسهيل زكّار و محمد أركون و نصر حامد أبو زيد ، ألبيرتو مانغويل و أدونيس . طاف (علي سعيد ) بي في عوالم فكرية و ثقافية و فنية ، و انتهيت من قراءة الكتاب و لم ينته شغفي بالبحث و معرفة المزيد حول الشخصيات و مؤلفاتهم و أعمالهم . برأيي أن الكتاب الجيد ليس الذي نستمتع بقراءته فحسب ، بل الذي يحرضنا على قراءة كتب أخرى بعده .. ليستمر نهر المعرفة في الجريان .
#الحقيبة_الجلدية لـ الكاتب الصحفي #علي_سعيد الكتاب يضم ١٣ حوارًا مع مفكرين وأدباء وفنانين ، الحوارات كانت بطريقة السرد وبعضها لأول مرة تنشر. حوارات علي سعيد جدًا راقية ومختلفة عن المعتادة وكان واضح إنه مطلعًا بالشكل الكافي. واعجبني تسليط الضوء على بعض الشخصيات التي بنظري إنها غير معروفة في الوقت الحالي . الجميل في الغلاف إنة نفس الحقيبة الجلدية التي كانت ترافقه في كل مكان. و هُناك شخصية تغيرت نظرتي عنها وهي "أحلام مستغانمي" وشعرت بنفس الوصف الذي وصفها علي سعيد على انها "شخصية غريبة وبسيطة في آن واحد" -
نقطتين لم تعجبني في الكتاب: إسهابه في بعض المواضيع خلال مناقشتها وأيضًا حواراته مع اخر الشخصيات كانت قصيرة. يستحق القراءة ويقرأ على مهل لأن كمية المعلومات فيه كثيرة .
الحوار أفقٌ متسع، يتيحُ للمُحَاوِر اكتشاف عالم الكاتب/ الفنان " المُحَاوَر" بلذةٍ المعرفة القريبة .. يفتح أمامه الحياة الحقيقية التي أنتجت حيوات النص، ويسافر معه لمذاتٍ ثقافية مترفة. فيحمل أسئلته ويطرحها بمباشرة منتظرًا سرد لا يتوقف، منتظرًا تفاصيل ما وراء النص، وما وراء الفكرة، ما يكشف عن دهاليز ومغامرات وبرزخ العمل الفني! وعلي سعيد في " حقيبته الجلدية " أضاف للذة الحوار، سرد مختلف .. فصعد بالحوار من مباشرته البسيطة لقصصيةٍ بديعة، فخرج عن النسق السائد، وامتزج بصخب الأرض، قابضًا على الوجع الكوني بأرواحه الكثيرة .. حتى استطاع أن يمسك الجاذبية من أطرافها ويعمدها بالأسئلة التي تليق دائمًا.
#كتاب #الحقيبة_الجلدية للكاتب #علي_سعيد كتاب جميل يحاور فيه الكاتب أو الصحفي - إن صح التعبير - كُتاب، فنانين، ومفكرين. فاختياره لشخصيات مهمة من أمثال صاحب مكتبة الأربعين ألف كتاب ألبرتو مانغويل أعطى الكتاب قيمة إضافية. والجميل أيضا في هذا الكتاب إن الكاتب أبتعد عن سرد الحوار بصيغة السؤال والجواب، مما أنتج عملاً رائعا حيث جعله كقصة مكتملة.
الكتاب عبارة عن ١٣ حوار مع أدباء وفنانين ومفكرين، تتنوع الأسئلة مابين الفكرية والشخصية والثقافية. المميز في الكتاب هو أسلوب علي سعيد، تشعر بعفوية الحوارات من بين الورق وكأنك معهم، ومن مميزات هذا النوع من الكتب "الحوارات العفوية" أنها تكشف عن جوانب مختلفة في شخصيات الكتّاب والفنانين ربما لن تعرفها عبر كتبهم والشاشات. الشيء السلبي فقط في الكتاب هووعدم ارتباط الأفكار بين السؤال والآخر في بعض الحوارات .
مجموعة من الحوارات التي قام بها "على سعيد" مع الكُتاب والشعراء والمؤرخين .. كان أمتع لقاء مع “مانغويل” والذي لم تختلف كلماته في الحوار عما يكتبه في جميع كتبه، فالمرء حين يقتنع بفكرة تظهر دوماً في كلماته سواء كانت مقروءه أو مسموعه
اعجبني في الكتاب وصفه لكيفية لقائه بالشخصيات التي حاورها المؤلف وهم نخبة من اشهر الكتاب لكن لم يعجبني الهالة التي خلقها لهذه الشخصيات ونحن نعرف ان كثيرا من الكتاب العالميين الذين حازوا الشهرة على مستوى العالم تكون شخصياتهم فيها كثير من العيوب التي قد تصل الى استحالة معاشرتهم او القرب منهم ومع ذلك لم يقلل من شهرتهم ككتاب لكن مع الاسف الصحافيون في العالم العربي لا ينقلون الصورة بشكل دقيق وصادق