الباحث في العصر الجاهلي يلقي عناء كبيرا من مصادر بحثه, ذلك لأن الحديث عن الجاهلية ــ في المصادر العربية ــ لم يكن يقصد لذاته: فتسبر أغواره ويلم شتاته؛ وإنما كان يصد لغيره من موضوعات العصور الإسلامية التي كان المؤلفون يكتبون فيها, فيستطردون للحديث عن الجاهلية: للتمثيل والاستشهاد, أو للمقابلة والموازنة, أو للوعظ والإنذار, أو للتمهيد بين يدي حديثهم الأصيل تمهيداً موجزاً يدخلون منه إلي الحديث عما يقصدون. فيكاد يكون حديثهم الأصيل عن الجاهلية حديثاً عابراً, منثوراً نثراً متباعداً في تضاعيف كتيهم وثنايا رسائلهم, ومن هنا كان لا بد للباحث في العصر الجاهلي من أن يقرأ الكتاب العربي قراءة متمعنه دقيقة, يجرده فيها جرداً كاملاً من عنوانه حتي ختامه, لا يغنيه عن ذلك تبويب الكتاب, ولا هذه الفهارس الدقيقة الشاملة التي يصنعها المحدثون للطبعات الحديثة من تلك الكتب القديمة, وقد يقرأ الدارس الكتاب ثم لا يخرج منه بشىء, أو يخرج بخبر أو خبرينلعله كلن قد استخرجهما من كتاب غيره, فلا يضيفان إليه جديداً.
ولا يقف بحثنا عند حدود الجاهلية, وإنما يتجاوزها حتي يشمل القرون الثلاثة الأولي للهجرة, وذلك لأننا ندرس الشعر الجاهلي في الجاهلية نفسها, ثم نتتبعه خلال هذه القرون حتي نصل به إلي مرحلة التدوين العملي عند رجال الطبقة الأولي من الرواة العلماء, ثم تلاميذهم من رجال الطبقة الثانية والثالثة, ومن اجل ذلك اقتضي هذا البحث دراسة تلك القرون, والرجوع إلي مصادرها, بالإضافة إلي دراسة الجاهلية نفسها, وقد ألحقنا بآخر هذا البحث جريدة مفصلة فيها أسماء المؤلفين مرتبة علي حروف المعجم, سنوات وفياتهم, وأسماء كتبهم وطباعتها التي رجعنا إليها.
المؤهل العلمي: 1- دكتوراه في اللغة العربية وأدابها – جامعة القاهرة 1955. 2- ماجستير في اللغة العربية وأدابها – جامعة فؤاد الأول 1951. 3- البكالوريوس في اللغة العربية وأدابها جامعة فؤاد الأول 1947. الخبرات العملية: 1- الرئيس المؤسس للجامعة الأردنية وأستاذ اللغة العربية فيها مرتين 1962-1968، 1987-1980. 2- سفير الأردن لدى السعودية 1977-1978. 3- المدير العام المساعد للمنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم 1970-1977. 4- رئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية مؤسسة آل البيت 1980-1993. 5- عضو مجلس الأعيان 23-11-1993. العنوان ومكان الإقامة: عمان / أم الأشبال / صويلح الأوسمة: 1- وسام النهضة العالي الشأن من الدرجة الأولى. 2- وسام الكوكب من الطبقة الأولى + وسام الاستقلال من الدرجة الأولى. 3- وسام التربية، الميدالية الذهبية للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
إن البحث في أمر الشعر الجاهلي مثير حقا! وتنوع الآراء والأدلة واسع بين الأساتذة والتلاميذ.
- هل علقت المعلقات أم لم تعلق؟ هل أصل التسمية من العلق (أي الشيء النفيس)؟ وهل تصح نسبة الشعر الجاهلي إلى الجاهليين؟ دقه وجله؟ وماذا عن الرواة؟ ولماذا ثار الجدل حول بعضهم ولم يثر حول آخرين؟ ولماذا تضاربت كل هذه الآراء؟ والمستشرقين؟؟
-من المعلومات الجميلة التي عرفتها أن العرب كانت تعرف الإعجام (النقط) قبل أبي الأسود الدؤلي لكنها لم تكن تستخدمه كثيرا، وكان من المعيب أن توجه رسالة لمن هو أرفع مكانة وأنت تعجم الكلام بل لا بد أن يكون خاليا من الإعجام وإلا فإنك تهينه. - أورد الكتاب بعض النقوش القديمة قارن فيها بين الكتابة العربية القديمة والحديثة في الأسلوب والخط.
اقرأوا تاريخكم يا عرب.. خير من أن تقرأوا الإلياذة والأوديسة.
بعض الكتب قد لا أجد طريقاً لتبيين قيمتها العلمية والجهد الواضح لمؤلفها، وهذا الكتاب هو واحد منهم. قد يكفيني أن أقول أن هذا الكتاب هو عبارة عن بحث نال به مؤلفه درجة الدكتوراة في الآداب من جامعة القاهرة بدرجة امتياز في عام ١٩٥٥م، وبذلك كان الأردني الأول الذي ينال هذه الدرجة. مؤلف الكتاب هو الدكتور ناصر الدين الأسد هو أحد أبرز مؤسسي الجامعة الأردنية وسبق أن شغل منصب وزير التعليم العالي في الأردن. هذا الكتاب هو بحث علمي يناقش واحدة من القضايا الهامة والشائكة في آن واحد وهو الشعر الجاهلي ومصادره، وللوصول إلى هذا الهدف مهد الدكتور بالحديث عن البيئة الجاهلي وعن الكتابة والتدوين في ذلك العصر، هادماً بالأدلة العلمية تلك النظرة التي ينظر بها الأكثر على أن العصر الجاهلي كان عصر أمية وجهل علمي. ثم ينتقل بعد ذلك للحديث عن تدوين الشعر الجاهلي في القرون الأولى للهجرة وخاصة القرن الأول والثاني، وعن رواية الشعر الجاهلي واتصالها، وفي هذا الفصل أيضاً يكشف بالأدلة أيضاً نقاط ذات قيمة وأهمية لهذا البحث. وبعدها ينتقل الحديث عن آراء القدماء والمحدثين حول الشعر الجاهلي، فيعرض بداية أفكار المستشرقين حول هذا الموضوع ثم آراء من تناول الموضوع من علماء العرب أمثال الرافعي وطه حسين، ومناقشة لهذه الآراء والرد عليها، وكان النصيب الأكبر في الرد على ما كتب طه حسين في هذا الموضوع. ثم انتقل الحديث حول الرواية وتوثيقهم، ومناقشة أهم مدرستين في رواية الشعر وهي المدرسة الكوفية والمدرسة البصرية وتوضيح منهج كل مدرسة وأسباب الاختلاف بين المدارس والتهم المتبادلة بين تلامذة المدرستين ومدى موثوقية رواة كل مدرسة، والتفريق بين معنى المنحول والموضوع من الشعر، وختاماً يعرض المؤلفة منهجية في دراسة الشعر لشاعر معين وتمييز صحيحه من منحولة وموضوعه. ولعلي مع قراءتي المتواضعة في هذا الباب لم أجد عملاً بقيمة هذا العمل، ولا يجدر بباحث أو قارئ في هذا الباب أن يفوت مثل هذا العمل. من الكتب القليلة التي استمتعت في قراءتها وفي الوقت نفسه كانت بحراً من الفوائد، أسلوب المؤلف وطريقة عرضه وسرده أعجبتني جداً.