كثيرا ما تساءلت كيف كان ممكنا للعرب في الماضي أن يستغنوا عن الصورة. يبدو أنهم ما كانوا يهتمون لذلك إطلاقا، وهم على أي حال لم يبذلوا أي جهد لتحديد صورتهم. ماذا كانت صورة هارون الرشيد، والمتنبي، وابن رشد؟ لن نعرف ذلك أبدا. مع أن الرسم كان موجودا في بعض الحقب، غير أنه ما كان يخطر على بال أحد أن يستخرج صورة لنفسه. لم يكن لأسلافنا وجه. لست أتأسف لهم، كل ما أحاول معرفته (لكن ليس هذا مجال الدخول في التفاصيل) هو المكسب الذي حققوه بامتناعهم عن التمثيل بالصورة. وإذا كان غياب الصورة نقصا فكيف عوضوه؟ الثقافة التي تحظر الصورة أو تهملها، ألا توظف ذاتها في مكان آخر، في الكلمات، وفي النصوص، وفي أدب فريد؟ ربما كانت هذه هي الوجهة التي ينبغي منها مساءلة ظواهر مثل السجع، والألعاب اللفظية، وتقنيات تجويد الخط التي تحاول تصوير النص وتشخيصه.
Abdelfattah Kilito is a well known Moroccan writer. He was born in Rabat in 1945. He is the author of several books in Arabic and in French. He has also written articles for magazines like Poétique and Studia Islamica. Some of the awards Kilito has won are the Great Moroccan Award (1989), the Atlas Award (1996), the French Academy Award (le prix du Rayonnement de la langue française) (1996) and Sultan Al Owais Prize for Criticism and Literature Studies (2006).
"كنت مسكونًا بكلمات غيري" فرحان أخيرا إني قريت الكتاب ده. تحررت بيه. ومنه. رغم إنه من أجمل ما قرأت عامي هذا، ورغم إنه أجمل ‘ا قرأت لكيليطو، إلا إنه نص تقيل، متماسك، ورصين ومصقول ومثقل بالفكر واللغة والأدب. وجبة دسمة وتسبب الحمو، لكن لا يمكنك ولو لثانية أن تتشكك في تلذذك بها.
كتب كيليطو في البداية: "حينما أقرأ محكيًا يحدث أن أقول لنفسي أمام مقطع: قد عشت هذا المشهد، وأحسست بهذه العاطفة، ويتكون عندي انطباع بأن ما أقرأه قد كتب لي خصوصًا، بل يحدث أن أقول لنفسي بكل سذاجة: كان بمقدوري أن أكتب هذا الفصل، وهذا الكتاب. وفي حال قصوى أكاد أحقد على المؤلف لأنه قد اختلس شذرة من ذاتي، وسلبني إياها. سيسعدني أن يصادف القارئ نفسه في هذا النثر السردي، أن يتوجه إليه بإحساس أنه كان بإمكانه أن يكتبه، ويقرأه كما لو كان هو نفسه قد كتبه" .
- هذه القراءة الثانية عشرة تقريبًا لكيليطو! الكاتب الذي لا أنا أملّه ولا هو يخذلني. وزيادة فأريد أن أسعده:) وأقر أنه حقق معي غايته؛ فصادفت نفسي مرارًا في نصه حتى قرأته بإحساس أنه كان بإمكاني أن أكتبه، أو بالفعل كما أكون بنفسي قد كتبته. . و"حصان نيتشه" من أجمل ما قرأت لكيليطو للآن؛ وهو عبارة عن نصوص نثرية تجمع بين رصانة اللغة وحبكة الفكرة ورمزية المقصد.
الرائع الذي تعرفت عليه في هذه السنة واخيراً قد نسج كلاماً من خياله الخاص بعيداً عن مناخ نقده وتحليله للادب العربي الذي كان السبب في متابعة قرأتي لكتبه فرأيه السديد المقدم باسلوب احترافي كان يبشر بكاتب ذو قدرة لا بأس بها وفعلاً كان توقعي صائباً ففي هذه المجموعة يقدم قصصاً قصيرة تشترك في البيئة القائمة يعرض فيها كلاماً وافكاراً لا تناقش قضايا مصيرية او سخرية سوداء لا بل هو على سجيته فيها تماماً .
وما اقصده بسجيته إن أي مُطلع لكتب كيليطو سيعلم بعفوية طرحه وتفسيراته الغريبة احياناً لكن الصحيحة معظم الوقت , هنا يؤلف قصصاً أستخلص الافكار التي تشكل العمق فيها من حياته الخاصة بلغة عربية لذيذة نسج جملها المترجم العظيم عبد الكبير الشرقاوي بكثير من الحس الادبي الرفيع الذي أمتعني كثيراً وهو يتنقل من قصة لأخرى تمس القرأة والماضي والذكريات واللغة الفرنسية واحياناً بعض التخيلات الإستثنائية التي تقع تحت تصنيف ( ماذا لو ) وستخرج من هذه المطالعة بعدد لا بأس به من اسماء ادباء فرنسيين وكتبهم البارزة .
طبعاً ترددت في التقييم بثلاث نجماتٍ أم أربع لأن الملل قد تسلل لبعض هذه الحكايات او كانت فارغة من المعنى احياناً لكن الكفة رجحت للاربع لوجود عددٍ لا بأس به من القصص التي اكاد اجزم ان اي قارئ محب للكتب سيعشقها لجمال الاسلوب الادبي الموجود فيها والذي بذل فيه المترجم جهداً واضحاً ولظرافة محتواها ايضاً
وهذه الروائع تتضمن : - صحيفة الغفران - منتصباً مثل عمودي - تمرد في المسيد - cinedays - موسم في الحمام - المصباح السحري - الشاب و المرأة - المكتبة - واجزاء حصان نيتشه الستة كاملةً
كم اتمنى لو يستمر كيليطو في الإنتاج لأنني لا أمل من قرأته ابداً ففكره مشابه لطعم شيكولاتة فاخرة فرنسية تعودت عليها منه . ترجمات كتب المغربي كيليطو دائما تكون جيدة ولكن هذه المرة خرجت الترجمة بصورة احترافية انستني طوال وقت القرأة ان ما اقرأه مترجم مثل هكذا ظروف المترجم ببراعته يطغى على الكاتب الاصلي ويُظهر عمله الفرنسي بابهى حلة عربية .
حقيقة حِرت في توصيف هذا الكتاب، غير أني بإمكاني القول بأنه كتاب فاتن ذو طابع خاص، وترجمة بديعة. مجموعة من القصص تتفرق وتعود لتلتحم فتشكل بطريقة أو بأخرى ما يشبه السيرة الذاتية لقارئ، أو لمهووس بنسخ الكتب، وربما لشاعر، أو لشخصية مسمّاة باسم محدد وهو عبدالله، حيث يستقي الكاتب جلّ القصص من ذاكرة طفولته على نحو نيّق دقيق التفاصيل، وعلى الصعيد الشخصي فقد أعادتني بعض السطور لمحمد شكري الذي تستهويني كتاباته. كتاب أوصي به، وربما أعود لقراءته ثانية بعد حين..
*** من المقاطع التي أعجبتني :
* شجعني بقوة على متابعة طريقي وقال لي :" كل شيء في الإصرار. الشاعر الحقيقي هو الذي لا يتخلى، ويواجه كل الذين يحاولون صده عن فنه. إنه لا يخشى معارضة الرأي العام ويكون الصواب أخيرا بجانبه ضد العالم كله. إنه بالضبط في موقف دون كيشوت، الذي برغم انعدام الفهم الذي يصادفه عند الآخرين، وقبل كل شيء عند أصدقائه، وفي صميم أسرته ذاتها، يصرّ مع ذلك على التصرف كفارس جوال. إن الخطر الذي يهدد الشاعر هو التراجع. لم يتراجع دون كيشوت أبدا، حتى على فراش الموت، رغم المظاهر "..
القراءة الثانية لعبد الفتاح كيليطو وكم كانت ممتعة! كتاب "حصان نيتشه" ليس مجرد رواية، بل هو خليط من قصص قصيرة وخواطر متنوعة بالإضافة إلى رواية قصيرة بعنوان "خصومة الصور" وأخرى بعنوان "حصان نيتشه" وإليها نسب الكتاب. القسم الأول من الكتاب بعنوان "حفريات" ويندرج تحته خواطر قصيرة متنوعة وجدت بعضها غريبا لكن معظمها كان مدهشا حقا وفي غاية الطرافة والجدة والعمق، القسم الثاني كان "خصومة الصور" ووصف بأنه رواية لكني رأيته في الحقيقة مجموعة من القصص القصيرة التي يربطها مكان واحد وبطل واحد والأهم موضوع واحد "خصومة الصور"، لا شك أن فكرة الكتابة عن علاقة أجدادنا بالصورة وماذا كانت تعني لهم وكيف عاشوا من غيرها فكرة عظيمة للغاية ومدهشة! لقد اعتبرتها بمثابة اكتشاف :) ، ثم حكاية منانة وحكاية الشاب والمرأة ، ثم مجموعة قصص بعنوان "بحث" ثم حكاية "التأدب" ثم رواية العنوان "حصان نيتشه" والتي دارت بشكل أساسي حول الكتابة ومحاولات البطل المتكررة للدخول إلى عالمها. مع "عبد الفتاح كيليطو" لا تهتم بتصنيف ما يكتب فهو يمارس نوعا مختلفا من السرد يخلط فيه بين القصة والرواية القصيرة والخاطرة والسيرة الذاتية، لكن لا شك ستهتم كثيرا كثيرا بجمال ما يكتب وجدته وعمق ملاحظاته وطرافتها وسلاسة تعبيره عنها بالإضافة إلى رؤيته المختلفة والمدهشة لكثير من قصص التراث العربي والغربي والتي تكشف عن ذوق رفيع وحس مرهف وفكر أصيل، إنه يمارس القراءة كأنها فن وليست مجرد هواية ولذلك شعرت أنه يكتب كنتيجة طبيعية لما يقرأ وللتعبير أساسا عما قرأه طوال عمره، وأنني بينما أقرأ له فأنا كذلك أقرأ معه وهو شعور نادر ومحبب، كذلك في كثير من كتاباته بدا وكأنه يكتب عنا وليس لنا، وأظن أن كاتبا يضعك في حالة أنك تقرأ معه وليس فقط له وأنه يكتب عنك وليس فقط عنه لهو كاتب متفرد بحق . أردت أن أنوه في النهاية إلى مهارة المترجم الفائقة لأني لم أشعر تقريبا أن العمل مترجم فشكرا له.
حينما يكتب القارئ المخضرم كتاب فلابد أن يكون ملئ باسماء الكتاب وغني معلومات عن الكتب بطريقة المحاكاة الذي لا يستطيع أن يفعلها إلا كاتب. يتمتع بقدر عالي من الثقافة ...
هو كتاب عبارة عن قصص قصيرة تحاكي شخصيات أسطورية كمجنون ليلي وعلاء الدين وبعضها تتحدث عن أعمال خالدة مثل الدون كيخوت وبها معلومات عن شخصيات مسرحية مثل هاملت، وعن بعض الشعراء ...
أحببت الكتاب جدآ رغم اني أشعر بظلم الترجمة له ففي البداية كان ممتع للغاية ثم سرعان ما شعرت بالملل في بعض القصص ولا ادري أن كان الخطأ بالترجمة أم بأسلوب الكاتب الغامض والرمزي ببعض القصص ...
كيليطو ينظر للأمور بطريقة مختلفة فيعرفك علي مجنون ليلي كما لم تعرفه من قبل وانه كان ملكة الشعر عنده أفضل واقوي من حبه، وأن هاملت كان ثمين رغم إخفاء ذلك بالنص الفرنسي والعربي بترجمة جبرا إبراهيم جبرا ، فهو يخوض بتفاصيل جديده علي القارئ وهذا أكثر ما اعجبني بالكتاب ....
اعجبتني فلسفة كيليطو لبعض الحكايات مثل " الحمام " وغيرها المعنونه " بحصان نيتشه " وبالأخص القرد الخطاط، وكأنه ينظر لكل شئ بعيون فيلسوف يدقق بكافة التفاصيل ويتبع نهج غير مألوف ....
بالكتاب ستتعرف علي فلسفة الموت ، سيكولوجية المرأة ، ونفسية الطفل وأبعاد تخيلاته وكيفية التعامل الصحيح مع أحلامه ورغباته ، كل ذلك يستمد من قصصه وإن كانت رمزية ومبهمه بعض الشئ ولكن الكاتب يدعوك للتفكر والتعقل بما يخططة قلمة ...
لن تكون أخر تجربة لي مع الكاتب ولكن المحاولة الثانيه ستكون مع كتاب باللغة العربية الام لأتأكد من براعة الكاتب وإن كانت ستدوم صداقتنا إلي نهاية أعماله ..
دائمًا كنت أتهيب القراءة لهذا الرجل.. بمجرد أن أرى اسم عبد الفتاح كيليطو، كنت أحس برهبة لا أدري لها سببًا.. وقد جربت القراءة له سابقًا في كتاب (أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية)، لكنني قرأت 15صفحة فقط، ولا أتذكر الآن ماذا قرأت.. سعيد لأنني كسرت الحاجز بيني وبين كتاباته عن طريق هذا الكتاب، لكن التجربة لم تكن كما أردت.. لا أستطيع القول أنها تجربة سيئة، لكنها أيضًا ليست جيدة.. لا أحب تلك القصص الغرائبية المفعمة بالرموز، والاقتباسات، غالبًا لا أفهمها ولا أدري ما الرسالة التي تحملها، أم أنها لا تحمل رسالة، وهي مجرد نص فلسفي لا رسالة له.. ربما القراءة له أكثر تجلّي لي ما خفي من عالمه، وإلا فلا بأس؛ فقد أضاف لي شيئا.
لم يسعفني فهم النص الذي كتب باللغة الفرنسية و ترجمه الى اللغة العربية ، احسست بالمجهود المبذول من قبل المترجم لكني ضعت في متاهات العناوين ، روايات و قصص و نصوص متفرقة لا يجمعها وحدة الموضوع ، لذا سأكتفي بقييم الكتاب بنجمة واحدة لعدم تقبلي و إدراكي فهم النص .
17/10/2017 رائع هذا المزج بين الحكايا والقصص المقروءة و الحياة المعيشة، تشريح ممتع لقراءات شكلت رؤية الكاتب وذاكرته. وبأسلوب لغوي متمكن وقوي من قبل المترجم..بالنسبة لي لم يكن من الكتب التي تقرأ دفعة واحدة، إذ كل فقرة أو مقالة منفصلة عن اﻷخرى فتشكل وجبات قرائية تتناول على مرات متقاربة أو متباعدة دون أي تأثير سلبي عادة ما ينتج عن القراءة المتقطعة للكتب
عبدالفتاح كيليطو يعرفه البعض كناقد ومحلل للنصوص الأدبية التراثية، يقرأها قراءة جديدة وبأدوات حداثية، متكئاً على ثقافته الفرنسية.. بالإضافة لاستيعابه للثراث العربي وبالأخص السردية منها..
ولكنه كاتب سردي - أيضاً - يكتب بيده اليمنى باللغة العربية وباليد اليسرى بالفرنسية ( كما يقول عن نفسه في أحد حواراته)، ماذا يمكن أن يكتب ناقد أعمل مشارطه في سرديات من سبقوه ليستخرج معانٍ جديدة غير مسبوقة..؟ تنظر إلى حجم كتيباته الصغيرة والتي لا تتجاوز ٢٠٠ صفحة فيخيل إليك أنك ستقرأها في جلسة واحدة، وعندما تبدأ في القراءة وتغامر بالبحث عن معنى فستتفاجأ بأنك في وسط متاهة فلسفية يتمدد في ممراتها الزمن لتصادف في طريقك الجاحظ و دانتي وشخصيات ألف ليلة وليلة وسرفانتس وموبسان و المعري ومولير.... حتماً ستخرج من المتاهة ولكنك لا تعلم هل أنت في الجانب الصحيح.
تتداخل النصوص الأدبية مع النصوص القديمة، تبدو وكأنها إعادة صيغة لما سبق وكُتب، أو لما حدث قديمًا وتم تأويله بطريقة واحدة غير قابلة للنقاش، يقول كيليطو في بداية الكتاب: " يُرثى لقيس ويُشفَق على مصيره، لكن يُنسى أنه أختاره طوعًا"، تعالج الجملة الصورة المتوارثة عن مجنون ليلى، كان يعلم أنه سيُمنَع من الزواج منها إن قال فيها الشعر ومع ذلك قاله وأسمعه للآخرين، فضل الشعر عليها، اختار مصيره بيديه، قرر أن يكتب عن الحُب حتى إذا كانت النتيجة هي أن يُحرَم منه. ربما تعد الجملة وصفًا دقيقًا للكتاب، لأنها: _تغير النظرة لأمر ثابت _ تتحدث عن حب مفقود _تتحدث عن شاعر فضل كتابة الشعر عن محبوبته وأن يُصبح مجنونها بدلًا من أن يحيا معها ويتزوجها. يحمل الكتاب عدد من المقالات القصيرة والقصص القصيرة وروايتين قصيريتين، يجمع بين أبطالهما حب القراءة وجعلها وسيلة للكتابة، يتشابه البطلين في صراعهما بين اللغتين العربية والفرنسية، بين الهوية الفرنسية التي يدرسونها في المدرسة ويعيشون بأفكارها، وبين الهوية العربية الإسلامية التي يتشربونها في منازلهم من الأجداد والآباء، بين لغة الأجانب التي يُنظَر إليها بريبة، وبين لغة القرآن. الصور التي تُشكِل جزء من الهُوية الفرنسية، تُحرَم في الإسلام، الشعر الذي يدرسونه فرنسيًا وعربيًا يُوصف أتباعه بأنهم غاوون كنص صريح "وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ"، يُبرر أستاذ اللغة العربية أن الكذب في الشعر العربي يميزه لا يعيبه، لا يخضع الشعر للأخلاق العامة التي يخضع لها باقي الناس. وصف شكسبير هاملت بالسمنة، ولكن لأن الرجل السمين لا يصبح بطلًا سنجعله بائسًا نحيفًا، يُبرر أستاذ الأدب لمَن يُحب، ويُعيب في صدق الشاعر فقط لكونه سمين، حيث أن السمنة لا تصنع شاعرًا. _ النص مترجم عن الفرنسية، الترجمة شاعرية لأقصى حد، والنصوص جميعها مُلهِمة، بسيطة للغاية وعميقة للغاية كذلك، تشترك في طابع واحد فقط وهو الكتابة عن القراءة والكتابة، ربما يعد الكتاب تصديقًا لقول الكاتب "إن الرغبة في الكتابة تأتي من المتعة المستمدة من القراءة".
الكتاب من ترشيح الغازي محمد من التجارب النادرة جداً والمشجعة جداً على تتبع جميع أعمال كاتب لم يكتب بالعربية، الكتاب عبارة عن مجموعة من أعمال عبد الفتاح كليطو والتي كتبها باللغة الفرنسية وترجمها عنه عبد الكبير الشرقاوي. ، لا شئ كان بقوة هطذه التجربة إلا فيدور ديستويفسكي والرائع سامي الدروبي مقتطفات عن حياة عبد الله الصبي الصغير المغربي في ظل المجتمع الفرنسي وتعاليمه، جمال الأسلوب ورشاقة المحتوى والنظرة المختلفة، تجعل الكتاب جوهرة حية. ربما لا يوجد اختلاف بين كاليطو وبين الرافعي، كنت اظن أن لا أحد يتفوق على لغة الرافعي في الجمال، لكن كاليطو تفوق عليه في المجازات والصور، والأفكار الغرائبية التي تدلل على عشقه للكتب والقراءة وكأنه كتب كتابه لا لشئ سوى ليهديها للقراءة المعنى الأسمى على الاطلاق. ومن الغريب ان اسم الكتاب حصان نيتشه ظل غريباً على الكتاب حتى آخر 40 صفحة في رواية باسم حصان نيتشه، والأغرب أن حصان نيتشه شمل فقط ثلاثة أسطر في الكتاب كله لكنه مجاز عنه، فقصة نيتشه مع الحصان تمثل علاقة القارئ بكتبه وعلاقة المجتمع بالقارئ، فالقراءة تضع حداً لعاشقها، وتقوده إلى الجنون لكنه أبداً لا يصبح مجنوناً فهو منتشي بحبه وبافكاره، نيتشه في أواخر حياته العاقلة اعترض على معاملة سائق لحصان واحتضن الحصان وأخذ يربت عليه بحنان، نيتشه الذي يتحدث عن الانسان الأعلى وسخافة الرفق، وكأن لا أحد يستطيع فهم ذلك إلى نيتشه نفسه، وكأن القراءة والثقافة التي يمثلها نيتشه تخلق عالم شديد الخصوصية، لا يفهمه إلا خالقه
"مشكلة هاملت هي أنه كان بدينًا ، لكن نادرون هم النقّاد الذين أكّدوا على هذا المظهر من شخصيته. لن يخطر اليوم ببال أحد من المخرجين المسرحيّين أن يُسند الدور إلى ممثل ذي كرش. لكن نصّ شكسبير صريح في هذه النّقطة : قالت والدة هاملت بوضوح إنّ ابنها fat أي ( سمين ) . غير أنه في الترجمة الألمانية لشليكل تُرجم fat بكلمة تعني ( مُتهيِّج ) . ماكان الرومانسيون ليقبلوا ببدانة هاملت . ليس الرومانسيون فحسب. ترجم أندري جيد fat بـ ( عرقان ) وهكذا صُحِّحٓ شكسبير وحُسِّنٓ على نحو ما ، تمت خيانته للمحافظة على صورة لهاملت كئيب ، وجداني ، لا يكون إلآّ نحيلّاً."
Une autre déception, j'ai le plus grand respect pour Kilito, mais je dois avouer que les histoires d'enfance des auteurs marocains ne m'impressionnent point. Pour ce livre je passe la main.
يمكنني أن أعتبرَ _ في كل مرةٍ أقرأ لعبد الفتاح كيليطو_ أن هذا الرجلَ :" خَيّاط" ، يحمل إبرةً و يضع الخيط داخل سَمِها ليشرع في رتقِ ما إنفصل ... يمرر غرزاً صغيرة و أخرى كبيرة بين الماضي والحاضر ،بين تراثنا الأدبي و عزوفنا عنه ، بين قُدمائنا و جيلنا نحن ، ثم أسأل نفسي: كيف حدث هذا الفتق و متى ؟! كيف لم نشعر به ؟ و كيف مضينا في جعلهِ يتسع ؟!.....
يعيدنا هذا الرجل _حين القراءة له_ إلى مؤلفات قديمة استثنائية بديعة، قد تناسيناها عمداً أو سهواً ، خيانةً أو جهلاً ... لا يهم ما يهم هنا أن نعيد هذا الوصل و التواصل مع ما فقدناه من تراثنا الأدبي الأصيل ، لكن لابد لنا مع ذلك الإعتراف بهذا التقصير و أن الغرب قد سبقونا إليه يوم نحن أشحنا بوجهنا عنه و ولينا وجهنا شطر الأدب الغربي....
كتاب حصان نيشيه لعبد الفتاح كيليطو، هو صورة أو صور لبعض تراثنا ، جعلها الكاتب في شكل قصص سردية قصيرة ، ومضات نور مشعة في نهاية الدرب يجب أن نصل إلى طرح أسئلة لا الإجابة عنها... _ عن القراءة، عن الكتابة ، عن الصورة ، صورة العرب عموما حين يقول (لكل واحد، اليوم، وجهٌ أي صورة تُكرّره ، كل واحد يوجد خارج ذاته ، و أكثر من ذلك كل واحد يجب أن تكون له صورة : لا يكون الشخص موجوداً رسمياً إلا بواسطة صورة هوية ... _ أليس دخول العرب إلى الحداثة قد تم_ إلى حد كبير_ بفضل الصورة؟ _ربما سيكون من اللازم يوماً التساؤل عن ماذا فقد العربُ دخولهم في عصر الصورة والأمر الذي له دلالة هو أن الصورة قد فرضت نفسها تماماً لحظة اصطدموا فيها بالآخر، لحظة تشوشت فيها صورتهم بسبب اتصالها بصورته). ربما لا أوافق عبد الفتاح كيليطو في كون العرب قد جهلوا في ما مضى فن التصوير أو التجسيد ( فيذكر (ياقوت الحموي) في معجم البلدان (مادة دير نجران) أن أهل المنذر كانوا يجعلون من حيطان ديارهم الفسافس وسقوفها الذهب والصور، ويتضح من أساليب الرسوم، والنقوش المائية الجدارية (الفريسكو) (Fressco) المكتشفة في الحيرة أنها تتفق وأساليب الصور الآدمية والحيوانية التي وجدت في مباني (كيش) التي لا تبعد أكثر من ثلاثين ميلا عن الحيرة وجاء عن أخبار مكة (للأزرقي) وجود الصور الجدارية في جدران الكعبة، وسقوفها ملونة بألوان زاهية كصورة إبراهيم عليه السلام، كما يذكر ذلك السعودي في كتابه ( مروج الذهب) ولكنها كانت كلها مستلهمة من الحضارات التى كانت تحوط العرب).
واحد من أقدم الكتب التي كنت أود الاطلاع عليها. السرد والنصوص من أكثر ما أحب قراءته على أي حال، وكيليطو من المميزين بهذا الفن. كل النصوص جميلة، وبعضها أجمل من الأخرى، وأعجبتني بشكل خاص القصص تحت عنوان (بحث)، وقصة الشاب والمرأة، ونص زوجة ر. وحوض الورد، وغيرهم والعقوبة، والقرد الخطاط.
آمل الحصول على باقي كتبه مما ليست عندي وأن يسعفني الوقت للاطلاع عليها.