إن من عجيب ركن الحج رغم مشقته وغموض مناسكه وتعدد أحكامه أنه بسيط المقاصد، فلا تخرج عن تقوى الله وطاعته وتحصيل مغفرته ورضوانه. لهذا لم أستطيع الاستمتاع بهذا الكتاب، فهو على أكثر أحواله لا يعدو أن يكون أكثر من خطبة جمعة معتادة. والمفارقة أنها كانت خطبة جمعة فعلاً من مسجد الحيف عام ١٤٣٠ هـ! علمت ذلك في آخر صفحات الكتاب. الكتاب في مجمله لطيف تم تقديمه باسلوب إلقائي، وكأنه تفريغ خطبة الشيخ كما قال.
في المقصد السابع صـ٣٦: شهود منافع الحج العظيمة! بعد أن ساق آية: لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. كتب صفحتين بالعدد استطيع اختصارهم في: أيها الناس إن في الحج منافع كثيرة كثيرة كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأفضلها أن تعودا لبيوتكم بحال طيبة صلحاء مستقيمين بعدما تغفر ذنوبكم وتكفر عنكم سيئاتكم. ولم يذكر الشيخ أي شيء عن المنافع المقصودة! ولا عجب!
أما المقصد الثامن صـ٣٨: التذكير بحال الأنبياء فقد أعجبني أيما اعجاب وترك أثراً عميقاً في قلبي بعمق إرث الأنبياء والصالحين. وأظن أنه كان لابد أن يكون المقصد الثاني بعد توحيد الله بدلاً عن الكثير من المقاصد الدباجية. ثم جاء بعد ذلك بالمقصد التاسع صـ٤٥ وتعميق الاتباع لرسول الله ﷺ فجاد وأفاد.
وفي المقصد العاشر الذي سماه صاحبة مخالفة المشركين في أعمالهم وضلالاتهم لم أجده مقصداً في حد ذاته كما يراه الكثير من العلماء لأنه لا دليل على أن رسول الله ﷺ قد سن منسكاً وشعيرة كيداً في المشركين أو إغاظة لأهل البدع أو من أجل المخالفة ولكن يُظن بأنه وحياً من الله وحكمة ثم تصحيحاً لمسار أمة لتوافق أفعال الأنبياء من قبل؛ والتي حرفها أولياء الشياطين. ورأيي أن هذا المقصد المشهور على لسان النخب لابد من إعادة توظيفه تحت التذكير بحال الأنبياء واتباعهم، بدلاً من الحشو والاستطراد بما لا يفيد، بل وربما يضر. فكما يتبع عوام الناس والدهماء سنن من كانو قبلهم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتى لو دخلو حجر ضب، جاء هذا الدين ليزكي نفوس الصالحين ويختار لهم اتباع الصفوة المطهرين المُلهمين. وأنا زعيم بأن مسمى هذا المقصد وموضوعه مادة خصبة للملحدين والنصارى واليهود وأعداء الدين.