Jump to ratings and reviews
Rate this book

رحلة إلى الحجاز

Rate this book
الرحلة هي عين الجغرافيا المبصرة، هكذا يمكن أن تربط الرحلة بين الجغرافيا والأدب. ففي أدب الرحلات يمزج الإنسان الناظر بين وصفه للوقائع المادية التي يبصرها على الأرض وبين انطباعاته الذاتية التي تتولد نتيجة حالة الاغتراب التي يحياها أثناء كتابة هذا النوع من النصوص. وقد اشتهرت الحضارة العربية والإسلامية بأدب الرحلات، فظهر رجال أمثال المسعودي والمقدسي والإدريسي الأندلسي وابن الجبير وابن بطوطة وغيرهم من الرجال الذين وصفوا الأقاليم، وصالوا وجالوا في أرجاء المعمورة، ليقدِّموا لنا صورة حيَّة لعصرهم، ووصفًا دقيقًا لعادات وتقاليد الشعوب والقبائل. ورغم أن عصر المازني شهد تقدمًا في وسائل الاتصالات ونجاحًا في التقريب بين البشر في كثير من أنحاء هذا الكوكب، إلا أن الرحلة تبقى عنده أعذب في المعنى، وأوقع في النفس، وأصدق في الخبر. لذلك أراد المازني لكتابه «رحلة إلى الحجاز» أن يكون تعبيرًا عن الاستمرارية التاريخية لهذا النوع من الكتابة في الأدب العربي الحديث.

144 pages, Unknown Binding

5 people are currently reading
257 people want to read

About the author

إبراهيم عبد القادر المازني، شاعر وناقد وصحفي وكاتب روائي مصري من شعراء العصر الحديث، عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكانًا بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
35 (21%)
4 stars
46 (28%)
3 stars
51 (31%)
2 stars
26 (15%)
1 star
5 (3%)
Displaying 1 - 30 of 39 reviews
Profile Image for Magdi.
282 reviews86 followers
October 24, 2020
"إن مستقبل الشرق واحد وإن تفاوتت خُطى أبنائه. ومن الجهل أن نشيح بوجوهنا عنه، ومن الخرق أن تتجاهله، ومن البلادة أن ننسى أننا مرتبطون به وإن خفيت الخيوط، ومن الغفلة أن نتوهم أن الرحيل لا يكون نافعًا إلا إلى الغرب، وأنه لا فائدة تُكتَسب من زيارة الشرق والاطلاع على أحواله."

رحلة إلى الحجاز: جاءت الرحلة تلبية لدعوة الملك عبد العزيز آل سعود بمناسبة الاحتفال بمرور عام على مبايعته، ولأداء العمرة. وكان(المازني) ونخبة من أصدقائه ضمن الوفد المصري، وعلي رأسهم شيخ العروبة (أحمد زكي باشا).
يصف (المازني) رحلته منذ أن صعد المركب {الذي وصفه بالسلحفاة} إلى أن وصلوا ميناء ينبع وتنقله بين جدة ومكة، وأخذ يصف كل ما شاهده هناك من الحالة التي كانت عليها الحجاز آنذاك من طبيعة قاسية، ومشقة التنقل بين المدن، والبيوت، وحياة المواطنين وأعمالهم، والإصلاحات التي قام بها الملك عبد العزيز للبلاد، وصولًا إلى وصفه مكة وأداء العمرة والمطاف والصلاة داخل الحرم. وعادات البدو وثقافتهم، وطيبة وأمانة وكرم وأخلاق الشعب السعودي وحسن تدينهم، والولائم التي اُقيمت لهم في ضيافة الأمراء والأعيان، والمواقف المضحكة التي كان يفتعلها المازني هناك، حتى عودتهم محملين بالهداية. (المازني) كاتب ساخر غلبت كتاباته الساخرة على شخصه!، فكان يفتعل العديد من المواقف المضحكة، رحلة جميلة وممتعة مليئة بالضحك.

يصف القهوة النجدية "
وصار عبيده وخَدَمه يسقوننا من قهوتهم النجدية الحادة، وهم يقدمونها في فنجانة كبيرة مفرطحة يصبون فيها نقطة أو رشفة، تحتاج لكي تشربها أو تلحسها أو تنقلها إلى فمك أن ترفع وجهك إلى السماء وتقلب الفنجانة على فمك لينحدر ما فيها إلى لسانك، حتى إذا فرغت دون أن تقع على الأرض رددت الفنجانة فصب لك فيها رشفة أخرى إذا راقتك الحركة التي يكلفك إياها شربها؛ وإلا هززت الفنجانة علامة الاكتفاء، وقد سمعت — وصدَّقتُ — أن القهوة النجدية تقوي عظام العنق"
.
من الحوارات المضحكة عندما سقطت عصا المازني في طريق الحرم .

يسأل الشرطي: «هل لأحدكم عصا؟»
قلت: «نعم أنا لي عصا ولكنها واللهِ في السيارة. تركتها فيها؛ لأني لا أدري هل يجوز أو لا يجوز أن يحمل الُمحرِم عصا.»
قال: «ما أوصافها؟»
قلت: «وما شأنك أنت بالله؟ هي عصا والسلام.»
قال: «لا لا لا. لقد وُجِدَتْ عصا في الطريق قرب الرغامة فقطعت على الناس السبيل.»
فضحكت وقلت: «أؤكد لك أن عصاي تحترم القانون ولا تخرج على النظام ولا تعرف قطع الطريق.»
فلم يجُد حتى بابتسامة، وضاعت عليَّ النكتة في هذا البلد الجاد، وقال: «ابحث عنها من فضلك؛ فإن الطريق مقطوع ولا أحد يروح ولا أحد يغدو.»
فهرولت في مشاملي إلى السيارة فلم أجد العصا فعدت وقلت له: «هي عصاي قاطعة الطريق، فاسمح لي أن أعتذر بالنيابة عنها.»
فمضى عني إلى التليفون، وخفت أن يأخذوني بها ويجزوني بما صنعت؛ فإن للقوم هنا شريعة غير القانون المدني، فعدوت وراءه وأسررت إليه وهو يتكلم في التليفون: «اذكر من فضلك أن الله تعالي يقول في كتابه المنزَّل «ولا تزر وازرة وزر أخرى».»
فلم يزد على أن التفت إليَّ وقال: «هل نردها إلى جدة أو ندركك بها في مكة؟».
فقلت: «لست أريدها واللهِ فإنها فاجرة كما ترى وأخشى أن ينزو برأسها خاطر آخر، أفلا يمكن دفنها في الرمال مثلًا؟»
فقال للتليفون الآلي: «أرسلها مع الشرطة إلى الضيافة.»
فصحت به: «لا لا. ردها إلى جدة من فضلك فحسبي ما صنعت.»
فقال لمخاطبة في التليفون: «بل ردها إلى بيت العويني في جدة رجاء.»
Profile Image for Ahmed  Mahmoud.
91 reviews33 followers
September 12, 2022
رحلة إلى الحجاز ...إبراهيم عبد القادر المازني

" الى التى تفرح لفرحى و تحزن لحزنى و التى أسىء اليها فتعفو و أرهقها فتحتمل , و التى لا تكون معى الا راضية عنى , مباهية بى , داعية الىَ .... الى أمى "..


على مدار السنوات الماضية قرأت مئات الاهداءات لكننى وقفت طويلاً امام هذا الاهداء وظللت اردد حروفه حتى حفظته عن ظهر قلب فهو احد اكثر العبارات ايجازاً و بلاغة و جمالاً التى قرأتها فى حياتى و أظنه سيستقر فى ذاكرتى طويلاً ..ولا يدانيه فى الجمال الا الاهداء التى كتبه سيد فى مقدمة كتابه المبُهر ( التصوير الفنى للقرآن ) وهو لأمه أيضاً .. المازنى يستحق الف نجمة و الله من اجل هذه الكلمات المدهشة .
..( هى التى أسىء اليها فتعفو )
.. عفى الله عنك يا امى.... لو اردت ان اصف امى بكلمة لم أصفها بــ اوجز من هذه العبارة ..كان المازنى يستحق النجمات الخمس لولا ما فى كتابه من عبارات اراها ثقيلة الدم باردة سيجىء خبرها بعد قليل ....

" الحجاز " .
. و ما أدراك ما الحجاز ؟... كلمة آسرة لا تكاد تسمعها حتى تتراءى فى خيالك مواطن الاسلام الاولى التى خرج منها الوحى أول مرة فأضاء مشارق الارض و مغاربها , السهول و الوديان , الصحارى الواسعة برمالها الذهبية و أهلها الذين يسيرون فيها كأنهم يمخرون فضاء بحر متلاطم بــ ابلهم الرشيقة و ببدواتهم التى لم تتلوث بعد بقذارات الحضارة , الكرم البالغ و الكرامة النادرة و الشجاعة الفائقة وغيرها من المعانى التى تتدفق تترى الى عقلك بمجرد سماعك هذه الكلمة ا و نطقك لها ...
..السعودية ؟
!!! وما السعودية ؟؟ مالذى تثيره هذه الكلمة فى نفس قارئها او سامعها الا خيالات عن هذه المدن الاسمنتية القميئة التى لا تدل على هوية الا هوية ممسوخة باردة ؟. و هؤلاء الرجال بــ " كروشهم " الكبيرة و نعومتهم الغريبة بفعل الكبسة و الترف الفاحش ؟.. اى معانى تسطو على نفسك الا صورة هؤلاء الذين يرفلون فى أثوابهم الحريرية و يوزعون المليارات يمينا ويساراً للصد عن سبيل الله و ذبح المسلمين فى كل بلد يقال فيه لا اله الا الله ؟...

هذا الكتاب هو تسجيل لرحلة قام بها المازنى الى شبه الجزيرة العربية لأداء العمرة سنة 1930 م يوم أن كان اسمها ( مملكة نجد و الحجاز ) ولم يكن اسم ( المملكة العربية السعودية ) قد ظهر بعد الى الوجود ..فلم يظهر الا بعد سنتين و تحدياً فى عام 1932 م و كان الحجاز قد وقع فى قبضة ابن سعود قبل سنوات قليلة , على متن باخرة انجليزية انطلقت مجموعة من المصريين و الشوام من السواحل المصرية الى ميناء ينبع على الجهة المقابلة من البحر الاحمر , و كانوا ينزلون ضيوفاً على الحكومة السعودية الناشئة آنذاك ...كان المازنى واحداً من هؤلاء الضيوف و معه جمع من الناس اشهرهم أحمد زكى باشا المصرى المعروف بشيخ العروبة و ايضاً خير الدين الزركلى صاحب " الاعلام " و نبيه العظمة السياسى السورى المعروف...

يبدأ عبد القادر فى تسجيل أحداث رحلته مبكراً....

باخرة انجليزية ( تالودى ) و المسافرين على متنها من كافة الاقطار العربية من الشام و مصر يقصدون الحجاز لاداء فريضة الحج , يقطعون البحر الاحمر فى سفنية كالسلحفاة حتى يصلوا الى ميناء ينبع على ساحل البحر الاحمر..ينبع التى ظهرت امامهم كأنها ملفوفة فى الضباب حتى جبال رضوى التى تظهر من ورائها كأنها ضباباً من اختلاط السحب برؤسها الجبلية , فقابلهم صبيان المدينة يسبحون اليهم كالسمك و ينادونهم ليلقوا اليهم بالقروش ليلتقطوها وهم يتزاحمون عليهم فرحين حينما يُلقى اليهم المسافرين ما فى ايديهم من قروش يتزاحمون عليه و يغوصون ورائه و يتلقونه بأكفهم وهو يهبط فى جوف الماء قبل أن يبلغ القاع .. اظن ان اجمل مافى هذا الكتاب هو وصف المدن الحجازية قبل ظهور النفط بما كانت تشتمل عليه من بساطة و بدائية كينبع ودار الحكومة فيها التى كانت من ابسط ما يكون : بضعة مكاتب فى الدور الاول الارضى وفى الدور الذى فوقه غرفتان احداهما للقائم مقام و فيها مكتب و سجادة و لشبابيكها ستائر وفى الاخرى مكتبان صغيران واهلها الذين هم خليط من كل بلد وجنس فمنهم الزنجى و المصرى و العربى و الهندى و الفارسى و السورى و الصومالى ...و اطفالها السائرون فى الشوارع فى خرق ممزقة و مراقع لا تكاد تستر شيئاً و الدكاكين التى تخلو من البائعين وقت الصلاة ثم نسائها اللاتى لا يظهرن فى الشوارع و لا يخرجن من البيوت... وفي المدينة مكتب تلغراف لاسلكى و مدرسة اولية ابتدائية يديرها مصرى طبقاً لمناهج التعليم المصرية ويحكى المازنى أنه شعر من اول لحظة ان ينبع بلد مستقلة فلا اجنبى هناك و لا نفوذ و لا سلطان الا لأبناء البلد وكل موظف حجازى حتى اللاسلكى عماله ومديره حجازيون ...يوم أن كان الناس فى الحجاز لا يهابون الحاكم ...ولا حاجز بينهم وبين الامير ...وكانت علاقتهم قائمة على الصراحة لا التكلف او التكبر من قبل الوالى ..
ثم ركبوا السفينة مرة اخرى و انطلقوا الى جدة وكان البحر قد تخلى عن بلادته التى كان ينكرها عليه المازنى فامواجه كانت هدارة ..فلما وصلوا الى جدة كانت سيول المطر تنهمر عليها بعد انقطاع لمدة طويلة فاستبشر اهلها خيراً بقدوم الزائرين فكانت تحيتهم لهم " جئتم بالغيث " وقد كان الاهالى فى غاية الفرح من اجل المطر رغم أنه قد احال الشوارع بركاً و مستنقعات و قد هدم بيوتاً وقوض سقف بعض الاسواق ولم يبق بيت لم يقطر الماء من سقفه لأن البنى هناك ضعيفة لكن كل ذلك الضرر لاشىء مقارنة بالجفاف ..
.و لم تكن فى جدة فنادق فكان الزائرون ينزلون فى بيوت الاهالى مستأجرين لها و الجماعة التى كان فيها المازنى كانوا ضيوفاً على الحكومة فكانوا سيُستقبلون فى احد المبانى التابعة للامير ولكن الاعيان تزاحموا عليهم فقسموهم الى ثلاث فرق ..واحدة فى بيت الشيخ نصيف و الفرقة الثانية فى بيت الشيخ الفضل و الثالثة وهم ستة ركاب منهم الرافعى نزلوا فى بيت حسين افندى العيونى السورى فماكادوا ينزلون فى البيت حتى جائتهم الدعوة الى بيت القائمقام وهو شيخ قد بلغ التسعين و مازالت فيه قوة الشباب و فورة الصبا مقارنة بالمازنى الذى كان فى الاربعين كان الشيخ يثب على السلالم و المازنى يرفع نفسه بجهد واضح وكيف لا و البيوت الحجازية الصاعد على السلالم فيها يلقى جهداً و مشقة لان الدرجات عالية جداً و البعض اعلى من بعض و أضيق ..بالاضافة الى السلالم المتعبة فهناك الابواب الكثيرة التى تتفرع على غير نظام و كان المازنى يظن أن الغرض من ذل هو التمويه يوم ان كان الناس يؤخذون على غرة فى بيوتهم ..ثم يمضى المازنى فى وصف البيوت التى فى جدة خاصة بيت القائمقام الذى أحبه المازنى لطيب خصاله وكرمه ..و قص شيئاً من كرم اهل الحجاز فكان المسافرين يتغدون فى بيت و يتنالون الشاى فى بيت و العشاء فى الثالث وربما تغدوا فى مكة و تعشوا فى جدة او العكس ثم يحكى شيئاً من عادات الحجازيين فى تناول الطعام كعدد الوجبات التى يتناولونها فى اليوم وهما مرتان , الاولى فى تمام العاشرة و الثانية فى تمام الراب��ة او الخامسة ..وهو يصف شوارع جدة لنا بأنها غير مرصوفة يعتمد اهلها على صهاريج المطر فى الشرب .......
ثم يذكر شيئاً من اخبار التليفونات المنزلية القليلة التى كانت فى جدة و طريقة استخدامها الصعبة التى تتطل�� كثيراً من الخبرة و الصبر . ..ثم خرجوا من جدة الى مكة و رأوا فى طريقهم ما استرعى انتباهم من المناظر التى تأكدوا بعد مشاهدتهم اياها من دقة الشعر العربى القديم و من قدرة القدماء على الوصف ..وصف ما فى بيئتهم من صحارى و وديان و مرابض للغنم و الابل ..وبقايا البيوت او الاطلال التى كانوا يبكون عليها طويلا فى القصائد .. وكان المازنى يستثقل تطويل الشعراء فى وصف هذه المناظر ..فبعد هذه الرحلة كلما عاد الى هذا الشعر الذى لم يكن يطيقه قبل ذلك أصبح يرى الحياة تدب فيه و تفيض منه , ..وليس من رأى كمن سمع ...خرجوا فى سيارة جديدة سائقها احد الحجازيين .و لم تنقضى دقائق حتى صاح " حريق انزلوا " اشتعلت السيارة و نزل يُهيل عليها الرمال و التراب حتى يُطفئها و استقلوها مرة اخرى و استمتعوا بمنظر الصحارى المدهشة و قوافل الابل التى تسير على جانب الطريق ودخلوا الى مكة بعد العشاء بعدما شاهدوا فى طريقهم عدد غير قليل من الاستراحات للشاى و القهوة و المبيت...دخل المازنى الى مكة و لم يشعر كالذين معه بأن مكة غريبة عليه ..فهو ابن هذه المدينة فجدته لأمه كانت من اهل مكة و سافرت الى مصر و تزوجت هناك و أنجبت والدته ..و بحسب ماشاهده المازنى فان الداخل الى مكة يسير فى طريق طويل حتى يصل الى الكعبة مباشرة ثم من ورائها الى السوق و يحتشد الناس على جانبى الطريق فى دكاكينهم المضاءة بمصابيح البترول .. ثم دخلوا الى الحرم و له أبواب عدة , ينحدر منها المرء الى صحن رحيب جداً يدور حول بالكعبة , كصحن الازهر الا أنه أوسع كثيراً و أرضه رمل و حصى , ولكنه حول الكعبة مبلط ثم استلمهم " مطوف " يعلمهم الشعائر ولم يسلم هذا المطوف من انتقاد المازنى و سخريته لطريقته الغريبة فى تلقينهم الادعية و تعلميهم المناسك ..ثم يذكر الحجر الاسود بشكله الاسود الفاحم و اطاره الفضى البيضاوى ..و ايضاً الحجر اليمانى و الذى يبدو للطائف من على بعد كأنه من الفضة رغم أنه يشبه حجر الجرانيت ثم بئر زمزم على شكلها القديم .و طافوا بين الصفا و المروة بالسيارة جميعهم الى زكى باشا مبارك فقط طاف على قدميه كبقية الناس .ثم دخولهم الى دار الحكومة مع الامير و سلامهم عليه مع جموع الناس و لا يفوت المازنى الفرصة فيسخر من طريقة الحجازيين فى السلام , تلك اليد الممدوة المفتوحة التى لا يضمون بها على يد من يسلم عليهم كما هى عادة المصريين فهى طريقة باردة كما رآها المازنى و يسخر ايضاً من طريقتهم فى السلام على الامير و تقبيل أنفه فهم يعتبرونه أبرز شىء فى الوجه فلذلك يستحق التقبيل ...ثم يذكر خبر القهوة النجدية و هى خليط من البن و الحبهان و طريقة شربها الغريبة , رشفة بعد رشفة و طريقة شربها الغريبة ترفع راسك الى الاعلى و الوراء حتى تنزل من الفنجان الى فمك ..وهى اشبه ما تكون بالدهان الذى يلتصق بالفنجان و لا يسيل منه الا بعد جهد ....ثم يعقد مقارنة بين جدة ومكة من حيث الترف و سلطان الحكومة , فى جدة سلطان الحكومة لا يظهر قوياً كما هو الحال فى مكة فهناك تعاملهم الحكومة باللين أكثر ..ثم زيارتهم لمصلحة ( وكالة ) المالية ثم الى مستشفى مكة و اطباؤه المصريون ثم التكية المصرية ..و دخولهم الى سوق مكة بأزقته التى تشبه خان الخليلى فى القاهرة وبائعيه الذين يتوزعون بين جنسيات كثيرة اكثرهم من فارس و الهند و العملات التى ليس لها سعر صرف واحد كالجنيهات المصرية التى كان الواحد منها بعشرة ريالات و سعرها رغم ذلك يتفاوت من دكان الى دكان فى نفس الشارع ...ثم حضورهم حفل استقبال المحمل الذى يحمل كسوة الكعبة و كانت فى هذه السنة سعودية بعد ان توقف المصريون عن ارسالها بعد طلب المملكة .. وكان استقبال المحمل يتم بعرض عسكرى لجنود عبد العزيز..ثم يحكى المازنة عن عودتهم الى جدة و دعوتهم الى مادبة الطعام فى قصر الكندرة الذى هو خارج أسوارها ..دعوتهم الى تناول الطعام فى حفلة كبيرة اقامها الامير فيصل لقناصل الدول الاجنبية و المجموعة التى كان المازنى واحد منها و عدد كبير من المدعوين ..عندما رجعوا الى جدة نزلوا فى بيت حسين افندى العيون السورى و هو الذى سكنوا فيه عندما دخلوا جدة أول مرة ...و لم يلبثوا الا قليلاً حتى استقلوا السيارات الى وادى فاطمة .وهو وادى غير ذى زرع كثير , فيه نخيل و أعناب و فيه موز و باذنجان و طماطم و ليمون وملوخية و بامية و له عين يترقرق منها الماء و يجرى فى مضيق ضيق يستطيع المرء بأ يسر مجهود أن يتخطاه من جانب الى جانب....وهو منخفض العمق جداً رغم أنهم يفتخرون به للغاية مما أثار استعجاب المازنى و عقد مقارنة بينه وبين نهر النيل بكثرة ما فيه من مياة ...فلما وصلوا الى الوادى كان الامير قد سبقهم اليه ومعه قناصل الدول الاجنبيه و ايضاً ادوات المائدة لتناول الطعام ...و يسخر المازنى من القصائد التى كانت تُلقى بين يدى الامير و خاصة من التلاميذ عن " المجد و العلى و القمة و السنام " تلك المبالغات التى تثير الدهشة فى النفس خاصة أن الحجاز قوتها مازال فى اطوار البداوة الاولى لم يخرج عنها ويرى المازنى أن هذه المبالغات السخيفة هى ( داؤنا جميعاً و أننا فى مصر و الشام و العراق و الحجاز احوج ما نكون الى مواجهة الحقائق و فتح العيون على الواقع وقياس ما بيننا وبين ما سبقنا من الامم , وان من الاجرام أن نخدع أنفسنا و نغالطها فى هذه الحقائق , و اذا كان مرادكم أن تُثيروا الشعور بالعزة القومية , ان لهذا سبلاً اخرى ولا خير على كل حال فى هذا الفخر الاجوف " ..ومر اليوم بين وليمة عامرة و قصائد مدح و حماس و استعراض لبعض الفلكور الصحراوى ثم دعاهم الامير الى خيمته ليودعهم على انفراد , وكان هذا آخر عهدهم بالامير و الحفلات الرسمية ..وعادوا الى بيت العوينى فى جدة مرة ثالثة ..وقيل لهم أن ينتظروا هدية الامير و كان المازنى يفضل أن تكون الهدية عباءة وعقال وشيئاً من بلح المدينة المشهور ...و يرفض أن تكون مبلغ من المال ( انى لا أرضى أن آخذ مالاً لا أستحقه , ثم انى استحى أن أرد عطاء أمير ولكنى سأكون مضطراً أن أرده لأنه لا يسعنى الا أن أعده فى مثل هذا الموقف رشوة أربا بنفسى و بالحكومة السعودية عنها ) .. من يقرأ كلام المازنى لا بد أن يترحم عليه كثيراً خاصة و كلنا رأى صور كبار الشخصيات العامة فى مصر وهم يتهافتون على السفارة السعودية فى القاهرة فى حفلة العيد الوطنى سنوياً للحصول على الهدايا الثمينة التى توزعها السفارة على الحضور و معلوم ومشهور أن السعودية تُعطى هبات مالية لكثير من الشخصيات العربية و الاسلامية بشكل شخصى ..وكلنا يعرف لماذا طبعاً .......ثم استقلوا الباخرة من ينبع باتجاه الطور ...ثم فى العشر صفحات الاخيرة يوضح المازنى طبيعة الناس فى الحجاز فهم ثلاثة اصناف .. اهل المدن ثم اهل القبائل التى لها اماكن معلومة ثابتة ..و اخيراً البدور الرحل ممن لا يستقرون فى مكان ... اما اهل المدن فهم خليط من جنسيات شتى فمنهم المصرى و السورى و الهندى والفارسى , و الوجود المصرى هناك كبير الى حد ما لكن السوريين لهم تواجد اكبر و اكثر بسبب نزوحهم من الشام أيام الحرب وايضاً لان البداوة التى في الحجاز لم تصدهم عن الاستقرار هناك فهى لا تختلف كثيراً عن الاحوال فى الشام , اما المصريون فيجدون مشقة فى الانتقال الى الحجاز بسبب تعودهم على الترف و الراحة و المدنية التى ألفوها فى مصر ....ثم يمضى المازنى فى الاشادة بــتدابير عبد العزيز ابن سعود فى اصلاح شيئاً من احوال الناس فى الحجاز و خاصة توفير الماء عن طريق التحلية او التقطير..ثم يقول ( وقد عدت من الحجاز وأنا مقتنع بأن مصر اذا ظلت تتخبط و تولى الشئون السياسية هذا الحظ الباهر من رعايتها على حساب المرافق الجديدة و المراشد الحيوية , فسيسبقها الحجاز بلا ادنى ريب ) !!!

و المازنى كعادته ساخر حتى الثمالة فمرة يسخر من السفينة البطيأة كالسلحفاة و مرة من كثرة الكباتن عليها ومرة من المؤذن ذو اللسان الملتوى الذى يشبه الاعاجم ومن الرسائل التى طفقوا يكتبونها بمجرد النزول الى ينبع ثم اكتشفوا أن ابقائها فى جيوبهم اسرع من ارسالها من ينبع وجدة الى مصر , حتى سخر من البحر نفسه ....فالبحر الاحمر فى رايه بحر هادىء بليد , بليد كالرجل الذى تعابثه اليوم فيضحك غداً . و البليد صحبته ممتعة و رفقته مشقة ..و سخرية المازنى تأتى مضحكة أحياناً وأحياناً أخرى تأتى باردة ثقيلة الدم حينما يتكلفها و لا يفرق بين ما يجوز فيه السخرية وما لايجوز ..كسخريته من الملكين الموكلين بالانسان لكتابة أعماله كما فى صفحة 88 فقد كانت سخريته متكلفة جداً ..و كبحثه عن خمر فى مكة لكى يُسكر عفريتاً توهم أنه قد تلبسه كما تتلبس العفاريت الناس صفحة 96 ...او ككسله عن صلاة الصبح فى الحرم و تفضيله للنوم و رفضه القيام حينما حثه احمد زكى باشا على ذلك 98 ..وكمزاحه البارد عن لحية سادن الكعبة الطويلة البيضاء ..و كان دمه غاية فى الثقل حينما كان فى الكعبة فانشغل باخطاء المرافق السعودى عن الاسماء التى كانت مكتوبى فى جوف الكعبة .. و أنا لا أعرف انساناً تتاح له فرصه الدخول الى الكعبة فيقضيها فى هذا اللغو الفارغ الا المازنى ....

و كعادة الناس فى الاستبشار بكل شىء جديد كان الكثير من الناس ومنهم المازنى يستبشرون بالحكم السعودى لما لمسوه من بعض التنظيم الذى ظهر على ايديهم بعد سنوات وسنوات من الفوضى التى سادت الحجاز أثناء الحرب العالمية الاولى و حكم الشريف حسين ...أدرك الحجاز أمن بعد خوف و تنظيم بعد فوضى خاصة الخوف الشديد الذى كان عليه الناس من السرقة ومن كل شىء يتصل بها .. و الحق أن الفضل فى ذلك يعود الى ( اخوان من أطاع الله ) أو خيالة التوحيد صفحة 74...وهم جماعة شكلوا قوام جيش عبد العزيز الاول يوم أن كان يرفع راية التوحيد ثم غدر بهم و استباح دمائهم حينما اعترضوا على طريقته الجديدة فى التقارب مع بريطانيا وأمريكا و فتح لهم اسواق البلاد ومدنها يتجولون فيها بغير رقيب و لا حسيب ..والواقع أن مسلك عبد العزيز لم يكن جديداً وكل ما هنالك أنه لما استتبت له الدولة أظهر ما كان يُخفيه من عمالته القديمة لبريطانيا و امريكا ..فلما اعترض " اخوان من أطاع الله " قتلهم و حاربهم وقضى عليهم بمعاونة الجيش البريطانى و أخبارهم مشهورة ...

..و قد أفاض المازنى فى وصف ما يتعرضون له من حوادث أثناء رحلتههم لكنه رغم ذلك جاء كتابه خالياً من سكينة و طمأنينه تملأ القلوب فى هذه المشاعر العظيمة وقد كان يتوقع من كاتب مثله أن يكتب عنها ...

اقتباسات

" وسمعت أن فريقاُ من المصريين لا يصدقون أن أهل الحجاز يعرفون الأكل على الطريقة الحديثة فلهؤلاء أقول ان الحجاز ليس مجهلاً من مجاهل آسيا أو افريقيا , و انه وطن الاسلام و اليه يحج المسلمون من أقاصى الارض و أدانيها و انه بلاد متحضرة سوى أنها فقيرة , و الفقر لا يمنع الأناقة و لا يحول دون التهذيب , و من الغرور الذى لا يشرف صاحبه أن يتصور المرء أن الحجاز لأنه على البحر الأحمر و لأنه ليس مصيفاً أو مشتى للمترفين منا و بغاة المراقص و طلاب الملاهى , يجب من أجل ذلك ان يكون مستوحشاً و على الفطرة الأولى ..ليس فى الحجاز فنادق أو مطاعم عامة , و لكنا دعينا فى كل مكان فى قلب الصحراء و تحت الخيام – الى موائد على الطريقة الغربية عليها من الآكل ما يندر أن تقع عليه العين او يذوقه اللسان حتى فى مصر المتحضرة " .... لما قرأت هذه العبارة قلت سبحان من يُغير و لا يتغير ...

" ومن عادتى اذا كربنى هم أن التمس السلوان فى النوم , و أن أتعزى بالاحلام و أضغاثها عن الحقائق و مرارتها , وهذا من فضل الله على ولكم قلت لمن يحلوا له أن يهجرنى ويحسب أنه بذلك يعذبنى ( اذا كان فى وسعك أن تصد عنى , فان فى مقدورى أن أصد عن الدنيا كلها و الحياة باسرها ) ثم أضع رأسى على الوسادة و أغمض جفنى و أقول بسم الله الرحمن الرحيم توكلت على الله الحى القيوم الذى لا ينام و وأهب من فورى الى وادى الأحلام "

" وسرنى أن سفرى الى الحجاز لا الى الغرب , ذلك أن الغرب يزور مصر , ولو شئت لقلت انه يغزوها فلسنا نحتاج الى أن نزوره , أما الحجاز فأمره مختلف جدا , ولنحن خلقاء أن نجعل علمنا بالشرق العربى أعمق و لصتنا به أوثق و ارتباطنا به أمتن , و ما أحسبنى أبالغ حين أقول ان مستقبل الشرق واحد و ان تفاوتت خطى ابنائه . و من الجهل أن نشيح بوجوهنا عنه , ومن الخرق أن نتجاهله ومن البلادة أن ننسى اننا مرتبطون به و ان خفيت الخطوط و من الغفلة أن نتوهم أن الرحيل لا يكون نافعاً الا الى الغرب , و انه لا فائدة تكتسب من زيارة الشرق و الاطلاع على أحواله "
Profile Image for Ahsalah.
47 reviews23 followers
November 16, 2012
هذا كتاب خفيف ينتمي الي ادب الرحلات و المازني يسرد فيه احداث رحلة قام بها عام 1930 الي الحجاز لاداء العمرة ضمن بعثة ضمت بعض الافندية و البكوات. كانت وقتها الدولة السعودية الثالثة لازالت في بداياتها و لم يكن قد تم اكتشاف الثروة البترولية بعد. و لك ان تتعجب من الفقر و البداوة التين كانتا منتشرين في الحجاز وقتها، كما تعجب بالاخلاق العربية الاصيلة و الجميلة التي كانت سائدة انذاك، و كل هذا اصبح الان تاريخا".
المازني يبدأ السرد بإسلوبه اللاذع الساخر من كل ما حوله و من نفسه قبل الجميع منذ لحظة صعوده للسفينة التي تقل البعثة الي ينبع ثم جدة و يعطي بعض اللمسات البسيطة عن زملائه في الرحلة وعن طاقم السفينة و هدوء و رتابة البحر الاحمر (بحر القلزم)ثم تأتي قمة السخرية عندما يصلون الي ميناء جدة اثناء تناولهم الغذاء و عدم قيامهم من المائدة حتي اتي وفد من اعيان جدة ليصطحبوهم!!.
ثم يحكي المازني عن السيول التي اصابت جدة في هذا الوقت و كيف لأنه ليس هناك فنادق في المدينة تم استضافتهم في بيوت الاعيان، و بأسلوب شديد الطرافة و المرح يصور الولائم و البيوت و المنازل ذوات السلالم عالية الدرجات التي اضطر لصعودها حبوا لقصر قامته.
بعدها يطلعنا المازني علي الرحلة من جدة الي مكة بسيارة الامير الحديثة-وقتها- و التي تعطلت رغم انه كان اول استعمال لها، و علي عصاه التي فقدها في الطريق و كيف قطعت الطريق علي المسافرين فقد خاف الناس ان يلتقطوها أو يمرون بجانبها حتي لا يتم اتهامهم بالسرقة و هو ما يكون جزاءه قطع اليد.
و يصل المازني الي مكة و يؤدي العمرة و يرسل اليهم امير مكة السيارة ليسعوا بها بين الصفا و المروة!! و يدخلون الي داخل الكعبة و يجدها المازني خالية تماما و يحكي انه بعد عودته أوصته امه الا يخبر احدا" بما شاهده داخلها و عندما حاول الايضاح لها انها خالية قالت له: ايوه خليك علي كده كل من سألك قوله لقيتها خالية، فلما اكد لها انها بالفعل خالية قالت له: تمام مضبوط بارك الله فيك. و يحكي كيف انه اشتاق بعد ذلك لكأس من الخمر و حاول الحصول عليه بالادعاء انه قد ركبه عفريتا و هو يريد ان يسقيه خمرا" لأجل ان ينزعه عن كتفيه و لكن تم اخذ كلامه علي انه يقول نكاتا" ولا يتكلم جادا".
بعد ذلك يأخذنا المازني الي بعض الولائم و الحفلات التي حضرها بعضها في الصحراء و وادي فاطمة و البعض الآخر في قصور الامراء.
و ينهي الكتاب بمقارنة بين مصر و الحجاز انقل منها الآتي:
و بهذه الطريقة العملية يحل ابن السعود مشاكل بلاده و يعالج ترقيتها؛ و قد تبدو الخطي بسيطة و لكنها مناسبة لحالة البلاد و تعداد اهلها. و المال هو العقبة الكبري و لكن الحكومة لا تتعجل و لا تذهب الي إثقال كاهل الناس بالضرائب من اجل ذلك، و شعارها، ان العجلة من الشيطان. و لكن خطاها وطيدة مستمرة. كخطي السلحفاة التي سبقت الارنب، و الارنب عندي هو مصر. و لقد عدت من الحجاز و انا مقتنع ان مصر اذا ظلت تتخبط و تولي الشئون السياسية هذا الحظ الباهظ من رعايتها علي حساب المرافق الجدية و المراشد الحيوية، فسيسبقها الحجاز بلا ادني ريب.
فسبحان الله ها هو التاريخ يعيد نفسه الان و ها هي نبوءة المازني متحققة و التي اطلقها قبل حتي اكتشاف النفط في الحجاز.
كتاب رائع و خفيف و مرح و ساخر و تتعرف من خلاله علي تلك الشخصية الرائعة التي لا تتكرر كثيرا الاديب الذي لم يأخذ حقه حتي هذه اللحظة رغم وفاته منذ اربعينات القرن الماضي: ابراهيم عبدالقادر المازني
Profile Image for نجد.
423 reviews243 followers
March 7, 2025
الكتاب على قِصر صفحاته (98 صفحة -نسخة هنداوي) إلا أنه رائع ومتكامل.

سافر المازني رحمه الله للحجاز [في الشتاء] بزيارة على سفينة مصرية إلى ميناء ينبع، تكمن أهمية هذه المذكرات في فترتها الزمنية، حيث أنه عاصر أول استلام الملك عبدالعزيز رحمه الله للحكم في السعودية.

ذكر المؤلِّف من تفاصيل الرحلة ميناءَيْ جدة و ينبع وأنهما تكثر في مدخليهما الصخور (وهذا وارد نتيجةً لكونهما بالجانب الغربي من السعودية وبقرب مكة ذات الوديان والصخور).

أعجبني كلامه هُنا -عن الأخوّة بين السعوديين والمصريين-:

"أما الحجاز فأمره مختلف جدًّا، ولَنحن خلقاء أن نجعل عِلمنا بالشرق العربي أعمق، و صلتنا به أوثق، وارتباطنا به أمتن.
وما أحسبني أبالغ حين أقول إن مستقبل الشرق واحد وإن تفاوتت خُطى أبنائه.
ومن الجهل أن نُشيح بوجوهنا عنه، ومن الخرق أن نتجاهله، ومن البلادة أن ننسى أننا مرتبطون به وإن خَفِيَت الخيوط، ومن الغفلة أن نتوّهم أن الرحيل لا يكون نافعاً إلا إلى الغرب، وأنه لا فائدة تُكتَسب من زيارة الشرق والاطلاع على أحواله."


العجيب أنه في رحلته هذه على السفينة، كان معه [أحمد زكي باشا] المحقِّق المعروف (شيخ العروبة)، و [نبيه العظمة] و [خير الدين الزركلي] وهما من المجاهدين في القضية العربية.

كما لفت انتباهي ذِكر المؤلف أن السفينة التي تقلّهم هي إحدى سفن (البوستة الخديوية) وهي شركة إنجليزية تُسيّر بواخرها بين السويس والسودان جيئةً وذهاباً، وتنقل الحجاج -فيما تنقل- إلى ينبع وجدة.
وفي هذا إشارة زائدة إلى ما نعرفه عن تغلغل الإنجليز في الحياة التجارية في مصر آنذاك.

ثمّ لما نزلوا ينبع ذكر المؤلف بعض جوانب الحياة فيها، فذكر أنها صغيرة وفقيرة، وذكر أنه لم يرَ إمرأةً ولا بنتاً إلا بنت صغيرة في السابعة من عمرها؛ و قِيل له أن النساء هناك لا يخرجن من البيوت.
ثم ذكر أن في ينبع مدرسة أولية ابتدائية يديرها مصري طبقاً لمناهج التعليم المصرية، ربما لأن الدولة كانت حديثة النشأة آنذاك ولم يكن هنالك مناهج رسمية للتعليم بعد.
وهذه المدرسة فيها نحو 190 تلميذ! متفاوتين في الأعمار والأطوال، وهذا مفهوم لأن التعليم النظامي كان جديداً على الناس وقتها فالإقبال متفاوِت البعض يحاول يستدرك والبعض حظه أن دخل بنفس عمره.

ثم تكلّم عن طبيعة الحُكم في ينبع، وأبدى إعجابه ببساطته: "وفي ينبع 10 آلاف نسمة وأقل من 100 جندي.
والحكومة كأبسط ما يكون، ولا حاجز هناك بين الأمير وأحقر الأهالي، وسلطان الحكومة ليس مستمداً من الخوف الذي تبعثه القوة بل من الاحترام والتعاون".


كما قصَّ المؤلف رؤيته فضاءً رحيب مسوّر بحديد، كان فيه على المشهور قبر حواء عليها السلام، وكان الناس يفِدون إليه زيارةً وحجاً، إلا أن السعوديون هدموه ولم يُبقوا من قِبابه شيئاً ومنعوا الناس أن يزوروه -جزاهم الله خير سدّوا باب للبدع-.

ثمَّ طفق يصف شوارع جدة وطيبة أهلها وكرمهم ، و انتقل بعد ذلك إلى مكة المكرمة لأخذ العمرة، في زيارتهم لمكة وللحرم فُتح لهم هو ومجموعته الآنفة الذكر؛ باب الكعبة، وأدخلهم إياها سادنُها.

ثم حدثَ موقفٌ طريف؛ أن سادن الكعبة وقف أمام الأمير (أظنه يقصد الأمير فيصل -الملك فيصل فيما بعد- ابن الملك عبدالعزيز، لأنه كان أميراً للحجاز في عهد أبيه) يدعو لجلالة الملك بطول العمر ودوام النصر والتأييد إلخ، إلا أنه في خِتام الدعاء زلَّ لسانه ودعا بطول النصر والتأييد ولكن، .. للحكومة العثمانية!

واردٌ أنها زلة لسان لكون هذا الوقت كان بعد مرور سنة فقط من توحيد المملكة وضمّ الحجاز بعد أن كان تحت حكم الأشراف والعثمانيين لمدة طويلة، إلا أن الموقف لا يُحسَد عليه.

المهم يذكر المازني أنه صاح: " يا خبر أسود!" :)
يقول أنهُ أيقنَ أن سادن الكعبة سيطير رأسه بضربة سيف، وما على الأمير إلا أن يغمز بعينه واحداً من عبيده أو يؤمي له بإصبع فإذا الرأس يتدحرج على السلّم ويهوي عند أقدامنا.
ولم تخالجه ذرة من الشك في أن هذا آخر عمر الرجل، ونسي أن الحرم كل من فيه وما فِيه آمن.
إلا أن شخصاً جذبَ السادن من كتفه و صحَّحَ له: (بطول النصر والتأييد للحكومة السعودية).
وانتهى الأمر.

ليس غريب على المازني مثل هذا الوَجل فهو لم يزر السعودية من قبل ويجهل حِلم مؤسسيها وحكامها و بُعدهم عن سفك الدماء بهذا الشكل التافه، لكن حقيقةً كان الموقف مضحكاً وأسلوب المازني خفيف دم جداً لا غرابة فهو من الشعب المصري الشقيق المعروف بالنكتة.

***

تحدث المازني كثيراً عن عزايم الوجهاء لهم، ووكذلك الأمير فيصل، وذكر أنواع الطعام و تجربته الأولى للقهوة النجدية.

كما ذكر أنهم كلما دخلوا بيت في جدة جاؤوهم بالـ(أراقيل) [الشيشة] على العكس من انعدامها في مكة.

وذكر أموراً كثيرة غير ذلك، فالكتاب حقيقةً يستحق القراءة، للعموم أولاً وللسعوديين خاصةً -مثل حالتي؛ إذ أنني قرأته واستفدت منه لأنه يتحدث عن فترة من تاريخ بلدي-.
Profile Image for خالد.
182 reviews32 followers
June 25, 2022
كتاب من أجمل آداب الرحلات، سرد فيه المازني بأسلوبه الظريف رحلته إلى الحجاز عن صحيفة السياسة، وهذا الانتداب كان لتغطية حدث مهم وهو مبايعة الملك عبد العزيز على الحجاز عام ١٩٣٠.
كان معه من المعروفين؛ أحمد زكي باشا، وخير الدين الزركلي، ورياض أفندي، ونبيه العظمة..
وقد نزلوا في ضيافة الملك فيصل (أمير مكة آنذاك) فأكرمهم.
طبعًا أحداث كثيرة أوردها المازني، وبين الفينة والأخرى يتحدّث بجد ويحلل الوضع، ولكن الغالب على الرحلة ذكر الطرائف.
اقتباس:

وهم يقدّمون القهوة في فنجانة كبيرة مفرطحة يصبون فيها نقطة أو رشفة، تحتاج لكي تشربها أو تلحسها أو تنقلها إلى فمك = أن ترفع وجهك إلى السماء وتقلب الفنجانة على فمك لينحدر ما فيها على لسانك، حتى إذا فرغت دون أن تقع على الأرض؛ رددت الفنجانة فصبّ لك فيها رشفةً أخرى إذا راقتك الحركة التي يكلفك إياها شربها، وإلا هززت الفنجانة علامة الاكتفاء.

المازني | رحلة إلى الحجاز ٢٨
Profile Image for هاميس محمود.
321 reviews83 followers
July 6, 2024
بحب القراءة في أدب الرحلات وحاليًا لي مشروع خاص بي مع نفسي وهي قراءة كتب كثيرة في هذا المجال، ورحلة إلى الحجاز شجعني أكمل المسيرة لأنه هذا ما يحببني في أدب الرحلات أني ممكن أعود بالزمن للوراء سنة مع المازني ١٩٣٠ واقرأ كأني مكان عيون واحساس الكاتب لفترة لا أستطيع العودة إليها في الزمن. للمازني أسلوب ساخر جميل محبب أضاف للكتاب نكهة حلوة، حبيت الكتاب لأنه قلبي متعلق ببيت الله الحرام والكتاب فيه أجواء روحانية، المازني كان بيوثق رحلته أثناء تأدية العمرة. أكثر ما أثار دهشتي أنه البلاد كانت مختلفة تماما حيث أنه الدولة السعودية كانت في أوائل نشوئها وبدايتها.🤍
Profile Image for أبو فاطمة 14.
329 reviews119 followers
July 25, 2022
رحلة ضمن وفد تم دعوته من الحكومة السعودية لأداء مناسك العمرة
هي اذن رحلة VIP يستقبل فيها من الأعيان و الأمراء و يلتقي نائب الملك بالحجاز
و يسعى بين الصفا والمروة بالسيارة ويكون له شرف الدخول إلى جوف الكعبة و قِس على ذلك بقية الرحلة

يعيبها امر هام و هو قلة التوجه الروحي
تشعر انه يصف رحلة إلى مكان عادي وانه قد حُرم من لذة التواجد في هذا المكان المقدس
ف فهو مشغول بوصف الموائد و الكلام عن التدخين و بعض الأشياء الاخرى

أيضاً لم يحتو الكتاب على الصور التي كان الكاتب يذكر انها التقطت للوفد الذي كان معه في أكثر من مكان

عند المقارنة بالرحلات التي كانت في الأعوام السابقة
يتضح أن (أمن الحجاج والمعتمرين) تحسن عن السابق
145 reviews10 followers
September 23, 2019
وثق المازني في هذا الكتاب رحلته لأداء العمرة هو ونخبة من أصدقائه ضمن الوفد المصري، وكان من بينهم شيخ العروبة أحمد زكي باشا، وخير الدين الزركلي، وذلك عام 1930م، بأسلوب جميل وظرافة لطيفة.

وكانت الرحلة استجابة لدعوة كانت مناسبتها الاحتفال بمرور عام على مبايعة الملك عبدالعزيز آل سعود.

وليت المعتني بالكتاب خفف قليلاً من تعليقاته وتحسسه من بعض عبارات المازني.

ونسختي من مطبوعات دار البشائر الإسلامية، 1435، وباعتناء أبي الفضل القونوي، وهي في 183 صفحة.
Profile Image for هيثم.
221 reviews87 followers
February 10, 2023
لقد لبثت سنة وزيادة، حتى ملكت نسختي وقرأت هذا الكتاب، وكان دون الذي رجوته منه، وحسبته فيه، ولعلني طوال هذه السنة كنت كالحالم الذي يغرق في الخيال ثم يجبهه الواقع.

الكتاب جميل حقاً، والرحلة ممتعة، وأعز ما في الكتاب كلامه عن حال الحجاز وحال الحكومة السعودية الوليدة، وعن أحوال إقليم الحجاز آنذاك.

أحسب أن العرب كلهم (أو معظمهم) كانوا فرحين بما حققته السعودية في نشأتها، كانت الروح العربية حية في الناس، لقد رافق المازني المصري رجلان من سوريا، وهم يزورون النجديين، ويبيتون عند الحجازيين، ما أحسن العروبة!

تكلم المازني عن كتابه الذي صدر قبيل ارتحاله إلى الحجاز"صندوق الدنيا" وذكر عن بعض أهل ينبع(بُليدة بالقرب من المدينة)أنه قرأ الكتاب، وكان للمازني رأي مضحك وغريب في إعجاب الناس بكتابه.
Profile Image for Tareq Ghanem.
180 reviews15 followers
June 8, 2025
لا يتخلي المازني عن روح الفكاهة حتي وهو في هذه الرحله اﻷيمانيه ذات الخصوصية الروحيه، حتي عصاه التي أصطحبها معه في الرحلة جعلها مادة للفكاهه الممتعه حقا، تأتي هذه الرحله مواكبه لعصر نشأة الدوله السعوديه الحديثة في عهد الملك عبد العزيز غفر الله له، وتطلعنا علي شذرات نديه في هذا العصر المجيد، ، هذاالكتاب من أحب الكتب لقلبي للمازني الذي لﻷسف لم أستطع ان استمتع بأعمله اﻷخري بأستسناء صندوق الدنيا
Profile Image for Abdullah.
19 reviews1 follower
March 17, 2014
إذا أردت الشروع بقراءة هذا الكتاب فيجب أن تكون وحيدا حتى تطلق العنان لضحكاتك من أسلوب الكاتب الساخر ..

هذا الكتاب يعد من أدب الرحلات ويحكي فيه المازني بأسلوب ساخر تفاصيل زيارته لمكة والمدينة في بداية عهد الدولة السعودية عام 1930. هذا الكتاب الصغير من اللطائف التي لا تفوت ..
Profile Image for Taha Noman ( طه نعمان ).
868 reviews60 followers
December 19, 2015
كتاب يوثق لرحلة الى الحجاز يقوم بها الكاتب مع فد يزور الديار المقدسة في بداية عهد الدولة السعودية تستطيع معرفة أحوال الحجاز خلال بداية القرن العشرين وأن كانت تشوب هذه الرحلة سخرية الكاتب وهذا الكتاب خفيف على القرأة بأسلوب المازني المتميز
Profile Image for Abeer.
358 reviews1 follower
March 18, 2021
الكتاب يأتي على غير المتوقّع، يتحدث عن الحجاز وعن الرحلة إليها في النصف الأول من القرن العشرين بصورة لم أكن أنتظر مثلها عندما قدّمت قراءة هذا الكتاب وبإمعان في تفاصيل توثيقية عن طبيعة بلاد الحجاز وجهود حكام الدولة السعودية الثالثة لنهضتها في تلك الحقبة.

-----------------

بدون أن ينفكّ عنه أسلوبه الساخر من نفسه ومما حوله يسرد المازني ذكرياته عن الرحلة التي قام بها للمشاركة في الاحتفال بذكرى التنصيب الأولى للملك عبد العزيز الذي أُقيم في شعبان سنة 1348هـ / يناير سنة 1930م وقد حضر المازني الاحتفال مندوبًا عن جريدة السياسة المصريَّة مع وفد دعي للمشاركة في ذلك الاحتفال يضمّ أحمد زكي باشا الملقب بشيخ العروبة ونبيه بك العظمة وخير الدين الزركلي صاحب كتاب الأعلام الشهير ومحمود أبو الفتح مندوبًا عن جريدة الأهرام وعبد الحميد حمدي عن جريدة البلاغ ومحيي الدين رضا عن المقطم ومحمد المصيلحي عبد الله عن كوكب الشرق ورياض شحاتة عن الجرائد المصوَّرة وأنيس حصلب عن بعض المجلات.


يبدأ المازني رحلته بتساؤل ما زال مطروحًا حتى زماننا وهو: "(ماذا يرجى لهذه الأمة العربيَّة) التي سنشهد بعد أيام –كان ذلك منذ تسعين عامًا– احتفالها بملكها؟ هل تكر على العالم بنهضة جديدة؟ أو دَع الكر فقد تكون مسافة ما بينها وبين العالم أطول من أن تعين عليه أو تجعل له محلا، وسل هل في وسعها أن تشق طريقها إلى منزلة من منازل الحياة العزيزة؟"

وكان من خلاصة ما انتهى إليه قوله في رحلته هذه: "لقد شعرنا من أول لحظة، أننا في بلاد مستقلة، فلا أجنبي هناك، ولا نفوذ ولا سلطان إلا لأبناء البلد."
ويبين إعجابه بالطريقة العملية التي يحل بها ابن سعود مشاكل بلاده، ويعالج ترقيتها، معلقاً أنه قد تبدو الخطى قصيرة ولكنها مناسبة لحالة البلاد وتعداد أهلها. شارحاً أن المال هو ما كان العقبة الكبرى -كل ذلك في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط في الحجاز بعد- ثم يقول: "ولكن الحكومة لا تتعجل ولا تذهب إلى إثقال كاهل الناس بالضرائب من أجل ذلك، وشعارها أن العجلة من الشيطان. ولكن خطاها وطيدة مستمرة كخطى السلحفاة التي سبقت الأرنب، والأرنب عندي هو مصر. ولقد عدت من الحجاز وأنا مقتنع بأن مصر إذا ظلت تتخبط وتولي الشئون السياسية هذا الحظ الباهظ من رعايتها على حساب المرافق الجدية والمراشد الحيوية؛ فسيسبقها الحجاز بلا أدنى ريب."


-------------------



قام الوفد بالسفر من السويس في أول يناير على الباخرة تالودي إحدى بواخر شركة البوستة الخديويَّة فكان المرور بميناء ينبع بعد بضعة أيام.
يقول المازني: وفي الساعة السادسة من صباح السبت 4 يناير أيقظني أحد الزملاء وأبلغني أن الشاطئ قد ظهر.. ومرت الساعات ونحن نروح ونجيء.. وبدت ينبع ملفوفة في الضباب حتى جبال رضوى التي تظهر من ورائها خلناها ضبابًا من اختلاط السحب برؤوسها.
وبعد أن رست الباخرة في مرفأ ينبع ركب المازني وأصحابه زورقًا إلى المدينة. عند ذلك بدأ المازني حديثه عن الفقر الشديد ذلك الوقت في بلاد الحجاز وأن الصبيان في ينبع قد أقبلوا على السفينة يسبحون إليها كالسمك، ينادون ركابها أن يلقوا إليهم بالقروش، ليلتقطوها في البحر، ولا زرع ولا ضرع بالمدينة وقد جعل بها الملك آلة لتصفية ماء البحر للشرب، ومع هذا فإن دكاكين وكلاء التجار مفتوحة ولم يكن فيها أحد لأنه وقت الصلاة، ويتساءل ما الذي يحمي هذه المتاجر من أن يسرقها هؤلاء الغلمان الفقراء؟ فقيل له: لا خوف منهم، لأنه ما من أحد يجرؤ أن يسرق شيئًا.. وبعد أن تحدث عن المدينة المنورة، وجدة والأعمال التي قام بها الملك، ومنها مصنع كسوة الكعبة، وقد استوردت الحكومة لينبع وجدة آلات لتقطير مياه البحر، واشترت آلة لجدة، تقطر في اليوم مائة وخمسين طنًّا من الماء ومضت تجدد الآبار، واستدعت اثنين من المهندسين المصريين لاختيار المواقع المناسبة، للآبار الارتوازيَّة، وأصلحت عين زبيدة، وأعفت الحكومة كل الآلات المتخذة لاستنباط الماء من الجمارك، وكذلك آلات الزراعة، ومن أجل الحج واتقاء لتفشي الأمراض، أنشئوا مستشفى في مكة، يتسع لمائتي مريض، وجعلوا فيه أقسامًا للجراحة، والأمراض الباطنيَّة، ويدرس لهم في مصر الآن عشرون طبيبًا في بعثات، كما أرسلت بعثات أخرى إلى الخارج، واستُعير أطباء من بلاد الغرب، من هولندا وغيرها.

يتعمق المازني في تفاصيل عن جهود الملك في حل مشاكل بلاده وتوجيهها لما هو خير لها ولأهلها فيقول موثّقا:
"إن الملك عبد العزيز أدرك أن البداوة آفة الأمَّة العربيَّة.. وأن من الخير لهم ولبلادهم أن يستقروا بأماكن تتوافر بها المياه والأرض الصالحة للزراعة.. وليتمكنوا من تعليم أبنائهم وتطوير وسائل الزراعة. ولذا اختار للقبائل ما سُمي في حينه بـ (الهجر) وساعدهم بالمال والإمكانات التي تعينهم على الحياة الكريمة.
ولأن المملكة شبه قارّة مترامية الأطراف.. فقد حرص على تأسيس المراكز اللاسلكيَّة بكل أنحائها مما وفّر سرعة الاتصال وإدارة شئونها بكفاءة متناهية.
وللتغلب على شح المياه وبخاصة مدينة جدة عمد عبد العزيز إلى جلب آلات التقطير لتوفير المياه الصالحة للشرب بما كانت تسمى في حينه بالكنداسة مما هيأ المدينة لتكون مركزًا تجاريًّا هامًّا.. وميناءً كبيرًا للحرمين الشريفين.
ولبناء الدولة الحديثة.. رغم ندرة المتعلمين من أبنائها آنذاك.. استعان ببعض المثقفين من العرب وبخاصة السوريين للعمل في الإدارات والمؤسَّسات المختلفة كما أبقى على من كان قائمًا بعمله أيام دولة الشريف الحسين فقابلوه بالولاء والإخلاص.
ومن أجل الماء وحفر الآبار الارتوازيَّة أمر عبد العزيز بإعفاء كل الآلات الزراعيَّة المستوردة من الرسوم الجمركيَّة وتقسيط أثمانها على الأهالي تشجيعًا ومعاونةً لهم.
كما حرص رغم عدم القدرة الماليَّة قبل تدفق البترول على استقدام السيارات لتسهيل تنقلات المواطنين والبريد والقوات الأمنيَّة والدفاعيَّة.
ولراحة الحجاج والأهالي وسلامتهم أوجد ما أمكن من المشافي والمراكز الصحيَّة للوقاية والعلاج.."

وتبرز في كل تلك التفاصيل والذكريات ملامح شخصيات أهل الحجاز .. حيث المروءة العربية والأصالة وإكرام الضيف .. وتنطق شهود إجابة الله لسيدنا إبراهيم عليه السلام لما دعا: "ربّ اجعل هذا بلداً آمناً".

.
Profile Image for Tariq طارق.
61 reviews29 followers
June 12, 2020
أول تجربة في أدب الرحلات وكانت رحلة ممتعة وأود قراءة المزيد من الاعمال في هذا النوع من الادب.
يوثق المازني رحلته الى الحجاز في ثلاثينات القرن الماضي، تلك الدولة السعودية حديثة العهد ضمن وفد يضم النخبة من مصر.
ومع فكاهة وخفة الدم المازني
منذ ان كانوا في المركب وصولا الى ميناء جدة حتى نهاية الكتاب وعودتهم استمر المازني على حس دعابته ويصف ما شاهد وطبع البشر والتضاريس القاسية ومشقة التنقل في الصحراء في سيارة هي الأولى في الحجاز . وصولا الى مكة واداء العمرة ويصف المطاف والحرم . ويتعرف على ثقافة البدو واكرام الضيف والولائم والقصائد التي ما زال العرب على عادتهم يمدحون ويمجدون وبهذا الامر ينتقد ويتكلم عنه باسلوب عصري قوي.
في الطريق لمكة
يسأل المازني السائق
عن رأيه في الحكم العثماني مرورا بالثورة العربية الى وصول آل سعود !
فقال "لكل زمان دولة ورجال يا أستاذ".
Profile Image for نوره ..
9 reviews
June 26, 2023
" ظاهرة عجيبة جدًا هذه: ‏النجدي المشهور بوعورة الخلق في القتال، يكون في السلم كما رأيته في الحجاز على حظ عظيم من رقة الحاشية والدماثة واللين والطراوة حتى ليستحيل عليك أن تصدق أن هذا الرجل الذي يكاد يسيل من اللين، يحسن أن يركب جوادًا أو يضرب بسيف أو يقوى على حمل رمح، وقد رأيناه يفعل ذلك كله فكأنما ركب الجواد ألف عفريت ولا أكتم انا خفناه! "

" وبهذه الطريقة العملية يحل ابن سعود مشاكل بلاده؛ … وقد تبدو الخطى قصيرة ولكنها مناسبة لحالة البلاد وتعداد أهلها … كخطى السلحفاة التي سبقت الأرنب، والأرنب عندي هو مصر إذا ظلت تتخبط وتولي الشؤون السياسية هذا الخط الباهظ من رعايتها … فسيسبقها الحجاز بلا أدنى ريب "

Profile Image for أمل.
13 reviews
June 21, 2025
كتاب جيد وممتع، ذكر فيه المازني رحلته من مصر إلى الحجاز وذكَرَ فيه مجمل المواقف التي حلصت له هناك بخفةِ روحٍ اضحكتني حقيقةً(:

ومن أكثر المواقف التي حصلت له وسمعت حينها صوت ضحكي مرتفعًا لمّا دُعِيَ إلى مأدبة رسمية وفيها من الوزراء والأمراء ما لا تعده اصابعك صـ111..
علمت حينها أن المازني له اسلوب نقدي ساخر يصف الحال بطريقة لذيذة تشوّق القارئ لتقليب الصفحة تلو الأخرى!

كتاب رائع في أدب الرحلات، ولمن أراد التزوّد في تاريخ مصر والحجاز واحلات الحج والعمرة أنصحه به حقيقةً
Profile Image for Moussa Djidda Daoud.
13 reviews1 follower
August 5, 2023
كانت رحلة ممتعة مع عبد القادر المازني..
مليئة بالقصص والمواقف الظريفة، ولا تقل ظرافة الكاتب عن مواقفه التي مر بها (كذاك الذي في أول الكتاب مع الكابتن)
بل هما وجهان لقرص واحد ، لا تدري أيهما أفضل ظرافة
أهو أسلوبه أم المواقف هي التي بعثت في الكتاب كل تلك المتعة!
لكن ما أستطيع تأكيده فإن المازني لا يضاهى في الدقة والتعبير !
سلاما يا عبد القادر >
أتمنى أن أقرأ لك كثيرا..
Profile Image for دَانة.
109 reviews3 followers
November 18, 2019
كتاب ممتع وظريف وخفيف دم، اعجبتني كثيرا الحقبة الزمنية للكتاب وأعجبني أكثر تحدثه عن بلادي ونظرته لها بنظرة جديدة، وكأني أتابع "ڤلوق":٩
من الكتب التي أضحكتني ومع ذلك يوجد بعض المواضع التي شعرت فيها بمبالغة المؤلف.
الكتاب جميل ويروّح عن النفس مناسب لمن يريد قراءة خفيفة يخرج بها عن العالم
Profile Image for سلمى العاقل.
294 reviews19 followers
August 11, 2021
الأستاذ المازني شخص ساخر جداً؛ أحياناً كنت سخريته غير مقبولة بالنسبة لي
مع ذلك كتاب ممتع: يصور بلاد الحرمين بداية القرن الماضي، صورة مختلفة تماماً عما صارت إليه اليوم، من حيث العادات والأخلاق، المفاهيم، الأفكار والقيم

كتاب قصير؛ ممتع... وجلسة لطيفة مع الأديب المازني

أحببته
Profile Image for Mohammed Oba.
133 reviews1 follower
July 14, 2022
الكتاب يذكر حقبة من تاريخ السعودية في حكم الملك عبدالعزيز رحمة الله.ويذكر تاريخ رحلتة الي جدة ومكة ووادي فاطمة ينبع ولقائة مع الملك فيصل بذالك الوقت كان امير. ولا يخلو من سخرية الكاتب ويذكر تفصيل المبنى والاثاث وكذالك الملابس والاكل.جميل وجذاب
Profile Image for Lama Alamr.
12 reviews3 followers
July 30, 2023
هذا الكتاب من أدب الرحلات يروي فيه المازني رحلته إلى الحجاز بروح فكه مصرية، حديث المازني مضحك جدًا، ويروي أيضًا تصادم الحضارات التي وجد، من بيئة حضرية إلى أرض صحراوية، ومن ناس خفيفين ظريفين إلى أعراب غليظين لا يفهمون النكتة، ففي ذلك الحين كانت مصر في عز ورغد عيش، أعادها الله عليها رغدها.
Profile Image for Ariaf.
125 reviews5 followers
March 18, 2019
ساخر جداً لدرجة بعض المواقف التي رواها لا تدري الصادق منها من المختلق
والفترة التي زار فيها الحجاز هي التي تجذب لقراءة الكتاب، ووصفه للأشخاص بديع
Profile Image for محمد آل شايع.
127 reviews24 followers
May 1, 2019
سخرية الكاتب لطيفة جدًا، وملاحظاته في تلك الرحلة جديرة بالإشادة.
Profile Image for حسين الجندي.
62 reviews7 followers
May 14, 2020
رحلة الحجاز
رحلة سيأخذك فيها المازني إلى تلك الأرض المقدسة ويطوف بك على ديار مشايخها ويأخدك من يدك فيدخل بك إلى داخل الكعبة ويجلس بك إلى ملوك الحجاز
هي رحلة إلى بدايات الحجاز
Profile Image for حسن.
87 reviews52 followers
January 16, 2023
الهزل و السخرية في غير مكانهما، و البحث عن النساء و الويسكي و النرجيلة في أقدس بقاع، غفر الله لنا و له، أول و اخر مرة أقرأ له
Profile Image for Norova.
282 reviews11 followers
September 11, 2023
31/50
رحلة ابراهيم المازني
يحكي فيها عن بداية الدولة السعودية
يتطرق فيها إلى شكل الحجاز قديما
وسكانها ومبانيها
رحلة ماتعة
Displaying 1 - 30 of 39 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.