أجمل تقديم لجزيرة أخي هو ما كتبه هو، رحمة الله عليه: " كان حلم أمي بسيطا و عظيما في نفس الوقت؛ لم تطلب تذكرة لزيارة الديار المقدسة و لا مالا لترميم جسدها الذي تآكل من شدة حرصها على أن أحيا. لقد أرادت كتابا من تأليفي. جاءت رواية جزيرة الذكور كرغبة في تحقيق حلم والدتي و في نفس الوقت إعادة الإعتبار لكل الأمهات اللواتي يحترقن من أجل حياة أبنائهن في مجتمع لا يعترف بالمرأة و يقوم بتبخيس عمل الأمهات. جزيرة الذكور هي صرخة في وجه كل المجتمعات الذكورية التي تقوم على الجهد الكبير الذي تبذله النساء و للأسف يُقابل بالجحود و النكران. " بقلم أخي عزيز بنحدوش رحمة الله عليه. ---- رواية جزيرة الذكور الجزء الأول/عزيز بنحدوش -----
رواية مغربية قصيرة، لكنها غنية بالتيمات والأفكار، من نوع الواقعي الاجتماعي. قرأتها في ماراثون البوكتيوب في دورته الرابعة، ضمن تحدي "اقرأ كتابًا من بلدك". تحكي ادريس و هو أستاذ فلسفة انتقل، لظروف العمل، إلى "جزيرة الذكور" المتواجدة في منطقة نائية أمازيغية في جنوب المغرب، حيث يواجه فقرًا مدقعًا وحرمانًا من شروط الحياة الكريمة وتهميشًا اجتماعيًا. أجواء قاسية وصعبة، طبيعة حارة وجافة.
السياق: يحاول التعرف أو التعايش مع مجتمع أمازيغي، مما يجعل الرواية وصفًا اجتماعيًا لأحوال الناس وحياتهم
الرواية فيها وصف للتفاصيل الصغيرة، وأشعر أن السارد له خبرة كبيرة في الحياة. هناك الكثير من الأسئلة الفلسفية المفتوحة والإشكاليات، وهذا طبيعي، فالكاتب في الأصل أستاذ فلسفة ومجاز في علم الاجتماع
مواضيع رئيسية: الهوية الثقافية المزدوجة بين العربية والأمازيغية، موضوع الذكورة والرجولة (الرجل يجب أن يكون خشنًا ليُعترف به كرجل في هذا المجتمع)، الكرامة وحقوق الإنسان، الفساد الاجتماعي، لأنها تتكلم عن بشر يبيعون كل شيء من أجل المال ويشترون الألقاب والاحترام بالمال. الرواية تعالج ظاهرة "الأطفال الأشباح"، وهم أطفال مزورون يوجدون فقط في شواهد الميلاد وفي سجلات الحالة المدنية، والهدف صادم.
قوى فاعلة: شخصيات وأماكن مختلفة. المكان الأول هو "جزيرة الذكور". ثم هناك أماكن مهمة مثل الفندق المسمى على صاحبه حسن، الدكان وصاحبه اليهودي الذي يبيع "ماء الحياة"، المدرسة (دار الحاتمي)، مدير المدرسة، وزير الفلسفة البيروقراطي، وراعي الغنم الأمازيغي الذي يصبح رئيس جمعية الآباء والأمهات، شيخ القبيلة والمقدم اللذان يمثلان السلطة المحلية، موحا الحاج، ثم البطل (معلم الفلسفة) الذي يبدأ الفصول مع تلاميذه، ولكنه يبدو أنه لا يتبع المنهج الرسمي بشكل تقليدي، بل يتفلسف مع تلاميذه ويحاول جعل الفلسفة في خدمة التربية والتعليم.
الرواية ليست اجتماعية واقعية فقط، ولكنها أيضًا أخلاقية وفلسفية، خصوصًا بسبب الإشارات إلى الفلسفة الإغريقية والغربية. أحيانًا كنت أشعر أنني داخل الفصل الدراسي، وخصوصًا في المقاطع التي جاءت بصوت التلاميذ، وهي المفضلة عندي.
أرشحها بقوة، وتستحق أن تصبح رواية مشهورة، وأن تدرج في المنهاج الدراسي لمادة اللغة العربية في المدرسة الثانوية، نظرًا لبعدها الاجتماعي ودورها التربوي.
عمل مغربي قح، بقلم مميز و لغة عربية سليمة و راقية، اختار فيه الكاتب الراحل عزيز بنحدوش التطرق إلى موضوع شائك لم يتطرق إليه أي كاتب مغربي من قبل، أحببت العمل كثيرا سيما طرح الكاتب لأفكاره الفلسفية، كما أحببت شخصية البطل المحب و الغيور على وطنه و شخصية علي، فقط كان بودي أن يكون العمل أطول قليلا ليطول استمتاعي بالغوص بين سطوره، و كذلك كنت أحبذ لو أن السرد لم يكن طاغيا على حساب الحوار. قراءتي الأولى و لن تكون الأخيرة للعزيز عزيز بنحدوش.