مقالات: - مقومات الحضارة الاسلامية - المنهاج، العدد13، بتاريخ 1-1-1999 - شعراء المهجر - مجلة العربي الكويتية - العدد 194 - كانون الثاني 1975 - المسؤولية في الإسلام، مفهومها، مجالاتها وحدوده، مجلة نور الإسلام http://www.alhassanain.com/arabic/mag...
وداعاً.. كريم جبر الحسن - بقلم: حسن السعيد - مدير عام قناة المسار الأولى
بعدَ صراع طويل مع المعاناة… رحل أخيراً عن هذه الدنيا الفانية، مستريحاً من همها وغمها، وليودع حسرة ولوعة في قلوب محبيه، وحين تعود بي الذاكرة الى خريف عام 1966، يومها إنضّم الى الصف الدراسي طالب جديد قادماً من العمارة. من الوهلة الاولى؛ استرعى انتباه الجميع خلقه الجم واتزانه، وسرعان ما توثقت أواصر الزمالة بيننا، لتتحول الى صداقة، ماخوّذة.. وممّا عمّق العلاقة هو نزوعه الثقافي والتزامه الديني.. وهكذا بدأ مشوارنا منذ الصف الرابع الأدبي في ثانوية قتيبة، مدينة الثورة سابقاً (الصدر حالياً). كنا نتبادل الزيارات، والكتب، والمجلات.. وحين انضوينا- كلانا- في ركب الحركة الاسلامية- كانت نشاطاتنا تنصّب في إقامة الندوات في المساجد ومواكب الطلبة أيام محرم الحرام، وحضور محاضرات الشيخ والوائلي (ره) في الخلاني والكرادة والكاظمية، والذهاب الى العتبات المقدسة بسفرات جماعية أو فردية. أنهينا المرحلة الثانوية في العام الدراسي (1967/ 1968) وكان الفقيد ضمن المقبولين في كلية الشريعة/ جامعة بغداد. وكنا نتواصل، بشكل يومي أحيانا، لاسيما بعد انتقال كلية الشريعة الى مبنى كلية الاداب في باب المعظم. وفي الاجواء الجامعية انفتحت أمامنا أجواء جديدة ورحبة في الآن نفسه. فمن جهة؛ كان مجيء حزب البعث في انقلاب 17 تموز 1968 تحدّيا واضحاً للاتجاه الإسلامي الذي اخترناه ونافحنا عنه، ثم الصراع الفكري المحتدم مع التيار الشيوعي، اضافة الى تفشّي مظاهر عدم الاحتشام في ملابس بعض الطالبات.. كل ذلك لم يفت في عضدنا، بل كان دافعاً في المضي قدما لمواجهة كل العقبات والتبعات. في مصلى كلية الآداب كانت تعقد كل أسبوع ندوة إسلامية، يتناوب على إلقاء المحاضرات فيها كل من؛ طالب الفلسفة عبد الزهرة البندر (الدكتور حالياً)وطالب العربية السيد علي ادريس خان، طالب الانجليزية محمد عبد الجبار الشبوط، وطالب العربية عبد الهادي الحلي (استشهد مطلع الثمانينات).. كما كانت تُقام الصلاة جماعة كل يوم من أيام الدوام الرسمي.. وكان كريم جبر الحسن من المواظبين على الحضور. بعد انتهاء العام الدراسي 1971/ 1972 تخرجنا في الجامعة، وبعد إكمال الخدمة العسكرية تم تعيين الفقيد مدرساً للغة العربية والدين في إحدى مدارس كركوك.. وهناك واصل نشاطه الإسلامي الحركي، بمعيّة بعض الدعاة ومن أبرزهم السيد نعمة عيسى (استشهد عام 1982)، فيما استمرت العلاقة واللقاءات خلال العطل. ورغم انهماكه بالعمل الإسلامي الحركي، وما يتطلبه من التزام عناصر وكسبهم، وادارة الخلايا السريّة.. لم تصرفه هذه عن همومه الثقافية العامة، فكان يكتب البحوث والمقالات.. ومن ذلك ما نشرته مجلة العربي الكويتية في عددها ( 194)- كانون الثاني 1975، وكان بعنوان (شعراء المهجر)، ومن الطريف أنه لم يستلم المكافأة الخاصة، مما أضطر ادارة المجلة الى مخاطبته عبر صفحاتها، بارسال عنوانه. في غمرة الهجمة الشرسة التي شنّها حزب البعث ضد الحركة الإسلامية كان الفقيد من ضمن الآلاف التي طالتهم، فلوحق في كركوك، لكنه فلت من ايديهم، وتوجه الى بغداد لمواصلة عمله الحركي في ربط الخطوط، وضويق كثيراً، مما اضطره الى الهجرة خارج العراق، وكانت ايران محطته الأولى. لم تمضِ سوى أسابيع على وصوله أرض أيران، حتى تناهى الى سمعه القاء القبض على زوجته (أم آمنة) بمعّية أهلها جميعاً، ومعها طفلها (جهاد) كانت صدمة عنيفة للفقيد، أرقّته طويلاً، حتى اللحظة الأخيرة من حياته.. واصل حياته الجهادية في ايران ثم سوريا ثم لبنان وكان يكتب المقالات والكتب ومن أهمها؛ (عملية النهوض الحضاري) و(الامام السجاد).. لكن معاناته كانت تتزايد وتتفاقم، عاد الى ايران أواخر التسعينات وقد اخذت منه المحنة مأخذها.. خاصة وأنه بعد السقوط تابع موضوع زوجته وطفلها.. وقد تيقن من استشهادها، بيد ان الطفل ظل ينكأ جراحه في ظل تضارب الأخبار عنه؛ فمن قائل أنه قُتل على يد جلادي السجن، ومن قائل أنه أرسل الى دائرة الاصلاح الاجتماعي، ومن قائل أنه أُلحق بفدائيي عدي.. وأما القاتلة له والتي هزّته من الأعماق حين قيل له: أن عائلة تبنته.. وعند استفساره؛ عمَنْ تكون هذه العائلة؟ كان الجواب هو الرفض!! لم يستطع الفقيد تحمّل الخبر الذي هدّ قواه، ولكنه صبر وتصابر، فيما تلملمت عليه الهموم من الجهات الأربع.. حتى لقي ربّه كسير الفؤاد.. مهيض الجناح. رحم الله أبا آمن