What do you think?
Rate this book


64 pages, Paperback
First published January 1, 1972
للأسف يا سيد خيري فقد انهزمت الثقافة في معركة نصر أبوزيد و اضطر الدكتور أن يهاجر هو و زوجته لينجو برأيه و حريته من طيور الظلام ال>ين تكاثروا على كل المستويات الدينية و القومية.
و كانت محنة طه حسين قد بدأت ببلاغ للنائب العام من أحد أعضاء البرلمان. و من الواضح أنه كان يخطط لتدمير طه حسين. ليس لعداء شخصي بينهما و إنما لأنه طه حسين. رمز التنوير و النهضة و الثقافة العلمية التي كانت الجامعة أحد مفارخها. و من الواضح أيضا أن مجموعة البلاغات التي تلت بلاغه إنما كان هو الواقف وراءها. و اتفقت البلاغات كلها لذلك في التركيز على تكفير طه حسين و حساسية موقفه كأستاذ جامعي له على طلابه سيطرة سحرية خرافية. أي أنه لابد من إبعاده عن هذا الموقع بالتحديد. ثم تجريده من جميع الشهادات العلمية التي حصل عليها. و لو كانت السيدة سوزان طه حسين مصرية مسلمة لرفعوا ضده الأمر إلى المحكمة مطالبين بتطليقها منه كما يحدث الأن بالنسبة للدكتور نصر حامد أبو زيد.
لكن الثقافة في زمن طه حسين قد انتصرت. و خرجت من المعركة سالمة. و حسم القضاء المعركة لصالح حرية البحث العلمي و حرية الرأي.
ترى هل تنتصر الثقافة اليوم في بلادنا. في هذه المعركة الشرسة الدامية التي لم يحدث لها مثيل من قبل؟
و بعد فها هو قرار النيابة في أهم قضية أدبية ثارت في بداية نهضتنا الثقافية و كان لها دوي هائل في كل الأوساط. أضعه كاملا و بكل حذافيره بين يدي القارئ لا بهدف إثارة القضية من جديد و لكن بهدف إبراز ما لمثل هذه القضية من دلالات واضحة. أبرزها أن حرية الفكر تؤدي إلى نتائج عظيمة و تثري الحياة بكل المضامين. و يهمنا أن نؤكد بأن أهم ما أسفرت عنه معركة الشعر الجاهلي هو انتصار الأسلوب العلمي و سيادته في الدراسات الأدبية عموما. و سيادة مبدأ عدم التسليم بالحقائق الثابتة على علاتها. فكل شيء يجب أن يخضع لإعادة التقييم انطلاقا من نقطة الشك في صدق الأحكام السابقة أو حتى في وجود الشيء ذاته. ساد مبدأ الانفتاح على الحياة و الحرية في التفكير و عدم خضوع الباحث لغير روح التحليل و منهج البحث. و مهما يكن من أمر فإن هذه الخطوة الرائدة في مجال الدراسات قد خلقت الأن هذه الحركة العريضة من الدراسات الأدبية العلمية. و ربما كان طه حسين بحق هو إمام الدراسات الأدبية التي تقول شيئا آخر غير التفسير اللغوي و البلاغي للنصوص.