يبدأ الكتاب بقصيدة استهلالية موزونة عنوانها "فاتحة"، بينما تقوم بقية الأقسام على قصيدة النثر. تطرح القصائد أسئلة الحرب والمنفى، على خلفيّة تجربة شخصية عاينت أحداث الثورة السورية، وما ترتّب عليه من آلام وانكسار وفقدان وضياع. ينقسم الديوان إلى أربعة أقسام هي: "شوارع تسير وحدها"، و"بريد الغرباء"، و"من الغائبين إلى الغائبين"، و"مجرد إيقاعات.. مجرد إيقاعات".
القسم الأول؛ "شوارعُ تسير وحدها" مشغولٌ بفكرة المنفى، سواء داخل الوطن أو خارجه، ذلك أنّ الحرب في العادة تغيّر وجه المكان وملامحه، وتجعله يبدو مكانًا آخر، فيكون المرء فيه دون أن يكون كذلك تمامًا، والأمر نفسه يحدث مع المكان الجديد الذي يستعصي على تحقيق السكنى والسكينة.
القسم الثاني؛ "بريد الغرباء" يأتي بمثابة رسائل شعرية عن حبّ وبيتٍ وحياة مفقودة، ربما هي ليست رسائل بالمعنى المتعارف عليه، لكن الآخر/ المخاطب، في هذه النصوص/ الرسائل، أشبه ما يكون بذريعة لقول أحوال ذاتية، يتخللها الخوف من المجزرة، والرغبة بالحبّ، والشعور العارم باللاطمأنينة، والعودة إلى عالم الأحلام بوصفه ملاذًا أخيرًا للإنسان في الحرب.
القسم الثالث؛ "من الغائبين إلى الغائبين" قصائدُ مكتوبةٌ تحت وطأة حضور الموت الطاغي في الحياة السورية منذ نصف عقد، لكنّ الموت في هذه القصائد يأخذ صيغًا وأشكالًا متعددة، فمرةً يكون موتَ شخص قريب في سجون الاستبداد، ومرة يكون عن موتى مجهولين من أزمنة متداخلة، لكنه دومًا موتٌ صنتعُهُ الحرب أو أجهزة الديكتاتورية الوحشية. بدأتْ هذه القصائد كمرثيات لشخص غائب، لكنها تحوّلت إلى حوار مع غائبين كثر، سواء في السجون، أو في الخطف، أو التشرّد في بقاع الأرض.
القسم الأخير؛ "مجرد إيقاعات.. مجرد إيقاعات" يقوم على ثلاث قصائد طويلة متفرقة المواضيع، الأولى لوحاتٌ لأحوال الناس في الحرب، والثانية تتشاكل مع سؤال الشعب الكردي عن الحق والعدل والمصير، من خلال ارتداء الراوي لقناع الشاعر الكردي السوري سليم بركات، وكذلك في القصيدة الثالثة تحضر لعبة القناع عبر استعارة سيرة الشاعر البدوي عبد الله الفاضل، الذي أسّس فن العتابا، لكن القصيدة تمضي لتجعل من سيرة ذلك الشاعر المطرود سيرةً جماعيةً لمنفيين تائهين في العراء.
صدر له في الشعر: دم أبيض، عن دار التكوين 2005. لا أحد يحلم كأحد، منشورات احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008. عندما لم تقع الحرب، دار كاف عمان 2012. مشاةً نلتقي.. مشاة نفترق، منشورات المتوسط 2016. كتاب الذاهبين، منشورات المتوسط 2022
في النثر: قطعة ناقصة من سماء دمشق، دار ممدوح عدوان 2015.
"لو كنت طيراً لما نزلت إلي الأرض حتى الماء سأشربه من الغيم لو كنت حصاناً لما توقفت عن الركض وإن جعت سآكل الريح لو كنت شجرة لن أتوقف عن النمو لأصل مكاناً لا أري فيه ما كنت عليه لو كنت نهراً أفضت على الضفتين حتى يجرب مجراي معنى العطش ولو كنت إنساناً لقتلت التمني"
أريد أن ألتقي هذا الشاعر وأساله بجديّة: إلى متى ستظل توجِعنا القصائد ؟ ستشم رائحة الموت ككلب يريد أن يقتصّ من عدو، وتتنهّد و-إن كنت حسّاسًا جدًا- فقد تبكي أيضًا أثناء قراءة هذا الشِّعر.
مطر على شكل أصابع الشعر أيبسته دماء سالت من النحر...
مطر..
مطر..
مطر.. على شكل قلوب
بقدر ما يحتاج البكاة
كي يصلوا إلى أي شيء يصلح أن يسمى الغد. _____________________ باعني الله حياة فاسدة وها أنفق الوقت محاولاً إصلاحها. ________________ - ما هذه العاصفة؟ مدينة ميتة يبعثرها الهواء النادب. ______________ ضميرهُ مثل المسدّس.. يا للضمير الذي يتدّلى من الخاصرة! ________________ منذ غابواء لا مكان للقاء إلا المنام..
ينتظروننا كل يوم
بثياب نظيفة
وذقون حليقة
كما يليق بالمواعيد العاطفية.
يعاتبون عيوننا
إن تأخرت في الإغماض
ويحزتهم أن يلمسوا فيها أول الإصباح..
يريدوننا أن نبقى هناك
الشدة ما يقضون وقتاً مملا ...
بينما نتذرع بأشياء ضرورية
كي نغادرهم إلى حياة
لا نفعل فيها شيئاً سوی انتظارهم.
هل نحن من نصحو لتلتحق بهم؟ أم أنهم من ينامون لينضموا إلينا؟
ماظننت عامي يحفل بقراءات شعرية وانا لست الشغوفة بها :) لكن اصدارات المتوسط، وترشيح الصديقات والأصدقاء جعلني أنساب بشاعرية لطيفة مع عدد من الدوواين العصرية لمواهب فذة
رائد وحش يحاكي وجعنا جميعا ! الممتد والقابع على صدورنا وفي قلوبنا امتداد الزمن الماضي والحاضر ..
# لاأعرف أين أنا ! لا الماضي بمضي ولا الحاضر يحضر كل ماهنالك هو هذه العاشرة صباحاً التي تحيل كل شئ إلى مجرد تخمين
# كيف يكون لنا ماللغيوم! تذهب دون أن تدري معنى ل "أين"؟؟ كيف يكون لنا ما للجبال تبقى دون ان تفكر بفلسفة ل "هنا" ؟
# لو كنت طيراً لما نزلت الى الارض حتى الماء سأشربه من الغيم .. لو كنت حصاناً لما توقفت عن الركض واذا جعت آكل الريح لو كنت شجرة لن اتوقف عن النمو لأصل مكاناً لاأرى فيه ماكنت عليه لو كنت نهراً لفضت على الضفتين حتى يجرب مجراي معنى العطش ولو كنت إنسانا لقتلت التمني
# نحن الغائبين بعد قليل تعلمنا من السابقين ألا نترك أثراً وسنعلم اللاحقين ألا يأتوا