English: Edwar al-Kharrat وُلد إدوار قلتة فلتس يوسف الخراط في 16 مارس 1926 في الإسكندرية لأب من أخميم في صعيد مصر، وأمّ من الطرانة غرب دلتا النيل، حصل على ليسانس في الحقوق عام 1946 من جامعة الاسكندرية. عمل أثناء الدراسة عقب وفاة والده منذ عام 1943 ، شارك في الحركة الوطنية الثورية في الاسكندرية عام 1946، اعتقل في 15 مارس 1948 سنتين في معتقلي أبو قير والطور. تزوج عام 1957 وله ولدان، وفي عام 1959 عمل في منظمة تضامن الشعوب الأفريقية - الآسيوية ثم في اتحاد الكتّاب الأفريقيين - الآسيويين حتى العام ،1983 وأشرف على تحرير مطبوعات سياسية وثقافية لهما. سافر الى معظم بلدان أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا في رحلات عمل. شارك في إصدار مجلة "لوتس" للأدب الأفريقي - الآسيوي وفي تحريرها، وفي مجلة "غاليري 68" الطليعية، ومطبوعات لكل من منظمة التضامن الأفريقي - الآسيوي واتحاد الكتّاب الأفريقيين - الآسيويين. ترجمت رواياته الى الانجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والأسبانية
يبدو إني مش بتحمس للكتابة غير عن الكتب اللي حبيتها جدًا، أو اللي كرهتها جدًا، وغالبًا الكتاب ده أقرب للنوع التاني.
من أكتر الكتب اللي أنهيتها بصعوبة واحترت في مشاعري تجاهها.
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات وأحيانًا خواطر معظمها عن الكتابة والأدب والتكوين الفكري لإدوار الخراط وبعض تفاصيل عن حياته.
ليه كتاب صعب القراءة؟ أولًا: لأن الطبعة سيئة جدًا، بورق شفاف لدرجة إنك بتكون شايف الصفحة اللي بتقرأها وضهرها وصفحتين بعدها، كلهم في وقت واحد، بدون مبالغة. ومع ذلك الحبر أصلًا خفيف جدًا فـ انت شايف بالعافية وفي نفس الوقت شايف أكتر من اللازم! ثانيًا: أسلوب إدوار الخراط في أحيان كتير بيبدو معقد من أجل التعقيد، ومليان حشو واستعراضات لغوية بالكوم، وفي أحيان كتير قادر على تنويمك أكتر من مرة في نفس الجلسة من كتر الملل. ثالثًا: الموضوعات اللي بيتناولها بتتكرر كتير بشكل لا يشفع فيه اعتذاره عن ده في مقدمة الكتاب، وكتير كنت بحس إنه بيفتح الموضوع مخصوص عشان يرد على انتقادات اتوجهت لكتاباته ودايمًا الرد كان بيبقى دفاعي واستعلائي وغير منطقي، اللي هو أنا كده وده الفن ودي الواقعية وانتم اللي مابتفهموش. كمان كتير كنت ببقى مش فاهمة احنا بنتكلم عن إيه بالظبط وبرجع أشوف عنوان المقال في محاولة لتتبُّع احنا وصلنا هنا ازاي، وماكانش بيبقى في تفسير إطلاقًا للنقلة من موضوع لموضوع، لدرجة شكيت معاها إن بعض المقالات هي تفريغات لإجاباته عن أسئلة غير مترابطة في حوارات سابقة مثلًا عشان كده الفقرات تبدو واحدة من الشرق وواحدة من الغرب.
في سبب كمان شخصي خلاني بقرأ الكتاب كمحاولة أخيرة (فشلت طبعًا) للتصالح مع إدوار الخراط، وهو إني ماحبيتش العملين اللي قريتهم ليه حتى الآن («إسكندريتي» و«حريق الأخيلة») وماشجعونيش أقرأ له تاني. رغم كل ما للرجل من بلاغة وتفرُّد في طريقة التعبير لكن حقيقي أدبه أبعد ما يكون عن ذوقي وأقرب ما يكون بالنسبة لي لمفعول المنوِّم. غير إني كرهت جدًا تصويره للمرأة وبشوفه حاجة في منتهى الابتذال والنظرة الذكورية. (المرأة عنده كائن شبقي فقط، ماشوفتهاش في العملين بتتكلم ولا بتفكر ولا حتى بتحس، هي جاية تتوصف جسمانيًا بس). حاول ينفي ده ضمن جواب يبدو إنه حقيقي لأحد أصدقائه في «حريق الأخيلة» وكان كلامه غير مقنع بالمرة، وبلا معنى من الأساس. تصورت لما لقيت مقال في الكتاب هنا بعنوان «المرأة في تجربتي الأدبية» إنها هتكون فرصة أفضل للشرح والتفسير وممكن تبانلي جوانب ماعرفهاش بحكم إني ماقرأتلوش كتير (ماقريتش مثلًا أشهر أعماله: «رامة والتنين»)، بس للأسف برضو المقال كان بلا معنى وما هو إلا تأكيد غير مباشر على حصره للمرأة في مجرد جسد وموضع للشهوة فقط، أو بالكتير موضع للتقديس بصفتها حاجات كتير هيحاول يبين لك إن وراها فلسفة وصوفية وكلام تقيل كده عشان نبان عميقين بس في الحقيقة هو مش بيوصَّل لأي معاني أبعد من الشهوانية برضو.
المثير للاهتمام في الكتاب، خصوصًا في الربع الأول منه، واللي خلاني أجاهد لحد ما أقراه للآخر يمكن يتكرر، هو أفكاره عن الكتابة والهوية ودور الفن. من حين لآخر بتظهر فقرات تعبيره فيها عن آرائه بيكون في منتهى الوضوح وفي نفس الوقت البلاغة، على عكس معظم فقرات الكتاب اللي بيبقى فيها إما بلاغة فقط، أو لا شيء على الإطلاق.
بعيدًا عن الكتب التلاتة المذكورة، حاولت أقرأ له حوار صحفي يمكن الوضع يختلف، لكن برضو تسرب لي انطباع بالاستعلاء وتعمُّد التعبير عن الأفكار بأكثر الطرق تركيبًا وتشتيتًا للمتلقي، لدرجة ساعات تشك معاها إن هو نفسه مش عارف بيقول إيه.
مش هقدر حتى أقول إن عندي علاقة حب/كره مع كتاباته لإن جانب الحب ده ناقصه كتير، بس الحقيقة إن في الكتب التلاتة في شذرات من البلاغة والجمال الفريد فعلًا. أتمنى يومًا ما يكون عندي الصبر والوقت لإعادة استكشاف أدبه، وأتمنى ساعتها أطلع كنت غلطانة.
إعادة استكشاف كبار الكتّاب دي متعة خاصة وخالصة والله، مش عارف إزاي الكتاب ده لم يمر عليّ من قبل، بل وأعتقد أنه لا يأتي ذكره في كتب السير الذاتية، ربما لاسمه الصعب، والذي يشبه لحد كبير سيرة وطريقة صاحبه، إدوار الخرّاط كاتب مفكّر من طراز شديد الخصوصية، لايمكن لأحد أن يقرأه أو يتقبله بسهولة، ولكنه مع ذلك شديد الجمال والإمتاع عند التركيز في عالمه،الكتاب ده كمان يعتبر جزء أول من عالمه وسيرته، تلاه بكتاب مواجهة المستحيل، والظريف إنه جمع حوارات ولقاءات معه في كتاب ثالث سماها مراودة المستحيل . في الكتاب عدد من الخواطر والتأملات الحرة التي يكتبها الخراط عن حياته، عن علاقته بالبحر في الإسكندرية، علاقته بفصول السنة، العلاقة بين كتابته وأفكاره وقراءاته الفلسفية وتأملاته الذاتية، ولعل أجمل ما في الكتاب على عادة كتب السيرة الذاتية للأدباء أنه يضيء للقارئ خلفيات وكواليس كتابته لعدد من رواياته، وتلك العلاقة الملتبسة على الدوام بين سيرته الذاتية وحكاياته الواقعية وما يأتي من تفاصيل وحكايات في قصصه وروايته، وكذلك وما إذا كان تحقق لها ما يريده بعد نشرها وقراءتها سواء من خلال الدراسات والكتابات النقدية أو تلقي القراء لها وتعليقاتهم عليها. كما لا يغفل الحديث عن دور الكتابة وتفضيلاته الشخصية لها ورؤيته لدورها، إذا يؤكد رفضه للإطار التقليدي في السرد مثلاً، وكذلك الخفة والطرافة في الكتابة، والشعارات والهتافات مهما اتخذت من أقنعة، فالعمل الفني لديه بناء خاص متكامل، يحمل لغته الخاصة وبناءه المتفرد به، كما يؤكد في كل مرة إيمانه بالتجريب واستخدام التقنيات المختلفة مع كل كتابة وفقًا لمقتضيات كل تجربة، ويرصد أثر رحلته الطويلة مع الكتابة والنقد والرصد والتحليل ليذهب إلى قناعة أنه "لم يعد نورسًا وحيدًا على صخرته" على حد تعبيره، فقد وجد في جيله والأجيال التالية له من يشاركه الغناء والعزف على تلك الألحان التي ظن الكثيرون أنها شاذة أو غريبة، كما يلقي بالتحية على عدد من التجارب الأدبية التي خاضها بصحبة رفاقه في الكتابة والأدب، مثل تجربة جاليري 68 وغيرها. كما يشير إلى رؤيته لأدبنا العربي بشكل عام باعتباره أدبًا عالميًا في حد ذاته، لا يحتاج إلى قراءة الأجانب أو الترجمة لكي يتم وصفه بتلك الصفة، إذ يرى أنه من المهم والضروري أن يكون لدينا ثقة بأنفسنا والاعتزاز بأدبنا وقوميتنا التي تمتلك صفة العالمية والإنسانية. وأن يبقى طموح العالمية مقتصرًا على توسيع قاعدة القراءة وتعريف العالم بما لدينا من ثقافة وتاريخ وأدب وحضارة.