سلسلة حوادث غامضة ضجّت بها بيروت: عربات غاز تزامن ظهورها مع حوادث موت. قتلى في حوادث سير قيل إنهم قضوا بسكتات دماغية واختناقات. قطط نفقت بأعداد كبيرة. موت أطفال رضّع في المستشفيات. انفجارات وحروب. لكن في المقابل، الفنانات الشهيرات الثلاث: رايا وكنزي وأنيسا قرّرن وضع حدّ للخصومات المزمنة وحلق شعورهنّ دعمًا لحملة بعنوان: "ما تحلق لبلدك"...
وسط هذه الأحداث، ينهمك خالد بعلاقة جديدة مع ريم محاولًا التغلب على فشل زواجه بسهى، ويساعد جاره العجوز في البحث عن زوجته المفقودة، بينما سهى في لندن تحاول خوض رحلتها الخاصة.
يمكن شراؤها بصيغة الكترونية على غوغل دوكس: https://play.google.com/books/reader?...
Hilal Chouman (Ar: هلال شومان) was born in Beirut, Lebanon, in 1982. He is the author of Four novels in Arabic: "Stories of Sleep", "Napolitana", "Limbo Beirut" (translated into English), and "Once Upon a Time, Tomorrow". He currently lives in toronto.
هلال شومان روائي لبناني الجنسية، وُلِد في بيروت في العام 1982. نًشِرَ له بالعربيّة حتى الآن أربع روايات: “ما رواه النوم” (دار ملامح – 2008)، و“نابوليتانا” (دارالآداب – 2010)، “ليمبو بيروت” (دار التنوير – 2012)، و"كانَ غدًا" (دار الساقي - ٢٠١٦). يتابع نشر المقالات النقدية والنصوص الأدبية بشكل غير دوري في مواقع وصحف لبنانية وعربية. يقيم حاليًا في تورونتو.
نظرة قيامية يتخلط فيها الواقع المعاش بالخيال "غير المعاش بعد" للقطر اللبناني الشقيق، حيث يموت الناس دون سبب وفي حوادث غامضة وسط تفاهة الأداء الحكومي ورداءة التغطية الإعلامية وحيرة قاتلة تجاه المستقبل، تتخللها خيوط رومنسية لا تقل اضطراباً عن حال البلاد... رواية لذيذة لولا طولها الشديد وحس بالتكرار يطغى على أحداثها دون تصاعد درامي يبرّر كل تلك الصفحات، ولكن جودة الكتابة والحوار والسرد، ولا سيما الشكل الأنيق للرواية (مشاهد متفرقة تفصل بينها تعليقات إعلامية على الوضع العام) تواسي عن الطول الزائد
قرأتها كلها خلال فترات الانتظار الطويلة على باب الأمن العام بانتظار دوري وإقامتي، ويا للسريالية
في روايته الرابعة، ((كان غدا)) (دار الساقي)، يقدم لنا الروائي اللبناني هلال شومان (1982) حكاية متشعبة تتوزع عبر فترتين زمنيتين، وتتفرع إلى عدد من القصص التي تعرف شخصياتها بعضها بعضا، كأن الكاتب يقول لنا إن الجميع له حكايات تستحق أن تروى، هو الذي بيّن لنا من خلال روايته السابقة الناجحة ((ليمبو بيروت)) كم أن الدنيا صغيرة من خلال التقاء أطراف حكايته ببعضهم في مجرى الأحداث قبل أن تكتمل عندنا الصورة. وفي الروايتين ينوّع شومان من راويه، فهو هنا عليم في أغلب الصفحات، مع تدخّل للراوي الشخصي من خلال يوميات ريم، وفي الحكاية التي ترويها سهى في لندن بعد أن تركت زوجها خالد ومشاكلها الحياتية العديدة معه والأوضاع المتأزمة في لبنان وسافرت، حاملة في رحمها جنينا من رجل آخر، وفي حكاية ضرغام. في الشكل، كُتبت هذه الرواية في مقاطع قصيرة لا يتعدى طول معظمها الصفحتين، تتناوب خلالها حكايات الشخصيات. نجد ما يشبه تفسيرا غير مباشر من الكاتب لاختياره الشكلي الخالط للحكايات والمبعثِر للتسلسل الكرونولوجي لسير الأحداث في الصفحة (40) في فقرة بعنوان ((صحيفة الكنبة: مقابلة))، يورده على لسان مخرج سينمائي كتب فيلمه بنفس طريقة كتابة هذه الرواية، حيث يقول ((حياتي حاليا مجموعة من المشوشات التي لم تعد تؤثر علي... حياتي تغيرت منذ الفيلم السابق)). يربط الكاتب قارئه بخيوط حكاياته المتناوبة على امتداد السرد، يشده في كل مقطع من خيط، يرخيه في المقطع التالي ليشده من خيط آخر، هكذا إلى أن يوصلنا إلى نهاية الرواية دون أن نشعر بالملل، ونحن نريد أن نعرف أكثر عن: سبب فشل زواج خالد وسهى ولماذا تركته ورحلت؟ كيف ستنتهي قصة خالد مع ريم، الشخصان الخائبان والوحيدان؟ كيف ستُنهي ريم علاقتها الجنسية بمديرها الفرنسي الذي منحته جسدها ولم تعد تستطيع الانسحاب؟ مصير جانيت الخوري المفقودة في زم الحرب الأهلية، زوجة ضرغام الصليبي المَلّاك الذي خسر أرزاقه خلال الحرب، الذي يروي حكايته على امتداد الرواية لجاره الجديد خالد الذي كان يعمل صحافيا، ولا تعدو أن تكون هذه الحكاية في الأخير حكاية عجوز خَرِف أو باحث عن صُحبة يكتسبها بالحكي، وهي القصة الوحيدة التي تخرج عن الراهن، وتعود لزمن الحرب الأهلية الحاضرة كذلك في روايات الجيل الجديد من الكُتّاب اللبنانيين، لأنها حاضرة في الأذهان، ينبعث طيفها مع كل توتر جديد مهما كان محدودا، خوفا من اندفاع البلد الصغير المتخم بمشاكله فيها، وخوفا من أن يصير الغد صورة عن الأمس. كل هذا قبل أن نصل إلى الخواتم السريعة لكل هذه الحكايات، التي نتعرف خلالها على مصائر الشخصيات غير المنفصلة عن غرائبية يوميات البلد ومجمل أحداث الرواية. هناك أمران ملفتان في رواية شومان، ولعلهما جدليّان يتحمّلان آراء ستختلف بين قارئ وآخر: الأول هو الكمّ الكبير من الأخبار التي تدخل أحيانا في تفاصيل لبنانية محليّة، مثل سرقة المياه من الخزانات على أسطح البنايات ومشاكل انقطاع التيار الكهربائي وأزمة السير، وصولا إلى مشاكل أحدث وأكبر مثل مشكلة النزوح السوري وانخراط الأطراف اللبنانية في القتال، بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل سوريا، التي لا يسميها الكاتب بالاسم، بل يكتفي بأن يطلق عليها ((ما وراء الحدود))، كما لا ينسب النازحين واللاجئين إلى بلد، كأنه لا يريد التحدث في روايته عن غير لبنان، هو الذي استشهد في مطلعها بقول من كتاب ((لبنان في شخصيته وحضوره)) لميشيل شيحا، أحد منظّري دولة لبنان الكبير. نقرأ هذه الأخبار مقتبسة من التقارير والمقالات الصحفية، ونسمعها عبر راديوهات السيارات العالقة في زحمة السير الأبدية وراديو ضرغام المُقعد في شرفته، ونشاهدها في تلفزيونات الشقق والمقاهي، حتى أنه يمكننا تقسيم مقاطع الرواية إلى ((أخبار)) تقدم لنا الحدث جاهزا، و((أحداث)) نعيشه من خلالها. الأمر الثاني هو الاستخدام الكثير للغة العامية. نحن لا نتحدث هنا عن حوارات مقتضبة بين الشخصيات، بل عن حوارات طويلة تشغل صفحات عدّة وتتكرر على امتداد الرواية، يُضاف إليها ما يتم سماعه ومشاهدته بالعاميّة عبر وسائل الإعلام. لكن، رغم كِبَر الحيز الذي تشغله ((الأخبار)) على امتداد الرواية إلا أنها متصلة بحياة الناس، وبالتالي شخصيات الرواية، اتصالا حيويا؛ بعضها ذو طابع أمني، والبعض الآخر متعلق بأمراض مجهولة وحالات موت مفاجئة وغير معروفة الأسباب، وهي تقود وتوجّه ((الأحداث))، وتكمّلها أيضا في أحيان أخرى. كما أنها لم تأتِ جامدة على الإطلاق. انتقى لنا الكاتب باقة من الأحداث الحقيقية الغرائبية، يمكننا القول، بلا مبالغة، إنها ترتقي إلى مرتبة لا تقل عن التخييل الروائي وتقترب من الواقعية السحرية، مثل القمامة التي تطفو فوق أنهار تجتاح شوارع بيروت، والنهر الذي تلوّنت مياهه باللون الأحمر من صباغ أحد المعامل فبدا مثل نهر دم، وتمساح النيل الأفريقي الذي عثر عليه عند مصبّ أحد الأنهار. لولا أنها حدثت حقا في لبنان، البلد العجيب وشاهدنا وقوعها لما صدقنا أنها حقيقية، وبالتالي لو ترجمت هذه الرواية إلى الإنكليزية مثلا كما ترجمت ((ليمبو بيروت)) لما صدق القارئ الأجنبي أن كثير من الأخبار الواردة في الرواية حدثت بالفعل. وفي الأمر الإشكالي الثاني، ولأن المسألة فيما يتعلق باستخدام اللهجة العامية تتحمل الآراء والنقاش أكثر من غيرها، نسأل: أما زال استخدام اللهجات العامية، وإن كان واسعا، مشكلة في هذه الأيام؟ برأينا الجواب لا، لأننا في عصر الفضائيات العربية التي تعرض المسلسلات باللهجات العربية كلها بحيث صارت هذه اللهجات مفهومة ومستساغة، كما أننا في زمن الفايسبوك الذي تعودنا أن نقرأ على صفحاته منشورات مكتوبة بالعامية، ويجب ألّا نُغفل هنا أن في العامية شيئا يتم فقدانه لو حوّلنا الكلام ذاته إلى الفصحى، شيئا من العفوية والتلقائية والحيوية في الحوارات خاصة. يمكننا القول إن الكاتب استفاد بذكاء من أمرين كان يمكن أن يسجلا كمآخذ على روايته، محوّلا إياهما ليساهما في إغنائها وإكسابها سلاسة في القراءة، ليتابع هلال شومان في ((كان غدا)) مساره الروائي الصاعد والمبشر، الذي بدأه بداية متواضعة في باكورته ((ما رواه النّوم))، ويجعلنا نترقب جديد هذا الاسم الشاب.
"ما من نهايات بطيئة. كل النهايات تأتي مسرعة . أما المشاهد الوجدانية التي نستغرق فيها،فهي تلي النهايات و لا تعد فعليا من أصلها .هي التبصر فقط في عواقب الأشياء ، و الإشراف من عَل علي ما حدث،و التأكدمن أن ما حدث قد حدث فعلا." بهذة الكلمات وصف الكاتب النهايات التي تباغتنا و تهز من توازننا تنبش الرواية في عمق العلاقات الإنسانية وتعقيداتها، الشخصيات التي تعيش علاقات مرتبكة، فـ"خالد" الذي ما زال عالقاً في تلك المنطقة التي تلي الفراق،يحاول عبثا العثور عن سبب يفسر له كيف وصلت علاقتهما عند حافة النهايه ، و ضرغام الذي لا يريد أن يصدق ان زوجته قد رحلت عنه و يحاول البحث عنها كل ذلك في وسط الكوابيس التي تعيشها بيروت حيث الدمار و الخراب الذي يعصف بكل شي رواية جميله كتبت بعذوبه شديده و اُسلوب جميل يجعلك تلهث وراء الصفحات حتي النهاية
رواية لطيفة، فيها ربط للأحداث السياسية بلبنان وسوريا مع حياة الناس وانعكاس هذه الأحداث عليهم وعلى صحتهم النفسية. أحسست أن الرواية تطرح الكثير من الأسئلة، ربما أكثر من اللازم، ولا إجابات كافية. أعتقد أن البداية كانت غير واضحة، عم تتحدث الرواية؟ لكن بعد الربع الاول، اتضحت معالمها الرئيسية. والنهاية، منطقية لكنها ربما محبطة بعض الشيء؟ توقعت المزيد، او توقعت نهاية مفاجئة لكنها كانت مجرد حلقة اخرى في سلسلة الموت.
أسلوب سرد الأحداث مشوق.. تقاطع الحكايات .. والإشارات. أعجبتني قدرة الكاتب على تجميع القصص وربطها. تضمين الحدث السياسي. بقيت هناك قصص غير مكتملة. لم تُشرح كفاية. كنا ننظر إلى الحدث من أعلى، ونتابع مع الرائي، بعض الأحيان كانت الشخصية ريم مثلا تنخرط في سرد شخصي لتحكي عن حكايتها . وأيضا سهى .. تمنيت لو تطول الرواية. في الحقيقة كنت أستمتع بقراءتها بشكل متقطع.. ولم أرد أن تنتهي.. فيها دفء وطرافة.. وإشارات ناقدة للواقع الاجتماعي والسياسي..
"كان غدًا" لهلال شومان: بيروت في علبة ليغو "كان غداً"، رواية تحتفي بالبطء. على امتداد أكثر من 380 صفحة، يفرض هلال شومان إيقاعا بطيئا على السرد والوصف والشخصيات والقارئ، وعلى بيروت، وهو إيقاع مقصود.
الرواية الرابعة لهلال، تبدو كمن تمشي على مهل، في مشهد فائق السرعة، يتحول فيه المارة والسيارات وأعمدة الإضاءة إلى ما يشبه خطوط سرعة ملونة، ويتبدل فيه الليل والنهار في تتابع لحظوي، بينما الرواية تراقب، وتسجل.
بطء، هو في أصله اعتراض على سرعة لا توصل إلى مكان، أو إلى نتيجة. تسرع، بالأحرى، هو السمة الأولى لبيروت، مكان الرواية وزمانها، وبطلتها الوحيدة على ما أجزم.
كتب هلال رواية تشبه لعب الليغو الحديثة والمعقدة. إنك تعلم من البداية أنك ستبني من مئات القطع الصغيرة، مشهداً آخر لبيروت بعينَي راويها. لكنك، حين تبدأ بالعمل، ستحتاج إلى كتاب تعليمات من عشرات الصفحات يأخذ بيدك ليدلك إلى تركيب هذه القطع، قطعة قطعة، لا تتشابه بينها اثنتان، كل واحدة في مكانها المحدد.
هكذا بنى هلال شومان بيروته الخاصة في "كان غداً"، او هكذا قرر أن يشرك قارئه في متعة بنائها. القارئ الذي يعلم في نهاية المطاف أنه سيبني نموذجاً آخر للمدينة، ويستمتع بالتركيب، غير آبه بطبيعة الحال، بالنهاية.
لا بداية لـ"كان غداً" ولا نهاية. ولا إجابات جاهزة لسؤال القراء عما حدث ويحدث وسيحدث. هناك شخصيات غارقة في همومها اليومية. قصص حب وجنس وسأم وسوء فهم، ومشاعر مخبأة أقرب إلى الأسرار التي يفضحها كاتب يلمح من الصفحات الأولى إلى أن ما نقرأه ليس الواقع بعينه، لكنه محاكاة قاتمة، وساخرة، لهذا الواقع.
واقع موازٍ للمدينة الآن، يلامس خيالاً علمياً ولا ينغمس فيه إلى حد ظهور ما هو فائق للطبيعة، للعادية. الأحداث الغريبة التي ستظل تظهر على صيغة اخبار في الصحف أو في الإذاعات، لا تختلف غرابتها، في العمق، عن غرائب الأخبار اللبنانية اليومية التي اعتادها اللبنانيون، ويتعاملون معها إما بقدرية واستسلام، وإما بمنطق أن هذا هو "العادي"، مع أن لا شيء عادياً في الضوضاء التي تحكم بيروت وتتحكم بها.
سرد هذه الضوضاء، ووصفها، قد يكون التحدي الأصعب الذي جرّب فيه هلال. الكاميرا التي صور بها مشاهده، كاميرا دؤوبة. تلتقط المشهد نفسه مرات متعددة. مرة من جهة خالد من التلفون، ومرة أخرى من جهة ريم. مرة من هذه الشرفة ومرة من الشرفة المقابلة. من فوق. من تحت. يفكك الضوضاء وينقلها ببطء، في جرعات مركزة. يدخل رؤوس شخوصه ويخرج منها. يقولها ما يريد حيناً، ويتركها تفكر على سجيتها في حين آخر. يحب هلال شومان هذه الألعاب ويبرع فيها. تعطيه فسحة للهو بلغته وللاستمتاع بالكتابة، ولتكثيف صوره وشخصياته، ولتكثيف جملته البصرية الطاغية في رواية يضيع الواحد إذا كان يقرأها أو يتفرج عليها، لكنه لا شك يتشرب ضجيجها واثر هذا الضجيج في شخصياتها وفي ما تركته بيروت في كل من عاشها، ولم يقدر على فهمها، أو فهم بصمتها التي لا تمحى عن جلده وعن العطب الذي تركته في ذاكرته وفي تفكيره.
"كان غداً" هي رواية بيروت اليوم، بكل ما أورثته لنفسها، وكل ما ستورث نفسها. تسخر من بيروت لكنها تبقى حانية عليها. علاقة الحب - الكره الجذرية بين بيروت وناسها، يفككها هلال ويعيد تركيبها، في تجربة روائية رابعة تبقى مشدودة إلى خيط بيروت نفسه، تضرب عليه ببطء واصرار، لتخرج جملة موسيقية واحدة مفهومة، وسط كل هذا الضجيج. - See more at: http://www.almodon.com/culture/2017/3...
تقترب منا الأشياء بعدما ظننَّاها بعيدة، وبعدما كنّا نوهم أنفسنا أننا نتجنَّبها قدر الإمكان. نعزل أنفسنا، وإذا قرَّرنا أن نقترب، نصير ندور حول المشوِّشات والعقبات، ونسلك طرقًا بديلة كي لا نطأ في رمل متحرِّك نثق أنه سيسحبنا إلى الأسفل. وبالرغم من كلِّ جهودنا، بالرغم من كلِّ تركيزنا في تجنُّب الأمكان والناس الخطأ، فإنَّ المسارات تتجاور في لحظة وتتقاطع. مرَّة وحيدة أو أكثر، ليس مهمًّا عدد التقاطعات ولا أسبابها. المهم هو النتيجة. فعندما تحدث الأشياء، تحدث فحسب. وعندما نفشل، نفشل. نفقد سيطرتنا وننجذب إلى مسار آخر كنا نهرب منه.ثمَّ ننتبه بعد إنكار، أنَّنا صرنا في قلب العالم الذي تجاهلناه طويلاً وابتعدنا عنه بإرادتنا. ها نحنُ فيه من دون أن نختار، مضطرون للتعامل مع كلِّ ما يفرضه علينا. ها هو يمسُّنا مرَّة بعد مرَّة في أكثر التفاصيل شخصية. تذوي طاقتنا ببطء، ونجهد لإرساء تسويات، سواء فشلنا أو نجحنا في تحقيقها، يتواصل تراكم شعورنا بالفشل. تصير طاقتنا تنطفئ بشكل أسرع، حتَّى تخمد تماماً. وينقلب الأمر عندنا من هوس الإبتعاد عن المسار، إلى الشعور بالإستهداف.حتَّى إن كانت هذه الأشياء تصيب الكل. لا يهم. ما يحدث موجَّه إلينا. هكذا نشعر. هكذا نثق. نحاول الانزلاق إلى عزلة جديدة داخل المسار الجديد. نعزل أنفسنا عن كلِّ من حولنا، مسترشدين بما نظنُّ أنه حقيقة: إذا كنَّا لا نستطيع الهرب من هذا كلِّه، فلنتقوقع وحيدين في زاوية ننتقيها. لكنَّ الأمر ليس سهلاً، لأنَّنا ببساطة موجودين في الداخل، ولأنَّنا سنرتطم بالأشياء مهما جرَّبنا الابتعاد عنها. هكذا هو الحبُّ الفاشل. هكذا هي السياسة القائمة. هكذا هي الحروب. هكذا هي الحياة. كلها أنظمة قائمة تمنع فرص البحث والإختيار. تورِّطنا. هي القويَّة، ونحن الضعفاء. نحن الذين صرنا ضعفاء بعدما انطلقنا ذات يوم في شبابنا مبتهجين، آملين، نعانق الأحلام. أحلامنا كلُّها تسقط تباعاً لأنَّ موازين قوة قد اختلَّت، بمرور الزمن، ولم نكتشفها إلا متأخِّرين. واعون لهزيمتنا، ولا نقدر أن نردَّ شعور الفشل والنهاية. واعون، ولا نستطيع أن نصلح أيًّا من هذا الذي يحدث لنا. فكيف نستمرُّ وسط كلِّ ذلك ؟ نحاول. نجرِّب أكثر من مرّة ونفشل. نحاول ثانيةً حتى نصير محض أشباح. البعض منَّا يكون أكثر حظًّا لأنَّه يحظى بشريك يفهمه. لكنَّ الشراكة لا تكفي. فالعالم قائم حولنا، والتورُّط مستمرٌّ، ولا سبيل لتغيير هذا كلِّه. هذه هي الخلاصة: إن لم نكن سعداء، ولَمْ يكُن هذا العالم يحبُّنا، فلِمَ نستمرُّ؟ ولِمَ نعيش؟
"جانيت يا لجمال ما حدث بيننا.... يالجمال ما لم يحدث بينا" تتوازى قصة العجوز ضرغام جار خالد مع الأحداث التي تدور بين خالد وسهى وريم ويقرر خالد ان يساعد ضرغام في العثور على زوجته المفقودة أثناء الحرب بالتزامن مع قصة حب جديدة يعيشها بعد انفصاله عن سهى. وبين القصتين تحضر بيروت بوضعها الأمني ومجموعة من الأحداث الغريبة والمخيفة. يقسم هلال شومان النص بطريقة رائعة جعلتني اشعر _كما دائما في الروايات الجميلة_ بالحزن كلما اقتربت من الصحفات الاخيرة.