" هناك مكان بداخلي، بعمق أعماق ذاتي لا يستطيع أحد الوصول إليه، مكان مُحصّن، أهرب إليه كلما شنّت الحياة حربها علي ولفتني بالضياع المضاجع. مكان آمن كأنه حضن أمي، أو قسط من الفردوس. عماده الجمال والحب غير المشروط لذاتي. مكان محفور بين النُّدب الدفينة، أحس فيه بالأمان وبالحرية. أعيد فيه ترتيب مسودة حياتي، أنقحها، أشطب على فصول منها وأضيف أخرى وفق مزاجي... هذا المكان ارتطمت به في غمرة انزلاقي نحو الجنون كما يرتطم من يهوي من أعلى سقف عمارة بسيارة على الرصيف تنقذ حياته. كان آخر باب يفتح لي قبل باب الجحيم. ومن ذاك الحين وأنا أحفظ مفتاحه بين الرموش لأن أمكنة كهاته لا تقبل أكثر من ذات."
رواية "التوأم" هي الرواية الخامسة للأديبة الطبيبة فاتحة مرشيد بعد أعمالها السردية الناجحة: "لحظات لا غير"2007، "مخالب المتعة"2009، "الملهمات" 2011 و"الحق في الرحيل" 2013.
لا اعرف من أين سأبدأ، فأنا لا أحب أن أنتقد كتابا ما ولا أن أحكم عليه ، عدة كتب هنا لو كنت قد ملت لآراء محددة لما قرأتها ولا استفدت منها، لذا أحياناً اترك انطباعاتي التفصيلية جانباً ، أستفيد منها، نحتاج لأن نبصر الجانب المضيء في كل كتاب ونعلنه بجمال، وحياد، ولكن بعض الكتب تستفزك بشكل ما، يفيدك مع ذلك،
كتاب التوأم، خفيف، بسيط،مليء بالإقتباسات التي توضّح شغف الشخصية الرئيسية بالفن، وهو كلغة وحبكة، جيّد، وبشكل غير عميق يتطرق للعلاقة بين التوأم ، التي تبدأ من الرحم ، ونفسية التوأم ..
القصة أزعجتني قليلاً، أحسستها تشبه الأفلام التي لطالما امتنعت عن مشاهدتها، عن قصص الحب و الخيانات ، و النهايات السعيدة، هذا إذا ركزت على القصة ، أحياناً يحدث أن تقرأ مشهد من كتاب و تتخيّله لبّ المحتوى كلّه فتقول: ما هذه السخافة ؟! لذا أنا أتخطى الأمر وأمضي ربما تتغير الفكرة في النهاية،
أما لو اعتبرت الكتاب كمصافحة سريعة بينك وبين صديق ، سيظل خفيف الظل و لن يزعجك الجانب الواقعي فيه ، لو تخيلنا أن البطل كان يحلم فقط، و أنها ليست قصة تمثل نموذج حياة في مجتمع عربي يثق كل واحد بالآخر ثقة عمياء تنقلب عليه في النهاية فتقدم لك سيناريو معقد و مقرف في النهاية،
كما قلت لا تميلو لرأيي ، فأنا أستطيع أن أجد في كل كتاب ما يميزه، حتى ما يعيبه يميزه، يكفي أنّه حرّك مخيّلتي ، و أهداني كلمات، وصور تمتلكها مخيّلتي وحدها،
أحيي الكاتبة على خيالها المدهش و بساطتها، وشاعريتها ، لها كتب أخرى جميلة و تستحق القراءة.
#مراجعة التوأم-فاتحة مرشيد- رواية تحكي قصة حب تبدو مثالية على قدر بساطتها..هذا النوع من القصص لا يحدث الى في خيال الكاتب...القصة في ذاتها لم تدهشني...لكن حوارات الشخصية الرئيسية لامستني كثيرا...لا أعتبرها قصة حب مبتذلة لكن قصة صراع انسان مع ذاته و عالمه الخاص ،لا أحد غيره هو وذاته ثم يأتي العالم في الخارج . الرواية تعطينا نظرة أقرب على عالم السينما و اسقاطات الواقع عليها، "الحياة الواقعية ليست سوى مسودة لما أتخيله انطلاقا منها....علاقتي بالواقع مشوشة على عكس المؤرخ و مايهمني هو الارتباك بين الواقع والخيال."(مراد-الشخصية الرئيسية). -هي أول رواية أقرءها للكاتبة المغربية فاتحة مرشيد- و يمكنني القول هي واحدة من الروايات العربية التي يمكننا أن نعتبرها "عملا أدبيا ناجحا" يخرج عن النمطية و الأدب المتكلف...أعتقد أني سأقرا لها أكثر ....
كعادتها .. لا تكتب مرشيد إلا في العلاقات الملتبسة .. وقد أشارت إلى ذلك في إحدى رواياتها، لا أذكر أكانت "لحظات لا غير" .. أم غيرها .. أنه ما الجدوى إن كانت الرواية حول الأمور التقليدية ..؟! ربما .. على كلٍ ..أعتقد أن جميع ما قرأت لها سابقاً تفوّق على هذه الرواية في الناحيتين .. اللغوية والفنية الروائية .. لكن .. هل يُعقل أن تكتبَ مرشيد شيئاً .. وتتركه ..؟!
تتحدث الرواية عن قصة السينمائي مراد الذي يقع بين مطرقة زواجه التقليدي بنادية التي تحبه بكل جوارحها وسندان ولهه بأخت زوجته نور التي لا تفقه عن حب مراد لها. هذا الحب الذي سيتأجج بحمل نور بتوأم من زواجها التعيس بكمال، حيث سيرى مراد في هذا الحمل فرصة للتصالح مع ماضيه الأليم الذي فقد فيه أخاه التوأم. تتوالى الأحداث لتنتهي القصة بتبني مراد للتوأم ورعاية نور لهما بعد موت نادية.
القصة في مجملها تبدو أحداثها خيالية ومبتذلة لأبعد حد، كما أن العديد من المقاطع تتضمن حشوا لا يمت للبناء السردي بصلة... وبالتالي كنت سأحتفظ في تقييمها بنصف علامة فقط لولا أن غفرت أعمال فاتحة مرشيد الأخرى لها فشل هذه التجربة الروائية.