كان أغرب ما في الأمر أنني كنت مستسلمًا، وفظًا في مواجهتي لفضيحة استقبالي عند بوابة المستشفى، وأنا مبتل بالعرق، ومنكوش الشعر، ومتورم المثانة، وعلى مقعد متحرك، وباستثاء صراخي في وجه: ست النساء، الوقحة، المتعدية على رضاعتي بلا وجه حق، لم يبدر مني ما يؤكد أنني أحمل مشاعر يمكن أن أبكي بها، أو أضحك بها، أو أجمدها بلا أي تفاعل. الشيء الآخر المذهل، هو طيف الفتاة ميمونة، هذا الطيف صعب المراس، ومصر على البقاء في ذاكرتي، أو لعل ذاكرتي هي التي كانت صعبة المراس، وتصر ألا تفلته. ربما الاتكاء على هذا الطيف، سيعينني على تحمل ما سيحدث، تمامًا مثلما أعانني الإمساك بيد ليز، في بداية تعرفي على الجمال. لكن ليز الآن ليست ليز ذلك الوقت، هي عندي وليست في داخلي تمامًا، وأنا عندها، ولست في داخلها تمامًا، واليتيم ضحية-أيهم، محور آخر لديها، أظنه أكثر ثراءً من محوري.
Amir Taj Al-Sir (sometimes Amir Tagelsir or Amir Tag Elsir) is a Sudanese writer who currently lives and works in Doha, Qatar. He has published two biographies and one collection of poetry .
He graduated from the faculty of medicine, and notes, on his website, that he worked for many years in Sudan as a gynecologist. He now works as a physician in Qatar.
He began by writing poetry, but shifted to novels in 1987, and published his first novel in 1988.
صورة ساخرة وممتعة لفوضى الواقع وظلام السلطة سيرة حياتية للحداد صاحب ورشة الحدادة الذي أصبح فجأة وزيرا للثقافة ينتقل الراوي الوزير في الحكي بين أحداث حياته في الحاضر وذكريات الماضي مظاهر العشوائية والاختلال والانتهازية في بلد مُنهك سياسيا واقتصاديا وثقافيا معالم الشخصية الانسانية التي تتغير تبعا للسُلطة وتغيُر الظروف المُحيطة بها وقدرة البشر على التكيف مع الظلام بدون أي رغبة في الخروج إلى النور
أمير تاج السر بارع في ابتكار الشخصيات وأحوالهم وخاصًة في البيئات الشعبية
- تتحدث الرواية عن (الحدّاد جمعة) الذي تحول ما بين ليلة وضحاها إلى وزير الثقافة بعد الإنقلاب العسكري في البلاد، الرواية تتحدث عن السيرة الذاتية للوزير، تحدثت عن كيفية اختياره من قبل الحاكم العسكري، تحدثت عن بعض الخفايا لكيفية إدارة الوزير لبعض الأعمال، وعن أهمية معاونيه، وعن حياته الشخصية. . - المقابلة التي أدت به إلى أن يكون وزير، فيها الكثير من العبرة والتوضيح لكيفية وكمية العشوائية الموجودة في البلاد. . - نهاية الرواية أوضحت لنا كم هي عميقة هذي الرواية، وصحة ودقة اختيار العنوان. . - لغة الراوي كما اعتدنا عليها، بسيطة وسلسة، وسرده متتابع غير ممل؛ لكن بطبيعتي لا أحب الروايات التي تنقلنا من الحاضر إلى الماضي في كل فصل تقريبًا، والمقارنة مع كل حدث في السابق والحاضر. . - رواية جميلة. . - صور المقابلة في تتابع الصور. . . #إقتباسات . - فجأة ارتعبت بشدة، خفت أن يتجه مدير مكتبي الخفيف بلا مشورة مني لما نسميه بيننا: نشر العقدة، وهي أن ينهي بما يملكه من صلاحيات، أو حتى لا يملكه، ويطوعه قسرًا، أي موضوع يحسه فاضحًا، أو سيؤدي إلى مشكلة في المستقبل.. . - كانت الوزارات قليلة والسياسيون الطامحون كثيرين، وبيئة ما بعد الإستعمار ما تزال شديدة القذارة وبحاجة إلى سنين من التنظيف، ثمة عملاء للمستعمرين ما زالوا موجودين وإن استبدلوا ثيابهم بثياب بدت وطنية، ثمة متعلمون رضعوا ما سموه بالحداثة، ويحاولون إرضاع الناس الحليب نفسه. ثمة أحزاب ولدت من أي رحم؟ لا أحد يعرف، وابتدأت طقوس الصراع، وثمة نساء فوضويات خطرات يدرن صوالين مظلمة، فيها كل ما يبهج ويدمر في الوقت نفسه. . - ستالين نفسه، كان يساريًا متطرفًا، ولولا أنه انشغل بدراسة الطب، كما أعتقد، لكان أنشأ فكرًا متطورًا من الماركسية، وحصد له الأتباع، وأزعج به الحكومات.. . - أنا في عُرف البعض ظريف جدًا، وفي عُرف البعض الآخر طيب، وفي عُرف عامة الشعب كما أعتقد: انتهازي، همجي، أناني، دموي..
عن أي ظلام يتحدث أمير تاج السر في روايته "سيرة مختصرة للظلام"؟ وهل هناك سيرة مطولة له؟ هل يمكن أن يتحكم بنا ظلامنا، لنطيح بعيداً بما أعاد لروحنا مياه الحياة، و احتل عقلنا و نحن في أحلك اللحظات؟
نُنهي الرواية من نقطة البداية.. ليضح لنا أن سيرة ظلام كرسي السلطة، مختصرة بالفعل؛ لا تحتاج إلا إلى زر التفعيل وهو الجلوس عليه. تحكي الرواية عن الحداد البسيط الفقير "جمعة"، الذي كان شاهداً على تحوّل أحد حراس الحدود المهمشين إلى العقيد، صاحب آخر انقلاب عسكري في البلاد، الذي تسلًم كل مقاليد السلطة و رئاسة الوزراء و خمس وزارات أخرى، ليتحول جمعة الحداد بنفسه إلى وزير للثقافة، بعد اختبار بسيط و شكلي أجراه العقيد عليه في ورشته للحدادة، قبل قيامه بانقلابه العسكري بأسبوع.
تجري الرواية بسلاسة و بالتوازي، بين الماضي البسيط الغارق في الحزن و اليأس للحداد وقصة زواجه من ليزا، و بين حاضره، عندما يكتشف في يوم واحد قدرته على الحب و على عيش لهفته من جديد، وعلى أن يكون فتى الأحلام الأول لصبية عشرينية فاتنة، خلبت لبه و شغلته عن نفسه، و أنه مريض بمرض محرج و بحاجة لجراحة طارئة. لاحقاً، يستدعي الفريق رئيس البلاد، الحداد وزير الثقافة، لزيارته بصورة عاجلة، و يعمد لإهانته و التقليل من أهمية وزارته، ليكتشف أن هناك بقايا كرامة، و بقايا ضوء في نفسه يجب التخلص منها، ليغرق الوزير في الظلام أكثر، و يصبح لائقاً لمنصبه و لمناصب أخرى أكثر.
العنوان جذاب وذكي يلمّح لأهم فكرة فلسفية وردت في النص، المحبوك باللغة الخلابة للكاتب، المليئة بمفردات و تعابير و تشابيه لا تترك لخيال القارئ فرصة للتوقف.. أذكر هنا مثالاً جملة: ( أنا داخل الظلام، و سأظل داخل الظلام إلى زمن بعيد، و حتى بعد أن تتم إقالتي، و ربما حتى وقت موتي. الذي يلعق ملعقة واحدة من الظلام، لن يكون، و إن صار ضوءاً، أكثر من ضوء باهت و كئيب.) للكاتب أسلوب خاص و متفرّد في نقل إحساس اللحظة.. أذكر هنا مثالاً عندما وصف انتعاش الحداد باستلامه منصب وزير الثقافة بجملة: ( و بعد أن جلست على مكتبي الواسع متعدد الزوايا، و الذي يضم مروحة ناعمة هنا و مروحة ناعمة هناك، و ثالثة بين الهنا والهناك، و إنعاشاً إضافياً يأتي عبر نافذتي من هواء النهر القريب).
كلمات بسيطة، تارةً تضفي للّحظة نعومة و ترفاً و انتعاشاً و زهواً بالمنصب الجديد، و تارة تضفي فكاهة رائعة لا تقدر معها مقاومة الضحكة الصادقة: ( سافرنا للمشاركة في الاحتفال بيوم القرد، و هو يوم وطني هناك، يدللون فيه القردة، حتى يحولوهم لملائكة، و يأتي مسؤولون كبار في الدولة يقفون أمام أقفاص القردة الموزعة في الحدائق الجرداء، يبكون و يستغفرون، و يعتذرون عن أخطاء في حق القردة، ربما ارتكبوها و لن يعودوا لتكرارها أبداً، ولابد هنا من وجود مقلّدين موهوبين لطمأنة المحتفى بهم بنفس الأصوات التي يستخدمونها، و لذلك لا بد من ذهاب عادل، بوصفه أحد المرموقين دولياً في هذا الشأن) يعمد الكاتب بين الحين و الآخر للإشارة إلى تفاهة و ضآلة دور وزارة الثقافة في ظل حكومة لا تقيم لها وزناً، و شعب لم يسمع معظمه بوجودها.. أقتبس هنا أحد المشاكل العويصة التي تعرض لها الوزير جمعة: ( كيف أعتبر الرجل الذي يقلّد كلباً عاوياً في زقاق مظلم، مثقفاً جديراً باحتضانه؟ كيف أعتبر صياح البومة الكئيب نشاطاً مثمراً؟ لقد وضع عادل على طاولتي مسألته الشخصية، و يطالب بجعلها مسألة قومية!)
الشخصيات، كعادة الكاتب، كثيرة و متنوعة، لكن لا يغفل عن رسم كل واحدة منها بما يناسبها من وصف عضوي و نفسي لا يخلو من كوميديا، و اسم لا يمكن أن يليق إلا بها.. الحوارات قليلة لكنها جيدة و تناسب مستوى و فكر و نفسية من يقولها.
نص رائع و سرد فلسفي فكري عميق بلغة السهل الممتنع التي ينفرد بها أمير تاج السر، و يتحفنا من خلالها بإبداعه، الغني بالكوميديا الساخرة السوداء، والصور المتتابعة، و الحبكات الذكية، و الخاتمة المدهشة.
أمير المبدع دوماً لم يخيب ظني ولا توقعاتي ابداً ، رواية حول القري السودانية والعادات والأحوال بها ، البساطة والنميمة والمواطنين والحب والسلطة ، كيف تحولت حياة جمعة من مواطن بسيط جداً إلي سيادة وزير الثقافة ، كيف تغيرت حياته ، كيف أثرت السلطة علي حياة سيادة الوزير
غرائبية الحياة سيرة مختصرة للظلام بساطة السرد تخفي عمق الفكر والفلسفة، الابتكار فيها الدائرة السردية، فالنهاية ترجعنا لنقطة البداية، للعنوان، فعند قراءة آخر سطر من العمل يعيدنا الروائي أمير تاج السر لقراءة الرواية مرة أخرى (تأملاً)، فهي رواية الحاضر، رواية الماضي، رواية المستقبل، كاشفة للحقيقة من غير غطاء الكذب، تدعونا لتأمل مسيرة الحياة التي تدحرج الإنسان كما تتدحرج الكرات في الرياح، وتصقله كحجر في مجرى نهر جارٍ، وتلويه كما تلوي مطرقة الحداد الحديد. رواية مليئة بالمتناقضات، عبثية الحياة وجديتها، الفوضى والترتيب، الحرية والعبودية، القوة والضعف، الغنى والفقر، غنى المال وغنى النفس، وفقر المال وفقر النفس، رواية عن أيمن تعلم استخدام يده اليسرى، فكان أخرقاً في مهامه غير أن يسراه كانت أشد إمساكاً باللجام من اليد اليمنى، فقد تدرب البطل على ذلك، وتفكر في الحياة وقصرها وسرعة الزمن وهوان كل شيء، تجعلنا الرواية نتأمل الأشياء في ذاتها ونقسمها لنصل إلى الغاية، هي رواية غرائبية عن أخطاء الحياة المرتكبة عمدا وعن غير عمد، هي الظلام في النور والنور في الظلام.
قصة الحداد الذي أصبح وزيرًا للثقافة، والضابط النحيل الذي أصبح رئيسًا للجمهورية، في الآن ذاته الذي يتولي فيه مهام خمس وزارات أخري. رواية جميلة جدًا من الأدب السوداني، تمتاز بلغتها الشاعرية والبسيطة السهلة، وأسلوبها المُفعم بالسخرية والكوميديا؛ بالطبع السخرية من الأنظمة الحاكمة لا سيما في السودان. حكايات كثيرة وحكايات تتشعب عن حكايات، وشخصيات أكثر، لكن الكاتب برع في البناء الدقيق لكل شخصية. السرد بسيط وممتع، ونهاية الرواية تعود بنا إلي البداية من جديد، كأن الكاتب يقول الظلام لا ينجلي، وقد قال بالفعل: "الذي يلعق ملعقة واحدة من الظلام، لن يكون - وإن صار ضوءًا - أكثر من ضوء باهت وكئيب". أول تجربة لي مع الكاتب ولن تكون الأخيرة إن شاء الله، فقد أحببت قلمه وأسلوبه.
سيرة مختصرة لظلام قصة الحداد الذي أصبح وزيرا لثقافة ،هذا حال الانظمة الديكتاتورية ......جمهورية الظابط البسيط الذي أصبح رئيس جمهورية ....يعين وزير الثقافة فيها بإختبار بسيط أسئلة من قبيل ..من هو دستوفيسكي ..مامعنى نظرية كذا وكذا . قصة الوزير العجوز الذي أصابه تصلب في خصيتيه في نفس اليوم الذي اكتشف أنه مزال قادر على الحب ، بعد أن أغوته شابة عشرينية "أنتى فتى أحلامي سيدي الوزير" منير لمات قلبت حياة ااسيد الوزير . بالمناسبة هذه ثاني رواية سودانية أقرأها بعد راائعة "موسم الهجرة نحو الشمال" لطيب صالح ولم تخيبني هذه الرواية وكانت في مستوى تطلعاتي ....كل الشكر الأستاذ إمير تاج السر .
رواية جميلة كأسلوب كاتبها الرائع. يحكي فيها عن الحب والسياسة ومداعبة المراهقة لمن هم في الستين. A beautiful novel as the style of its wonderful writer. It tells about love, politics and adolescence’s foreplay for those who are sixty.
لا غبار على العبقرية الروائية التي يمتلكها الدكتور أمير تاج السر.. الرواية تتحدث بصيغة الراوي الذاتي عن حداد اسمه جمعة راضي، تشاء الصدف الجميلة أن يصبح وزيرا للثقافة بعد انقلاب يقوم به أحد زبائنه القدماء في ورشة الحدادة.