قيض الله جل ثناؤه -لكتابه العزيز علماء أتقياء، ومخلصين أوفياء، من أعلام الهدى، وأئمة الصلاح والدين، سهروا على خدمة القرآن العظيم وبذلوا قصارى جهدهم لتوضيح معانيه وبيان أسراره، وكشف دقائقه، واستخراج ما فيه من حكم وأسرار، وما احتوى عليه من روائع وعجائب، فكان منهم من سلك طريق الإيجاز، ومنهم من سلك طريق الإسهاب والإطناب، ومنهم من اقتصر على تفسير بالمأثور، ومنهم من جمع بين (الرواية والدراية) إلى غير ما هنالك من طرائق المفسرين وأساليبهم في القديم والحديث. ولقد كان الإمام العلامة، الحافظ الثقة أبو الفداء (إسماعيل بن كثير) المتوفي سنة (774) هجرية في مقدمة هؤلاء الأئمة الأعلام من جهابذة المفسرين، وقد وضع تفسيراً للكتاب الكريم سمّاه (تفسير القرآن العظيم) وتفسيره هذا من خير كتب التفسير بالمأثور ومن أوثقها، وهو تفسير جامع بين (الرواية و(الدراية)... يفسر القرآن بالقرآن، ثم بالأحاديث المشهورة في دواوين السنة المطهرة بأسانيدها، ويتكلم على الأسانيد جرحاً وتعديلاً، فيبين ما فيها من صحيح وضعيف، وغريب أو شاذ، ثم يذكر آثار الصحابة والتابعين، قال السيوطي فيه: "لم يؤلف على نمطه مثله". وإنا لنجد في عصرنا الحاضر ميل الناس إلى التزود من الثقافة الدينية، ولا سيما تفسير الكتاب الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وكثيراً ما يسأل الإنسان: أي التفاسير أسهل منالاً، وأجدى فائدة للقارئ في الزمن القليل؟ ولما كان تفسير العلامة ابن كثير رحمه الله -على ما فيه من مزايا كريمة -لا ينتفع منه إلا الخاصة من العلماء، وذلك بسبب ما فيه من تطويل وتفصيل لأمور لا حاجة لذكرها، وبخاصة عند ذكر الآثار المروية، والأسانيد للأحاديث الشريفة، مع أن معظمها في كتب الصحاح وكذلك الكلام على هذه الأسانيد بالجرح والتعديل، وما فيه من خلافات فقهية لا ضرورة لذكرها، مما تجعل الفائدة منه قاصرة على فئة مخصوصة من طلبة العلم الشرعي. لذلك فقد عزم "محمد علي الصابوني" على اختصاره، وتنقيته من الشوائب، استجابة للرغبة الملحة وبتكليف من "دار القرآن الكريم" ليعم به النفع، ويتحقق منه الفائدة المرجوة، علماً بأن اختصاره لا يعني إغفال شطره، وحذف كثيراً منه، بل إن ما قام به لا يعدو أن يكون حذفاً لما لا ضرورة له، من الروايات المكررة، والأسانيد المطولة، والآثار الضعيفة، والأحكام التي لا حاجة لها، وبقي روح التفسير كما هو، بثوبه القشيب، وجماله الناصع، وأسلوبه السهل الميسر، مع تمام الترابط والانسجام. وقد سلك في منهج الاختصار لهذا التفسير الطريقة التالية: أولاً: حذف الأسانيد المطولة والاقتصار على ذكر راوي الحديث من الصحابة، والإشارة في هامش الصفحة إلى من خرّج الحديث مثل البخاري ومسلم وغيرهما. ثانياً: الآيات الكريم التي استشهد بها المؤلف، على طريقته في تفسير القرآن بالقرآن، أثبتها مع الاقتصار على مكان الشاهد منها، لأنه هو الغرض الأصلي من ذكرها. ثالثاً: الاقتصار على الأحاديث الصحيحة، وحذف الضعيف منها، وحذف ما لم يثبت سنده من الروايات المأثورة، مما نبه عليه الشيخ ابن كثير. رابعاً: ذكر أشهر الصحابة عند التفسير بالمأثور، كذكر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة، مع تثبيت أصح الروايات المنقولة عنهم. خامساً: الاعتماد على أقوال مشاهير التابعين، المنقولة آراؤهم نقلاً صحيحاً وعدم ذكر جميع أقوال التابعين. سادساً: حذف الروايات الإسرائيلية، سواء كان غرض المؤلف الرد عليها، أو الاستشهاد بها على سبيل الاستئناس لا على سبيل القطع واليقين، إذ في الآثار الصحيحة ما يغني عن الاستشهاد بالروايات الإسرائيلية. سابعاً: حذف ما لا ضرورة له من الأحكام والخلافات الفقهية، والاقتصار على الضروري منها دون حشو أو تطويل.
هو الامام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي. ولد في سوريا سنة 700 هـ كما ذكر أكثر من مترجم له أو بعدها بقليل كما قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة. وكان مولده بقرية "مجدل" من أعمال بصرى من منطقة سهل حوران وهي درعا حالياً في جنوب دمشق بسوريا, وكان أبوه من أهل بصرى وأمه من قرية مجدل. والأصح أنه من قرية مندثرة تسمى الشريك تقع بين قريتي الجيزة وغصم ويمر من جانبها وادي مشهور اسمه وادي الزيدي وهي في منطقة حوران أو درعا حالياً. انتقل إلى دمشق سنة 706 هـ في الخامسة من عمره وتفقه بالشيخ إبراهيم الفزازي الشهير بابن الفركاح وسمع بدمشق من عيسى بن المطعم ومن أحمد بن أبى طالب وبالحجار ومن القاسم بن عساكر وابن الشيرازى واسحاق بن الامدى ومحمد بن زراد ولازم الشيخ جمال يوسف بن الزكى المزى صاحب تهذيب الكمال وأطراف الكتب الستة وبه انتفع وتخرج وتزوج بابنته. قرأ على شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً ولازمه وأحبه وانتفع بعلومه وعلى الشيخ الحافظ بن قايماز وأجاز له من مصر أبو موسى القرافى والحسينى وأبو الفتح الدبوسى وعلى بن عمر الوانى ويوسف الختى وغير واحد.
تنازع الأشاعرة والسلفية في أمر معتقده. فأما الأشاعرة فزعموا أنه أشعري العقيدة حيث ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة, ص17 ج1 باب الهمزة ( وهو حرف الألف) قصة حدثت بين ابن القيم وابن كثير عندما قال ابن كثير لإبن القيم "أنت تكرهني لأنني أشعري فقال له لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس في قولك إنك أشعري وشيخك ابن تيمية". كما أن ابن كثير تولى مشيخة دار الحديث الأشرفية وشرط واقفها أن يكون أشعري العقيدة - انظر طبقات السبكي.
ورأى السلفية أنه كان واضحاً وجلياً أن ابن كثير سلفي الأعتقاد في غالب بل كل مؤلفاته فكان يصرح بها ولعل المتتبع البسيط لتفسيره (تفسير القرآن العظيم) يرى بوضح وبدون أدنى لبس أنه على عقيدة شيخه أبن تيمية. وكذلك ما كتبه في أول كتابه الجليل "البداية والنهاية" عن علو الله على عرشه وإثبات صفة العلو والفوقية لله العلي القدير. أما ما أثير حول كونه أشعرياً لقبوله مشيخة دار الحديث الأشرفية التي شرط وقفها أن يكون المدرس فيها أشعرياً فهو شرط غير ملزم وقد ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية علماء سلفيون من قبله: مثل الحافظ جمال الدين المزي والحافظ أبو عمرو بن الصلاح. أما ما رواه الحافظ ابن حجر فهي كما قال نادرة وقعت بينهما ولم تكن في مقام البيان والإقرار.
و الشيخ الصابونى هو حلبى سورى تخرج في الأزهر في قاهرة المعز ثم عاد لبلده حاملا شهادة العالمية في الشريعة و هي تعادل الدكتوراه ثم تمت اعارته أستاذا جامعيا ببلاد الحرمين و تحديدا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
رحلة اتاحت له الإطلاع على منابع العلم في البلاد الثلاث و ما جاورها و ما اختلط به علماؤها من مصادر للعلم و المعرفة و من ثم كان مؤهلا على خوض غمار عملية تلخيص و حذف و تبسيط لهذا الكتاب العريق الذى سطره ابن كثير القرشى الدمشقى قبله بعدة قرون اعتمادا على تفسير ابن جرير الطبرى من قبله
وقد وضع الصابونى في المقدمة شرطا بأنه سيقتصر في مختصره هذا على الأحاديث الصحيحة فقط. إلا أنه أخذ عليه وجود أحاديث كثيرة تدور ما بين الضعف والوضع. وبعضها مما أشار إليه صاحب الأصل -ابن كثير- إلى ضعفها سكوتًا؛ لذلك تعرض الشيخ الصابوني لانتقاد وردود بعض العلماء.
أما تفسير بن كثير نفسه فمنهجه هو تفسير القرآن بالقرآن ثم تفسير القرآن بالسنة ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين
و من أهم مميزاته اهتمامه باللغة وعلومها واعتبارها من أهم مصادر التفسير اهتمامه بذكر أسانيد الأحاديث ونقدها اهتمامه بذكر القراءات وأسباب النزول
أما الصابونى فقد عرف هذا التفسير على أنه هو نفسه تفسير ابن كثير بدون اسرائليات أو عنعنة أو تكرار أو أحاديث موضوعه
من أحسن التفاسير مطلقا يعجبني فيه تفسير الاية بالاية و جمع الايات في نفس السياق و الموضوع والتفسير بالماثور.. مع تفسير ابن كثير بشرح الصابوني تعايش الايات و كانها تنزل حينهاكيف لا و الامام مؤرخ ..وانت في هذا التفسير تجمع الوحيين القران و السنة كيف لا و الحافظ محدّث
بين ثنايا أرقى الأعمال وأعظم العلوم..أجد نفسي غير جديرة بتقييم هكذا كتاب.. قد أعطي رأيا شخصيا يعكس ضحالة علمي الشرعي وسطحية علاقتي مع القرآن العظيم..وعندها لن أسامح نفسي إذا تبينت خطأ مقالي ومشورتي بعد زمن سأكتفي أن أقول أن رحلتي التي استغرقت عامان مع تفسير ابن كثير كانت من أعمق تجاربي الثقافية في التعمق بمبادئ تفسير القرآن وتفاصيل معاني آياته. ولو أنني بذلت كل دقيقة من هذين العامين - وهو مالم أفعله - في دراسة هذا الكتاب لم ولن أوفّه حقّه أعترف بتقصيري في حقّ هذا الكتاب كما وأنني أعترف بسعادتي أيضا بعاميّ هذين اللذين قضيتهما في رحابه.. أسأل الله عز وجل أن يجعله حجّة لي لا عليّ.
على الهامش: تفسير ابن كثير كتاب مدرسيّ يعتمد على تفسير القرآن بالمأثور بشكل أساسي..أما الشروحات الموجودة بين المأثورات المنقولة هي تفسير بالدّراية نقلا عن ابن كثير وهي ليست بالضرورة صحيحة وإنما اجتهاد من العالم قد يصيب به أو يخطئ..أنصح بمن يهتم بدراسته بقراءة تفسيرات الشعراوي بالدراية..كتاب كيفية التعامل مع القرآن العظيم للقرضاوي...كتاب التفسير بالمأثور لمحمد بن عمر بن سالم مع كامل الامتنان لمن أعانني على دراسة هذا الكتاب وتدبر معانيه
كتاب .. بل هي 3 كتب (أجزاء) رافقتني قرابة العامين .. وكانت من أهم قراءاتي ! فكتب التفاسير عظيمة جدًا فهي تساعدنا على الفهم وتحثنا على التفكر والتعمق أكثر وأكثر
كانت قراءاتي له بعد أن قرأتُ تدوينة على مدونة عُمر توك تحدث بها عن أهمية كتب التفاسير .. وكذلك بعد قراءاتي لكتاب "كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟" للد. يوسف القرضاوي ... وكنتُ قد اخترته بين كتب عديدة للتفاسير في مكتبة بيتنا .. آمل الرجوع إليها قريبًا فهي تستحق أن نطالعها باستمرار
يطول فيه شرح الآية الواحدة ، لا يترُك عقلك يفكّر في تفسير آخر ، جامِع لأغلب التفسيرات التي قد تدور في ذهنك .. أتذكّر اول ما بدأت به أن تفسير "ألم" في سورة البقرة كان ثلاث صفحاتٍ كاملة .. :)
كانت رحلة طويلة مع هذا الكتاب استمرت حوالي 6 سنوات. الكاتب بذل جهداً كبيراً على جمع ما استطاع جمعه من العلم في التفسير في زمانه، أصاب أحياناً و اجتهد أحياناً أخرى. إن قرأت هذا الكتاب فلا تنس أنه كتب بيد بشر وأنه اجتهاد عالم.
من أكثر كتب التفاسير شيوعاً, قراءته سهلة وممتعة حيث يسوق المفسر الكثير من القصص والأحاديث ولكن هناك آيات لم تُعطَ حقها من التوضيح. إجمالاً, التفسير جيد وأوصي بقراءته.
رائع لتدبر القرآن وربط الايات ببعضها وفيه الكثير من الاحاديث وخلافًا لمن يقول ان فيه اسرائيليات، ابن كثير لا يورد اسرائيليات إلا ما جاز الاخبار عنه في القصص والاخبار وليس الاحكام
فالروايات الاسرائيلية ثلاث انواع: ١- ما جاء في القرآن ما يوافقها فهي صحيحة ويجوز الاخبار عنها ٢- ما جاء في القرآن ما يخالفها فهي مكذوبة ولا يجوز الاخبار عنها كافتراء بني اسرائيل على الانبياء ٣- مالم يأت في القرآن ما يخالفها او يوافقها فيجوز الاخبار عنها لحديث الرسول ﷺ "حدّثوا عن بني اسرائيل ولا حرج"
أصبت عندما قررت قرأت تفسير القران لابن كثير في شهر رمضان فهو سهل الفهم و سلس الأسلوب و كافي و وافي. لابد تواجد هذا الكتاب في كل مكتبة شخصية و لا يخلو بيت منه.