إن كمال الإنسان هو بحصول المعارف الإلهية وإدراك الكمالات الربانية، ولا معلوم أكمل من واجب الوجود تعالى والعلم به أكمل من كل مقصود وإنما يتم بعلم الكلام. وقد اجتهد مصنف الكتاب الإمام الطوسي لإزالة الالتباس بالنظر الصحيح في البراهين. وقد استفاد العلامة الحلي من هذا المصنف في ما ورد فيه من العلوم الإلهية والمعارف العقلية حيث جُمعت فيه حل مسائل الكلام في هذا العلم فقام بشرحه لمن غمض عليه ما ورد في هذا الكتاب القيم. وقد جاء الكتاب مرتباً على ستة مقاصد: الأول في الأمور العامة وفيه فصول في الوجود والعدم والثاني في الماهية ولواحقها والثالث في العلة والمعلول والمقصد الثاني في الجواهر والأعراض وفيه فصول: الأول في الجواهر والثاني في الأجسام والثالث في بقية أحكام الأجسام والرابع في الجواهر المجردة والخامس في الأعراض. المقصد الثالث في إثبات الصانع وفيه فصول الأول في وجوده تعالى الثاني في صفاته تعالى والثالث في أفعاله تعالى، المقصد الرابع في النبوة وفيه مسائل، المقصد الخامس في الإمامة وفيه مسائل، المقصد السادس في المعاد وفيه مسائل.
جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن محمد بن مُطهّر الحلي (648 ـ 726 هـ)، المعروف بالعلامة الحلّي الفقيه والمتكلم الشيعي في القرن الثامن للهجرة. من أشهر مؤلفاته: كشف المراد، ونهج الحق وكشف الصدق، وباب الحادي عشر، وخلاصة الأقوال، والجوهر النضيد. من جملة أساتذته السيد ابن طاووس، والخواجة نصير الدين الطوسي، وابن ميثم البحراني، ومن أشهر تلامذته: قطب الدين الرازي، وفخر المحققين، وابن معية، ومحمد بن علي الجرجاني. مناظرته الشهيرة أدت إلى تشيع السلطان محمد خدا بنده المغولي، وكان سبباً لنشر المذهب الشيعي في إيران.
بعد أن توفي المحقق الحلي عام 676 هـ حيث كان مرجع عامة الشيعة، قام تلامذته وعلماء الحلة حينها بالبحث لزعيم ومرجع جديد للشيعة، فما وجدوا أليق من العلامة الحلي لهذا المنصب، فاستلم العلامة المرجعية وهو في الثامنة والعشرين من عمره. كان العلامة الحلي أول من لقّب بآية الله؛ وذلك لفضله ووفرة علمه، فاعتبره ابن حجر آية في الذكاء، وأشاد شرف الدين الشولستاني والشيخ البهائي ومحمد باقر المجلسي باسم العلامةَ الحلي في إجازات تلامذتهم، وعبّروا عنه: بـ"آية الله في العالمين".