واجه محمد صلى الله عليه وسلم طيلة فترة نبوّته أنشطة معادية كثيرة، معلنة وخفيّة، أستهدفته وأستهدفت أتباعه وأقاربه واتخذت أشكالاً مختلفة؛ ومرّ صراعه مع أعدائه بمراحل عديدة، وعرف أحداثاً متنوعة، واستطاع أعداؤه أن ينتصروا عليه في عدة معارك ومواجهات، وآذوه في مناسبات عديدة ونالوا من أتباعه ومن آل بيته، علماً بأن أعداء محمد صلى الله عليه وسلم لم يمثلوا مجموعة واحدة، وإنما كانوا مجموعات كثيرة متفاوتة القوة ظهرت في أزمنة مختلفة ونشطت في أماكن جغرافية متباعدة، وقد تحرك أعداؤه ضده فرادى وجماعات، وكانوا أنفاراً قلائل حيناً، وجيوشاً جرّارة حيناً آخر. كانت حركة معاداة محمد صلى الله عليه وسلم بعدة معطيات تتصل بخصائص الجزيرة وخصائص نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، كما كانت لها تأثيرات كبيرة مسّت جوانب مختلفة من دينه ومجتمعه، وقد واجه محمد صلى الله عليه وسلم في هذا السياق، مشاق، وصعوبات جمّة وخاص مواجهات عديدة، قارب بعضها أن يكون حاسماً ومصيرياً فعلاً، لكن قومه لم يضيّعوه وكأن نبياً وقائداً بينهم، وتبنى جزءاً كبيراً من تراث قومه وتصالح معهم. لم يستأثر موضوع "أعداء محمد صلى الله عليه وسلم زمن النبوّة" يبحث مستقلّ على ما يتبيّن من المراجع والدراسات الخاصة بالسيرة النبوية عموماً؛ لذلك ينصب هذا العمل على تحديد أعداء محمد صلى الله عليه وسلم بأقصى التفاصيل، وذكر ما أمكن من حيثياتهم، وتقصّي الأسباب ولغايات التي دفعتهم إلى التحرّك، وذكر مختلف الأنشطة التي قاموا بها ضده وضد أتباعه، مكتفياً بدراسة هؤلاء الأعداء في التاريخ الفعلي، الحقيقي، وليس في الخوارق والأساطير التي حفل بها المخيال الإسلامي.
يناقش الكاتب أعداء النبي محمد صلى الله عليه و سلم من منظور تاريخي حقيقي كما يدعي من دون إدخال (الخوارق و الأساطير) التي حفل بها (المخيال) الإسلامي. يبدأ الكاتب بأعداء محمد من أهل مكة و يثرب في الفترة المكية و المدنية ثم يتحدث عن أعدائه من اليهود و من المنافقين. ثم يتكلم عن أعداء النبي خارج مكة و يثرب من الطائف و الحجاز و أهل خيبر و أهل الشام و أخيرا من أهل اليمن و أهل اليمامة خاتما أعداء النبي بالأسود العنسي و مسيلمة الكذاب. أراد الكاتب أن يبحث عن موضوع أعداء النبي محمد صلى الله عليه و سلم بشكل تاريخي بحت مستعينا بمقتطفات مما أسماه بـ"النص القرآني" من دون أن يعتمد على الجانب الأسطوري الخيالي الوهمي في الدين الإسلامي كما ادعى. فهو يبغي أن يتحدث عن "محمد" بصفته شخصية تاريخية بحتة لا تحوي أي جانب ديني أو أسطوري, منذ أن بدأ "تجربة النبوة" و أعلن نبوته كما "أعلنها" في نهاية الكتاب الأسود العنسي و مسيلمة. و من الجدير بالنقل ما يلي, و أنا أنقله نصا عن الكاتب: "اهتم مسيلمة بتأسيس قاعدة دينية لحركته, و لم يسعَ إلى أن يكون دينه بديلا عن دين محمد, بل أراده أن يكون مكملا له بإضافة ما جحده نبي قريش بدافع التعصب لقومه" انتهى. منذ بداية الكتاب قد أزعجني بشدة عدم تأدب الكاتب الذي يظهر من اسمه أنه مسلم مع شخص النبي صلى الله عليه و سلم. فتارة يدعي بلا دليل أن (محمد كان على دين قومه) و تارة يستعمل لفظ (تذرع محمد بكذا و كذا) و كذلك استشهد بالضعيف و المنقطع و المنكر من الروايات التي تتحدث عن عدة مشاهد منها حادثة أم قرفة. كما أنقل عنه (أباح محمد دم "أتباعه" الذين دخلوا في دينه و آمنوا بنبوته و قاتلوا مع أقوامهم ضده). و الكثير من الألفاظ و الجمل التي لا يليق استعمالها في هكذا مواضع. تعامل الكاتب مع شخصية النبي كشخصية قائد عسكري يبدل آراءه على هواه لا كما يوحى له (بما أن الوحي من الخوارق) و يورد الجملة التالية في إحدى الفقرات (موقف يهود يثرب منه كان سببا قويا في تحويله القبلة إلى الكعبة بعد أن كانت إلى بيت المقدس) و كذلك (و ألزم محمد أزواجه بلباس خاص) و كأن محمد من أمر بتحويل القبلة أو بفرض حجاب زوجاته برغبة شخصية منه و بلا أي تدخل إلهي. هناك بعض النقاط الجيدة في الكتاب, فقد حصر طبيعة بعض أعداء النبي و أورد أن السواد الأعظم من أعدائه كانوا من ذوي المال و الأسنان, و لا تكاد تجد بينهم ضعيفا أو شابا. و بأنهم و على الرغم من عدائهم السافر مع النبي صلى الله عليه و سلم فقد التزموا ببعض الأعراف و القيم الأخلاقية كما كان حلمهم يسبق بعض جهلهم في حربهم ضده. عامة, رأيت في الكتاب بعض السخرية بالمعجزات و التوفيق الإلهي في بعض المواضع, كما بدا لي أن الكاتب يرى أن "النص القرآني" مصدر لا يجب التعويل عليه.
أعداء النبي محمد صلى الله عليه وآله الجيد فيه وهو كاتب علماني جعله القرآن الكريم أول مصدر لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحكم كون القرآن نزل في حياته ومصدر ثقة، وإن لم يعتبر وحي من الله كما يعتقد المسلمون فهو مصدر له وزنه وما اكتشف من نسخ كتبت في القرن الأول كمصحف علي بن أبي طالب عليه السلام ونسخ قديم لمصحف عثمان . عكس العلماء الذين يجعلون كتب السيرة والمغازي هي الأصل والقرآن هو الفرع. المؤلف علماني لا يرى ان النبي صلى الله عليه وآله مبعوث من الله أو أن له معاجز أو أن القرآن وحي رباني. لذلك محاولات معالجته تكون بالحدس وافتراض أمور من وحي ذهنه من غير وجود مصدر لما ذكره. إلا أن تقول ان هناك من يوحي اليه من الجن أو الشياطين
يبدأ بذكر أعداء النبي محمد صلى الله عليه وآله في مكة. وهم كبارها عمراً وأصحاب روس الأموال. الذين حسب وصفه ليسوا ضد دعوته بل فقط ضد ذم الآلهة وهذا سوف يؤثر على تجارتهم. بعدها المنافقين في المدينة. واليهود وأهل الشام، واخيراً اليمن مع مدعي النبوة.