أنجز كنفاني كتابة هذه المسرحية في بدايات عام 1967. غير ان "القبعة والنبي" لم تعرف طريقها الى النشر الا عام 1973، اي بعد استشهاد غسان كنفاني بحوالي تسعة اشهر. اذ نشرت، للمرة الاولى، في مجلة "شؤون فلسطينية" نيسان 1973. "القبعة والنبي"، هي محاولة كنفاني المسرحية الثانية بعد "الباب" وسوف نلاحظ هنا هاجسا مسرحيا تشكليا، يقوم على لعبة قفص الاتهام الذي يتحرك ليضم المتهم مرة والقضاة في مرة ثانية، وقد يمتد ليشمل جمهور المسرحية المفترض
Ghassan Kanafani was a Palestinian journalist, fiction writer, and a spokesman for the Popular Front for the Liberation of Palestine (PFLP). Kanafani died at the age of 36, assassinated by car bomb in Beirut, By the Israeli Mossad
Ghassan Fayiz Kanafani was born in Acre in Palestine (then under the British mandate) in 1936. His father was a lawyer, and sent Ghassan to a French missionary school in Jaffa. During the 1948 Arab-Israeli War, Kanafani and his family fled to Lebanon, but soon moved on to Damascus, Syria, to live there as Palestinian refugees.
After studying Arabic literature at the University of Damascus, Kanafani became a teacher at the Palestinian refugee camps in Syria. There, he began writing short stories, influenced by his contact with young children and their experiences as stateless citizens. In 1960 he moved to Beirut, Lebanon, where he became the editor of several newspapers, all with an Arab nationalist affiliation. In Beirut, he published the novel Men in the Sun (1962). He also published extensively on literature and politics, focusing on the the Palestinian liberation movement and the refugee experience, as well as engaging in scholarly literary criticism, publishing several books about post-1948 Palestinian and Israeli literature.
ليس بإمكاني أن أبدأ بغير هذا السؤال في كل مرة أنتهي من قراءة عمل للشهيد غسان كنفاني، فالإنسان -هذا الكائن شديد التعقيد نفسياً- يتجلى بكامل همومه وغرابته وأسئلته في أعمال غسان كنفاني بصورة موغلة في الرمزية والأدبية، ومسرحية "القبعة والنبي" لا تستثنى من ذلك.
كعادة أعمال غسان كنفاني، قصيرة، وعلى قدر من الغموض والضبابية التي تمسك بفضول القارئ ولا تفلته، بالرغم مما تنفتح عليه من إسقاطات واحتمالات عديدة، وهذا يدل على ذكاء غسان كنفاني في أن يجعل للصورة أكثر من رمزية واحدة في نفس الوقت، بحيث يكون للشيء ذاته معنيين مختلفين أو أكثر، يوظفهم في إيصال رسائله بشكل يرغم القارئ على مواجهة نفسه.
المسرحية عبارة عن محاكمتين تدوران بالتناوب بين ثلاثة أشخاص، رجلين ومتهم تارة، ومتهمين ورجل تارة أخرى. وهنا الرمزية الأولى والكبرى، التي تضع أحداث المسرحية كاملة في إطارها، إذ يصور كنفاني واقع الحياة بالمحكمة. ما يجمع بين الصورتين هو الشعور بالغربة في الوطن، حيث تكون في قفص الاتهام في كل صغيرة تفعلها، وتكون مضطراً لتبرير كل ما فعلته وكل ما لم تفعله، وتجد نفسك مرةً خاضعاً لقوانين ودساتير تشير لك بأصابع الاتهام من كل جانب وتتربص بك لإيقاعك في جُرم عصيانها، ومحاطاً بأعراف وتقاليد وبروتوكولات غير معلنة تقزّمك وتجعلك تؤمن بأن لا حياة إلا من خلال أزقتها الضيقة، تماماً كحال "المتهم" في المسرحية. ومرة قد تُتهم بالتضليل وإخفاء الحقيقة بأسلوب فيه الكثير من الاستحمار كما في حال الرجلين.
التهمة هي ارتكاب جريمة قتل في حق "الشيء"، وهنا رمزية أخرى، حيث يرمز هذا "الشيء" إلى لا شيء، فهو مجهول تماماً ليس له معنى ولا يشبه أي شيء، وهذا ما أكدته ملاحظات المؤلف في المقدمة إذ أكد على أن يكون هذا "الشيء" مبهماً ولا يشبه أي كائن، كي لا يرمز لأي مخلوق أو ذاتٍ معينة. وأراد المؤلف من ذلك التأكيد على أن الكثير من الأمور مرتبطة بالإدراك ومنظور المتلقي، فكان هذا "الشيء" النكرة نبياً بالنسبة للمتهم، وإمكانية اكتشاف علمي للمؤسسات الأكاديمية، ومدخول مادي ضخم للمؤسسات الترفيهية، ومادة جمالية وشعرية للمؤسسات الأدبية.. ومجرد قبعة لـ"الأم".
هناك تكرار للشخصية المأزومة التي لا تملك خيارات في أعمال غسان كنفاني، كما قرأت في مسرحية "الباب" ورواية "رجال في الشمس". كذلك تظهر ذات السمة في المتهم في هذه المسرحية. ودائما تكون مقيدة لا تستطيع التغيير وكأن غسان كنفاني كان يعيش هاجس انعدام سبل التغيير وأنه يعيش حياته مسيراً، ويظهر ذلك حتى في الحوارات القصيرة:
المتهم: .... إنني أحاول أن أكون شيئاً طيباً. الشيء: احذر........... حاول أن تكون رجلاً طيباً، ذلك أنك لن تستطيع أن تكون شيئاً، مثلي مثلاً. أنت لا تستطيع أن تكون إلا رجلاً. المتهم: هذا صحيح، بقدر ما هو مرعب.
بل يكرر دائماً فكرة الموت كخيار موجود تستطيع اللجوء إليه متى ما أردت، وقد تعرّض لذلك في مسرحية "الباب"، كما يتعرض لها هنا أيضا:
الشيء: لماذا يريد أي منكم أن يقتلع زلعومه بنفسه؟ المتهم: وأنتم؟ ألا يرغب واحدكم في الموت من حين لآخر؟ الشيء: الموت. إنها كلمة قديمة أسقطناها من الاستعمال.. المتهم: إنكم تعساء حقاً!
المسرحية غنية أيضاً بالفنيات التي لم أتطرق لها، كالتناوب بين الزمن الماضي والحاضر (فلاش باك) في آن، والتوظيف الفني للإضاءة وقفص الاتهام. هكذا هي دائماً أعمال الشهيد غسان كنفاني، بها الكثير من النقاط التي تستحق نقاشات مطولة بالرغم من قصرها.
فكرة المسرحية : أننا لن نشعر بمتعة الحياة رغم كل منغصاتها, إلا عندما ننظر إليها من وجهة نظر من فقد الكثير من هذه الحياة
الإستمتاع بضوء الشمس, السعادة بمداعبة طفل صغير, السرور بنسمة الهواء, بسقوط المطر ..بجمال الطبيعة لن نشعر بكل هذا إلا عندما نعيش حياة من فقد القدرة على الشعور بكل هذا
يقول غسان كنفاني عن هذه المسرحية في أحد رسائله إلى غادة السمان: وعبر هذا الازدحام الذي لا مثيل له أنهمك كالمصاب بالصرع في كتابة المسرحية التي تحدثنا عنها في السيارة ذات يوم ، ذات ليلة.. أسميتها "حكاية الشيء الذي جاء من الفضاء وقابل رجلاً مفلساً" وأمس اقترحت لنفسي عنواناً آخر: "النبي والقبعة" على أساس أن القبعة تستر رأس الرجل من الخارج والنبيّ يستره من الداخل..ومازلت في حيرة ، ولكن المسرحية تمشي على ما يرام . إنني أكتبها لك!
"أن تصحو فتجد أنك لم تفعل شيئاً وأن ليس ما تستطيع أن تفعله. أن تتذكر فجأة أن لحظة ما في الماضي كانت في وقتها كل شيء بالنسبة لك"
مسرحية عميقه من الداخل والخارج أأنت المتهم أم القاضي أم الشيء أو اللاشيء ! في الأخير بداخل كل شخص هذه القبعة التي تحتاج إلى ماء لكن أي ماء ؟
مسرحية مليئة ب : الغربة والوحشة والوحدة المرض والشقاء ، الشقاء الذي لا ينتهي ، وفرص السعادة التي لا نستطيع أن نملأها ، العمل والبطالة ، الانتظار والوصول ،الانكسار والفشل ، طعم الانتصار التافه ، القلق ، نداء الرحيل الذي لا يستجاب ، الخيبة ، غياب الشمس وغياب الصديق وغياب الدهشة . الموت ...
مسرحية فلسفية مليئة بالرمزية.. يخاطب فيها الإنسان ذلك الشئ الغريب.
يدور الحوار بين الإنسان وذلك الشئ .. فيتحدث الإنسان عن متع الدنيا وعالم الانسان من حب ونساء واولاد .. ولكن الشئ يرى عكس ما يقوله الإنسان فيسخر من الإنسان وكلامه ..
انها أول ما قرأت من مسرحيات لغسان .. شاهدتها بدون أن اشاهدها.
مسرحية فلسفية غريبة... لا تعلم إذا كانت تتحدث عن سر الحياة، أم عن مايوجد من غرائب في عالمنا والعوالم الأخرى وتأثير ذلك على البشر ... أم يتحدث عن الإرادة القويةللكثير من المؤسسات أو البلاد في محاولة لاكتشاف شيء ما يستطيعون به السيطرة الكاملة على العالم والبشر من حولهم... أم أنها (الفكرة) وقوتها. *الفكرة، إذا ولدت فليس بالوسع التخلص منها.. بالوسع خيانتها فقط... ولذلك ترى كم هو سهل بالنسبة للكثيرين أن يضعوا الأفكار فوق رؤوسهم كالقبعات، ولكن دون أن يتركوها تغوص إلى داخل رؤوسهم. _ رغم أن هذا العمل لم يعجبني كثيراً ل (غسان كنفاني) ولكني لا أنكر أنني أحب قلم غسان (رحمه الله واسكنه فسيح جناته) وكتاباته مهما كتب ، وأعتقد أن هناك الأفضل من أعماله التي لم أقرأها ، ولكنها في الخطة القادمة إن شاء الله.
يكمن بؤس الإنسان في افتقاره لمعنى وجوده على هذه الأرض، فيقضي وقته مع / بأي "شيء".
يسعى المتهم حفاظًا على ذلك "الشيء"- مجهول الأصل- للحد الذي يجعله يفقد نفسه، وتدريجيًا فقد ذلك "الشيء"! أُتي به للمحكمة بتهمة قتل "الشيء"، وعندما حُكم عليه بالبراءة، أحس بأنها عبء! كأنما هو خائفٌ من أن لا يجد" شيئًا" آخر يملأ حياته.
المسرحية عميقة، مليئة بالرموز والفلسفة العبثية، تخيل أن كل هذا في ٧٠ صفحة فقط. إنه الجنون بحد ذاته!
لأول مرة مضايقش ان انا مفهمتش! مع اني من اولى صفحات المسرحية وأنا مستنية اعرف ايه هو الشيء وبيرمز لإيه ..مشاعر متضاربة بعد القراءة.. ما بين كان نفسي اعرف ايه الشيء وايه علاقة القبعة بالنبي وما بين الاندهاش لما قريت اراء الناس على النت وكل واحد فيهم مفسر الشيء على انه حاجة مختلفة.. بس الاكيد اني عمري ما هنسى العمل ده والاكيد اني هدور اكتر في روايات كنفاني يمكن افهمه!!
بعدَ قراءَتي لهذا الكتاب ؛ فِلسطين هي " الشّيء " الفريد ، الّذي يسعى الجميع للإستيلاءِ عليه ، إلّا أنّ من يؤمنُ به ويدركُ قيمتَه هو الّذي سيظفرُ به في النّهاية . فِلسطين هي الحُلم ، هي الفِكرة ، هي الرّسالة .
هناك شبه واضح بين القبعه والنبي فالناس يميلون لوضع القبعات على رؤوسهم تقديراً لها ، كالأنبياء عادة ما يحترمهم الناس لدرجة كبيرة قد تصل إلى وضعهم ووضع رسالتهم في هاله من التمجيد
هناك تناقض بين القبعه والفكره الناس يفرحون بوضع القبعه على رؤوسهم ولكنهم لا يرحبون بترك الفكرة تتوغل داخل تلك الرؤوس
مما لا شك فيه ان غسان يريد أن يقول أن الشيء الفضائي الذي سقط من حيث لا نعلم على البطل إنما هو نبي، فكرة ، شعور جاء إلينا من عالم آخر ليذكرنا بما تركناه يموت بداخلنا .. فكانت النتيجة ان تعامل معه كل الناس بطريقه مادية بحته .. الا البطل الذي رأى فيه منقذاً ، وأملاً في عالم أفضل ، وحياة آُخرى جديدة..
وبالتالي ، وفي حين كان البطل يتابع ، ويستشير عقله ، إما بمواكبه التيار والرضخ لمتطلباته وأزماته الماديه ، او الإلتفات إلى معتقداته ومبادئه .. فكانت النتيجة ان مات الشيء
مات الإنسان بداخلنا ..
أو هكذا ظننا
رائعة آخرى من روائع غسان تُضاف إلى قائمة أعماله الفلسفية الفذة
مسرحية تتحدث عن القضية الفلسطينية -كما أظن!- بشكل رمزي مبالغ فيه, لم أحب رمزيتها, وجدت فيها تكرار لكثير من النصوص والافكار, هي قصيرة وأحسست ان محتواها فقير. يبدو ان هذه المسرحية هي أحد تجارب غسان, ولكن المشكلة تقع فيمن ينشرها ويهتم بنشرها بنظري فليس كل ما كتبه غسان يستحق النشر. لم أرد أن اكتب مراجعة ولكن تقييمات القراء على الجود ريدز استفزتني, أريد من أحد منهم أن يخبرني ما الممتع في هذه المسرحية!
تحكي المسرحية عن شيئين سقطا من الفضاء.. شيئين لا يعرفان الهواء ولا الضوء ولا الألم ولا الحب ولا... أحدهما تحول لنبي والآخر تحول لقبعة!
إنها مسرحية عن كيف تتحول حياة شخص بائس إلى جنة دون أن يتغير فيها شيء.. سوى أنه أصبح يبصر ما لديه..
عن كيف تُقتل الرسالات عندما نحولها لقبعات نضعها فوق رؤسنا لنتباهى بها، بدلًا من أن نضعها فوق عقولنا..
❞ أنت تستطيع أن تتخلص من قبعة ولكن ليس من نبي. ❝
❞ الفكرة، إذا ولدت فليس بالوسع التخلص منها.. بالوسع خيانتها فقط.. ولذلك ترى كم هو سهل بالنسبة للكثيرين أن يضعوا الأفكار فوق رؤوسهم كالقبعات، ولكن دون أن يتركوها تغوص إلى داخل رؤوسهم. ❝
❞ قبعة، أو نبي… أنت لا تعرف كم يجعل الناس منهما شيئين متشابهين.. إن أكثر الناس يفضل أن يضع النبي على رأسه من الخارج، مثل القبعة… مثل يافطة ضخمة ملونة مضيئة على واجهة دكان فارغ! ❝
عن جريمة قتل.. ولكن قتل ماذا؟!.. ومن القاتل حقًا؟!..
❞ المتهم: لقد كان – إنه شيء مثل الحلم، والآن ليس أكثر من قبعة معرضة للتلف.
رقم 1: كان ماذا؟ حلماً؟ نبياً؟ فكرة؟ رسالة؟
المتهم: ربما. ❝
عن كيف تُقتل الأفكار عندما تسقط بيد من لا يعرف قيمتها.. من يعاملها كقبعة..
❞ هل سمعت؟ إنهم لا يفهمون! لا يعرفون الفرق بين القيمة والثمن.. المسألة بالنسبة لهم هي مسألة الفرق بين قبعة رخيصة وقبعة غالية! ❝
حقيقي رائعة وعبقرية.. أحببتها جدًا بكل تفاصيلها ودلالتها.❤️❤️❤️
يعيش المتهم حياة مملة رتيبة محمل بأعباء المشكلات التقليدية المتكررة و يعجز عن رؤية طريق للخروج من تلك الدائرة، حتى يسقط بشباك غرفتة "شىء"، و يعطى هذا الشىء لحياة المتهم عمق آخر، لا بسب حكمته بل لأن المتهم رغم فقره رأى أنه يمتلك أشياء كثيرة مقارنة بكل ما يفتقره هذا الشىء. فللمتهم متع و لذات مجانية كرؤية الشمس و إضحاك طفل لم يكن الشىء يعلم بوجودها أصلا. يرى المتهم فى ذلك الشىء قيمة لا ثمن لها و هى إعطاء الحياة معنى، و لكن من حوله رأوا هذا الشىء على أنه كنز يمكن أن يدر مالا كثيرا، يواجه جهلهم بقيمة الشىء الحقيقية برفض عروضهم المادية فتصبح هذه المواجهة شغله الشاغل فيهمل الشىء حتى يموت و يتهم هو بقتله. يتبادل هو و القضاة دور المتهم حتى تبرؤه المحكمة فى النهاية و لكنه يرفض البراءة، و حين يرفض القضاة تغيير الحكم و يغادروا، يتحرك الشىء من جديد لكنه لا يتكلم و يحمله المتهم و يغادر. تبدو النهاية غير واضحة لى لكنها قد تعنى أن الشىء قد مات بالنسبة للعالم لكنه كالفكرة لا يمكن أن يموت بالنسبة لصاحبه، سيحمله معه دائما لكن بأسى، فقد كان يأمل أن يغير الشىء العالم كله كنبيا أتى برساله نور مثلما غير عالمه هو، لكن العالم رأى الشىء فقط كقبعة.
مسرحية تعمد غسان إظهارها و كأنها لوحة في كل مرة يسلط الضوء على زاوية منها ، بدءاً من المتهم و الشرطي و القضاة و الشيء، ذلك الشيء الذي يتهم المتهم بقتله و ظل المتهم يبرئ نفسه من تلك التهمة حتى نالها لكنه لا يريد الخروج للعالم حتى أنه اتهم نفسه بالإلحاد ، المسرحية رائعة
ثاني أغرب عمل لغسان بعد جسر إلى الأبد ..وإن كان فيه ما هو أقرب إليه من الأول.. أشك في علاقتي بالأعمال المسرحية رغم استمتاعي بتنقلات المشاهد وضوء عنصر الإضاءة في إتمامها .. أعتقد أني ربما أحتاج ﻹعادة قراءتها..
عن الفكرة ، الوطن والغربة ، النعم والنّقم ، الرجال والأشياء ! مسرحية عجيبة ، مليئة - كالعادة - بالرمزيات التي يُمكن أن تُفسّر بطرق عديدة . من استطاع إسقاط تلك الرمزيات على الواقع بطريقته ، فذاك من وُفق في الرحلة واستمتع بها . وَمَن لم يستطع، كان تقييم النجمة الواحدة هو النهاية المتوقعة :))
سنوات الستينات والنكسة وما بعدها من أحداث وما قبلها كانت سنوات داميةـ وغسان كتب فيها أعماله وهي فى أغلبها تكاد تكون غير مفهومة وكئيبة تماماً ككل أحداث تلك الفترة فى هذه المنطقة.
مسرحية رمزية لغسان كنفاني يلفت انتباهي دوما كيف يدير غسان النص المسرحي ويشتت تفكيري ما الذي يقصده برمزيته تحكي القصة حكاية رجل يلتقي بشيء .. لا هو انسان ولا حيوان ولا نبات بل اقرب شبها للقبعة وبصوت ميكانيكي ومن هنا جاء اسم المسرحية .. القبعة والنبي ..إذ كيف يرى كل منا الشيء ذاته بطريقة مختلفة! تجدون مراجعة مصورة للعمل في فلوج القراءة هذا https://youtu.be/QN7V_UN2Ozk
قلتُ لصديقتِي قُبيل الانتهاء من مسرحية " القبعة و النبي " أن " غسان " رجُل عبقري ، و العبقرية هنا كان قادرًا على جعل ما لا يُرى يُرى و ما لا يُلمس يُلمس و ما لا يُحس يُحس ، و هنا تكمنُ الجاذبية فأنت حين وقفتَ وجها لوجهٍ مع ذاك " الشيء " أحسست في تطور أحداثِ المسرحية أن ذاك الأخير يُمثل قطعة مهمة بداخلك ، لكنك لستَ مُدركًا أهميتها بعد فأنت تحتاج إلى إنعاش ذاكرة الصحوة ، تحتاج إلى أن تبدو مؤهلا لمواجهةِ الترابِ الصلد الذي أحاط بشكل قاسٍ و مُبهرج أعماقك ، تحتاج إلى دفعةِ تعقل مجنونة علَّك بها تصنعُ قطعة النرد الخاصة بك و المفقودة دون حتى أن تدرِي . هذا ال " غسان " استطاع بشيء من الذكاء و الحنكة الفكرية أن يصنع المنظار الداخلي الضخم و يضع شتى أنواع أفراد المجتمع تحت عدستهِ ، ليبدأ تمثيلية التشريح التعيسة و المُربكة و الموجعة و حتى المُضحكة ، فهو يقول لك - اعترافًا - أنه باع " الشيء " دون حتى أن يوافق على بيعه ، لكنه باعه بالخيانة دون حتى توجيه لفظ واحد بها ، لكنه حين نَسِيَ أو أنساه الآخرون إمداد ذاك الآتِ من عالم آخر شربة ماء بانكفائهِ ردا يليه رد على أولئك الذين منحوه فرصة الغنى و فرصة العُلو اجتماعيا ، حتى الحُب يُمكن أن يدفعك إلى الخيانة ، كما لن يخبز لك رغيفًا رغم حرارتهِ المتقدة كما أتى على لسان صاحبنا النحيل ، " الشيء " حين تمت تبرئةُ الجانِي من دمه لأنه ليس هناك من دم و لا آثار انتهاك جسدي و لا معنوي و لا روحي ، و حين غاص القُضاة في الغيابِ تاركين المتهم رافعا ذراعه اعتراضًا على البراءة راغبًا فِي زج نفسه بعقابٍ ما أي عقابٍ كيفما كان و اتفق ، عاد للحياة ربما نفهم من ذاك أنه امتزج بصاحبهِ كفرصة أخرى أو كحياة موازية ، فهو ظل لنبي و النبي ظل لتشييئه و هنا المفارقة . اختيار ذكي و في محله للعنوان ، و اختيار أذكى للشخصيات ، و رسالة حقيقية و حارة أتت لتُظه�� كم أن العالم يمشي نسخا متشابهة دون أدنى التفاتة لما يعتمر بالتميز و الانفراد . هو ذنب مشترك و جريمة جماعية مُصادق عليها ، و من خرج عن القطيع إما يُعاد للحظيرة بخيانتهِ لِ " شيئه " أو أن يُقذف مذمومًا مسنودًا للموتِ البطيء . إجمالا " غسان " دفع بالزناد لآخره و قال المسرحية في رصاصة / جملة واحدة : " الفكرة إذا وُلدت فليس بالوسع التخلص منها .. بالوسع خيانتها فقط "
أشك أن النسخة التى أمتلكها كاملة فمازالت تحتاج لنهاية
تصور المسرحية كيف أن الإنسان من الممكن أن يكون غريبا مغتربا فى دنياه و كيف أن الإنسان فى وسط أحزانه دئما ما تكون له القدرة على استجلاب أبسط الأشياء التى يراها جميلة من وجهة نظره
تدور أحداث المسرحية فى المحكمة حول الشاب الفقير الذى لا يكاد يملك ثمن خبزه و يتهم بقتل شىء) و يتضح بعد ذلك أنه جسم فضائى جاء لاستطلاع الأرض و سقط فى شرفته) هذا الشاب على وشك أن يتعرض لدعوى قضائية من المحلات و الدكاكين التى بجواره لعدم سداده لديونه و أيضا لا يعرف كيف يتخلص من الطفل الحرام الذى زرعه فى رحم السيدة التى يحبها و هكذا تحاصره المشاكل من كل النواحى إلا أنه لا يحس بمعنى الدنيا إلا بوجود هذا ال(شىء) الذى لا يعرف كلاهما أى شىء عن عالم الأخر
وتنتهى الأحداث فى النسخة التى أمتلكها على أن والدة السيدة و السيدة نفسها يريدونه أن يبيع هذا ال(شىء) و لكنه لا يوافق لأنه يرى فيه ملاذه و دنيته
" الحب وحده لا يستطيع مهما بلغت حرارته أن يخبز رغيفاً " مسرحية القبعة و النبي / غسان كنفاني هل فكرت يوماً ان تسيطر على العالم ؟ ، و تنشأ عالماً جديداً حسبما ترغب ؟ ، او هل فكرت يوماً ان تنظر إلى العالم بعين جديدة ، ان تتحس و تتلذذ بكل شيء من حولك ؟ اذا كان جوابك لا ، فهلم بك اقرأ هذه المسرحية و انظر الى العالم من زاوية اخرى ، يعرض علينا غسان مسرحيته على شكل محكمة قضائية تحاول ان تطلق حكمها على المتهم ، و المتهم لا يعرف على ما يحاكموه ، فيتكون الحوار بالتناقش حول الضحية و كييفية قتلها . المسرحية رمزية ، تتكون من ثلاثة فصول ، و 8 شخصيات ، الجدير بالذكر ان المسرحية كتبت سنة 1967 و نشرت بعد 9 اشهر من اغتيال غسان اي سنة 1973 .
الفكرة إذا ولدت. فليس بالوسع التخلّص منها. بالوسع خيانتها فقط*
الإلغاز والرمزية ودفن المعنى. أشياء مدهشة. تضفي على الفنّ ستاراً مقدساً. وتضمّنه في لعبة الغيب والميتافيزيقيا. أيضاً تربط الفن بأسئلة الفلسفة. لكن للتنويه : إذا تجاوزت المسألة هذا الحدّ. سوف يتحوّل الفنّ إلى شيء بلا معنى. والشيء الذي لا معنى له. لا قيمة له.
- القبعة والنبي - غسان كنفاني - 96 صفحة - دار الوطن للطبع والنشر والتوزيع
هذه المسرحية لغز، عجزتُ عن فكّه، ومتاهة، لم أميّز أوّلها من آخرها. وحوارات هذه المسرحية تتمحور حول "الشيء" الذي لا تُكشف هويّته ولا ماهيّته، وال"شيء" فيه رمزيّة عميقة، لا يكشفها لنا غسان على طبق من ذهب بل يتركها لنا لنحاول فهمها. يا ترى ما هو هذا ال"شيء"؟ وطن كبير، أم دار صغيرة؟ وأهو رقيق كنسمة أم حادّ كسيف؟ ومن يمثّل "المتهم"؟ نفسه؟ أم أنّه انعكاس للكثير منّا؟ فلسفة هذه المسرحية طويلة، وإسقاطاتها عجيبة، ورمزياتها أكثر بكثير من أن تُحصر بأسئلة.
لا شكّ أنّ فلسطين حاضرة في هذه المسرحية، حضورًا كبيرًا، موجودة في خلفيّتها، في حواراتها، في شخصيّاتها، غسان والقضية متلازمان، لا يخلو نص له من طيفها أو ذكرها، حتّى وإن كان بالرموز.
عجيب يا غسان! كيف يخطر لإنسان هذا الكم من الأفكار المختلطة، وكيف يجرؤ على الكتابة عنها بهذا الأسلوب المتدفّق! علاقتي مع المسرحيات ليست قوية كثيرًا لكنّني سأعيد النظر بها بعد هذه التجربة.
اول مسرحية عربية أقرأها لكن للأسف لم أفهمها بالرغم من تعجباتي الكثيرة فيها حتى ظننت بأنني أقرأ هلوسات كاتب أكثر من كونها مجرد مسرحية بين قضاة و متهم و شرطي لا يظهر كثيرا و شيئ لا نعرف ماهو بالتحديد إلا أنه مشابه لقبعة و يحتاج ماء كي يعيش
أضطررت أن أبحث عن تحليلات للمسرحية و وجدت الآتي:
"ان الاغتراب النفسي هو انتقال الصراع بين الذات والموضوع (الآخر) من الواقع الخارجي الى النفس الإنسانية ولعل ذلك يخلق اضطراباً في العلاقة التي تهدف الى التوفيق بين الفرد وبين الواقع وابعاده ،فالشخص المغترب هو شخص فقد اتصاله بنفسه وبالاخرين، وهذه الحالة يصاحبها الكثير من الأعراض التي تتمثل في العزلة والانعزال والتمرد والرفض والانسحاب والخضوع ،اي ان الاغتراب عن الذات هو شعور الفرد بان ذاته ليست واقعية هو شعور بعدم التفاعل بين الفرد والاخرين ونقص المودة ،والألفة مع الآخرين ،وندرة التعاطف والمشاركة وضعف أواصر المحبة والروابط الاجتماعية مع الاخرين."
"حاول غسان كنفاني في هذه المسرحية ان يؤكد على ان الوطن هو الغربة بحد ذاتها اذا كان يرفض أبنائه وان الفرد لا يجد بدا من ان يغترب عن كل ما يحيط به عندما يجد نفسه ضائعا بين الألوف مختبئا بين ملايين يرفضهم الواقع ويرفضون انفسهم ويندرجون ضمن لائحة المهمشين المدانين في كل الأزمات والمحاسبين على أشياء ليس لها مسمى سوى الشيء ولعل غسان كنفاني عندما اطلق اسما لـ(الشيء )على الضحية كان يرمي بها الى ان المواطن عندما يريد منه مواطنوه ان يدينوه بفعل إجرامي سوف يفعلون وان لم تكن هناك ضحية وان لم تكن هناك جريمة والمتهم مدان وان لم تثبت إدانته في فعل او في فرد والقبعة ماهي سوى ستار وغطاء يحاول الجميع الهروب نحوها واليها هروبا من واقعهم الخارجي وغربتهم الداخلية."
ماذا لو لم يستشهد غسان كنفاني وهو في السادسة والثلاثين من عمره فقط ؟ ماذا لو أمد الله في عمره؟ ماذا لو زادنا من أدبه وكتاباته؟ مازالنا ننهل من أعماله القليلة التي تركها ونعيدها ونكتشفها ونكتشفه، أظن أن هذا العبقري كان ليكون في الصفوف الأولى التي تتقدم الأدب في العالم. مسرحية القبعة والنبي، هي فانتازيا تدور حول محاكمة شاب متهم بقتل (شيء) هذا الشيء هبط في بيت الشاب عبر نافذته وهو شيء فضائي عالمه غير عالمنا وما يعرفه غير ما نعرفه نحن البشر. تعلق الشاب بهذا الشيء وأراد أن يبني به عالم جديد، أن يكون نبيه ونبي العالم الجديد. من خلال المحاكمة تتبدل الأدوار بين المتهم والقاضيين اللذين يحاكماه، فتارة يوجها له الاتهامات وتارة أخرى يقلب الأمر عليهما ويتهمهما. فتحولت المحاكمة من محاكمة لجريمة إلى محاكمة للأفكار. المسرحية رمزية فلسفية كمعظم أعمال كنفاني التي ترمز كل كلمة وكل صورة فيها إلى شيء ما لا يوضحه هو جليًا. هذا الشيء الفضائي كان معه صديق افترق عنه هبط عند سيدة على شكل قبعة فارتده فوق رأسها، فكأن كنفاني يرمز من تلك الأشياء الفضائية للأفكار التي يعانيها الإنسان أو تهبط على رأسه بالإيحاء، فالبعض يتخذها كقبعة بمعنى أنها زينة لا تفيده ولكنه يرفض التخلي عنها حتى لو أثقلت رأسه وكانت عبأً عليه.
والبعض الآخر يريد أن يصبح بهذه الأفكار نبي يغير العالم بل ويخلق عالم جديد، وهو أيضًا لا يتخلى عن أفكاره أبدًا. ففي النهاية الأفكار هي الشيء الحقيقي الذي يملكه الإنسان حقًا ويصعب عليه التخلي عنها. عمل غرائبي يصعب إدراك رمزيته من القراءة الأولى ولكن يبقى قلم غسان كنفاني من الأقلام الأحب إلىَّ.
ليتك يا غسان ما مددت يدك لتكتب مسرحية. ليتك يا غسان تركت الانطباع الرائع الذي خلّفته في قراء رواياتك و مجموعاتك القصصية. أي داعٍ دعاك لتفجعنا باسمك على غلاف القبعة والنبي أو الباب هذه المسرحية بالذات عصية على كل محاولات الفهم و التأويل و الاسقاط....... ثم حين تريد أن تتناولها بذاتها لن تحصل على شيء أبدا........ ولا حتى العبث!!! عدا عما كان يحاول كنفاني دسه عن الدين في المجتمع العربي، كل الباقي لاشئ و ��لحصيلة الاجمالية