ربما كانت عميقة جدا فلم افهمها جيدا . ولكنها تكلمت عن فئات متعددة تجمعهم محل السكنى وهو الحارة اراد الكاتب ان يوصل رسالة ويتحدث عن طبقات معينة ليناقش مشاكلهم الغير ظاهرة في اغلبها ولكن العمل ربما افتقد الترابط المحكم الذي يجعله متماسك جيدا...
"وسمحت للشبشب الوردي أن ينخلع من قدميها" "استشعر طراوتها واستشعرت صلابته" "فتحت الشبابيك فأزهلها دخول الشمس من النوافذ"
بمثل تلك الصور والتشبيهات الجديدة المبتكرة, والقادمة من قاع الواقع لتطفو على قمة الأدب, يُطعم الكاتب هشام عيد نصه المبهر جدًا في صياغته, والمتعمق جدًا في مضمونه, بلغة أقرب ما تكون إلى الشعر المنثور, ساحرية ككلمات الرقى والتعاويذ, متأرجحة ما بين السرد الواقعي المطول لنجيب محفوظ, والرومانسية الحالمة ليوسف السباعي, والجرأة الفجة التي تتخطى كل حدود التقاليد والتابوهات المتوارثة ليوسف إدريس ..
باختصار نحن أمام كاتب قد قرأ كثيرا جدًا, قبل أن يتخذ قراره المصيري بامتشاق القلم, حتى إذا ما استجمع كل قواه الإبداعية, وتسلح بكل ما طرقه القدامى والمحدثون في دروب الأدب, يمتطي صهوة جواد الإجادة محتميًا بدرعه الحصين من ثقافته المتأصلة, ولغته الغنية المتنوعة المنغمسة في دنيا الواقع, ليصول ويجول ويطيح بالرءوس في دنيا الكتابة, تلك الدنيا التي حَلَت للبعض فاستسهلها الكثيرون فأوحلت على الجميع !!
يهوي هشام عيد بمطرقة تجربته الروائية على رأس قارئه, فلا يتركه إلا هائمًا في دروب حارة الفلواتي ودراويشه المتمايلين حول ضريحه, وقد مسهم مس من جنون كهرمان وكهرمانة, فمنذ الوهلة الأولى سوف تشعر بزخم الشخصيات وما تحتويه من عقد نفسية, جوانب ضعف في البشر عليك أن تقبلها, أن تقبل الأفيونجي وهو يسأل زوجته عن البطتين ولا يملك إلا أن يأكل ويبيع أي شيء مقابل غيابه عن الواقع, ونجية تلك المرأة الغامضة التي ستفاجئك بما تخفيه في النهاية, وعوف الليبي ذلك المنحرف الشاذ الممتليء بالمتناقضات, وسوكة وميكا وسلامة ومنى وبدرية وحورية وأمل, وعاكف الانتهازي الذي استباح كل شيء حتى عِرض بائعة جرجير مقابل عشرة جنيهات للحزمة!!
كل شيء مباح للكبار في تلك البلد إلا أن يكونوا كبارًا في أنفسهم, لا أمام الناس فحسب, فسرعان ما ستسقط الهالة والقناع وتبدو الحقيقة والتفاهة والانحطاط, يظل الأفكاك أفاكًا وإن اتشح بسواد الفضيلة, لم يبق لتلك البلد إلا الصادق الأمين ذو الفضل صاحب المقهى, الذي لم تطاوعه نفسه أن يطرد قهوجيًا يمنعه الصمم من إجابة الزبائن, لكنه يستحيل كالأسد الهصور يتشبث بمكانه .. بمنبته .. بالمقهى والسبيل, يتشبث بأرضه التي يريدون أن يقتلعوه منها اقتلاعًا, ويضربوه بمن ؟! بهؤلاء الذين تربوا في حجره, هكذا يفعل الأفاكون الانتهازيون دائما, يلعبون على ضعف الإنسان في مواجهة قوته!! كان لابد لكل هذا الزخم المظلم من لحظة ضوء تجعلك تتلمس الطريق, إنها الثورة التي يجب أن تولد من رحم الأحزان, لا تبالغ في امتصاص دمائي فإذا لم يكن بيني وبين الموت إلا شعرة يمكنني أن أخنقك بها, لا تقتل إنسانيتي فقد أصير وحشا وألتفت إليك لآكلك أنت في النهاية, وهكذا فعل سلامة في مشهد النهاية, لتبقى أمل تنتظر عودته, لكنه يعلم أنه لا مكان لمثله في الدنيا الجديدة, أخطأت بحكمك على نفسك يا سلامة, أخطأت بتمنيك للموت حتى تتطهر, فمازال الأفاكون يرتعون, وقتلك لاثنين منهم لن يمنع عودة الباقين!!
يعلم هشام عيد تماما أنه قد دخل بإرادته إلى المنطقة المحظورة في الكتابة, لكنه يعرف دربه جيدًا وسط تلك الألغام المزروعة بعشوائية, ألغام من العشق الحرام والإغتصاب والشذوذ والتطاول على الإله وقضائه وقدره أحيانًا, ينقل لك صورة فجة لمجتمع أدمن التستر على مخازيه, يضع ألف قفل ومزلاج على المحازير, لكن لا يستمريء أن يأتيها خلسة وهو يردد "هل يراكم من أحد", مجتمع ينافق نفسه بنفسه ويكره من ينكأ له جراحه, فيأتي هشام لينكأها ويتغور فيها بقلب جسور, وخبرة متقلب عابث غاص في قيعان خبرها جيدًا, ويعرف كيف لا يتلوث نصه الشاعري الحالم أحيانًا بدنس الرزيلة وطينها الطافح فوق السطح .
أرى نصه أقرب لعدسة عاطف الطيب السينمائية , التي أبرزت عوار النفوس والمجتمع في مشاهد رائقة وزوايا شاعرية لا تبرز القبح إلا لكي نتساءل دوما لماذا ؟! لماذا نترك هذا الجمال ليبدو قبيحًا هكذا, فسلامة يعثر على إنسانيته أخيرًا ويكتشف أخاه سوكة وكم أضاع من عمره في الكراهية, وعادت الأسرة المفككة تكتشف أن الترابط هو طريقها للحياة في مواجهة الأفاكين, فالإنسان هو صانع الحدث دائمًا وهو الذي يختار مصيره, وإن اتهم الأقدار بأنها تتلاعب به, لكن هناك دومًا بقعة من النور تتعلق بها الأرواح التائهة المشردة .
قد يرهقك أحيانًا زخم الشخصيات في بداية الرواية, ستشعر أنك تسير في الليلة الكبيرة بمولد سيدي الفلواتي, قد تتوه بينها وتتشتت, أسلوب الحكي بطريقة الفلاش باك يبدو أفضل الوسائل للتنقل بين الشخصيات والقفز على الحدث, الراوي العليم لا يقيد نفسه بتتابع الأحداث والصراع, يستدعي لك كل شخصية من شخصيات المولد الكبير لتعرفك بنفسها وتقص عليك كل ما تريد أن تعرفه, وقرب قرب تعال شوف واتفرج!!, حتى يظهر لك البطل الأوحد التائه منذ البداية في مشهد النهاية, ليتلو عليك البيان الأول والأخير, لقد تنحى كل الأبطال وجلسوا بين الجمهور, وظل البطل وحده يصارع حتى أثخنته الطعنات, فالمهم أن تبقى أمل على قيد الحياة وألا يختطفها أحد!!
ما آخذه فقط على الرواية, هو عنوانها "حارة سر الدين الفلواتي", العنوان يردني دومًا إلى حارة نجيب محفوظ, بالتحديد إلى "أولاد حارتنا", قد أربط غير قاصد بالطبع بين "الجبلاوي" و "الفلواتي" , والشخصيتان .. بل والروايتان أبعد ما تكونا في المضمون عن بعضهما, كنت أفضل العنوان "سر الدين الفلواتي" فقط, هذا رأيي على كل حال!!
أخيرًا أقول أن ذلك النص هو "الفلتة" الذي لم أقرأ مثله منذ فترة طويلة, وأن لكل فنٍ فرعونه الذي يعتلي سدة الحكم فيه, ويبدو أن فن الرواية ينتظر فرعونه الجديد ذلك الفلتاتي "هشام عيد"
" حارة هشام عيد الفلواتى" فى البدء كانت الكلمة ثم قال للحارة كونى فتجسدت ، وكأنما من العدم تجلت ، قديمة هى قدم الدهر وباقية حتى الأبد . للأسف أنهيت قراءة رواية " حارة سر الدين الفلواتى" للرائع العم " هشام عيد Hisham Eid للمرة الثانية فى ثلاثة أيام و سأحاول قدر إستطاعتى أن أتحدث عنها مع يقينى أن كلماتى لن توفيها حقها . فى البداية أقر بأننى أمام كاتب واديب صاحب " مشروع أدبى مستمر " البداية كانت مع " أوراق حلاق " والتى وصفتها بأنها أنشودة الحارة وأنشودة الفقراء والمساكين وها هو اليوم يؤكد صدق ظنى . يقول بارجاس يوسا فى حديثه عن الواقعية بإختصار " إن الكاتب البارع هو من إستطاع نقل الواقع بصورة مختلفة فلا يصبح مجرد نقل للأحداث التى يلقاها الكاتب وحسب " وها هو العم هشام يفعلها . حارة وضريح منازل وعقارات رجال ونساء خير وشر حب وكراهية ، الحارة أسرارها التى لم تفصح عنها إلا له تأبى أن تتركه أو يتركها ، أراه يتجول بها وكأنما يشيد بنيانها بيديه ويبث الروح فى أجساد صورها قلمه . فى حارة هشام عيد ترى أسواء ما تخشاه وتدرك الحقائق التى يخجل الواقع من ذكرها ، إنه الواقع لا ريب ، مأساة لا يود أحدنا كشف النقاب عنها حتى لا يفزعه بشاعة المنظر ويزكم أنفه عفن الرائحة الكريهة لأفعالنا . لا عجب فبيننا يقبع الف حمودة والف نجية ، تفشت عدوى حورية وابراهيم المكوجى ، السنا نشتكى مر الشكوى من أمثال محسن عزيز و عاكف . كجراح ماهر راح يتتبع مواضع الجراح الملتئمة ليشق عنها بمبضعه حتى يدرك المريض خبث جرحه الذى تغافل عنه عن عمد ، بريشة فنان وحكمة فيلسوف وبراعة أديب خبرة مُعمر تعدى من الأعوام الف . سرد غاية فى الروعة وكأنما تستمع إلى مقطوعة موسيقية لا تُمل ، مقاطع عديدة قرأتها أكثر من خمس مرات لما بها من إبداع يفوق كل وصف ، شخصيات صورها ببراعة جعلتنى أشفق على بعضها ، فيما جعلنى أمقت أخرون وأبصق عليهم ،فرحت فى مصائب لحقت بعدد من الأشخاص ، بكيت مع أخرون وبكيتهم وكأنما أعرفهم منذ أعوام . حارة سر الدين الفلواتى ليست كلمات جمعت ما بين دفتى كتاب ، ليست كلمات خطها قلم على الورق وحسب ، حارة سر الدين الفلواتى واقع وحياة يتجاهلها المجتمع وكأنما لا توجد ، حارة سر الدين الفلواتى حالة خاصة لواقع أليم ، صراع مابين الألم والأمل . بالنسبة لى كان سلامة هو " سر الدين الفلواتى " لا أريد أن أطيل فى الحديث وسأنهى كلماتى بجملة واحدة عن حارة سر الدين الفلواتى وقلم هشام عيد . " حارة سر الدين الفلواتى ليست رواية عادية وإنما ملحمة أدبية ،حينما يُبدع القلم ويؤمن صاحبه بقيمة الكلمة وبدوره فلن يقدم إلا الروائع ، حارة سر الدين الفلواتى عمل أدبى وخطوة على طريق العباقرة تنبئ عن أديب كبير وقلم سوف يكون له أثر كبير عما قريب " شكراً أستاذ هشام عيد على رحلة الإبداع ، شكراً على متعة أدبية لم أرغب فى أن تنتهى ،شكراً لك أن منحتنى جولة فى حارة سر الدين الفلواتى.
مراجعة قرائية لرواية/ حارة سر الدين الفلواتي الكاتب/هشام عيد
يحكى أن حَيّةَ الشّر حين نزلت إلى الأرض، وضعت بيوضها في حفرة ثم رحلت لاهية، لكنها قبل أن تغادرهم ألقت عليهم تعويذة من كلمة واحدة، فقالت: "عيشوا" عاش البعض باللؤم وعاش البعض بالقوة وكثيرون عاشوا بالمال، والكل عاش على لحم أخيه. أما أقواهم فكان ثعبانٌ أقرع، تغذى على الفقر والجهل والفحش، فتعملق وحشًا له ثلاثة رؤوس يعتصر ضحاياه ويمتص أرواحهم.
"حارة سر الدين الفلواتي" ككل سر لايعرف حقيقته كان العنوان سراً لم يستشف كُنْهه و ولم تحل أُحجيته.
في البداية يخدعك العنوان فتظن أن البطل هو المكان، ثم تنكشف لك الحقيقة رويدًا رويدا، حتى تكتمل الصورة، لتصل إلى أن البطل الحقيقي هو ذلك الثعبان الأسطوري الذي تغذى على عائلة الأفيونجي فلم تقم لأرواحهم قائمة. ويكون المكان محض سجن يحاصرهم ما بين حائط سد عالقٌ ببن بيوت الحارة، وبين بوابة عبور واحدة إلى العالم الخارجي.
"الفكرة" رواية ا��تماعية في المقام الأول ترصد تفاصيل صعود فئة منسحقة وظهورها على سطح الحياة كفطريات تغذت على كل ماطالته أيديها ولم تدخر الدنيا وسعًا في ركلها بين السطح والقاع، مع رصد دور هذه الفئة في الواقع السياسي والاجتماعي الحديث. تأثرها وتأثيرها خلال واحد من أهم الأحداث السياسية في مصر الحديثة.
تشعبت الفكرة الرئيسية إلى عشرات الأفكار الجانبية التي تعمل كلها على تغذية جوهر العمل، فالسبب يحتاج إلى مسبب والنهاية هي محصلة البدايات والكل يتماهى في بوتقة الانصهار الشرسة، ليُقَطِّر قَطِرانًا أسودًا حالكًا لم نزل نعاني عالقين في لزوجته، بل أجزم أنني تذوقت سواده في فمي، ولن يفارقني قبل كثير.
"الحبكة" بين التذلل والتدلل نقطةٌ فيها يتيه العالم النحريرُ
هي نقطة الأكوان إن جاوزتها كنت الحكيم وعلمك الإكسيرُ "ابن عربي"
حبكة سوداوية تصاعدية معقدة تتشابك فيها الخيوط وتلتف لتشرح لنا بحرفية عالية كيف تتلاقى وشائج السلطة والقوة، وكيف تتلاقح أمشاج البلطجة والعهر في غياب الأخلاق، لتختلط أنساب القبح فلا يعرف له أب ولا أصل، ولتنتقل لعبة"جر الشكل" من أطفال الحارة إلى شوارع الدنيا، حيث يفاجأ الأسوياء بأنفسهم بين رحىً شقيها هما نفوذ السادة وإجرام الأشقياء.
برغم ازدحام العمل بعدد كبير جدا من الأحداث المتوازية والمتصاعدة، إلا أن الكاتب ملك زمام الحبكة ببراعة فلم تفلت منه، وإن كنت أعيب عليه تركيز كم القبح والتلوث في ماعون واحد، كأنما أراد لأسرة الأفيونجي أن تكون الأنموذج الخام لكل نقيصة تخطر على بال.
"اللغة" إن كان يحق لي الحكم فإنني أرى أن أعظم مافي هذا العمل هو لغته، فاللغة هي البطل الأول بلا منازع. قلم ذكي منطقي حساس، حاكَى لغة كل شخص طبقا لبيئته وأخلاقه وفكره. لم يُغفل الاستشهاد بآيات قرآنية وعبارات أدبية، وُضعت في أماكنها المضبوطة وخدمت الهدف منها، وإن كانت لم تخفف من وقع اللغة في باقي المواضع.
تجسد إبداع الكاتب في القدرة على التورية عوضًا عن التعرية ليصف مشاهد كاملة بقدر متناسب بين التصريح والتلميح، وهي قدرة لاتتوفر لكثيرين وتنم عن خيال واسع وبلاغة عتيدة. وبرغم ذلك لم يتوانَ عن التصريح حين احتاجت فجاجة الواقع لهذا.
يحسب للكاتب أنني لم أسمع صوته الشخصي في أي موقع من الرواية، بل استطاع ببساطة أن يقنعني بمنطقية غالب الألفاظ مهما بدت صادمة وصارخة بل وحتى بذيئة في أحيان أخرى. في كل مرة امتعضت من كلمة أو لفظة خارجة، ضبطت نفسي فوراً أبرر للشخصية بقولي "وماذا تريدين منها أن تقول" وبرغم ذلك تمنيت جدًا لو استغنى الكاتب عن بعض الألفاظ، أو على الأقل لم يكررها في أكثر من موضع فالفكرة ظهرت وانتهى الأمر.
"السرد والحوار" رواية سردية في المقام الأول وهو مايخدم كم الأحداث والشخصيات المزدحم بها العمل. استخدم الكاتب الراوي العليم في المجمل، ولجأ للراوي المتكلم على لسان الأبطال في عدة مواقف لسبر أغوارهم وشرح مشاعرهم وما يستعر بداخلهم من جحيم.
*الحوار قليل نسبيًا ومناسب كما أشرت سابقاً للغة كل شخص.
*دونًا عن باقي أجزاء الرواية وخلافًا للمفترض نتيجة عاطفية المرحلة، فقد غلبت التقريرية على السرد في الجزء الخاص ببدايات ثورة يناير وتسارع الأحداث في ذلك الوقت، وربما يرجع ذلك لكثرة المعطيات وتواليها بصورة جعلت الحسم يمر بالكثير من الاحداث خلال القليل من الوقت.
*لايوجد شر مطلق ولا خير مطلق فحتى الشيطان سبح لله في زمن ماض، ولكن في النهاية غلبته طبيعته الشيطانية.
شعرتُ أن الكاتب يحاول تمرير هذا المعنى من خلال الهنات التي زرعها عن "نجية"، العاهرة التي باعت كل ما طالته يداها حتى أبناءها بينما كان الدنس الخالص هو "حمودة" ذلك الذي فاق الأبالسة فجورا فعاش خنزيرا دون أن يرف له جفن مطلقا، ومات منبوذًا حقيرًا.
"إذا كنت تبحث عن الكمال فأنت لا تبحث عن الحب لأنّ معجزة الحب تكمن في عشق العيوب". "شمس التبريزي"
الفلسفة الخاصة بكل شخص مناسبة لتفكيره ووجهة نظره في الحياة، سواء كانت إيمانًا أو إنكارًا لوجود إله، نقمةً وغضبًا أو سلامًا وتقبلا لعطايا الله. وإن لفت نظري محاولة الكاتب تحقيق قدر من التوازن قد لايوجد في أرض الواقع، فالإخوة الثلاثة، أحدهم فاحش الإجرام والآخر بالغ النقاء حد مثالية القديسين، بينما الثالث يرقص على حبل التوازنات. والعاهرات الثلاث إحداهن اتجهت للعهر انتقامًا من ذويها والأخرتين دفعتهما الظروف فماتت الأنقى والأطهر، وتابت الثالثة حين سمحت لها الظروف وثبتت على توبتها حتى النهاية.
"زمن الرواية" تدور أحداث الرواية في نطاق زمني واسع وممتد منذ بداية السبعينات وحتى ثورة يناير في 2011، وهو ماخدم الكاتب لاستعراض الكثير من الحبكات الجانبية والاستعانة بالعديد من الشخصيات للتخديم على الأبطال الأساسيين، وضخ دماء الواقعية للعمل. دخول وخروج كل شخصية كان ممنطقا ومقنعا وإن نتج عن هذا التزاحم تهميش لعدد كبير منهم وفي اعتقادي أن الاستغناء عن بعضهم لم يكن ليؤثر على صلب العمل.
"منطقية الأحداث" تدرج الأحداث وتصاعد دراما العمل جاء منضبطًا خاصة خلال رحلة سلامة من الشك إلى الإنكار وصولًا إلى الإيمان واليقين. بمنتهى السلاسة كُشِفت حجب الغيب للمُنكِر حين اقتنع فقال: " لا يمكن لمثل هذا أن يموت فينتهي الأمر...لابد أن هناك جائزة تحجب عن مثله هو بينما ينالها مثل سوكة، مؤكد أن جائزة تنتظره هناك"
وبرغم ذلك لفت نظري عدة مواقف بحاجة لمعاجة واستيضاح زمني وحدثي مثل:
*كيف امتلكت منى محمولا قبل عام 1998 وهو عام دخول المحمول لمصر لتموت وتتركه مخبئاْ وتعيد ابنتها شحنه في عام 2011 ويعمل نفس الجهاز القديم بنفس الخط القديم ونفس الأرقام؟
*لماذا ارتدت بدرية جلبابا وغطاء رأسٍ أبيضين رغم وفاة زوجها منذ أيام معدودة وقد سبقه كل من أمه وأبيه قبله بأشهر قليلة؟
* كيف تسنى لبدرية أن تتصل بسلامة على المحمول يوم 29 يناير والمعروف أن الاتصالات قطعت عن محافظات القاهرة والإسكندرية والسويس والغربية منذ ليلة ال27؟ وبنفس الحال كيف استطاع سلامة الاتصال بأمل وتوديعها وهو يحتضر في نفس الليلة؟
"النهاية" يا درة بيضاء لاهوتية قد ركبت صدفا من الناسوت
جهل البسيطة قدرها لشقائهم وتنافسوا في الدر والياقوت "ابن عربي"
جاءت النهاية تحمل قدرًا كبيرًا من المثالية، وتنتقم للقاريء المستنزف ألما من كل الأشرار، وتمثلت في موت الشر وقضاء بعضه على بعضه بمايخالف واقع الأمر، والأمل في الغد المتمثل في تجديد الشقة وكفاح بدرية وأمل ومنى الصغيرة في ربط رمزي بين المرأة والحياة. ليت الواقع كان بتلك الحالمية والمثالية، لكانت الأرض أفضل رغم كل شيء ولمثالية النهاية تبرير في نفسي يرتبط بمثالية الأحلام ونقاءها في المرحلة المتزامنة مع الثورة.
ختاماً، الفلواتي رواية مرهقة جدًا، صادمة جدًا جدًا جدًا تتناول الجانب المظلم الذي قد لا نراه على هامش الحياة.
لمثاليي الرواية, الذين حين اصطلوا بنيران الواقع الكابي خرجوا ذهبًا رائقا دون شوائب.. لروح أحمد"سوكة" ومهند ورقية وسيدة... لهم جميعا أهدي أبياتي المتواضعة
ألفٌ من الكُرباتِ مروا مابكيتُ... ولا انحنيتْ
هشمتُ صخرَ المُرِّ رغم هشاشتي وزرعتُ وسْطَ الصخر أزهاراً وبيتْ
واجتزتُ نهرَ النارِ دون إرادتي فكأنني ذهبٌ..صُقِلتُ وما ذَوَيْتْ
وخرجتُ من قلبِ اللهيبِ بهية أضوي كأنِّي لا أُذيتُ ولا اكتويتْ
حارة سر الدين الفلواتي للكاتب هشام عيد 🦋 من الذي أسقطنا من أبراجنا العاجية في تلك الهوة التى لم نراها أبدا فادخلنا من بوابة تفصل عالمنا بعالمهم النوجود بالأساس بيننا غير اننا قد تعمدنا تجاهله عن قصد ربما عن حهل منا بوجوده وربما أمل منا لتلاشيه من الوجود في صمت لكن للأسف تجاهل تلك المجتمعات زادت سوء تواجدها وتفاعلها بيننا وبينهم وازدادت الهوة ففارت وثارت كبركان ظل خاملا منتظرا لحظة ما وتلك اللحظة حين اتت اندمجت بنا جميعا ... أصبح مافيها خارجها وامتد إلينا لوثنا بعد أن لوثناه بنظرتنا الدونيه له ... بتجاهلنا ...بتعالينا....لم نستطع أن نلقي عليه رماد ما فيردم... مجتمع غريب يدخلك فيه الكاتب ...أم أنه فقط يزيل غشاوتنا فنراه واضح جلى... . سأبدأ من النهاية حيثما يقبع غول اليأس ورغم ذلك لم يبقي سوى الأمل أمل يجمع بين البراءة والنقاء والشقاء و_الفهلوة_ الذكاء ...و سرعة البديهة أمل يشبه الأمانى... يحمل كبرياء ما وتمرد خفي بين السطور وكأنه أمل لغد قد يكون أفضل لكنه الأن حائر محطم نوعا ما لاندرى أهو بداية أم نهاية... ويقينا سلامه الداخلى سيتأخر إن لم يكن لن يأتى فقد احتضر بطلقات رصاصة غادرة... رمزية الشخوص تأخذك تارة لعالم ما وراء الرواية التى بين يديك فتتخيل روايات وأحداث وتقترن تواريخ الزمن بدومات الرواية فتنشيء مزيج عجيب إن لم تكن منتبه له لسحبتك الدوامة لبلاد التيه ... بعض القصص عن الشخصيات تصلح لأن تكون رواية مستقلة بذاتها الليبي والأطفال قصة تصاغ بعبقرية منذ الحدث ذاته حتى يطويها الزمن فتصبح ذكرى للتندر.... يعشق كاتبنا الدمج والتبادلات وحلقات متتاليه من الفلاش باك ممزوجه بحرفية شديدة الدمج بين فقدان السمع والذكريات المنبعثة من الذاكرة البعيدة والانفصال عن الواقع والعودة اليه سلس جدا لكن لا يخلو من بعض التعقيد المنمق في السرد ... التبادلات على طول الرواية تدهشك فدوما المتعة الحسيه تستطيع أن تقايضها بما تشاء في تلك الرواية المزاج (الحشيش وخلافه )... بالمتعة أعطنى وجبة أو وفر لى باب رزق أمنحك متعة وان كانت حرام ...فلا يهم سوى طعامى ورزقي أما الجسد فهو يباع ويشترى بلا غضاضة ...كأنه شيء عادى (خطى عتبتى وأخطى عتبتك) التغاضي عن الحرام أمام الغذاء او المخدرات أو الرزق مزج نكستين نكسة وطن بنكسة رجل...والتغاضي بلا مبالاة عن كل شيء بعد ذلك حتى ولكأنه انتكس فانفصل عن واقعه متقوقع داخل واقع آخر افتراضي انشأه عقله... التعود على الإنحدار يجعله لايجد غضاضه فيه ابدا بل والمطالبة به ((اذا لم تسأل عن البطة الأولى فلايحق لك أن تسأل عما يحدث في الحظيرة)) ((هو مش هيجبلنا بطة)) (بطتين في يوم واحد ...كل ياخويا هو أكل والا بحلقة)) ((يدلف حمودة ضائعا مسطولا تحت البطانية مسددا بتغافل ثمن العشاء والمزاج وتسيير الحياة بشكل عام...))) والمقابل هنا كان ساعة وخاتمين فضة و...نجية. وغطي وجهه ببدلته العسكرية واصبح اب لاربع ابناء .... ...(دعك من سخف الاسئلة) لا تسأل كثيرا وتعايش مع واقعك القذر .. فلاشيء بيدك الا التغاضي بصمت كلمات الكاتب دوما تحمل معنيين ((تعرف القوى العظمى دائما ان الاتحاد قوة )) كأنه يخلط حياة الاثنين بتصنيفات الدول . .ًاختيار الاسماء اسماء الموظف وابناؤه تختلف عن الآخرين ربما أرادهم مميزين نوعا ما يملكون شموخ ما وسط قمامة ذلك المجتمع المهترىء الذي صوره لنا. . . وجعلهم علامة مميزة في الحارة حتى بعد الرحيل صنفت الأحداث لقبل رحيل وبعد رحيل أو ربما هم رمز للثقافة والرقي الذي نبت وسط كل ذلك الهراء... وفقد ... (((موت الأ��طال))) دوما الموت لدى الكاتب اسطورى و منكسر الجميع مات منكسرا أو مذلولا حتى من مات دونهما جعله فجأة حرقا أو رصاصة... النزعة الدينية في الرواية غير محددة الهوية ... لكنها مع ذلك موجودة تارة يتسائل احد الأبطال أين الله وتارة يدعوه حتى تلك التى باعت جسدها للشيطان كانت تتمنى أن يسترها الله ))))كانت أشد ماتخشاه أن تموت عارية كانت تتعشم أن يمنحها الله لحظة توبة قبل النهاية...تدرك أن الله يعلم أنها لم تجد طريقا آخر...أن الله أرأف من كل أحكام البشر وأنه سينظر لها في النهايةسيشير اليها ويقول لها تعالى ايتها النفس التى لم يرحمها أحد ...أيتها الأنفس التي حكم الجميع بأن النار مثوى لها تعلقوا باسمى الرحيم واسكنوا في مساكن الذين ظلمهم الناس...لقد خلقت الجنة والنار في النهاية حتى لايكون كل هذا الشقاء عبثا)))
((لماذا يفضل الله ان يظهر في المشهد الأخير ألم يكن هناك حين كان لحمها يمزق))) (((طول عمرى شايفه باحس بيه اكتر في المطر ...ساكن فيه يملاك وتشوفه وتحسه بس ماتقدرش تمسكه...((( . محاولات انفلات الابطال من عمق الانحطاط لبياض آخر كجنين ينسلخ من جلده مستمرة طول الرواية وكلها بائت بالفشل الشيء الوحيد الذى ربما ينجح هو ترميم القديم وتجديدة متمثلا في ترميم الشقة القديمة التى أتخذت رمز للعائلة والدفء أو ربما الوطن..... وكأنه يريد أن يخبرنا بنصيحة مفادها انظر لجذورك ورممها ربما حين تطرح من جديد تطرح أملا... ...أوربما تستطيع أن تحتفظ بماتبقى في أمان . تعبيرات الكاتب عن العلاقات الانسانية بين الأبطال خرافيه الاحتواء الأزلي بين الزوج وزوجته في أروع صورة (((احتواها بحنان وغفران يتجاوز خطايا البشر ...رأي فيها جوهر كان خفيا على العالم ورأت فيه أبا وعائلة غفرت للزمان كل شقاء السنين مسح قدميها ومنحها الخلاص ...ربتت على قلبه ومنحته الدفء)))) ....... انتهج الكاتب نظام الصدمة فمازلنا لم نفيق من الأولى حتى نسقط في براثن الأخرى ....كلما ظننا أن هناك ضوء ما سيهرب من بين الظلام ليضيء تأتينا صدمة موت عزيز على أحدهم أخ... زوج... أخت... أو مرض أو ماهو أقسى وكأنه يؤكد علي القول الإلهي ((خلقنا الإنسان في كبد )) فهم دونا في مشقة دون نهاية ❤ *المرأة في الرواية* المرأة لم يصورها لنا سوى على أنها للأسف ...عاهرة نجية سبب كل مصائب الرواية أكاد أراها بتفاصيل ملامحها وجلبابها وطرحتها ...وكأن المرأة هي أصل وسبب كل الشرور لم تتورع عن فعل أي شيء من أجل المال ...الطعام ...حفنة من الجنيهات وقطع ذهبيه خبئتها حتى عن أطفالها في حاجتهم في جوعهم وتقاتلهم علي الطعام .... لم تهتم من أقتحم جسد ابنتها بل كانت سبب لم تهتم لمن أقتحم برائة أطفالها فقط لم تهتم... تمنيت لها تلك النهاية حقا لكنى لم أعجب بذلك المنهج الذى جعل كل نساء الرواية عاهرات الأم ...الابنه...صديقتها....زوجه الابن ...كلهن .. ومن لم تكن عاهرة صورها وحيدة عجوز سليطة اللسان أو مصروعة يتلبسها جنى وهمى ... وكأن المرأة أصل الشرور ... رغم انه يشعر بالتعاطف معهن دوما مهما كن . ويشفق عليهن من المصيىر المحتوم ويتمنى من خلال سطوره ان الله سيعفو عنهن ... إلا انه لم يصورهن إلا هكذا ...... ❤ *اللغة * هى صنيع_ المعلم _لمنزله ولكنى أجدها في بعض المواقع متحذلقة أكثر مما ينبغي ببساطة هى _فرد عضلات _على القارىء ... باللغة وبالاسلوب.... الذى قد يبدو معقد ومبهم في البداية كأنه أرادها لفئة معينة من القراء طبقة معينه... أظن الكاتب يعتقد أن كلما ازدادت الرواية تعقيدا كلما كانت أكثر عمقا ولكني استمتعت بذلك. . شخوص الرواية الأساسيين هم نجية وأسرتها ماعاداهم شخوص كثيرة جدااا قد تسقط قليلا في بحر الأسماء وتغرق ان لم تنتبه جيدا لهم ... في النهاية هى رواية رائعة ستستمتع بكل حرف فيها وتجتاحك تماما أستطيع أن أكتب عنها ألف رأى فى ألف صفحات فكل سطر يحتاج تحليل طويل ...
قصة وطن أم قصة شعب أم قصتهما معاً؟! اجتمعت البلطجة والفُحش مع السلطة والمال فانهزمت البراءة والعزة والكرامة..
كادت هذه الرواية أن تكون ملحمة تلخص قصة الوطن من نصر أكتوبر حتى أحداث ثورة يناير بروعة اسلوب الأستاذ هشام عيد وكلماته السلسة القوية.. العذبة الموجعة.. لغة شاعرية لكنها حكائة ترصد موضع الألم دون أن توغل في عذاباته.. تشير إلي القبح والاتساخ دون أن تكون قبيحة أو مبتذلة.
أعود وأقول كادت لتكون ملحمة لكن ضيعني النصف الأول بطريقة السرد، فقد بدأت الرواية بأحداث غير مفهومة وشخصيات كثيرة مجهولة ثم كان الكاتب الراوي العليم الذي يصف كل بيت في حارة الفلواتي بمن فيه فرداً فرداً حتي لتمسك ورقة وتسجل فيها الشخصيات حتي لا تتوه..
بدأت المتعة الحقيقية بالنصف الثاني من الرواية التي ركزت على عائلة واحدة هي أسرة الأفيونجي بكل تناقضات أفرادها وانسانياتهم وجرائمهم وضحايا بيئتهم منهم..
كما كنت أتمني أن تطيل الحوارات أكثر بين الشخصيات ويقل صوت الراوي العليم..
راودني سؤال بانتهائي من الرواية هل لو سيرصد الكاتب الزمن الحالي.. هل ستناسبه الحارة؟ وهل سيكون هناك مثل سوكة، أوعاطف ورضوان وأبيهما؟؟؟
عمل قوي لكاتب كبير وأستاذ، رواية رائعة بالرغم من عدم تفرد الموضوع، فالرواية تتناول الحارة المصرية بكل تناقضتها وأزماتها مع القاء الضوء على عائلة معينة أو بعض الأشخاص، أعتقد أن الأحداث لم تخرج عن هذا التوصيف، إلا أننا أمام لوحة عبقرية تجسد واقع مرير، الجديد في هذا العمل أن أبطاله تجسيد حي للفساد والشر المطلق، الشخصيات المشوهة الموجودة في الرواية تثير الرغبة في اشعال النار فيهم بلا أدنى ذرة رحمة، فقد أبدع الكاتب في تصوير العفن الذي خلفته سنون الحرب والحرمان في حياة عائلة تفوق في عهرها عائلة ريا وسكينة في مطلع القرن الماضي، فالأب أفيونجي شاهد زور كان لص يسرق زملاءه الجنود وهم في الرمق الأخير، يختلق المشكلات حتى يتحصل على بعض الأموال، يغض الطرف عن صديقه الذي يضاجع زوجته من أجل بعض الطعام وقطع الأفيون، يبيع أبناءه مقابل أي شئ، والزوجة تفوقه سوءً ودهاءً وعهراً، وخال فاجر شاذ يتحرش بأبناء أخته ويلطخ فترتهم النقية فيخلف بداخلهم عقدة لا تنمحي، بالتالي أبناء أغلبهم على نفس درجة السوء، تاتي نهاية الرواية بثورة يناير ثم اختطاف الطفلة أمل من قبل عضو مجلس الشعب والمحامي الفاسد، وهذه النهاية بالطبع لها دلاله جلية على نجاح الفاسدين في الاستيلاء على أمل الشعب في الخلاص من الظلم والفقر وقد انتهت الرواية بموت سلامة وبالطبع عدم قدرته على استرداد أمل برغم وعده لها بأنه سيأتي ولكنه لن يأتي أبداً اللغة في الرواية ليست كأي لغة عادية، فقد أحسست أن الأستاذ هشام يزن فقراته بميزان الذهب، فلا حرف زائد ولا حرف ناقص، الجمل موجزة رشيقة ولكنها عميقة كسهم شديد الدقة ولكنه مسنون يصيب بمجرد لمسه، لذا استغرقت وقتاً أطول في القراءة من لو كنت أقرأ عملاً بنفس عدد الصفحات لكاتب آخر، وفي أوقات كثيرة كنت أعيد قراءة الجملة ثلاث وأربع مرات حتى أصل إلى مرماها، اللغة في الرواية لا تحتوي على بهرجة أو فخامة، فهي في الحقيقة خالية غالباً من ايقاعات تطرب الأذن، بل إنها عصية على مجاراتها بيسر، فلا اسراف في المفردات الجديدة أو الصور، ولكنها كانت كوعاء مصقول للأحداث قد صنع على مهل، فالعديد من فقؤات الرواية تصلح لأن تكون جملاً مأثورة أو اقتباسات السرد أيضأ كان قوياً وقد شعرت بأن الرواية قد كتبت أكثر من مرة، فالحدث لا ينتهي بمجرد ذكره ولكنه قد يعرض لنا مرة أخرى في فصول تالية بشئ من التفصيل أو الاضافة الجنس في العمل برغم الافراط في عرضه ولكنه كان موظفاً وليس مبتذلاً مثيراً تحفظي فقط على عنوان الرواية فقد كان تقليدياً إلى حد كبير، فقد سمعنا عن حارة المواردى أو حارة برجوان او حارة كذا، وكلها أعمال تدور في نفس القالب، فبمجرد سماع الاسم نستطيع بسهولة تخمين المحتوى، أعتقد أن الرواية تستحق عنوان أكثر جذباً وقوة عن ذلك العنوان
أعتقد أن هذه الجملة التى أتت فى السطور الأخيرة للرواية هى لب الحكاية والمغزى والرسالة💖 وإن كنت مخطئة فهذه أمنيتي💕
"احتفظ بذاكرتك فإنهم سيزيفون التاريخ"
#الفلواتى
ل #هشام_عيد
ثلاثية الفقر والجهل والمرض الجرعة مُكثفة والوجبة دسمة والمثلث يكفي ضلع فيه ليقيم أود الكيان كله لكن الكاتب لم يكتفي بأن يصفع المتلقي صفعة واحدة ليفيق فجعلها صفعات وإفاقات متعددة.. بلا زمان محدد فالاحداث سارية فى كل زمن، الطمع والفقر والقمع والجهل .. ممارسات غير آدمية يمارسها آدميون واستقواء كل طرف على الآخر رغم اشتراكهم فى الهم جميعًا.. المرأة رمز الغواية والقهر والخضوع والتحايل أحيانًا.. والرجال رمز القوة المفرطة أو الهروب المفرط أو الاستعلاء والضعة فى آن.. العنوان حير القارىء كما حير ساكنى الحارة!! من عساه كان الفلواتى ولم سُمى بهذا الاسم؟ ومع الاجابات المختلفة المتناقضة تراك تستسلم لها جميعًا. فساكني الحارة ذاتهم ينطبق عليهم وصف الفلواتى ان كان مارقًا او قديسًا.. او بشرًا عاديًا يخطيء ويصيب.. عند ضريحه يتم تبادل القبل والعُري كما يتضرع البعض ويطلب النجاة.. الشخصيات مرسومة بدقة فائقة، تتخيلها وهى تتكلم وتحشش وتسهر وتسرق المتع والملذات وتتباكي آخر الليل كالاطفال.. المكان كون فسيح، حارة ضيقة تشبه قطع الدومينو، وتجمع بداخلها طوائف عدة وطبقات متباينة.. بين الرضا والسخط القبح والجمال المنصب الحامى والوضع المُذل يتبادل الابطال الحكاية ويخبرنا الكاتب عن كل شخصية فى فصل مستقل بذاته كما يأتي على ذكره فى باقي الفصول.. اللون اشتقت للضوء وأنا أقرأ اللون الذى ساد الحكاية أسود مستمد من كآبة ما يحدث لأهل الحارة.. الاستسلام للدجل والشعوذة أكثر وأسرع من اللجوء للعلم وقبول منطقه.. نجادل ف العلم فهو الجدير بالجدال أما الجهل فن��لم له راياتنا البيضاء عن طيب خاطر أو قلة حيلة.. التواطؤ سمة الشخصيات، كلهم يعرفون الحقائق ويطمسونها أو يزيفونها على حسب ما اقتضت الحالة.. نهاية جاءت قوية ومنطقية لتسلسل الاحداث.. من قتل يُقتل سُئل أميتاب باتشان مرة: لماذا احترفت التمثيل؟ أجاب لأن العدالة تتحقق فى الافلام مصائر الخيرين والاشرار تتضح.. وكذلك أجدنى أرى العدالة تتحقق فى الروايات التى نقرأ.. رواية تتمتع بقدر عالٍ من الفلسفة العميقة والدراسة الوافية لأحوال البشر ساكني الحارة والقصور على حد سواء.. استمتعت بقرائتها وأعرف أن أثرها سيمتد معي لوقت ليس بالقصير.. أخيرًا كلمة أخيرة عن اللغة لغة الكاتب لغة جواهرجى ينتقي الكلمات كمن ينتقي الاحجار الكريمة ليرصع بها قطعته الادبية.. أما عن الحوار ف لغة حقيقية واقعية لا تفصلك عن جو الحارة وما يدور فيها..
أستاذ هشام تحياتي ل قلمك الفريد وفى انتظار ابداعك الجديد بشغف🌷
قصة جميلة، و الاسلوب يذكرك باسلوب العملاق نجيب محفوظ ، مليئة بالاثارة و التشويق ، غير متوقعة وانا قلة ما استمتع بان تكون النهاية مفاجئة فدائما اتوقع النهاية فتكون عادية ولكن ان تكون نهايات القصص الصغيرة بالقصة غير متوقعة على هذا النحو فهو شيء جديد و لذيذ و فيه تحدي و تشويق، الجميل ان هذه الاحداث كلها بحارة صغيرة نرى التنوع البشري واختلاف الاطباع والشخصيات بالبيت الواحد فعبقرية هشام عيد بتفهمه النفس البشرية وتطرقه لاعمق نقاط تفكيرها و تخبطاتها و انتصاراتها الصغيرة واخفاقاتها، القصة واقعية بحتة وبرغم اني لست من هواة الواقعية المفرطة التي تكون قاسية بعض الشيء الا اني اثرت ان اتلقى الضربات و بالمناسبة عندما تقرا لهشام عيد تشعر انك تلقيت عدة صفعات من خلال الاحداث الدرامية الشيقة و المفجعة احيانا، و اريد ان انوه الى اني بدات بها من عدة سنوات ولم استطع اكمالها لشدة صعوبة الوصف والاحداث القاسية بعض الشيء ولكنني ربما بعد نضج فضلت ان احتمل قسوة الاحداث لارى وافهم فهو راوي عبقري يحاكي قصصا من الواقع هي موجودة بيننا وليست ضربا من الخيال، يحكي لنا تاريخها و صراعاتها، حياتها التي ادت بها لتلك القذارة و ربما تعاطفنا معها بمكان ، لانها هكذا كما وصفها لا يوجد بهذه الحياة شر مطلق والارواح المعذبة ستقوم بمعاقبة الجميع احيانا البريء والظالم، هي مخطئة لا شك ولكن يوجد جناة آخرين سببوا هذا الوضع الدرامي المؤلم، ربما لن تجدني استطيع ان احكي بطلاقة لانني ما زلت اتعلم و اتامل بهذا النوع من القصص فهي فعلا قصة صادمة ولكنها حقيقية ، و من اراد التعلم لابد ان يتعرض للصدمات فالحياة ليست لالاند لابد ان نرى الحقيقة عارية لنفهم اكثر عن العمق الانساني وقرات لكاتب ان الكتابة لا بد احيانا ان تكون دموية و تغوص بالوحل ولنقل بالالم، بالحياة الواقعية الغير مزخرفة لتستخرج منها الحقيقة كما هي بدون بهرجة ، وما لفتني ان هشام عيد ليس من الكتاب الذين يبهرجون الكلمات ولكنه من الرواة الحقيقيين صانعي الحكاية وهم قلة، فهو قاص حقيقي يستطيع ان يفاجئك بالاحداث المترابطة بحبل سحري و يحبكها بمتانة فيكون طبخة لاذعة دسمة من الحكاية فلو شبهت الحكاية بطبق _و ذلك لانني اعشق فن الطهي_ ساشبهه بطبق محشي على فتة كوارع ، اصيل، دسم لا يحتاج لاي زخرفة فالمذاق يغني عن التشويق او الاستعراض البصري وهكذا كانت القصة...
رواية أبكتني كثيراً، أوجعتني كثيراً، ولكنني لم أستطع النوم إلا عند متابعتها حتى آخر رمق
رواية دراماتيكية من العيار الثقيل...
الرواية مكتوبة لقارئ صلب، لديه الشغف لمتابعة القراءة والفضول للاكتشاف، ومعايشة التجارب الإنسانية في بيئات مهمشة تعاني من شتى أنواع الحرمان والقهر الرواية مكتوبة لقارئ يحب خوض التجارب الصعبة، بل الصعبة جداً لفهم أدق لأحاسيس التى يمكن أن يمر بها إنسان في الكون. مكتوبة عن وقائع مأساوية حدثت بالفعل وتحدث دائماً في مجتمعات فقيرة مهمشة لديها معاناة صعبة تقع الرواية في ١١٨ صفحة، فكعادته هشام عيد يختزل الأحداث المملة ليضعك دائماً في خضم المواجهات ذات المعنى، هو بارع في تشذيب رواياته وإعطاءنا فيها زبدة الزبدة. لغة الرواية قوية، مفعمة بالجزالة والبلاغة والمعاني الظاهرة والباطنة، يستخدم الرمزية في مواقع معينة مثلما فعل في مشهد (طائر)، ليبني عليه مشاهد أسطورية التعبير لاحقاً، خرافية المعنى، شديدة الوقع في النفوس. هو كاتب محترف لا يمكن أن تنهي أحد كتبه ولا تفكر فيما سيكون مضمون الكتاب اللاحق الذي ستقرأه له. تنهكك القراءة في بعض المشاهد إذ تتطلب التركيز والشجاعة، لكنك في نهاية الأمر ستكون راضياً أيما رضا عن متابعتك القراءة، وستتذكر لذتها، حتى بعد الإنتهاء. يمكن قراءة هذه الرواية أكثر من مرة، وستعطيك الكثير، فعدا عن متعة التشويق والدراما التى تصلح أن تكون من أنجح المسلسلات التلفزيونية أو الأفلام السينمائية، فالرواية قادرة على إكسابك تعابير لغوية جميلة وقوية، خبرات حياتية وعبرة عظيمة، وقيم أخلاقية يحتاجها أفراد المجتمعات المعاصرة وبشدة. أكثر ما أعجبني هو النهاية التى تقارب البداية. بداية انتشار الضوء والأمل، وللأسف لا أستطيع شرحها حتى لا أفوّت على القارئ متعة الوصول إليها. ملاحظة أخيرة: يخسر كثيراً من لم يقرأ لهشام عيد، ويخسر أكثر من يقرأ بدايات رواياته ولا يجسر على على المتابعة والغوص في عمق محيطه المليء!
حارة اجتمعت فيها كل الموبقات ,حشر فيها هشام كل رذيله وجمع فيها كل الاشرار ثم تخلص منهم واحدا تلو الاخر , حتى خلصت الحارة على الشابة امل والطفلة منى وامها بدرية والشيخ ايهاب وعم جرجس وعم عبده والحاج ابراهيم الكاشف ومن بعيد نبيل وماجدة وربما رشا مرجان بعد ان تكون قد تطهرت هى الاخرى , وكانهم ايذانا بميلاد الحارة الجديدة , مواكبة لثورة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية , ولعلها مقابلة مقصودة ان تكون نهاية الشر بداية تفتح الزهور فى جناين مصر, لذا وجدنا هشام يقف عند يوم 29 ينايرمنهيا روايته , لان ما بعد ذلك ربما تختلف حوله الاراء ... كشف هشام عن المسكوت عنه داخل الحارات والازقة من اجتماع ثلاثية الجهل والفقر والمرض , وهو ما اودى بالحارة لظهور نماذج مثل نجية وحمودة وفرج وعوف ومن بعدهم الضحايا الاشقياء سلامة ومايكل ومنى ثم استغلال الكل من خلال عاكف ومحسن عزت واشباههم ... برع هشام فى سرد الاحداث ورسم الشخصيات وربط مراحلهم الزمنية بشكل واع فلم تغب عنه تفصيلة, ربما اجهدنى بعض الشئ كثرة الشخصيات وترتيب ظهورهم مثل "فرج" الذى ظهر فى الصفحات الاولى ثم لم ندر عنه شئ حتى قرب النهاية عند موته ص109 , وايضا بعض التيه فى التسلسل الزمنى حتى تلقفت ميلاد الطفلة امل فى اول يناير 1996 . واذا اردت ان اضع عنوانا لهذه المراجعة فليس ادل عليها من سطورها نفسها : " كان صوت هشام عيد فيها مقنعا واثقا من اثره على مستمعيه او قرائه , كلامه مرتبا أنيق اللغة , مخارج الفاظه تدل على ثقافته واطلاعه وتكسبه قدرة على الاقناع" .
حارة سر الدين الفلواتي حارة تشبه أسما حارة نجيب محفوظ لكنها تختلف في الزمان والشخوص والعادات فنجيب أبدع في رصد حارة الستينيات وأهلها؛ أبناء الطبقة المتوسطة وأخلاقياتهم أما هشام عيد فأبدع في رصد حارة زمن مبارك بكل ما تحتويه من قبح وجهل وعشوائية وفقر
هل قلت رصد؟! توصيف غير سليم فتجربتي مع حارة الفلواتي لم تكن مجرد قراءة بل معايشة رحلة أخذني فيها الراوي للحارة رأيت وسمعت وشممت روائح جلست بجوار علي العراقي خارج حجرته استمع معه لحفلة الجنس الجماعي التي تقيمها زوجته بالداخل وهو يقنع نفسه أن الشيخ صمويل وإبراهيم المكوجي يعالجون الزوجة من تلبس الجن بها رغم الأصوات الموحية والموسيقى الراقصة بالداخل
عاينت الخال عوف الليبي وهو ينتهك براءة الصغار رأيت منى وشممت أنفاسها وهي تودع دنيا كانت غير عادلة معها أما نجية فكنت أعرفها من تجربة سابقة لي في الحياة فلم تكن غريبة علي بعهرها وبكاسة نظراتها نجية وتكوينها لأسرة مثل هذه أعجب ما في العمل علاقتها بزوجها وأبنائها غاية في التعقيد لكن مفتاح الفهم وجدته في هذين المقطعين.
يقول عنها الراوي واصفا حال زوجها في ليلة الزفاف ”أدرك في ليلة الدخلة أن فتوحات أبي زيد الهلالي سلامة والزناتي خليفة لم تكن محض أغاني ربابة.. لقد دمر الفاتحون بوابات المدن.. ليته أدخر قنبلة يدوية يدسها في قدر الفول الواسع“ وتقول عنه ”أما هذا الخائب فلا يعنيه إلا دفق مائه. لم يسألها يوما كيف استوفت حاجات الحياة في غيبته. أمهلته قليلا بعين أفعى لكنه لم يعبأ، أكل وشرب وقفز ونام وأعجبه الطعام ولم يسأل عن مصدره.
رأيت في هذه البداية المفتاح لفهم باقي شخوص العائلة ولك أن تتخيل نوع التربية التي من الممكن أن يمنحها أب وأم مثلهما خاصة عندما تضيف علاقتهما بفرج الفوال أو طبيعة الحرب التي كان يخوضها حمودة على الجبهة ”وأوصاه البطل الذي تصدى للدبابة قبل أن يموت بالسلام على بناته بينما كان يخلع ساعته: «ورينا بس معاك كام» بصق في وجهه بعد أن نطق الشهادة. وتحولت نظرة التوسل في عينيه إلى احتقار ظل ثابتا على ملامحه إلى أن أسكنه الموت، وبقيت تلك النظرة حية إلى الأبد.. كطعم البصقة.“ ======== كل شيء مباح مادام هناك مقابل حتى لو كان المقابل مجرد وجبة ساخنة وزجاجتي بيرة كل شيء بمعنى كل شيء حتى لو كان اغتصاب الخال للأطفال أو إرسال الأب ابنته لشخص جائع يلتهمها بمقابل
حارة سر الدين الفلواتي أبطالها مهمشون مسحوقين بين الفقر والجهل بلا مبادئ ولا قيم ولا دين لا شيء إلا البحث عن طعام وأي شيء يغيبهم عن وعيهم الحارة صغيرة، بيوتها قليلة، وسكانها؛ كل مصر
من خلال عائلة حمودة الافيونجي يرصد لنا الكاتب حياتهم اليومية وأحلامهم وتاريخهم حارة قبيحة بأخلافيات سكانها الذين لا يتورعون عن فعل أي شيء الرواية هنا بمثابة لوحة سوداء قاتمة الخير فيها نقاط صغيرة شاحبة الإضاءة تكاد لا تلحظها كل جزئية في هذا العمل تستحق مقال مستقل وصف البيوت والشخصيات السرد الساحر اللغة التي تبهرك بثراء مفرداتها التشبيهات البليغة عندما قابلت الكاتب بمعرض الكتاب قلت له كلمة ربما تعجّب لها قلت "أنت لست سهلا" وكنت أقصد صراحة أنه شخص مخيف فللرجل عين أديب وفيلسوف يعاين واقعة ما وحين يفكر في سردها يتناولها بعين مختلفة كليا بعد أن يغلفها بسحره كل المواضيع التي ذكرتها فوق تنفر منها النفس لكن حين تقرأها بقلمه ستسحرك تشبه الرواية سقوطك في حمام سباحة استبدل الماء فيه بالعسل فلا أنت تستطيع العوم ولا محاولاتك للنجاة تفلح إلا بمزيد من الغوص لكن فمك ممتلئ بطعم العسل
شخصيات العمل كثيرة قد تصيبك بالارتباك في البداية وأغلب الشخصيات ثرية ومليئة بالعقد والحياة لكني خرجت من العمل وسلامة عالق بروحي أكثر من غيره ربما لخاتمته وربما لأنه كان الأكثر قبحا بعد حمودة ونجية على الترتيب في البدء ومن كثرة شخصيات العمل ومن كثرة تجولي مع الراوي في شقق وحجرات الحارة ظننت أن المكان هو البطل لكن الراوي كان يخبئ لي تلك الأسرة العجيبة التي ستستهجنها أنت لو لم تحيا ولو قليلا في محيط كهذا ستعتبر الحارة بسكانها مجرد خيال مريض لكاتب ولكنها في نظري هي مصر الحقيقية مصر التي تعاني منذ عقود الفقر والجهل ومن بيدهم الأمر دائما ما يحافظون على درجة من الفقر والجوع حتى يسهل قيادهم
سأحاول اختصار الرواية فيما يلي لأني لو تركت نفسي لكتبت عنها كتيب أو كتاب:
الفكرة: رحلة عائلة من المهمشين في حارة عشوائية يقع فيها مقام أثري يرصد من خلالها الكاتب حوالي 30 عاما من بداية الثمانينات إلى ثورة يناير
الحبكة: كفن الفسيفساء أو الأرابيسك يصنع لنا الراوي قطع فنية صغيرة منمنمة من حكايات الحارة وسكانها تصطف القطع الصغيرة هذه بجوار بعضها البعض كل قطعة منها تبدو في البداية منفصلة لكن مع التقدم في السرد تجدها تخدم الحبكة أو الصورة الكلية لتجد نفسك في النهاية أمام لوحة ساحرة وغنية وغاية في المتعة تأسرك بداخلها رغم القبح السائد في عالم الحارة وعندما تصل للنهاية ستعرف أن كل القطع التي كنت تحسبها زائدة لم تكن كذلك
الشخصيات: نحتت بأنامل من ذهب فلا توجد شخصية ثنائية الأبعاد كلها شخصيات من لحم ودم ستتفاعل معهم تكرههم حينا وتعذرهم أحيان أخرى لا شيء يجمع أغلب الشخوص الفاعلة في الرواية غير حبهم للمطر -سر السماء- اللغة: حجر الزاوية الذي تقوم عليه الرواية والعامل الأكبر فيها فاللغة هنا ثرية والتشبيهات بديعة السهل الممتنع كما يقولون بلا شبهة حذلقة السرد، الحوار: أجمل ما في السرد هو حياد الراوي فلا يحاكم أبطاله أخلاقيا ولا يوجه القارئ لحبهم أو كرههم هو يجعلك تعيش معهم، ترى ظاهرهم، وباطنهم رغم تمكن الكاتب الواضح من لغته إلا أنه اختار اللهجة العامية للحوار الذي كان قليل في العمل وكان اختياره للعامية موفق جدا فبدا كرشة الملح التي لن تنضبط الطبخة إلا بها
الخاتمة: أو النور في نهاية النفق كانت مبهرة بحق
الملاحظات: لا يوجد ملاحظات كبيرة على العمل إلا التحول الكبير في شخصية سوكة لم أجد أسبابه مقنعة على عكس تحول زوجته التي وجدت فيه ما يستحق أن تستقيم لأجله فتمسكت وثبتت. وأيضا كنت أتمنى موتة لحمودة تليق بوساخته ولم أجدها
أدعوا الجميع لقراءة الرواية خاصة من يعشقون كتابات نجيب محفوظ ورضوى ويحيى حقي وهذا الجيل العظيم من الأدباء. تعليق أخير: العمل يحتوي على كل ما أرفضه أو ما لا أفضّله للدقة؛ ومع ذلك بهرني بكل معنى الكلمة وهذا من فعل ساحر لا مجرد كاتب لأجل هذا سأنشر اقتباسات كثيرة منه الفترة القادمة
تحياتي للأديب واعتذاري لكل صديق كتب ريفيو عن الفلواتي سابقا واعتبرته بيني وبين نفسي مجرد مجامل أو يبالغ💞
This entire review has been hidden because of spoilers.
رواية ذكرتني بلكتابات القديمة لكبار الكتاب القدامي هادئة في سردها عاصفة في معانيها احتاج ان اقرائها مرة ثانية للاستمتاع مشكلتي كانت مع الشخوص الكثيرة والاسماء العديدة وتشابك السرد واختلطت عليا الشخوص مرارا لهذا احتاج الي قرائتها مرة ثانيه بعد ان وعيت
يسلط المؤلف ببراعة الضؤ على حياة من تحكم عليه الأقدار أن يولد لأسرة فقيرة في قاع المجتمع ويعيش محروما من كل شيء ...لا خيارات أمامه سوى حياة القهر والذل ...يحيا تعيسا محروما شقيا تلاحقه الخيبات حتى الممات...واقع مرير
أول ما قرأت للكبير، ليست كأي رواية، كلمات من اللحم والدم والمشاعر والعمق، لوحات ملونة مجسدة ومتحركة، شهادة حق كان شغفي بالكتابة لا يتعدى لحظات المتعة، بعدها تعلمت كيف تكتب النصوص وكيف تفتح ابواب العمق، الفلواتي احب الأعمال لقلبي
عندما يبدع الكاتب منذ البداية حتى كلمت تمت، المدرسة الواقعية بكل المها جسدت سطور الحارة، لغة قوية وسرد ممتع وتشبيهات حملت من الوجع مايكفي لتشفق على ابطال العمل رغم بشاعتهم، حبكة رائعة وفكرة تستحق ان تجسد علي شاشة السينما
This entire review has been hidden because of spoilers.