إدريس نعيم، معتوه، أو رجل يعاني من حالة فصام، وربما لا شئ من الأمرين، يجوب حيّه دون أن يصغي لما تقوله عيون الجميع، هذا الحى الذي يقيم فيه هو فضاء مختلف عن المعتاد، حى تحيط به ثلاث مقابر ووادي المدينة وسجنها! فكيف تبدو الحياة هناك وما هواجس هذا الشاب؟ كيف يعيش الحب وكيف يفهم الآخر ويعتقده؟ في هذا الحى لا يعرف إدريس من الحياة الكثير ولا سكان حيّه معنيون بخارج بيوتهم المتراصة، لا وطن لهم ولا مدينة إلى الحى، والوافدون يذوبون لكنهم لا يسرّبون قيمهم!
في رواية "وصية المعتوه" بعض الحب وبعض الحقد وبعض السؤال، وليس فيها الكثير من فلسفة الروايات العربية ووجدانياتها.
منذ ان سمعت عن هذه الرواية في الراديو ذات ظهيرة مملة و انا اسعى للحصول عليها، وبعد جهد لم اعد ابحث عنها حتى صادفتها في معرض الكتاب بثمن مقبولا يناسب طبعها، وأول ما بدات في قراءتها شعرت بخيبة امل و اخذت احدق في غلافها الذي كتب عليه بخط عريض: رواية حاصلة على جائزة الطيب صالح للابداع الادبي، قائلا في نفسي اي ابداع هذا، كانت بدايتها رتيبة لدرجة الملل، حادث وفاة لجد كان حارس مقبرة يرويه حفيذه الخباز ، غير اني مالبث ان اعدت فتح الرواية من جديد على امل ان تحتدم الاحداث شيئا فشيئا، و ليث ان الاحداث احتدمت وحسب بل توحشت و افترستني بكل قوة، مع بطل الرواية ادريس المعتوه و الرواي، السعدي و فاطمة تهت بكل ماللكلمة من معنى بدأت اغير صوتي حين ابلغ مقطع الراوي واخالني اجلس مقابل نفسي احدثها، ذبت مع احداث الرواية الى درجة اني بدات افكر ا كلما مر بي مجنون اين ياترى يخبئ هذا وصيته، حتى اني شكتت ان اسماعيل يبرير كاتب الرواية ربما هو ذاته قد مر بالجنون فأخذت ابحث عنه، و تأمل تفاصيل وجهه و حركاته، كيف تمكن هذا الشاب من مزج هذه الاحداث بطريقة قد تهان ان وصفت بالابداع، لابد ان لهذا الشاب صلة بعالم العفاريت و الشياطين، لابد ان جزءا من هذه الرواية قد وقع حقيقة لا محالة اذ لا يمكن لأي مخيلة مهما كانت ان تبدع هذه الرواية من عدم، مدينة الجلفة وحي ديار شمس، المقبرتين، مالك الحزين، بطاطا، العسدي وادريس وفاطة ...اقطع يدي ان لم تكونوا قد مررتم بهذه الحياة.......بالمناسبة لو كانت هذه الرواية لاحد المشارقة لكانت رفوف المعارض الدولية للكتب تئن تحت نسخها
رواية قصيرةٌ عجيبة! أعجبتني فكرتها. رائعة حبكتها أو لعبتها القصصية. لكن كنت أشعر أنها تفقد ألقها ثمّ تستعيده فجأة. هذا التذبذب أزعجني ولم أستطع أن أجد له تفسيرًا واضحًا. لعلّه كان صورةَ العتَه أو حالة الجذب التي كان يعيشها "إدريس"؟ وإذا كان جواب أحد أسئلة الرواية أيُصدّق المعتوه أو المجذوب؛ جوابًا حائرًا. فإنّ السؤال عن فهم مراده يبدو أقرب للجزم بالنفي منه للشكّ بالإيجاب. وينطبق هذا التساؤل على كلّ محاكمة لمنطقية تفاصيلها. رغم أنّ الرواية جزائرية وميدانها بلدةٌ جزائرية، إلا أنّي كنت أتخيّلها طوال الوقت في أجواء السودان التي أعرفها من روايات "الطيّب" و"تاج السرّ" ومن أحاديث صديقي "ضياء الدين"، وأرى شخوصها "سودانيي الملامح" . ولم أكن أصحو من العيش في السودان إلا بورود الجمل والأسماء الجزائرية !!
هذه الرواية صعبة، صعبةٌ لدرجةٍ اضطررت فيها أن أقرأها جهراً، وهذا الفعل بحد ذاته سابقةٌ لي في عالم القراءة الّذي دخلته منذ زمن بعيد، كان لا بدّ لي من الاستعانة بصوتي على صلادتها إذ خانتني سريرتي في تأويل الحرف، "أنا كتلةٌ من التّخلي عنّي". لن أعتبر أنّني استمتعت، المتعة ستأتي في القراءة الثانية، هذه القراءة كانت مخصَصةً للصّدمة فقط، خرجت منها بعُتْهٍ وجنون، وشيءٍ من الهلوسة. "فالعقل مسألةٌ فيها شك، والقلب بقايا رماد". وما أكتبه هنا ليس تقييماً ولا مراجعةً للروّاية، لا يمكن أن أكتب شعوري حيالها قبل أن يهضمها عقلي تماماً، ولستُ متأكّدةً من المسافة الزمنية اللازمة لذلك، فهذه الوصيّة عصيّة على الاستيعاب، عصيّة على النسيان، عصيّة على التجاهل، قال كاتب الرواية عن هذا المعتوه "المجانين لا يكتبون ما كتبه هو، والعقلاء يحتاجون إلى الكثير من الحكمة لفهمه"
رواية جميلة وممتعة ولاقيت إعجابى ولكن بعد أن انتهيت منها غمرنى شعور بالعصببية الناتج عن عدم الفهم رغم المتعة اللذيذة التى كنت أشعر بها أثناء القراءة تمامًا كمايحدث معى دائمًا بعد الانتهاء من القراءة للعظيم موراكامى ...
هذه الرواية بها بعض الحب وبعض الحقد وبعض السؤال، وليس فيها الكثير من فلسفة الروايات العربية ووجدانتياتها. . لا أعرف ما هو انطباعي بعد انتهائي من قراءة الرواية، كانت غريبة ومختلفة، قرأتها على مهل شديد كي أحاول أن أفهم الكثير منها لكن هذا لم يحدث. أحببت طابعها لكن لم أشعر بترابط بيني وبين قصتها وشخوصها أو أي شيء منها، لكنها كانت تجربة مختلفة.
يصعب حصر الرواية في بضع مواضيع محددة أو رسم مسار واضح يلخص أحداثها ، بين رتابة الحياة و خوائها و امتلاء الموت تسحبنا أفكار ادريس كاتب الوصية إلى دوامة من المشاعر المتباينة . الأحداث مليئة بالرمزية بشكل يفتح عدة أبواب للقارئ لشرحها حسب نظرته الخاصة لكل مجاز . الانتقال من أفكار الشخصية الرئيسية و ذكرياته إلى وصف حاضره يستدعي كثيرا من التركيز و هو ما وجدته نقطة سلبية و إيجابية في نفس الوقت كاستفزاز للقارئ لمواصلة السير مع الراوي إلى غاية آخر الصفحات أين تتضح أخيرا معالم القصة كاملة. في مقاطع كثيرة كنت أتوقف و لا أجد وصفا أفضل من 'إبداع'. لو طلب مني أحدهم أن أرشح له روايات من الأدب الجزائري حتما ستكون وصية المعتوه ضمن القائمة ، ففي الإطار المكاني لأحداثها يظهر وجه الجزائر دون شاعرية و مجمِّلات، وجهها الشاحب الذي يفصله عن المدن الكبرى حافلة و بضع سنوات ...
أحببتها وأحببت إدريس ورضيت بأخطاء الجميع وحسد الجميع وارتضيت بما حكي هنا. رواية كمرآة مكسورة نرى تفاصيلنا في كل شضاياها التي إما تحمل الكثير منا أو القليل منا.