ما هو دور الشريعة في عالم اليوم؟ سؤال يلح على أذهان كثيرين، مسلمين وغير مسلمين، عوام وفقهاء، ساسة ومفكرين، وآخرين غيرهم. ربما يرى البعض أن الأمر واضح جلي؛ فالشريعة هي الحَكم وهي المهيمنة على أفعال البشر، وقد يعتقد آخرون أن أثر الدين في عالم اليوم أصبح هامشيًا، وأن عالم ما بعد الحداثة وما بعد الدولة هو عالم بلا حدود، ولا يمكن لنظام واحد - دينيًا كان أو غير ديني - أن يسيطر عليه أو أن يتحكم فيه. ولكن طرح السؤال بهذه الطريقة ومحاولة الإجابة عنه بصورة مباشرة من دون تحليل تاريخي أو مفاهيمي يُعدّ أنموذجًا لحالة فكرية مشوبة بالتسطيح والتعميم من كل جانب، وهنا تأتي محاولة المؤلف في هذا الكتاب، لا للإجابة عن هذا السؤال ولكن لبيان الإطار العقدي والفكري والتاريخي والمعرفي لمسألة حيوية الشريعة وفتورها عبر التاريخ.
يقدم أحمد عاطف أحمد في الكتاب طرحاً أكاديمياً بدرجة أولى لمسألة فتور الشريعة، وهو بذلك لا يقدم كثيراً كمؤلف، ويكتفي بالتلخيص والتعقيب على المناقشات الفكرية التي تناولت هذه المسألة عبر العصور، ابتداءً من طرح المعتزلة للمسألة ونفيهم لإمكانية حدوث فتور في الشريعة لأن الله لا يكتب إلى الأصلح لخلقه، واعتراض الأشاعرة -القائم على منطلقات تاريخية- بوجوب فتور الشريعة، وطرح الحنابلة الذي يعترض إمكانية الفتور من منطلقات مختلفة عن المعتزلة. ينطلق المؤلف من هذا الجدل الذي بدأ في القرن الثالث هجري حتى الوصول إلى أطروحة وائل حلاق عن موت الشريعة -والتي لم أقرأها للأسف-. بينما يصر الكاتب على ارتباط نقاش الماضي بإشكاليات الحاضر لم يبذل جهداً كافياً -برأيي- لإثبات هذا الترابط. فالجدل الذي قام بين المعتزلة والأشاعرة والحنابلة دار حول خلو الزمان من الفقهاء، وهي لا تمثل الإشكالية الحقيقية التي تحيط بالشريعة في هذا الزمن، والمؤلف يشير في الفصل الأخير لذلك بتوضيحه لوجود أوجه كثيرة للفتور قد يكون أحدها وجود الفقهاء مع انصراف الناس عن تطبيق الشريعة. أحببت الكاتب من أسلوبه في الكتابة لكن الأفكار لم تكن منظمة بالقدر الكافي ولم يبذل المؤلف جهداً نظرياً يولي الموضوع حقه. لكنه على الأقل شجعني لقراءة كتاب وائل حلاق المهم :)
A very good read for a serious reader of Usul Fiqh. This book deals with the question of Futur al Shari'ah or will a time come when Sharia will fade away...Very nicely written and well researched monologue.
كان لازم أصدق حدسي و تجنبي القراءة للكتب الدينية علشان بالنسبة لي مبقاش في منها أي منفعة، و مكنش ينفع الكتابة الإنجليزية في الأكاديميا الغربية تخدعني و تعلي توقعاتي للدرجة دي، بس المؤلف شوفتله لقاء كان بيتكلم عن أفكار كبيرة و عن موت الحداثة بعد الحرب العالمية و تأزم ما بعد الحداثة في العصر الحالي و إن في بديل عندنا ممكن من بعيد كده يكون فيه الحل، و انا معنديش مشكلة خالص مع السردية دي، لكن الفكرة إنك لما تنهي الصرح الضخم ده -أقصد الحضارة الغربية- و تشوف إن آخر إصدارتها مأزومة و يبقى البديل بتاعك جنبها ضحل و قزم للدرجة دي يبقى هنا في مشكلة.
حسيت فعلا و انا بقرأ كأن واحد غربي مسك نظرية الحكم عند أفلاطون بعد إنقطاع مئات السنين مكنش في اي تطور في الفكر الغربي فيهم، و النهاردة بصلها و شافها فكرة لسه ذات صلة.
مش بقول الكتاب وحش بس يمكن مش موجه ليا، هو مكتوب لناس مقتنعين بكلامه من الأساس و بيحاولوا يطمنوا نفسهم إن منظومتهم الأخلاقية و الغيبية لسه شغالة مش أكتر، و اي حد بره السياق ده هيشوفه تمنيات أكتر من أي حاجة
يأتي الكتاب كرد على مقولة حلاق بموت الشريعة، دارت موضوعات الكتاب حول مسألة أصولية تدعى خلو الزمان من المجتهد، ركز المؤلف على رأي الزركشي وجعله محور رأي الأشاعرة في الكتاب، وأظن لو جعل الجويني وكتابه الغياثي محور الدراسة لكان موفقا اكثر، وخاصة ان كتاب الغياثي ناقش فتور الشريعة من نواحي عديدة منها غياب الدولة الداعمة للدين متمثلة بغياب الخليفة، وكذلك غياب اهل الاجتهاد بجميع مراتبهم. فكرة الكتاب وإخراج المسألة بهذا الثوب أكثر من رائعة.
يبحث هذا الكتاب في الأسباب التاريخية والفكرية التي أدّت إلى تراجع فعالية الشريعة الإسلامية في العصر الحديث، أو ما يسميه المؤلف بـ”الفتور”. يرى أركون أن الشريعة لم تكن يومًا نصوصًا جامدة، بل منظومة حيوية ارتبطت بظروف المجتمع والعقل الفقهي في زمنها، لكنّها أصبحت مع مرور الوقت محصورة في التكرار والحفظ بدل الاجتهاد والتجديد. ينتقد المؤلف هيمنة القراءة التقليدية للنصوص، ويعتبر أن العقل الإسلامي توقف عن إنتاج أدوات فكرية جديدة قادرة على التعامل مع العالم الحديث. يدعو الكتاب إلى إعادة فتح باب الاجتهاد بمنهج علمي نقدي، لا لإلغاء التراث، بل لفهمه ضمن سياقه التاريخي، واستعادة طاقته في بناء مجتمع عادل ومتطور. يُعد الكتاب من الأعمال الجريئة التي حاولت إعادة طرح سؤال العلاقة بين الدين والواقع بشكل معرفي ومفتوح