كتب الإمام أبوشامة ( كتاب الروضتين في أخبار الدولتين ) للتعريف بسيرة السلطانين العظيمين نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي رحمهما الله تعالى . ولما لم يكن في العصور المتأخرة أحداث مشابهة لما نحن فيه أقرب من الأحداث الواقعة في عهد هذين السلطانين العظيمين رأى المختصر الشيخ الدكتور محمد موسى الشريف أن يبرز سيرتهما من خلال هذا المختصر .
إذ يتميز كتاب أبي شامة بالإحاطة في سرد الأحداث التاريخية ، والتوسع في ذكر مناقب السلطانين الكريمين ؛ فسيرتهما تكتب بأحرف من نور على صفحات الدهور ، وكذلك الأحداث الواردة في الكتاب متشابهة مع الأحداث التي نعيشها اليوم ، كما أن في الكتاب العشرات من قصص البطولات العظيمة التي تذكي الحماسة والأمل في نفوس المؤمنين ، وفية أيضاً سير لعلماء ووزراء وأمراء تثري مادة الكتاب .
وجاء عمل المختصر غاية في الروعة : إذ خلص الكتاب من كل حدث وخبر ليس فيه عظة وعبرة لعموم القراء ، وحذف الروايات المكررة غير النافعة ، وخرج الآيات والأحاديث والآثار مع الحكم على ما يحتاج إلى تعليق ، وترجم لغالب الأعلام ترجمة مختصرة ، وضبط الغريب ، وشرح الكلمات والمصطلحات الغامضة .
وأجمل ما صنعه المختصر : فهـرس الفوائد ، يستطيع الناظـر فيه أن يجد بغيته من الكتاب بسـهولة ويسر ؛ إذ قسـم نص الكتـاب إلى فقـرات مرقـمة متتابعة من الفـقرة [1] إلى الفقرة [550] ، ويشير في الفهرس إلى أرقام الفقرات لا غير .
والكتاب رائع جداً ، يستحق اقتناءه و النظر فيه ، ومن قرأه مرة سيقرأه ثانية ، ولاشك ، وهو نافع لعموم المثقفين من محبي التاريخ وغيرهم .
في وسط قحل الجهلِ والتخلفِ، والضعفُ قد حل الديار الاسلامية والفرنجة غرست انيابها السامة في رحم الامة
كتب الله بأن تزدهر روضتان مخضرتان عطرتان نضآرتان ، هوت اليها النفوس وتعلقت، واصطفت لها الجنود واتبعت، ليعلم كل مسلم انه إن غلب الضعف وتفشى فإن أمر الله لا ينقطع، ورحمته بالعباد لا تمتنع، فوهب الله للدين نور له وصلاح له، احيا في الامة معاني الجهاد وايقظى فيها حس العدل واشعلا فيها روح النصر فقضوا على العيبديين مرضا داخليا اعيا الامة وطردوا النصارى مرضا خارجيا اشقى الامة، فشفيا بإذن الله كل مرض عضال، وذكرونا بأن هذا الدين هو مصنع للرجال.
قراءة سيرة نور الدين محمود بن زنكي وصلاح الدين يوسف بن ايوب تذكرك ان امر الله قائم وهذا الدين لم يزل محفوظا من الله عز وجل حيث انه لا يمر زمان فترت فيه النفوس الا واحياها رجال ولا تضعف دولة الا وقواها ابطال، فنور الدين ليس من الخلفاء الراشدين وليس صلاح الدين بمنزلة التابعين بل هما رجلان رُبِيَا على الملة الصحيحة واتبعا سبل التمكين وعلما ان الاخلاص والعمل الصالح مفضيان للنصر اليقين فلا يجزع المسلم من ضعف دب او عاصف هب ، ويجب ألا يستقر في نفس المؤمن ان الضعف سُنة إسلامية وحال ديمومية بل هي ظرف طارئ وامر زائل وليس عليه إلا أن يشتغل بنفسه وينتظر ، وعليه أن يستمسك بالذي اوحي الى الرسول الى أن يأتي امر الله وكان أمر الله قدرا مقدورا.