محمد بن عفيفي الباجوري، المعروف بالشيخ الخضري: باحث، خطيب، من العلماء بالشريعة والأدب وتاريخ الإسلام. مصري، كانت إقامته في (الزيتون) من ضواحي القاهرة، وتوفي ودفن بالقاهرة. تخرج بمدرسة دار العلوم، وعين قاضيا شرعيا في الخرطوم، ثم مدرسا في مدرسة القضاء الشرعي بالقاهرة، مدة 12 سنة، وأستاذا للتاريخ الإسلامي في الجامعة المصرية، فوكيلا لمدرسة القضاء الشرعي، فمفتشا بوزارة المعارف.
وهو أخو الشاعر عبد الله بن عفيفي الباجوري.
من كتبه : أصول الفقه تاريخ التشريع الإسلامي إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية (جزآن) نور اليقين في سيرة سيد المرسلين مهذب الأغاني (تسعة أجزاء) محاضرات في نقد كتاب الشعر الجاهلي للدكتور طه حسين الغزالي وتعاليمه وآراؤه (نشر تباعا في المجلد 34 من مجلة المقتطف) دروس تاريخية
رحم الله المؤلف ومَن تكلم في سيرتهم، كتاب في قسمه الأول يطير بك فوق السحاب فخراً واعتزازاًبما كان عليه أولئك الناس، ثم يضربك علو وجهك ضربات متتابعات حين يتحدث عن عصر الاختلاف والفتن، لقد أوجز فأفهم، واختصر أحداث تلك السنوات ببراعة وسلاسة بديعين.
كتاب إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء لمحمد الخضري بك، كتاب يتحدث بإيجاز عن الخلافة الراشدية منذ تولّي سيدنا أبو بكر رضي الله عنه الخلافة إلى حين استشهاد سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه. الجميل في الكتاب أنّه ليس بالمسهب الممل، ولا بالمختصر المقل؛ بل هو وسطٌ بينهما. فلم يعلّق الكاتب في هذا الكتاب إلّا على الحدث الجلل الذي لا بدّ من الوقوف عنده واستنباط عبر ودروس قد تخفى على القارئ، وتركَ الأحداث الواضحة التي تخبر عن عِبَرِها بنفسها دون تعليق. ما أعجبني في هذا الكتاب هو عدم اكتفائه بسرد الوقائع التاريخية سرداً عادياً، بل وقف على أحوال الدولة في فترة الخلافة الراشدة وحكى عن قطاعاتها وتنظيمها والهدف منها. كما حوى في طياته رسائل الخلفاء إلى قادة الجيوش، ورسائلهم بدورهم إلى قيادات الدول والممالك المجاورة، رسائل تلامس القلب وتغمر قارئها بمشاعر عظمة وقوة الحكم آنذاك من جهة ورحمة وعطف الإسلام والخلفاء من جهة أخرى. وعرّج في آخره على أحوال ومنطق أهل البدع والفتن وصاغ منها قواعد تساعد في التعرّف عليهم في كل زمان ومكان وهذا -برأيي- جوهر الكتاب! فإن أنت قرأته وأردت أن تخرج منه بفائدة واحدة فأرجو أن تكون النظر إلى صفات ومنطق أهل التيارات الضالة وفهمها واستيعابها حتى تستطيع أن تميّزهم وتحيد دونهم، فهم اليوم كثيرون. ومما أضاف إلى جمال الكتاب وفائدته وقوفه على مواطن الخلاف والاختلاف بين أصحاب الرأي في الدولة مبيناً رأي كل طرف ودلائله دون انحياز أو توجيه للقارئ إلى أحد الأطراف دوناً عن غيرها. فتقرأ في البداية رأي الطرف الأول فتجد فيه المنطق والحكمة والصواب، غير أنك ما إن تقرأ رأي الطرف الآخر تجد منطقاً وحكمةً وصواباً أكبر من سابقه، فينتج عندك حينها فهم ما يدعى بالحقّ والأحقّ. وبالرغم من احتواء الكتاب في كثير من صفحاته على أسماء وتفاصيل وأماكن قد لا تهم القارئ، غير أنها ضرورة التوثيق ولم تكن إلى الحد الذي يزعج القارئ أو يضجره، وبإمكان القارئ بسهولة أن يتجاوزها دون أن تؤثر على فهمه للكتاب.
تعلمت من الكتاب أشياء شتّى، غير أنّي أحببت أن أشارك منها فكرتين: 1- "إن بأس الأمة متى انتقل من أعدائها إلى أنفسها، ساءت حالها، وفسد نظامها، وصارت إلى الفوضى أقرب منها للصلاح" 2- يجب أن لا يُؤخذ الإنسان بمنطق وحلو كلام كلّ من دعى إلى فكرة أو جماعة، فالمضلّون كثرٌ وهم في الغالب أصحاب منطق حلوٍ وشخصية فذّة (وإلّا لما اجتمع لهم عددٌ من الناس ولم تكن باستطاعتهم إثارة فتنة أصلاً!)، بل على الإنسان أن تكون مصدر استقائه للحق والباطل هو الكتاب والسنة، فإن لم يفقه منهما فكرة، فليسأل أهل العلم المشهود لهم بالعدالة والفهم، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).