يتحدث المؤلف ، عن التابوه الغامض الذي يخيم على ما يتعلق بتدمير مكتبة الإسكندرية في الزمن القديم ؛ حيث أن كل شيئ – بحسب تعبيره - يغلفه الصمت والروايات الكاذبة ، ومضخمًا بكم كبير من الأصولية الدينية والمخاوف الاجتماعية المسبقة ؛ وإذا ما إستثنينا عددًا قليلًا من الباحثين سوف نجد أنه لا أحد يتحدث عن هذا الموضوع بحيادية ، وكأنه إتفاق غير معلن بعدم كشف الحقيقة . بحسب المؤلف ، فكيف أمكن لحادثة وقعت منذ ألفى عام أن تظل - مهما كانت درجة قوتها - ذات تأثير قوي بما يجعل مجتمعات مثقفة ومتطورة مثل المجتمع الغربى ، الذي يفترض أنه مجتمع محايد وعلماني في مجال البحث العلمى ، يواصل خطابه حول هذه المسألة الذى يتسم بالالتواء واللاحيادية ؟. ويستطرد المؤلف ، أن مكتبة الإسكندرية تعتبر مثالا للألمعية الثقافية التي لا تجد لها مثيل في العالم القديم ، غير أن زوالها المفاجئ والكامل من الوجود أدخلها في دائرة الأسطورة ، ومن المعروف أن المكتبة قد هدمت أثناء ما يسمى بالحروب السكندرية في مناورة مؤسفة قام بها يوليوس قيصر، في نهاية القرن الأول قبل الميلاد وأدى فقدانها إلى فتح الباب أمام الكثير من التكهنات والموضوعات التى أصبحت تابوهًا لف وقائع هذه الكارثة بالغموض . من ناحية أخرى فعندما نتحدث عن العرب نجد أنهم قدموا إلى الاسكندرية في القرن السابع الميلادى ، وبالتالى لم يظهروا على صفحات التاريخ مرتبطين بهدم المكتبة الكبرى أو المكتبة الصغرى الملحقة ؛ إذ حدث ذلك قبل وصولهم بقرون ؛ ومع هذا يسكن المخيلة العامة للجميع إعتقاد أن العرب هم الذين أحرقوا مكتبة الإسكندرية ، وهذا محض إفتراء ؛ ويسرد المؤلف من بين تلك الأساطير التى ظلت قائمة حتى أيامنا هذه ، تلك التى تشير إلى أن عمرو بن العاص ، قائد الجيش العربى ، هو المسئول عن حريق المكتبة بل وهدمها بناء على تعليمات صدرت له من الخليفة عمر بن الخطاب ، ويتضح زيف هذه الأكذوبة والتى قام بنسجها أسقف مسيحى مشرقى يدعى (أبو الفرجيوس) خلال القرن الثالث عشر الميلادى ، أى بعد ستمائة عام على دخول العرب مصر، وإنتشرت هذه الرواية خلال القرن السابع عشر الميلادى على يد الكاهن والمستشرق الانجليزى بوكوك . على مدار 422 صفحة، ومن خلال الكتاب الذى يتكون من خمسة فصول ، يحل المؤلف اللغز في النهاية ، ويبرئ ساحة العرب من حرق المكتبة ، ويؤكد أنه من خلال البحث خلال التابوهات الغامضة ، رسم مشهد مختلف تماما حول النهاية المأساوية التى عاشها الحلم العظيم للبطالمة ، منارة المعرفة التى أضاءت أزمان العالم القديم .
كتاب قيم من الكتب القلائل المترجمة من الإسبانية إلى العربية التي تتحدث عن التاريخ المصري. كان ثمرة تعاون بين المؤلف و المترجم المرحوم علي المنوفي, الذي أثرى المكتبة العربية بكتب كثيرة في مجال العمارة و التاريخ و الأثار بعيدا عن ما هو معتاد من ترجمات أدبية . ألف رحمة و نور للدكتور علي و ربنا يجعله في ميزان حسناته.
كتاب شيق ويعرض عدى معلومات مهمة فيما يتعلق بتاريخ الإسكندرية عموماً، والمكتبة خصوصاً، يعيبه فقط للقاريء العادي وغير الباحث كثرة المراجع ، وإن كان مفهوماً ذكر المؤلف لها للبرهنة على صحة نظرياته.
هذا الكتاب كارثة! يدعونا الكاتب لقراءة بحثه المعمق في المصادر والتاريخ عن مكتبة الإسكندرية التاريخية القديمة التي بناها البطالمة في القرن الثالث قبل الميلاد. واللغز الأساسي الذي يدور حوله الكتاب، هو من دمر المكتبة؟ ويتساءل لماذا الصمت على هذه "التابوهات" طوال هذه القرون عن المسئول؟ ولماذا التسليم بأن العرب هم الذين دمروها؟ ويشرح كيف كانت الإسكندرية وقتها، وأماكن المكتبة الكبرى والصغرى والمعابد حولهما. يقول لنا أن يوليوس قيصر هو المتسبب في إحراق المكتبة الكبرى، خلال مناورة حربية بعد محاصرة مراكبه الحربية على ساحل الإسكندرية. ولكن بقيت المكتبة الصغرى بعدها.
يأتي الجزء الثاني من الكتاب. ماذا حدث للمكتبة الصغرى؟ وهنا تأتي الكارثة. يُحمِّل الكاتب البابا ثاؤفيلس (البابا ٢٣ للكرسي المرقسي) مسئولية حرق المكتبة الصغرى، بعدما أصدر الإمبراطور الروماني تيوديسيو الأول مرسوما بهدم المعابد الوثنية في الإسكندرية عام ٣٩١م. قال أن البابا مع أتباعه من الرهبان قاموا بالهجوم على معبد السيرابيوم وقاموا بتدمير وحرق التماثيل، بعد معركة دموية ذبحوا فيها من كان هناك. وتم دفن بعضهم في مقابر جماعية وتركوا جثث الآخرين لتتعفن وتأكلها الجوارح. ثم قاموا بحرق المكتبة بمحتوياتها، وتركوها أطلالا. شيء صادم أليس كذلك؟ شعرت بشيء من عدم المنطقية في سرده للأحداث، خاصة أني وجدته شديد الهجوم على هذا البطريرك (وهو بالفعل قام بأخطاء كارثية أخرى خاصة بالكنيسة)، ويصفه بالجشع وحب المال والدموية وخصال سيئة أخرى. فقررت الرجوع للمصادر المذكورة في الهوامش (وهي كثيرة جدا، فقد بلغت ٧٩٧ هامشا في كتاب عدد صفحاته ٤٠٠ صفحة!). بالرجوع للمصادر المذكورة، وجدت أنه بالفعل قام هذا البطريرك بتدمير المعبد وحدثت مواجهات دموية بين المسيحيين والوثنيين. ولكن ليس كما صور لنا في كتابه، فقد قام الوثنيون بمذبحة قبل هذا الحدث وكان هذا نوع من رد الفعل. وأيضا لم يذكر أي مصدر من مصادره أنه قام بحرق المكتبة! ولكنه "شيله الليلة كلها"، المعبد والمكتبة. والمصيبة أن الكاتب بنى بقية الكتاب على هذه الفرضية. ثم بدأ يبحث في كتابات المؤرخين المعاصرين والتالين ليثبت حرق المكتبة. لكنه لم يجد ذكرا لعملية الحرق. منهم من لم يعد يذكر وجود المكتب، ولكن لم يذكر أحد من قام بذلك. فاتهمهم بالتزوير والتدليس والتحريف والصمت لأسباب دينية وسياسية أو ادعى أن النص فُقد: "والشيء الغريب هو أن إينابيو الأنطاكي، وهو من العلماء، لم يشر إلى إحراق المكتبة الصغرى بما فيها من كنوز الكتب؛ وربما ذكر ذلك في النص الأصلي ثم صمتت عنه النسخ التالية" (صفحة ١٣٨ و١٣٩). أما قصة ترك الجثث لتتعفن فلم يذكرها أي من المصادر القديمة، سوى عالم جاء في نهاية القرن التاسع عشر ووجد هياكل عظمية كثيرة في موقع السيرابيوم القديم. إذن نحن أمام كاتب يريد أن يثبت نظريته إما بالتمني أو الافتراض أو بلي عنق الحقيقة أو خلط الحق بالباطل. وهذا ما وجدته لاحقا.
ثم ينتقل لعصر عمرو بن العاص ودخول العرب مصر في القرن السابع الميلادي. فيغوص أكثر في المصادر والمؤرخين لينفي أسطورة أن العرب هم من حرقوا المكتبة. جميل. حتى القرن الثالث عشر لم يتم ذكر العرب بسوء، ثم بدأت ظهور قصص على يد ثلاثة من المؤرخين تتهمهم بالحرق (وأتفق معه في أنها قصة ساذجة ومليئة بالأخطاء التاريخية). وتم تناقل هذه الرواية في القرون التالية في أوروبا مع حركات الترجمة والمستشرقين. المشكلة في هذا الجزء أنه يكيل بمكيالين. فهنا نجد أنه يرى أن صمت المؤرخين عن الحرق طوال الستة قرون التالية لدخول العرب فهذا يعني أنهم بريئون، وأن الثلاثة الذين ذكروها هم كذابون وأفاقون ومزورون ولعنة الله عليهم. عكس ما كان يحكم به على المؤرخين في الجزء السابق. ثم يفترض من مخيلته وبدون ذكر أي مصادر كيف تناقل هؤلاء الثلاثة هذه القصة من بعضهم، بطريقة كوميدية جدا. ويوجد مصدر ذكره بغرض إثبات سماحة الإسلام، وبعد الاطلاع عليه وجدته مقتطع من سياقه وأنه يسيء إلى الإسلام. يا زين ما اخترت!
لا أستطيع ذكر وحصر كل النقاط الكارثية في الكتاب. ولكن سأكتفي بأنه شديد الهجوم على كل ما هو مسيحي في كتابه (وهذا ليس انحيازا مني)، حيث ذكر على سبيل المثال قصة راهب مصري اسمه أبو ذقن ذهب لأوروبا عام ١٦٠٧م وبعد أن عدد نجاحاته وحب الأوربيين له، ذكر أنه "تسبب في إثارة بعض الزوبعات فهو راهب قبطي لم يشأ أن يقلع عن الجنس او تناول اللحوم، وأخذ يبحث عن رفيقة". (ص ٣١٨) ما أهمية هذا الشخص أو هذه المعلومة؟ لا شيء، وانتهى الكلام عنه حتى دون الرجوع إليه لاحقا. هذا بالإضافة لأخطاء كثيرة في التواريخ.
إذن المشكلة تكمن في عدم ثبات المعيار الذي يقيم به المؤرخين، وبالتالي يبني فرضياته على ما يناسبه منهم (مع أنه هو من اختارهم)، وأيضا اختياره للمصادر (ما استطعت لها سبيلا) بها ما تدينه وتضعف حجته. والنتيجة؟ المزيد من الأسئلة التى ادعى أنه جاب الديب من ذيله وأجاب عنها.
الترجمة سيئة خاصة بالنسبة للأسماء. فالمترجم قام بنقلها كما هي بالنطق الإسباني لها، وعانيت أشد المعاناة في تفسيرها، مثل: اناستاسيو/ أتاناسيو=أثاناسيوس، بابلو=بولا، أوريخنيس=أوريجانوس، كابادوثيا=كابادوكيا، خورخي=غريغوريوس، جيرونيم=جيروم، نتريا=نطرون سيفيرو=ساويرس (ابن المقفع)، يوسيبو دي Cesarea= يوسيفوس القيصري، نيس Nicea= نيقية...إلخ
المصادر المكتوبة في الهوامش مشوهة ومليئة بالأخطاء الإملائية.
This entire review has been hidden because of spoilers.
واحد من أمتع الكتب و أكثرها تشويق كتاب ممتاز يتناول جزء كبير من تاريخ الإسكندرية من نشاتها وحتي دخول العرب و يزيح الستار عن حقيقة حريق المكتبة الكبري والمتسبب به يوليوس قيصر و حريق وتدمير المكتبة الصغري علي يد المتعصبين من المسيحيين ثم يتناول بالنقد الحكاية الموضوعة علي يد المتعصب ابو الفرج والتي تنسب حريق المكتبة ل عمرو بن العاص و هي فرية تم اختراعها و نسج خيوطها مجموعة من المتعصبين علي مر العصور رغم كل شواهد التاريخ والمؤرخين بخصوص الحريق علي يد قيصر و مسيحيين الإسكندرية و عند وصول العرب لم يكن هناك مكتبة ولا كتب ولا اثر باقي هناك . الترجمة ممتازة و يستحق هذا الكتاب مزيدا من الانتشار والمعرفة . عظيمة اسكندرية. عظيمة مصر ام الدنيا منارة المعرفة في العالم القديم