رحلة تاريخية عريقة عبر مختلف العصور والأزمنه التي شهدتها اليمن، جسدها الكاتب في هذا الكتاب الشيق الذي يتكلم عن تاريخ بلد عريق ذو هوية خالصة أصيلة مازال يصارع حتى اللحظه حروبه الداخليه والتدخلات الأجنبية التي زعزعت من كيآنه وإستقراره ونهضته.
كتاب تاريخي وسياسي وحضاري، يتكون من عدة فصول يناقش فيهن الكاتب والباحث اليمني الكبير صادق قائد عدة مواضيع تاريخية بشكل مبسط وسلس وممتع، إفتتحه بمناقشة المصاعب التي كانت ومازالت تواجه الباحثين في سرد وجمع تاريخ اليمن المفقود، ثم ناقش العلاقات السياسية والإقتصادية والصناعية بين البلد وشعبه وبين البلد والدول المجاوره له، وناقش مظاهر إختلاف الفن المعماري والنقوش القديمة والأثار التي تم كشف معظمها من قبل بعثات أجنبية على مر التاريخ، وناقش إختلاف الديانات والنظم السياسية والغزو الحبشي وغزو الإمبراطورية البيزنطية الرومانية والغزو الفارسي والمقاومة اليمنية للغزو، ويختتمه بسرد تاريخ اليمن في عصر الجاهلية وعصر الإسلام وفتوحات إسلامية وحروب رده. ناقش أيضاً كيف كانت اليمن رغم كل تلك العقبات، الدولة الوحيدة المهيمنه على تجارة العديد من السلع مثل البخور والبن واللبان، فكانت هذه السلع بمثابة تجارة رائجه ومصدر رئيسي لشهرة المواني اليمنية التي كانت تعج بالسفن التجارية الأجنبية المحملة بالبضائع، وكيف كانت وما زالت من اخصب بلاد الله على الأرض كما قال "ولفنسون". فلقد جاء إسم "اليمن" من "يمنت" وهو مصطلح حميري قديم يعني الجنه أو الخير، وقد أطلق عليها أيضا المؤرخ اليوناني الشهير "هيروديت" ببلد العرب السعيدة، لما كانت تتمتع به في تلك الحقبه بثروات وموارد وتربة خصبة وتطور عمراني وزراعي وصناعي مذهل، ولا سيما التطور السياسي الذي كان لحظور القاونين والتشريعات والديمقراطيه والشورى حضوراً مهيمناً مما أنتج حضارة وطنية عريقة ..
لكن بالرغم من كل ذلك، كانت تلك الرقعه الجغرافية الإستراتيجية القوية الغنية بالموارد، هدفاً بارزاً للإستحواذ ومحور إلتفاف وطمع من قبل القوى الأجنبية التي تنافست عليها بمختلف دياناتها وتوجهاتها السياسية، فأستغلت هشاشتها بسبب الحروب الداخلية بين الممالك القديمة لتبسط نفوذها بحجة المساعدة والدعم.
كتاب مليئ بالمعلومات عن بلد جميل محطم أنهكته الحروب. كتاب أقترحه لكل باحث وعاشق ومهتم بالتاريخ بشكل عام وليس فقط تاريخ اليمن. كتاب أنصح كل عربي بقراءته وبالأخص كل يمني ليرفع من مستوى ثقافته ووعيه بتاريخه وموروثه الحضاري العربي القديم.