كانت القصيدة قبل مرحلة التجديد على يد الرواد قصيدةَ إجابةٍ، فأصبحت قصيدةَ تساؤل وحيرة. يبدأ الشاعر الجديد بيتها الأول، ولكنه يجهل كيف ستتحرك أبياتها التالية، وبأي اتجاه. ما يعرفه أنه، هو الشاعر، ينطوي على لغم من التساؤلات، كم ظلّ جائعاً لها على امتداد قرون. تجد هذه الفضيلة لدى السياب، نازك، بلند الحيدري، البريكان، حسين مردان. إلى أن جاء عبد الوهاب البياتي، الذي «زلزل الأرض تحت أقدامهم»، على حدّ تعبيره. جاء بالراية «الأممية»، التي لم تكن تشغل أحداً. هذا البعد «الأممي» يتوافق بالتأكيد مع طغيان قبضة اليسار السياسي على خناق الثقافة في العراق، والثقافة العربية، وربما على الثقافة في الكثير من بقاع الأرض. في منتصف الستينيات، وبعد نكسة حزيران مباشرة، بدأ هذا البعد «الأممي» يخفت ويتلاشى، وتصاعد مدُّ الشاغل العربي، فوجدنا «بعداً قومياً» بدل «البعد الأممي». ومع هذا الشاغل برز سعدي يوسف مؤثراً بموهبة تامة النضج. ولعله بدأ شاغله هذا في مطلع الخمسينيات، وبعد البياتي بقليل. استلم سعدي رايةَ «الأممية» الحمراء من البياتي، ليبدلها في قبضته بالراية «القومية» الخضراء. في هذه المرحلة كان شعر الرواد قد وُضع جانباً في الظلّ، الذي يُشبه العتمة، من قبل الجيل الستيني ذي النزعة العقائدية في الأغلب.
أحدُ أبرز الشعراء والكتاب العرب من الجيلِ الستيني. ولدَ في بغداد 1945، وتخرّج من جامعتها، وانصرفَ بعد عامٍ في التدريس إلى العملِ الحرّ ككاتب. هاجر إلى بيروت وأقامَ فيها 69 ـــــ 1972، ثم إلى لندن، منفاه الثاني، منذُ عام 1979 حتى اليوم. أصدر مجلةَ «اللحظة الشعرية» لبضعة سنوات، وواصل كتابةَ عموده الأسبوعي في الصحافة الثقافية طوالَ حياته، في الشأن الشعري، الموسيقي والفني. له أكثر من 22 مجموعة شعرية، منها مختاراتٌ صدرت في الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، والإيطالية. إلى جانب الشعر له أكثر من 18 كتاباً في حقل النقد الشعري، الموسيقي والقصة. وله معارض عدة كفنان تشكيلي
شاعر المتاهة هو كائن "ينصرف في كتابة قصيدته إلى معتركه الداخلي"، في حين أن شاعر الراية "ينصرف إلى معتركه مع الآخر؛ شخصًا كان هذا الآخر، حزبًا، عقيدة، فكرة أو تاريخًا" . . هناك ثمة شعراء سخّروا تجربتهم في صياغة مواقفهم السياسية والفكرية والأيدلوجية شعرًا مباشرًا. هؤلاء الشعراء هم أقرب للعمل الفكري من كونهم شعراء مخلصين للشعر بما هو تجربة إبداعية! لا يمكن نفي الشعر عنهم بالمطلق فذلك إجحاف بتاريخ مرحلة شاء القدر لهم أن يرفعوا فيها راية فكرية أو سياسية بإخلاص دون غيرهم باستخدامهم الشعر أداة ووسيلة لا غاية إبداعية! لذلك لم يستطيعوا أن يخلصوا للشعر بما هو تجربة إبداعية خالصة. فكانت نصوصهم تشبه البيانات الأيدلوجية أو السياسية في قوالب نظمية لها شكل الشعر دون أن تفجّر حيوية اللغة وطاقتها البلاغية على مستوى عال. هم شعراء راية أيدلوجية لا شعراء “متاهة إنسانية أو خبرة روحية” . حسب رؤية الشاعر والناقد فوزي كريم.
بين الشعر كفن من الفنون والشعر الموجه كوسيلة لخدمة نظام أو سلطة معينة ( دينية - قومية فكرية ..إلخ)مع التنظير للمسببات والكثير من الأمثلة التطبيقية بحجج منطقية وآراء واضحة وصريحة وهذا الأمر نادرا ما نراه لدى النقاد العرب الكتاب يستحق القراءة والجدال والنقاش المتولد منه يجعله أكثر اهمية
يتحدث فوزي كريم عن الشعر شاعر الراية اللي هو شاعر القضية وشاعر المتاهة اللي هو شاعر العاطفة النفسية او المتاهة النفسية (العقل اللاواعي) اللي تتمخض منه الاشعار
حبيت طرحه لفكرة ان الشعر يكون اقوى اذا اجة من المتاهة النفسية بينما شعر القضية يكون موجه ويختفي منه شخصية الشاعر
يتناول الكاتب هاي الامور عن طريق تناوله لمجموعة من الشعراء العراقيين مثل بلند الحيدري، نازك، البياتي واكيد السياب