في ديسمبر من عام 1945، بالقرب من مدينة نجع حمادي، إكتُشِفت في حوزة بعض القرويين مجموعة تكاد تكون كاملة، تعتبر من أقدم الذخائر المسيحية في مجال الأدب المسيحي القديم، وقد ظلت هذه المخطوطات في طي النسيان أو الغموض طيلة خمسة وثلاثين عاما كاملة بعد اكتشافها - أين اكتشفت هذه المخطوطات؟ - ومن الذي له الفضل في اكتشافها؟ - وما هو عدد النصوص المتضمنة فيها؟
في هذا الكتاب: أضواء على مكتبة نجع حمادي الأثرية قصة أعظم اكتشافات في دوائر علم الآثار في مصر، بعد اكتشافات قمران والبحر الميت ، مع دراسة لما تضمنته هذه الاكتشافات
لا أعرف ما المقصود بأن هذا الكتاب من "إعداد" الأستاذ عزت زكي. هل هو ترجمة أو تلخيص مثلا لكتب أو مقالات عن الموضوع؟ وهل الأجزاء الرئيسية من الكتاب المحتوية على ترجمة لأجزاء كبيرة من المخطوطات هي من ترجمة معد هذا الكتاب أم أنها منقولة من ترجمة أخرى؟ الأجزاء الأولى في الكتاب شيقة وتحكي مغامرة إكتشاف المخطوطات في مكان في الخلاء قريب من نجع حمادي، والملابسات المحيطة بذلك الاكتشاف، وكيف باع أهل البلدة الذين اكتشفوا المخطوطات أجزاء كثيرة منها "لأفندية" من القاهرة أو لأثريين أجانب، وكيف تم تجميع أغلب أجزاء هذه المخطوطات بعد أن كادت تضيع وتتوزع على أماكن مختلفة من العالم أهمية هذه المخطوطات ترجع إلى أنها أهم مصدر للكتابات الغنوسية أو الغنوصية، وهي حركة فلسفية وروحية وفكرية ازدهرت في القرن السابق للميلاد حتى القرون الأولى بعد الميلاد، تأثرت بالديانتين اليهودية والمسيحية وأثرت فيهما، خاصة في الجوانب الصوفية من كل منهما وفي الرهبنة المسيحية أيضا، وبالقراءة المتأنية للمخطوطات يمكن اكتشاف بعض المؤثرات التي ظهرت فيما بعد في الفكر الإسلامي. بل إن بعض ما جاء في هذه المخطوطات ربما كان المصدر الوحيد لبعض الأساطير والأفكار المتداولة عبر العصور، مثلا عن شخص المسيح وعلاقته بمريم المجدلية، وهي أفكار استثمرتها الكثير من الأعمال الأدبية والفنية.
صحيح أن الحياد شيء مستحيل خاصة عند الكلام عن موضوعات تمس العقائد من قريب أو من بعيد، ولكن الأمر يفسد تماما عندما يحاول شخص ما أن يعرض لمجموعة من الأفكار وهو يعارضها أشد المعارضة، وهو ما حدث في هذا الكتاب من عرض مخل للفلسفات الغنوسية واتهامها بالتناقض والكفر والخبث وما إلى ذلك. على سبيل المثال يزعم معد الكتاب أن الغنوسية تدعو إلى خلاص النفس عن طريق "المعرفة" في مقابل ما تدعو إليه المسيحية من الخلاص عن طريق "الإيمان"، ويزعم أن الغنوسيين يعتبرون هذه "المعرفة" وسيلة أرقى من الإيمان، بحيث نتخيل أن الغنوسيين كانوا يفضلون المعرفة العقلية على الإيمان. ولكن أي قراءة محايدة للفكر الغنوسي يتبين منه أن المقصود ب"المعرفة" لديهم هو ما يقابل "العرفان" في الفلسفة الإسلامية مثلا، أي المعرفة الحدسية المباشرة بالخالق وبالكون، أي أن هذه المعرفة الغنوسية لم تكن تختلف كثيرا عن مفهومنا عن الإيمان، وحتى كلمة الإيمان عندهم كانت تحوي جانب ذهني وعقلي ومعرفي. أي أن مدلول كلمتي المعرفة والإيمان لديهم كان مختلفا تماما عن المعنى المباشر الذي يتبادر إلى الذهن
[ربما أضيف بعض الملاحظات الأخرى عن الكتاب فيما بعد]