الكتابة وأشكال التعبير في إسلام القرون الوسطى'' مقدمة للتفكير الإسلامي تستكشف جوانبه الإنسانية والخيالية عبر أطياف فكرية واسعة. كيف وصف المسلمون في القرون الوسطى عالمهم؛ تاريخه وثقافته وممثليه الاجتماعيين الأساسيين رجالا ونساء، عاديين واستثنائيين- حين كتبوا عنه؟ كيف تعرفوا على النمط والمعنى في شؤون الإنسان وأوضحوا لقرائهم الفرق بين المظهر والحقيقة. يناقش المسهمون الستة في الكتاب، وهم متخصصون في مجالات مختلفة من الفكر الإسلامي الكلاسيكي هذه المسائل ويقدمون تحليلا عميقا من خلال دراسات الحالة وتشمل: الكتابات النظرية، والتأريخ والذكريات والقص والتعبير الرمزي.
Julia Bray’s research on medieval Arabic writing combines literary and social history, on the premise that literature is an integral part of the historical process and of historical understanding. She has written the chapter on medieval to early modern Arabic literature for the New Cambridge History of Islam (Cambridge, 2010) and a survey of gender in medieval Arabic writing and modern historical scholarship for L. Brubaker and J.M.H. Smith, Gender in the Early Medieval World (Cambridge, 2004). She has investigated the family history of medieval Muslim men of letters and medieval Arabic biography as a literary form in articles for Quaderni di Studi Arabi (2008) and the Journal of the Royal Asiatic Society (2010), and has written on Arabic autobiography in articles for Essays in Arabic Literary Biography 1350-1850 (Wiesbaden, 2009) and Annali di Ca’ Foscari (2010). Overall, her works tries to map the reciprocities between Arabic writing and the societies in which it was produced, imaginative worlds and individuals’ and communities’ search for meaning and purpose. Educated in France, Bray studied Arabic and Persian at Oxford, was an archivist at the India Office Library & Records, and has taught modern Arabic, medieval Arabic literature and Islamic history at the universities of Manchester, Edinburgh, St. Andrews and, since 2003, Paris 8 – Saint Denis, where she is affiliated to the research team EA1571: “Centre de recherches historiques: histoire des pouvoirs, savoirs, sociétés”. She is currently the Laudian Professor of Arabic in the University of Oxford, and a fellow of St. John’s College.
تفتتح الكاتبة هذا الفصل بمثال تبيّن من خلاله تفضيل الأدب العربي في القرون الوسطى الحقيقة على الاختلاق أو الصدق على الكذب. وإذا ما كان الاختلاق أو التخيّل مقبولًا في النصّ الشعريّ، فهو مستهجن ومدانٌ في النّثر. ومن هذا التقديس لنقل الأخبار الحقيقيّة فقط، نجد انقسامًا في التصنيف الأدبي لنصوص النثر بين نصّ "القصّة" المتخيّل (مثل حكايات ألف ليلة وليلة)، ونصّ "التّأريخ" والذي ي عنى بنقل كل ما هو حقيقي ك"خبر" أو "حديث". لكن في الواقع، الاختلاف بين النصّين غائمٌ في كثير من الأحداث، وذلك لأنّ كتابة التاريخ والقصّة تحمل نفس استراتيجيات الكتابة، فحتى الحكاية التي تبدو متخيّلة تكون تستوحي في الحقيقة من الواقع، وبذلك يحدث اللبس حين محاولة التمييز بين الشكلين الأدبيين. "ولا يعني هذا القول بأنّ المؤلفين المسلمين تعمّدوا تلفيق مواد، على العكس، اقتنع معظم الكتاب بحقيقة ما كتبوا، لكنّ التاريخ بالأحرى يتطلّب تأملات القصّ في معالجاته للماضي". ونتيجة لهذا اللبس في تصنيف الأجناس الأدبية التي تنتمي لهذه الحقبة تظهر عدّة توجّهات\دراسات حديثة لمعالجة هذه القضيّة.
"المادّة الخام للتاريخ الإسلامي هي التقرير الفردي"، وأكثر الكلام شيوعًا في هذا السياق هو "الحديث" (اقوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم)، و"الخبر" (التقارير التاريخية المتداولة كأخبار). وهنا ظهر المحدّثين الذين يمتلكون معايير معيّنة في تحديد مصداقيّة الحديث اعتمادًا على إذا ما كان يحمل خصائص تشريعيّة وتهذيبيّة الخ. ومن هنا نشأ مفهوم تصنيف الأحاديث: صحيحة، ضعيفة؛ وتصنيف المحدّثين: ثقة، أو ضعيف. وبينما سعى المحدّثون والأخباريّون عن العلم، كان الأدباء يسعون إلى جمع الأدب – معرفة واسعة تتضمّن الخبرة الشخصيّة والاستدلال، والحكمة الأجنبية أيضًا؛ وهكذا كان الإسلام بداية الحقيقة. قد يستخدم الأديب المواد نفسها التي يستخدمها علماء الدين حين يكتب التاريخ لكنّه يأخذ ملاحظات من معارف غير اسلاميّة أيضًا. والأديب أكثر اهتمامًا بالقيمة الترفيهيّة والتهذيبيّة للخبر من المحدّث أو الأخباري، وتكون عنده أهميّة أقل بشأن صدق الخبر أو عدم صدقه، وبشأن مسالة واقعيّته وعدم واقعيّته أيضًا.
ويأتي أخيرًا دور "القاصّ" (storyteller)؛ مصطلح القاص يشمل مفهوم "الواعظ الديني" وايضًا "الراوي" كما يرى ابن جوزي أن مهمّة القاص هي رواية أخبار الماضين لما فيها من عبرة وهو مسئول عن تعليم الجموع العقائد والمعتقدات الأساسيّة للإسلام. وهكذا نرى أن القاص سمكن أن ينتمي لرتبة العلماء مثل ابن الجوزي نفسه، أو قد يكون شخصية سياسيّة مثل عبد العزيز بن حاتم بن النعمان الباهليّ. ولكنّ القاصّ غالبًا ما يكون ورعًا وزاهدًا وهذا ما كان يقلق الحكام بشكل خاصّ... ما نراه حتّى الآن هو أنّ التاريخ لم يحظَ بتخصّص مستقلّ بعد، وأنّه كان هناك مؤرّخين قلّة أكثرهم مسئولون حكوميون وعلماء دين، ولم يكونوا يكتبون التاريخ بمحضِ إرادتهم بل بأمر من الحكومة. وعليه، لم تكن مقاربات النقل مفروضة أو مغروسة بشكل رسمي حتى هذه الفترة، ولكن كان يتوصل إليها من خلال مناظرات ومناقشات بين العلماء أي أنها كانت مرنة وطيعة.
عناصر القصّ في كتابة التاريخ العربيّ: 1. بناء الحبكة والبنية التفسيريّة: كانت الرحلة في طلب العلم من أهم سمات للتعليم الاسلاميّ، وبعد تجميع المادّة كان هدف العالم هو استيعاب ما جمعه ولذلك كثيرًا ما نرى مداخلات العالم في نصّ الحديث النبوي المنقول وتأملاته الشخصيّة، وأحيانًا تُستَخدم الأحاديث دليلًا من أجل دعم أفكار المؤلف. ومن هنا نرى ظاهرة التفسير، حيث كان تحت تصرف المؤرخ المسلم عدة نماذج مختلفة يمكن دعمها بمجموعة من المبادئ الموجهة. فنرى الطبري مثلًا يستلهم من رؤية القرآن لدوريّة التاريخ الّذي هو في صدد تدوينه. (يُنظر ص. 61 و62). 2. بناء الحبكة والبنية السرديّة: في العديد من الروايات التاريخية (التي تعرض الكاتبة أمثلة عليها) يمكن تحديد درجة من الحرية الخلاقة، بعض عناصر القصّ وحضور المؤلّف.
خلاصة: 1. هناك تسرّعٌ واضح في الحكم على الكثير من المؤرّخين المسلمين على أنّهم مجرد مصنّفين، لكن الحقيقة أن التصنيف يحتاج إلى كثير من الجهد الإبداعيّ. 2. ينبغي رؤية أنّ القصّ والتأريخ مثل النقل والتأليف يقعان على سلسة؛ لكن قليل منهم من هو مبتكرٌ تمامًا أو منتحلٌ تمامًا. 3. هذه القضايا المطروحة أدّت مؤخّرًا إلى تكوين نظرة جديدة تجاه مصداقيّة المصادر العربيّة وخصوصًا النصوص التاريخيّة منها
الكتاب عبارة عن ستة مقالات تناقش مواضيع متعددة من الأدب العربي بين القرنين الثاني والرابع هجرياً (الثامن والعاشر ميلادياً).. المقالات الثلاث الأولى تعالج الطريقة التي كُتب بها التراث الأدب العربي (وبالتالي الطريقة التي ينبغي أن تُقرأ وتُدرس من خلالها هذه الآداب اليوم).. بينما المقالات الثلاث التالية عبارة عن دراسات لأعمال كتاب معينين (الجاحظ، مقامات الهمذاني، التنوخي).
أكثر فصل أعجبني هو الفصل الذي تناول المقامات، خلال دراستي كانت المقامات دائماً تُذكر كمثال على أدب الانحطاط، حيث تكون الزخرفة اللغوية حاضرة والمعنى غائب. أثناء قراءتي للمقال قرأت ما ذُكر من المقامات وتفاجأت بفن عربي مبتكر غريب وطريف. شخصية المتشرد الآتي من كُل مكان والحاضر في كل زمان شخصية مثيرة وتستحق إفراد دراسات لها.
الكتاب جمع دراسات حديثة ومهمة ومتنوعة للتراث الأدبي العربي تُطور من طريقة القارئ في تلقي هذا الأدب وفهمه، أنصح فيه جميع المهتمين بالتراث الأدبي العربي.