"ولسنا مخيرين بين أمرين، كما يقول تيلر Taylor، بين أن يكون لنا فلسفة أو لا تكون لنا فلسفة، بين أن تكون لنا قيم أو لا تكون، بل الاختيار الحقيقي هو: هل نصوغ نظرتنا الفلسفية، أو قيمنا، عن وعي، وعلى اتفاق على مبدأ مفهوم أم نصوغها دون وعي وبمحض المصادفة؟ فثمة دائماً فروض أساسية لا تقبل التحقق المباشر يدين بها الإنسان هي التي تكون فلسفته وقيمه."
أستطيع القول أن الأستاذ صلاح خط ببنات فكره كتابا مرجعيا في باب القيم، فقد قرأته بمعية كتابين آخرين في ذات الموضوع، وأجده تفوق عليهما في الشمول والدقة، مع نفس نقدي وذهن تجريدي، تتبع فيه تاريخ القيم فلسفيا، متبعا في ذلك أسلوب التصنيف الدقيق في تقسيم الأفكار إلى مدارس، من حيث طبيعتها وخصائصها، مع تحريه للفروقات بينها، متخطيا القوالب الجاهزة في الفرز والتصنيف، متبعا ذلك بنقد نفيس مختصر. إلا أنه من أراد القراءة بنفس إسلامي تأصيلي، فعليه بكتاب "القيم بين الإسلام والغرب" لمانع المانع، إذ يتفوق على هذا الكتاب، من حيث التأصيل الشرعي ثم المقارنة.