أعدت قراءة الكتاب اليوم وقررت إعادة كتابة المراجعة الخاصة به ، وذلك لأن الأستاذ حسن أبو هنية قد سهّل لنا به معرفة إحدى الطرق العظيمة في دروب الله الروحية ، ألا وهي الصوفية .
يبدأ الأستاذ حسن بالتحدث عن نشأة التصوف في الأردن إبّان انتهاء حكم الدولة العثمانية ، مما يؤكد على أقدميته وأسبقيته على الحركات الدينية الأخرى التي ظهرت معظمها بعد عام 1948 . ثم يورد لنا الأستاذ أراء مختلفة لمستشرقين حول التصوف أولها : أن التصوف يتمتع بأصالة ظاهرة في الدين الإسلامي دون إنكار تأثره بثقافات مختلفة ،أما ثانيها : ان التصوف كان نتاجاً لتمركز هؤلاء المستشرقين حول أوروبا ، فقالوا ان التصوف نشأ من مصادر أجنبة ، إلا أن الأدلة على رسوخه في الدين هو إمتداده من أول أيام الإسلام إلى عصرنا هذا ، وأن جلّه هو النظر العميق للكتاب والسنة وإن تشابه مع التصوف المسيحي أو اليهودي ، فذلك لأنه في كُنهه هو التوجه نحو الإله بطرق وأحوال ومقامات صعبة ومختلفة .
تعددت التعريفات والتأويلات للتصوف ولكن أكثر ما راق لي هو القول بإن لفظ " صوفي " مشتق من الفعل ( صفا ) ، فالصوفي هو من طهّر الله قلبه وصفّاه ، أي (صوّفي قلبه ) ، أما التصوف فهو بذاته فسلفة حياة تهدف إلى الترقي بالنفس الإنسانية والترقّي بها نحو محبة المُقدّس والشعور به . وفي أسبابه وبواعثه تعدد كما في تعريفاته ، فالتيار التعبدي الزهدي الذي ظهرت نواته الأولى لدى الصحابه يدلل على مركزية العامل الديني وأهميته في ظهور التصوف ، أما فكرة إصلاح الذات لإصلاح المجتمع في ظل سيادة مستبدة ، فيدل على أهمية العامل السياسي الإجتماعي في ظهوره .
ثنائية الحقيقة \ الشريعة تُستخدم دائماً لتعبير عن التصادم الحاصل بين الصوفي الذي ينظر في باطن الشريعة والحقائق ، و الفقيه الذي تبقى نظرته على ظاهر الشريعة من الأعمال التي تجري على الجوارح ، كما أن اعتماد الصوفي على منهج الكشف والذوق بدلاً من الإستدلال العقلي ، جعل الهوّة تكبر بين الفريقين والإختلاف يتضاعف كلما مرّت السنوات وكُتبت المؤلفات. يتناول بعدها الأستاذ حسن ابو هنية عقيدة الحب والفناء عند المتصوفة ويتحدث عن درجات المعرفة المأخوذه من القرآن وهي ( علم اليقين - عين اليقين - حق اليقين ) ذاكرأ بعدها إيجازاً تاريخياً عن أهم الطرق الصوفية الموجودة في الأردن وغيره .
الكتاب يحتوي على الكثير من القصص المغلوطة والتي تم نقلها دون تحري مصداقيتها، حيث يتهم الكتاب بعض شيوخ الطريقة الصوفية بالمزاحمة على الطريق والانشقاق على مشايخهم، وهذا كذب صريح ومغلوط، حيث تم الاستشهاد بكلام بعض الاشخاص الغير موثوقين والذين لم يكونوا يوما ما ملتزمين في الطريقة