Jump to ratings and reviews
Rate this book

دفاتر الحرب الأهلية اللبنانية

Rate this book
سوف تجد دائمًا سببًا للكتابة عن الحرب. إنها تقرر حيوات الناس. هكذا تقدّم دلال البزري لكتابها دفاتر الحرب الأهلية اللبنانية، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (216 صفحة بالقطع الصغير، مفهرسًا)، في سلسلة "مذكرات وشهادات". تؤكد البزري أن هذه الدفاتر ليست سعيدة كما كانت عليه السنوات التي سبقت الحرب، "لكن مأساويتها محدودة، كما كانت الحرب الأهلية اللبنانية محدودة بجغرافيتها، لم تتجاوز الحدود اللبنانية؛ عكس الحرب السورية، ذات القعر اللانهائي، التي أشعلت شظاياها نيرانًا كانت هامدة، قريبًا منها وبعيدًا عنها".

الطريق والمركز
في الفصل الأول، الرصاصات الأولى (1975)، تستعيد البزري أول أيام انقسام بيروت بين "شرقية" تحت السلطة اليمينية و"غربية" تحت السلطة الوطنية اليسارية المساندة للمقاومة الفلسطينية. كانت منطقة المتحف (تحولت محورًا مشتعلًا في ما بعد) نقطة القطيعة بين البيروتيين، وهي النقطة التي عليها أن تمر فيها على الطرق من حارة حريك، قلب الضاحية الجنوبية وخزان القوى الوطنية والتقدمية آنذاك، إلى الجعيتاوي في الأشرفية، قلب المنطقة المناهضة لكل ما آمنت به البزري. تكتب: "أتوقف عند المتحف، وأخشى أن أتابع؛ في غفلة واحدة تحوّلت هذه القطعة من بيروت إلى منطقة أخرى، كأنها سقطت سهوًا؛ هل يعقل؟ [...] لا أحتاج إلى الشجاعة كي أواصل طريقي نحو أعماق الأشرفية، نحو طلعة الجعيتاوي، بل أحتاج إلى الأمل". وفي الفصلين الثاني والثالث، كلية التربية: الجنة الضائعة (1973-1978)، تتحدث البزري عن أيامها "النضالية" في كلية التربية، في صفوفها، والأهم في الكافيتيريا. تكتب: "في الكافتيريا، تحصل أهمّ الأمور: الاجتماعات مع الذين نتصل بهم لإدخالهم إلى منظمتنا، والتشاور مع المسؤول الحزبي في شأن كتابة الشعارات السياسية أو المطلبية [...] ملوك الكافتيريا هم هؤلاء المناضلون الكبار الذين ارتقوا في أحزابهم، يساريةً كانت أم يمينيةً، وقرروا، بأمرٍ حزبي، أن يرسبوا طوعًا في السنة الرابعة، ليبقوا في الكلية، ويسهلوا بذلك قيامهم بمهمات قيادية حزبية. هؤلاء هم أصحاب الجاذبية الأقوى بين الطالبات. هم أزيار نساء، وبعضهم مزواج. يكفي أن يبتسم أحدهم لطالبة، حتى تقع". في الفصل الرابع، "الاستقرار" في مركز الشياح (1975)، تروي قصة احتلال منظمة العمل الشيوعي، ومعها الحزب الشيوعي اللبناني، مدرسة الشياح التكميلية وتحويلها مقرًا حزبيًا. تكتب: "يعني احتلال المدرسة الانتقال إلى العيش فيها؛ كما هو الشأن في البيت. العائلة كلها تشترك في هذا الاحتلال: أنا وابني وزوجي، نحمل ملاحفنا وفرشنا وأغراض يومياتنا الصغيرة، ونستقر في مدرسة الشياح، وكلّنا إيمان بأننا، إذا قمنا بالمهمات الحزبية الموكولة إلينا على الوجه المطلوب، فمن المؤكّد أنّنا سوف ننتصر على اليمين اللبناني، ونحوّل بلادنا إلى قاعدة صلبة للانطلاق منها إلى تحرير فلسطين".

تحت سقف واحد
في الفصل الخامس، الحياة الحزبية داخل مركز الشياح (1975)، تورد البزري ومضات من حيات رفاق ورفيقات عاشت معهم حلو الأيام الأولى للحرب ومرها، متكلمة عن الرفيقة "زينب" التي أنشأ والدها معملًا للخياطة في إحدى غرف منزله، وزوجها الرفيق "مرتضى"، والرفيقة الشيوعية الجبلية "وردة" التي ما كانت تطيق الشياح أصلًا، وزواجها المدني بالرفيق "مراد" الذي استشهد أخوه "أحمد" بسبب نزيف بطيء جراء إصابة "طفيفة" في الفخذ. ربما يكون عنوان الفصل السادس، مع الحزب الشيوعي تحت سقف واحد (1975)، مثيرًا، لكن البزري تبدأ هذا الفصل تعبيريًا بالإيضاح: "قبل اندلاع الجولة الأولى من الحرب، كنّا أكثر فلسطينيةً. كانت المنظمات الفلسطينية المسلحة تؤنسنا، وتدغدغ أحلامنا السياسية. كانت قريبةً إلى قلوبنا، تصنع موقفنا وتؤكّد عقيدتنا، على عكس الحزب الشيوعي اللبناني الذي وافق، خلف الاتحاد السوفياتي، على تأسيس دولة إسرائيل، والذي غمْغم طوال الأعوام الأخيرة: أيدعم الفلسطينيين في كفاحهم المسلح، أو لا يدعمهم؟ وهذه نقطة نؤاخذه بها، ونرددها ببداهة، لا تغيّرها لَحْلحة الحزب عشية الحرب وتشكيله مجموعاته المسلحة، وتلقّي أعضاء منه دورات تدريبيةً عسكريةً في موسكو". أما في السابع، مهمات خارجية خاصة (1975)، تبدو الحياة الحزبية غاية في التشويق بالنسبة إلى البزري. تتكلم على "مهمة جديدة تمامًا بالنسبة إليّ. لكنها من صميم نضالي الحزبي. مطلوب منّي، أنا والرفيقة نجاة، أن نهرِّب سلاحًا وذخيرة إلى بيروت الشرقية، وهذه أغرب المغامرات. الرفاق يحتاجون إلى رفيقات لتهريب السلاح ولا يحتاجون إلى رفاق؛ لأنهنّ ببساطة لا يُثرن الشُبهة على الحواجز المعادية. والرفيقات أيضًا، في هذا المجال، كنزٌ لا يفنى! وليس ذلك بسبب اشتغال الرفاق بالمعارك العسكرية. فمتى ارتدين الثياب المناسبة، واستعددن للنطق بالفرنسية عند أيّ حاجز، مع التكلّم بفرنسية متقنة، تبدّدت الشبهات حولهن".

مهمات وخطف على الطرقات
في الثامن، مهمات فلكلورية خطرة (1975)، تروي قصصًا عن مهمات من نوع آخر، مثل "خطة منظمتنا وحلفائها في الحركة الوطنية، وهي خطّة تقضي منْع احتكار التجار السلع الأساسية. فُقِد الخبز من الأسواق وتعطّلت الأفران، والأهالي يشترون الطحين ويخبزونه في بيوتهم؛ فارتفع سعر الطحين، وصار يُباع في السوق السوداء. وبعد تدارسٍ مع الحلفاء، يكون القرار متمثّلًا في خوض الأمن الشعبي، معركة الكشف عن المحتكرين، وعن مخابئ بضائعهم ومصادرتها لمصلحة الشعب. وفي التاسع، مشاهد من الحياة اليومية في المركز الشيوعي (1975)، تقول البزري: "كان انقطاع الماء أمرًا جديدًا بالنسبة إلينا. كلّ يوم نقول إنّه آخر يوم، وإنّ الأمر لن يدوم طويلًا. نتخيل في سرّنا، ونتمنى، دولةً ما زالت قائمةً. لكن عبثًا". لكن الأكثر إلحاحًا هو الضوء الذي نحتاج إليه الآن أكثر فأكثر؛ بعد أن بدأ يحلّ فصل الشتاء، وصارت الشمس تغيب في الرابعة من بعد الظهر تقريبًا. الشمع هو الوسيلة البديلة من الضوء الكهربائي، لكنه ليس عمليًا؛ إذ كاد يتسبب قبل يومين بحريق كبير، لولا فطنة أحد الرفاق. في العاشر، الرفيق علي يخط...

216 pages, Paperback

Published January 1, 2017

16 people are currently reading
90 people want to read

About the author

دلال البزري

13 books13 followers
أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية - معهد العلوم الاجتماعية و باحثة في علم الاجتماع السياسي و مستشارة في الأسكوا . تحمل شهادة دكتوراة حلقة ثالثة في علم الاجتماع السياسي بعنوان : مدخل إلى دراسة الحركات الإسلامية السنية المعاصرة في لبنان

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
5 (13%)
4 stars
11 (28%)
3 stars
18 (47%)
2 stars
3 (7%)
1 star
1 (2%)
Displaying 1 - 5 of 5 reviews
Profile Image for Falah ALharbi.
15 reviews
January 25, 2023
"وعُدتُ مِنَ المعاركِ لستُ أدري
‏علامَ أضعتُ عمري فـي النِّزالِ!"

Profile Image for Usra.
342 reviews77 followers
September 15, 2023
من خلال ثمانية اسابيع شهدتُ خلالها حرب الخرطوم والمعاناة في كل شئ والشعور بالخوف والقلق في كل ثانية أعلم تماماً ما شعرت به دلال خلال حرب لبنان، وكأنها تحكي عن الحرب التي عشتُ جزءاً منها.
ارسل صديقٌ لي هذا الكتاب قبل عدة أسابيع قبل ان اغادر الخرطوم وكنتُ في حالة نفسية سيئة لا تسمح لي بالإطلاع على معاناة شخص آخر مع الحرب، لكنني وبعد ترك الخرطوم والمكوث في مكانٍ آمن وبعد أن هدأ قلقي وخوفي من أصوات الرصاص والمدافع ومناظر الدخان والحرائق والدبابات جمعتُ قوتي وشجاعتي وقرأتُ كتاب دلال، لا أفهم الكثير من السياسية اللبنانية لكنني فهمتُ الجزء الانساني منها.
Profile Image for Majd.
2 reviews48 followers
June 5, 2018
آلمني وجع الحرب، حتى صار جزءًا من منهج رسالة الماجستير خاصتي، وألهمتني ليكون هناك منهجية للأحياء بعد الحرب.

وسجلت جزءًا منه أيضًا:
https://soundcloud.com/majd-sidawi/o4...
Profile Image for Musaadalhamidi.
1,606 reviews51 followers
June 17, 2023
ستجد دائماً سبباً لل#كتابة عن الحرب. إنها تقرر حيوات الناس. وإذا كانت هذه الحرب أهلية، فهي ترفع من قبضة القدر، توسّعه، تُمعن في ابتداع ألوانه. هكذا تستهلّ دلال البزري مقدّمة كتابها "دفاتر الحرب الأهلية اللبنانية" (1975- 1990) الصادر حديثاً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حيث تسأل الكاتبة بعد اثنين وأربعين عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية (1975) وسبعة وعشرين عاماً على توقفها (1990): ما الذي أوصلها "إلى هنا"؟ وإلى "هذا"؟ ومثلها مثل جميع اللبنانيين، وجميع أبناء الدول العربية التي حصل فيها مثلما حصل في لبنان من قتل وتدمير.

Displaying 1 - 5 of 5 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.