ظهر في فرنسا في أبريل 1897 ميلادية كتاب ألفه موسيو ادمون ديمولان وسماه سر تقدم الانكليز السكسونيين بحث فيه بحثا دقيقا عن أحوال الأمم الفرنساوية وقران بين التربية فيها وفي ألمانيا وبينها في انكلترة واستدل على ضعف أمته بفساد التربية فيها واستشهد على فضل الأمم الانكليزية السكسونية بتربيتهم ونشأتهم وما ألفوه من العدات والأخلاق. وغرضه من بيانه هذا حث الأمة الفرنسوية على العدول عن تقاليدها في التربية والتعليم وادخال الاصلاح في المدراس حتى اؤدي الغرض المقصود منها وهو تخريج رجال قادرين على العمل الصحيح غير معتمدين إلا على أنفسهم ولا يطلبون سعادتهم إلا من كدهم واجتهادهم.
وما أن نشر هذ الكتاب حتى اشتهر وعظم شأنه وتهافت الناس على تلاوته واقبلت الجموع على مطالعته وقامت له قيامة المدرسين واشتغل بالبحث في أبوابه كبراء الكتاب والمدققين وتلفقته الجرائد فشرحته وذيلته وقرظته وانهالت على صاحبه المراسلات تترى من كل ناحية يسأله اصحابها أين المدارس التي يشير إليها والسبيل إلى تربية ابنائهم على غير تربية ابائهم؟. ولم يمض إلا القليل من الأيام حتى ترجم الكتاب إلى لغات عديدة. فقد بحث فيه مؤلفه عن مزاج الأمة الانكليزية وبين أسباب انتشارها العجيب في الدنيا ودل على علة سيادتها بين الأمم، تلك الأمة القوية القادرة التي تلجىء أكبر مبغضيها إلى الاعجاب بها والاعتراف بفضلها.
كتاب رائع جدا نُشر في في فرنسا في عام 1897 م. وكان سبب تأليف الكتاب هو دارسة هذا المؤلف الفرنسي لسبب تفوق الإنجليز السكسونيين (البريطانيين والأمريكيين) في كل المجالات على فرنسا في ذلك الوقت. وكان هدفه هو أن يحدد الخلل في فرنسا وأن يدرس الشخصية والمجتمع الإنجليزي المتفوق.
وخلاصة الأمر هي أن المشكلة في فرنسا هي سوء التربية. فالفرنسي هو شخص اتكالي يعتمد على الحكومة وكل همه هو أن يحصل على وظيفة حكومية تأمن له راتب ليتزوج ويعيش. والفرنسي لا يميل إلى الصنائع الحرة ويتجنبها وجل همه هو أن يحصل على وظيفة حكومية. بينما تجد أن الإنجليزي فردي مستقل لا يعتمد على حكومته في شيء بل يصنع نفسه دون مساعدة أحد وهذا هو أحد أكبر الفروقات التي وجدها المؤلف. واستقلال الفرد الإنجليزي جعله يحب العزلة والاقتصار على القليل مما جعله يعيش في أي مكان في هذه المعمورة وهذا أحد أسباب انتشار الإنجليز في كل مكان.
والمدارس الفرنسية هم طلابها هو اجتياز الامتحانات الصعبة وهي مدارس نظرية قليلة الفائدة. بينما تجد المدارس الإنجليزي تعطي المهن اليدوية والرياضة الجسمانية وأمور الزراعة العملية جزء كبير من وقتها. والمدارس الإنجليزية بالمجمل تدور حول الجمع بين العلم والعمل وتحصيل المعارف النافعة في الحياة العملية. وقد قارن المؤلف أيضا مساكن الفرنسيين والانجليز فوجد بأن الإنجليز يهتمون بنظافة بيوتهم وجماليتها ولا يجعلوها ضخمة إلا نادرا بينما تجد البيوت الفرنسية عكس هذا الأمر وهذا في نظره أحد أسباب تقدم الأنجليز.
والخلاصة أن الانجليز تقدموا على الأمم لأن الإنجليزي يعتمد على نفسه ولا ينتظر المساعدة من أحد. فالأمة الإنجليزية هي أمة صنعت نفسها بينما الأمم الأخرى في الغالب هي اتكالية تعتمد على الغير في حياتها وهذا هو سبب ضعفها. الكتاب رائع وعلى الرغم من قدمه، إلا أن الشارع العربي يمكن أن يستفيد بشدة من دراسة المؤلف للمجتمع الإنجليزي المتفوق في تلك الفترة الزمنية. وجدت استنتاجاته منطقية على الرغم بأنها شديدة اللهجة على النفس لكنها نافعة كثيرا وتؤكد كثير من المفاهيم التي هي في نظري سبب رقي الأمم.
اقتباسات: نقص الثروة في يد كل فرد يؤدي إلى نقصها في يد الأمة
الرجل يملك الأرض والأرض تملكه كما قال (إيمرسون)
السعادة هي حالة ارتياح تقوم بنفس أولئك الذين يتمكنون من التغلب على متاعب الحياة المادية والمعنوية تغلبا حقيقيا
السعادة في الاقلال من الرغبات
المدرسة لا تعلمنا شيئا كبيرا اللهم فيما أظن إلا كيف نسير في الحياة
Kind of relevant in this times of "A Europe of multiple speeds". The author refers to the Germans and the English as Anglo-Saxons. The author considers the French education of his time which is mainly focused on cramming and how to get a safe government job as backward. While the Germans and Englishmen are more focused on life skills and self-reliance. Also he blames the French disdain for manual labor as a retarding practice amd states that in Anglo-Saxon culture there is no disdain for any jobe "except the politician and civil servant because it doesn't pay. That's why most politicians in America are of Irish, German and Italian stock"
كتاب شيقٌ ماتع حقيقٌ بالقراءة، ومبدؤه هو ملاحظة الكاتب الفرنسي "إدمون ديمولان" (مواليد الكاتب ١٨٥٢) تأخر الأمة الفرنسية عن الإنچليز فيبحث في مزايا الأمة الإنچليزية التي فضلت بها سائر الأوروبيين من ألمان وفرنسيين وإسبانيين وغيرهم. فيتطرق أول ما يتطرق إلى التربية والتعليم والفرق بين المدارس الفرنسية والمدارس الإنچليزية، فالمدرسة الانجليزية تعتني بجميع الملكات على صعيد واحد، ولا تجعل تهيئة الطلاب لاجتياز الامتحانات قبلتها وقصدها الذي لا تحيد عنه. ويجعل الفضل كله والسر كله في التربية الاستقلالية لدى الإنجليز التي تربي الأولاد على الاعتماد على النفس في كسب الرزق، والتربية الاتكالية لدى الفرنسيين التي يلزم فيها الأب نفسه بجمع مهور أولاده لحين زواجهم. ثم يتطرق إلى أحوال السياسة والاقتصاد في كلا البلدين، ويرجع تأخر الفرنسيين إلى احتقارهم لأعمال الزراعة والصناعة التي بها قوام الحياة وحبهم للدعة والكسل وإقبالهم على الوظائف الأدبية والأسواق المالية والأعمال الحكومية والمناصب الإدارية التي تغري براتب ثابت ولا تستنهض همة صاحبها لما فوق ذلك.
إن السبب الذي جعل علم الإمبراطورية البريطانية يُرفرفُ في كُل أنحاء العالم ليسَ أبدًا قوتها العسكرية! وسبب تُخاذل الأمة الفرنسية التي تُشبه أُمتنا اليوم واضحٌ وصريح. كلُ الأسباب وُضحَت. كتابات مِنذ قرنينِ مِنَ الزمانِ تصفُ حالنا اليوم. ترجمة مُمتازة مِن أحمد فتحي زغلول باشا.