عندما تقرأ "دروس عاشوراء" بلسان الإمام الخامنئيّ تشعر أنَّك أمام قائد عاش حوادث كربلاء لحظة بلحظة، فكما يشعرك كلامه بالحزن على آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تخال نفسك أيضاً أنّك أمام نبع فوّار من عشق الحسين وآله، وبركان ملتهب من الحماس والثورة على الباطل ورفض الذلّ، تقرأ مجلس عزاء من نوع آخر، مجلس عزاء وثورة، فتتراءى أمامك - عندها - مظاهر الحكمة والبصيرة والاستقامة والشجاعة والفداء والإيثار والثبات على الموقف الحقّ وتحمّل المصائب وقيادة الركب والمعرفة بالله ومناجاته، في جبهة كلّما اقتربت لحظات الفداء من رجالها اشتدّ الوصال وفُتحت أبواب السماء.
الحمد لله على نعمة الحسين وكربلاء, لا يوجد في هذا العالم ولن يوجد غربة ومظلومية تفوق كربلاء.. في كربلاء قدّم الإمام كلّ شيء لله بكامل التسليم فأعطاه الله كل شيء. كتاب يحتوي شرحًا لنهضة الإمام الحسين ولماذا تعتبر عاشوراء ملحمةً خالدة ولماذا لا يوجد أصحاب كأصحاب الحسين ولا أهل بيت كأهل بيته..؟
"لطالما كان شهر المحرم حامل رسالة على امتداد التاريخ الشيعي المضرج بالدماء"
يتناول الكتاب بعض من كلمات السيد القائد التي تدور حول عاشوراء، تم تنظيمها تحت مجموعة من العناوين و الدروس التي تتمحور حول مظاهر الحكمة، البصيرة، الاستقامة، الشجاعة، الفداء والتضحية و أخرى..
جاء في الكتاب شرح لأسباب قيام النهضة الحسينية ومسيرتها ، والصفات التي امتاز بها أنصار الإمام الحسين (ع) وهم الصفوة من بين جميع الشهداء؛ففي قول الإمام (ع)فيهم : "فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيرًا من أصحابي" خير مثال على ذلك. وطرح السيد القائد كذلك سبب أفضلية أصحاب الحسين(ع) حيث كان تكليفهم إتباع إمامهم حتى الشهادة، خلافاً لبعض الأشخاص ممن تخلفوا عن الإمام(ع) و هم على يقين بإمامته.
ختاماً ، لأجل الحق يجب الاستعداد لبذل مهج الأنفس، وهذا هو الدرس الذي أراد الإمام الحسين (ع) إيصاله من هذه المسيرة.
" إن لشهر محرم الحرام أهمية ، مناسبة لبداية العام الهجري، منذ بزوغ شمس الإسلام وحتى اليوم . وقد تضاعفت هذه الأهمية بعد فاجعة عاشوراء .وكلما توغلنا في التاريخ نجد حوادث مختلفة و قضايا متعدده ، قد زادت من أهمية هذا الشهر و ضاعفت منها" " كان محرم و عاشوراء ، في كل مراحل محن التاريخ هما البوابة التي تبعث النور و الصفاء و الحرارة و الأمل في قلوب الشيعة ، و هذا من أعاجيب مذهلنا و شريعتنا "
قرأته إلى حد الصفحة ١٢٣ ثم استمعت صوتيًّا إلى ما تبقى، غني بالعِبر والفوائد ولولا التكرار المبالغ فيه لِمثل الفقرات والدروس والعبارات لمنحته العلامة الكاملة.
كعادة الكتب المبنية على محاضرات السيد الخامنئي، يفتقر الكتاب إلى التسلسل الممنهج للأفكار، إلا أن هذا النقص لا يقلل من شأن الفكر الإسلامي الموجود في هذا الكتاب.
كربلاء كانت ثورة دينية إنسانية سياسية فكرية، واستمرارها عاطفيا لا يعني اقتصارها على هذا الجانب (على أهميته).