What do you think?
Rate this book


255 pages, Paperback
Published April 10, 2010
يا بني .. بلاط الشهداء هي النقطة التي ابتدأ منها هذا السيل كله. نحن نسيناها. و هم لم ينسوها. بقيت في ذاكرتهم. و كانت الإنذار لهم. و لم تكن كذلك لنا .. هذا خطؤنا.و لماذا لا تكون غزوة مؤتة هي النقطة الأولى أو معركة اليرموك أو معركة الدونونية أو معركة وادي لكة أو معركة ملاذ كرد و كلها معارك مع الروم انتصر فيها المسلمون من قبل فلماذا بلاط الشهداء التي انتصرفيها الروم كانت البداية. أعتقد أننا نرى الصورة هنا من زاويتنا فقط و أن الحادث الإرهابي بمسجد النور في نيوزيلاندا الذي راح ضحيته زهاء الخمسين من المصلين المسلمين أظهر لنا أن للصورة جانب أخر و أن زراعة الكراهية يمكن أن تتم في الجهتين و يتساقط الضحايا إلى الأبد من كل فريق.
ثمة خيط وهمي و حقيقي في آن. يجمع هؤلاء الذين جعلوا القراءة طريقة حياة لهم. الذين جعلوها طريقا و وسيلة و غاية و هدفا و أسلوب عيش في نفس الوقت. و رغم أنهم من المفروض أن يكونوا كثيرين جدا بل و أكثر من كثيرين في أمة كانت الكلمة الأولى في كتابها (اقرأ) إلا أنهم كانوا يتناقصون .. يتناقصون بشكل يدعو للقلق.تلك كانت الفقرة الأبرز التي أعجبتني في الرواية لأنها عني أنا القارئ الذي يحاول أن يبقي جذوة القراءة مشتعلة دائما مثلكم أنتم يا أصدقاء الورق.
من أولى وصايا الذي يدعون أنهم ما جاءوا إلا لحماية ضريحه. أن لا يقتل الإنسان أخاه. إلا أنهم يفعلون ذلك على الدوام. و بدأوا بمن يقولون إنهم إخوة لهم في دينهم و معتقداتهم. قبل أن يصلوا إلى ما يعتقدونهم كفرة. إنهم يكذبون و يدلسون و لا يفعلون إلا ما تمليه عليهم شهواتهم. و ما يطلبه منهم غرورهم. إذا كان الغرور هو منبت الشرور كلها فإن الكذب هو وقودها الذي لولاه لما بقى اضطرام نار الشر باقيا على الدوام.هل كانت الحروب الصليبية حروبا دينية. بالطبع لم تكن كذلك. هي في الأصل حرب اقتصادية اجتماعية تم اشعال جذوتها بأحقاد التاريخ و تأجيج نارها بفتنة الدين و العقيدة. و هي حرب مستمرة بين المستفيدين و الحمقى من الفريقين في كل مكان حتى يومنا هذا.
كم من الأرواح البشرية عانت من الشقاء؟ و كم من الأجساد المرهقة قضت و ماتت تحت الرمال و الأحجار كي تنتصب هذه الصروح الشاهقة في السماء؟ هل ثمة من أحصى الأسماء المجهولة التي ماتت بدون اسم و بدون أن تعرف ما حل بتعبها كي يبقى اسم واحد باق هكذا إلى الأن؟محمود الذي ارتحل من غرناطة باحثا عن الحقيقة و لم ندر كيف يبحث عنها و لا لأي شيء وصل فقد جاءت القصة خفيفة جدا لا هي بالتي تحكي قصة محمود و لا بالتي تروى لنا قصة الشرق في تلك الفترة العصيبة و كأنها قد تم اختزالها مرارا لتقليص الحجم و المضمون.
تساؤلاتي تدور و تدور في عقلي و تدوم كالإعصار في روحي منذ وعيت على هذه الدنيا القاسية منذ أكثر من قرن من الزمان. شهدت الكثير و سألت الكثير. و قرأت الكثير و تعلمت الكثير. و ما زالت الإجابات تنفلت مني و تهرب تاركة إياي حائرا و حزينا. هل نحن محكومون بالحيرة؟ .. هل نحن محكومون بالأسئلة؟ أم نحن محكومون بالأمل رغم كل شيء و على الرغم من كل شيء و بعد كل شيء؟
