قالَ الشيخُ بن عربي "كلُّ سفينةٍ لا تجيئُها ريحُها منها فهي فقيرة"، نفخ اللهُ من روحِهِ فيكَ فروحُكَ من ريْحِهِ، أنفخ من روحِكَ في روحِكَ يا عبدُ، قالْ. "خَرْقُ العادةِ إن لم يصبحْ عادةً لا يعوَّلُ عليه"، قالَ، قالَ الشيخُ بن عربي. يا عبد أنت أسيرُ ما اعتدتَ عليه، أخرقْ ! قال، يا عبدُ تتكرّرُ في فمِ الزبدِ البحريِّ كلازمَةِ الأغنيةِ، قالْ، تكرارُك يا عبدُ لزومُ ما لا يلزمُ، غَنِّ، كُنْ عصفوراً من اللؤلؤِ، من يرث الصوتَ لا يحصدْ به عِنَباً ومن يرث الشوكَ لا يغتني يا عبدُ قالْ، إن لم تكن صدىً لا تُكرِّرْ ما قالَهُ غيرُك
ولد الشاعر والمفكر الراحل حسين البرغوثي في قرية كوبر شمال غرب مدينة [[رام الله]]، في الخامس من أيار عام (1954)، وقد أمضى سني طفولته بين مسقط رأسه كوبر حيث أقامت والدته، وبيروت حيث عمل والده. أثر تخرجه من الثانوية العامة التحق ببرنامج العلوم السياسية واقتصاديات الدولة في جامعة بودابست للعلوم الاقتصادية في هنغاريا. وفي العام (1979) مثّل فلسطين في أكاديمية الكتابة الإبداعية في جامعة أيوا (IWP) في الولايات المتحدة الأمريكية. وبعد عودته إلى فلسطيني تخرج من جامعة بيرزيت وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي العام (1983) وقد عمل معيدا لسنة واحدة في جامعة بيرزيت قبل توجهه إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب المقارن بين الأعوام (1985-1992) من جامعة واشنطن في سياتل. عاد إلى فلسطين ليعمل أستاذا للفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت حتى العام (1997) وأستاذا للنقد الأدبي والمسرح في جامعة القدس حتى العام (2000). وأثناء هذه الفترة كان عضوا مؤسسا لبيت العشر الفلسطيني وعضوا للهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب الفلسطينيين ورئيسا لتحرير مجلة اوغاريت ومديرا لتحرير مجلة الشعراء حتى رحيله في الأول من أيار (2002) حيث توفي في مسقط رأسه كوبر اثر مرض بالسرطان استمر عدة سنوات . وقد صدر للبرغوثي ما يزيد عن ستة عشر إصداراً توزعت بين الشعر والرواية والسيرة والنقد والكتابة الفلكلورية إضافة إلى العشرات من الأبحاث والدراسات الفكرية والنقدية والنقدية بعدة لغات وفي العديد من الكتب والمجلات والصحف. وفي سياق آخر فقد وضع البرغوثي سيناريوهات لأربعة أفلام سينمائية وكتب نحو سبعة مسرحيات لفرق محلية وعالمية إضافة إلى كتابة العديد من الأغاني لفرق موسيقية مختلفة نحو صابرين والرحالة وسنابل وفرقة إحياء بلدنا.
القراءة لأعمال حسين البرغوثي ساحرة. لا تستطيع ترك الكتاب من أول كلمة فيه لمنتهاه.. يسحرني هذا الكاتب؛ تسحرني لغته، عمقه، والجمال الذي يكتب به. إن أردت أن تسمع نبض قلبك شغفًا وبهجة، فاقرأ لحسين البرغوثي!
كتاب أم سحر حسين البرغوثي؟ قد يبدو إعجابي بما يقوله حسين مبالغاً فيه، لكن في كل مرة تسحرني كلماته ولا يسعني سوى التأمل والانبهار بما يقول! كتاب رائع ، ساحر ومبهر ، قد يبو غامضاً ومبهماً للبعض لكنه وبلا شك يستحق القراءة.
هذا النص المُلغز، الرهيب، الشاعريّ، البديع، الغامض، المُلتَف، المُنغلق على نفسه، المتفجّر، المُسبب للصداع هو من أصعب النصوص التي كتبها حسين، في رأيي، وأبعدها عن إدارك كنهها أو الدخول فيها كما ينبغي. فهذا النص أشبه بمتحف قابل فقط بالمشاهدة، ولكنه غير قابل أبدًا بالتجربة؛ لأنّه، حرفيًا، يخص حسينًا، فقط. هذا النص هو نصٌ حسينيّ كامل، وهو نص تعمّد حسين فيه أنه يكون نصًا ذاتيًا بشكل ليس له مثال في كل ما كتبه حسين ونشره. لذلك فهو نص، لا يسعني إلا أن أقف أمامه مُتفرجًا، غير قادر على فهم كنهه، ولا أن أدخل فيه كما كان حسين داخلاً فيه. أو بعبارة أخرى قتلتْ قلبي وجمعتْ هذه الأشياء فيها جميعًا قائلةً لي فافع: "هناك شيء آخر عليك أن تفهمه، ذقتُ نخّسملا شخصيًا هنا ايكرتب، مجرد ةلكأ، ممكن لذيذة، ممكن توائم، ممكن لا، تفاصيل حياتية هاي، لكن نخّسملا بالنسبة لحسين شيء حامل دلالات، وهو شيء لن تكتسبه أنتَ بطريقته، ولن أكتسبه أنا، وحتى الفلسطيني الأردني لن يكتسبه أيضًا، هي تجربة داخلية بحتة إلخ إلخ إلخ." نعم، فافع! إنه الخارجي المتشابه، لكنه فاعل في الداخل بلا أي تشابه إطلاقًا. يا ربي! هذا قد حفزني على البكاء بعد إدراكه!!!
***
::تيريسياس المتنبي الأعمى::
تقول الأسطورة الإغريقية القديمة، أنه كان هناك رجلاً اسمه تيريسياس، بينما كان يتجول وجد ثعبانـًا ذكرًا يسفد بحيّة أنثى، فلما تأملهما لفترة، وكادا أن يتواطآ، تدخل وقتل الحية الأنثى، فغضبت هيرا لفعل تيريسياس وقالت سأجعلك امرأةً لكي تشعر بشعور المرأة، فتحول إلى امرأة لسبع سنوات، أحس فيهم بطبيعة شعور المرأة، فبينما هي مارة وجدت ثعبانـًا ذكرًا يسفد بحية أنثى فلما تأملتْها لفترة، وكادا أن يتواطآ، تدخلت وقتلت الثعبان الذكر! فغضبت هيرا لفعلها، وجعلته رجلاً مرة أخرى.. وهكذا لما سأله زيوس بما أنه صار عليمًا بالجنسين، من أكثر شعورًا وإثارة وإحساسًا من الجنسين؟ فأجاب تيرسياس أن المرأة أكثر من الرجل في ذلك بتسع أضعاف! فغضبت هيرا لذلك وحكمت عليه بالعمى، وأحسن له زيوس ووهبه ملكة التنبؤ والحكمة وكشف الطالع، فصار حكيما في أهل طيبة. هذه الأسطورة العجيبة والغريبة، تطرح تساؤلات كثيرة، خصوصًا قتل الثعبان الذكر مرة والحية الأنثى مرة أخرى، في حين اختلاف جنس تيريساس في كل مرة، فماذا يعني؟ هل يعني أن الرجل لا يفهم المرأة والمرأة لا تفهم الرجل؟ ولكن هذا في منطق الثعابين وليس في منطق الإنسان العاقل المتفاهم، هل كان يجب أن يفقد بصره لكي يصبح متنبئـًا حكيمـًا شاعرًا مثل هوميروس؟! هل الإنسان الكامل ذكر وأنثى في الوقت نفسه؟ العديد من الأسئلة تطرحها الأسطورة.
***
::أبوكاليبس::
رؤية حسين في هذا النص هي رؤية أبوكاليبتية بدرجة فظيعة. فـ"الأطفال يولدون بدون أدمغة، وأنا الجيل الأخير في الضاحية، كنتُ على وشك الانقراض." إنها رؤية متشائمة للنبوة في الأرض، والنبوة عند حسين تعني الحدس الصوفي أي التجاوز والرؤية. والطفل النبي هو أقصى درجات النقاوة الإنسانية والرؤية المتنورة الصافية عند حسين: "في حياتي الحاضرة أحيا لأعرف، وفي حياتي المستقبلية سوف أمشي على الأرض طفلاً نبيًا."
وهذا النبي هو نبي منبوذ، كعادة الأنبياء في عصر وزمان: "لم يك ضحية، أو مبتذلاً، أو انتحاريًا، ولكن فعلنا كل شيء كي يكون كذلك، لا لشيء إلا لأننا نحب المرايا في هذا البلد القديم.."
***
::روزيتا ستون::
حجر الورد هو حجر الجرانودايوريت مع مرسوم صدر في ممفيس، مصر، في 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك بطليموس الخامس. يظهر المرسوم في ثلاثة نصوص: النص العلوي هو اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية المصرية، والجزء الأوسط نص الهيراطيقية، والجزء الأدنى اليونانية القديمة. لأنه يقدم أساسًا نفس النص في جميع النصوص الثلاثة (مع بعض الاختلافات الطفيفة بينهم)، الحجر يعطى مفتاح الفهم الحديث للهيروغليفية المصرية. من هنا يتبلور لنا فهم حسين لحجر الورد، فهو حجر مجاوز للزمان، وجامع للغات، وترجمان للنفس: "وعندها أتى، يتسكّع على الشاطئ، ويدخّن غليونه التركيّ، يسراه في جيبه وينظر للبحر، فنزلتُ إليه، خطوة خطوة، بحذر، وسألته بسخرية: منا وُلدت التراجيديا، وإليكَ يتجه الرقص، ماذا تقرأ؟ قال: كتابي نفسي. فعثرتُ على حجر الورد." فما هو حجر الورد الذي عثر عليه حسين؟
***
::الأبطال::
-الراوي أو مستر كرتز أو تاجر في بخارى أو (مغامرة بتفسير: إنّه حسين نفسه!) -النبي أو مولانا أو صوفي من جبال زاغروس أو متسكع أو (مغامرة بتفسير: إنه برّي نفسه!) -سكارلت أو زوجة الراوي أو (مغامرة بتفسير: إنها الفتاة الأمريكية نفسها المريضة بالشيزوفرينا!) التغزل بنهديها الصلبين: "صلابة نهديها للريح" وانتهاء سكارلت في نهاية النص: "سكارلت الأولى انتهت، وتلك بداية الإلهام يا عبد." -أهل المدن والضواحي والقرى والمناطق التي تجول فيها الراوي مع زوجته بصحبة الصوفي.
***
::النبي الزرادشتي::
"جاء إلينا منحدرًا من الكهف." كما هبط زرادشت من الجبل إلى الناس بعدما تم الثلاثين، لكنه انحدر من كهفه "بعد أن نام سبعة قرون وكلبه باسط ذراعيه بالوصيد." محاكاة زرادشتية لنبي مطرود في بلد يرفضه أهله ويظنونه غريبًا عن جلدتهم وطبيعتهم وتاريخهم فهو "كان غريب الزي واللغة." وكذلك "لم يك عاهرًا، ولا قديسًا، بل أشبه بناي تصفر الريح فيه. أغانيه ليست منه." وهذه إحالات صوفية بأن الولي يستمد نوره من النور، والحكمة من الحكيم. "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة، قال النفري، ورأيته يدخل الصحراء غريبًا كوحش الله في الجبل، بين عروة بن الورد يحسو قراح الماس، والماء بارد، وبين وقفات النفري." فيكون النبي حجة علينا لا لنا، فلقد "احتجناه لكي نعرف من نحن." هكذا يشكل الجانب الآخر للاستثناء، فبه يتحدد العادي ويكون عاديًا. مغامرة بتفسير: "كان يحب التفاف النساء عليه." أي الأفكار والمغامرات ولعب الألعاب التي لا يعرف قواعدها.
***
::الفرح الزائف::
"كان يهزأ بالارتياح، ويفضل المغامرة على السعادة." من كان السفر هو ديدنه، والارتحال هو سمته، فـ"الاعتدال وبال ولا يكون مع الاعتدال إلا دوام الحال." فالبقاء على الحال وبال. فالكون متحرك ودائري. وكل شيء ما إن انتهى حتى منه ابتدأ. "لم لا تفرح؟ قلنا. ليست هذه نشوة، قال: فخطوتنا لا تذوّب الثلج في زرقة السماء، ولا الظل في الضوء، ولا الروح فيها، وكان حزينًا لأن نشوته أعمق من فرحنا، ربما لم تك آلهة، بل تجارًا نسهر بين الجواري اللاتي يعزفن العود، ووجوههن محمّرة كالشفق عند البوابة الشرقية."
***
::التعدد المكانيّ (تعدد الحيوات السابقة واللاحقة، فـ"القارات بيته" و "الأزمنة متجاورة وليست ممتابعة" ولهذا يقول الصوفي "لستُ منفيًا لأحنّ، ولا مهاجرًا لأتكيّف" فقد كان فنانًا في التجنّب::
ذكر حسين في هذا النص عددًا كبيرًا من الأماكن بشكل مفزع ومُدهش في آن. وهذا يدل على الاتساع الزماني الذي يتحدث عنه حسين في نصه ما بعد الحداثي، فقد ذكر: الماخورات في الدار البيضاء، معبد صيني، وادي عبقر، سوق تدمر القديمة، بخارى، البوابة الشرقية، طنجة، أصفهان، أستراليا، النمر البنغالي، قبيلة التوريغ، مصر، بحر إيجة، أتيكا، بناء الهكسوس للخليل، غابات الأرز في لبنان، البحر الأحمر، جبال زاغروس، نهر الفرات، احتلال بغداد، جزر التروبريياندرز، الأمازون، مدار السرطان، رأس من فينيقيا، حبال من صيدا، عبدة النار في فراس، نساء سامريات، مدينة سينسناتي، صحاري البحر الميت، جزيرة ليسبوس أو كريت، خيول ليبية، ساحل غزة، هونغ كونغ، كيب تاون، أوغندة، بحار صعيدي، بنت جبيل، سمرقند، طيبة مصر، أثينا، الكرنك، عرافات دلفى أو أوروك، السجاد الإيراني، رأس الرجاء الصالح، البحر الأبيض، غليونه التركيّ.
***
::توجيهات برّي::
"تقنع وصر خارجك، تجاوز!"
"لا تحسدن الشاطئ اليابس المقيد بالرمل فإنه يعجز عن المشي."
"يا عبد، ميّز بين الموج والطمي."
"الحكمة والمأساة في وطنك توأمان."
"لكي نرى يجب أن نكف عن الرؤيا."
"اسمك خطر على جسمك، غيّره، يا عبد."
"يا عبد لا تغرقنّ في الحياة بحثًا عن أنثى، واغرق في الأنثى بحثًا عن حياة. وكل روح ذكر وأنثى، فلا تنكر الأنثى التي فيك أو الذكر الذي فيك."
"الأنوثة والرجولة ضفتان لنهر واحد وهو اختفاء النهر عند لقاء الضفتين."
يبدو في لحظات كتلك بلا حلم مثلنا كلنا... كنا نحن ايضا متعبين.... في هذه الصحراء الحمراء و لم يك ماء و لا امل.... قال بان ابداعه جف وواد عبقر خال... بكى مختلفا عنا...
محيطات اخرى فيه ظلت خارج العباره.... انه هو الذي لا مناص منه... سافر نرجسه في مرايا ظلامنا... احتجناه لنعرف من نحن....
خرج من الصفحه و الهامش الى شيء ابيض وعي ابيض ربما و سمعنا بانه غادر.... صار صامتا.....نعزف الناي و يبقى صامتا ... و يهز راسه كقط... كان حزينا ....
و كانه لم يكن يعي حدوده كنهر يفيض.... قال انه سمع ابعد مما يجب و بان الصوت سوط.... و الكلمات كتل جليد او حجر....
كان هو ليس حل وسطا لا ذاك و لا هذا ... و كان يبدو بلا حل ابدا ... و كان يهزأ بالارتياح و يفضل المغامره على السعاده.... حاولت افلقه كحبه جوز كي افضح داخله ... لا داخل فيه او هكذا شعرت...
كان واضحا ووضوحه يخيفنا ... فنلتف بعباءه السر و ننفضح نحن... و كنا نحب الغموض و كان واضحا.... و هذا ما كان غامضا فيه...
فقدنا الكثير حين فضل الصمت و العزله .... في بيت تخفق الريح فيه ...
الوجع الذي لا بحر له و لا ايقاع له.... الحزن الذي في الروح يسري كافعى الماء...
في وطن المجاعه و الفراغ.... اراني كهفا فارغا مقمرا في اعلى جبل الروح... و قال هنا اتعبد... و الصمت كلامي فانظر فيه....
في النهايه كل شيء باطل.... احيانا نعمى حين نرى....
ضحك بعد عزله كهذه طقوسه مختلفه ... يختفي عندما يتضح... و يصمت عندما يلفظ....
بالرغم من انه نص صغير 70 ورقة فقط الا انه عميق قريب لفلسفة دينية صوفية فهو بدأ نقوشه بقوله " أتى كنبي ومضى كنبي من عالم آخر ومن حلم مختلف علامة بعثت من قوى اعلى حتى هو لم يكن واعياً بيننا مر بعيد بعيداً جداً كنجم حزين ولمح : كنا نفعيين وما كان قديساً ولكنه كان يرمي وجهه في يديه كبرتقالة في الثلوج ويبدو في لحظات كتلك بلا حلم مثلنا كلنا". وختمه بأن قال "كتابي نفسي" فهو رؤية الكاتب لنفسه وللعالم من حوله
النص على امتداد سرده بقي ﻣﺗداﺧل ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن ﻓﯾﮫ ﻋﺑق اﻟﻣﺎﺿﻲ وﺻورة اﻟﺣﺎﺿر يتبع " سألناه عن الزمن في وطنه قال بان الروزنامة القمرية تتبع حركات القمر والتقويم الشمسي يتبع حركات الشمس والتاريخ الميلادي يتبع حركات السيد المسيح عليه السلام والهجري تبع حركات سدنا محمد عليه الصلاة والسلام واما ساعة الظل والرمل فتتبع حركة الرمل والظل على الرمل وشمس الصحراء فكل زماناً يتبع مكاناً وانتم في زمن التجارة ﻓﯾﮫ ﺣدﯾث ﻋن اﻟﺣﻠم واﻟﯾﻘظﺔ ، ﻋن اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺟﮭل،" ﻗﺎل ﻷﻣﮫ :"ﻋﻠﻣﯾﻧﻲ اﻟﺳﻔر ﺑﯾن اﻟﺣﻠم واﻟﯾﻘظﺔ ،ﺑﯾن اﻟﻘﻠب واﻟﻔﻛرة ،ﺑﯾن اﻟداﺧل واﻟﺧﺎرج،ﯾﺎ ﻣرﺑﯾﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻠﺳﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﺑﺎﺑﯾك ! (...) ھﻧﺎك ﻓرق ﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾن ﻣﺎ أﻋرﻓﮫ ،ﺑﯾن ﻣﺎ أﻋرﻓﮫ وﻣﺎ أﻓﮭﻣﮫ،وﺑﯾن ﻣﺎ أﻓﮭﻣﮫ وﻣﺎ أﺷﻌر ﺑﮫ،واﻟﻌﺎﻟم ﻟوﺣﺔ ﺑﺎھﺗﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺟدران اﻟوﻋﻲ،ارﻓﻌﯾﻧﻲ ﻧﺣو أﻣوﻣﺔ أﺧرى !
يا عبد لا تغرقن في الحياة بحثاً عن انثى واغرق في الانثى بحثاً عن الحياة وكل روح ذكر وانثى فلا تنكر الانثى التي فيك او الذكر الذي فيك وكل حبيب اشارة لسواه, نظرياتك يا عبد سحر اسود واراؤك حجارة شطرنج افتح الله ككتاب من المرايا وانظر نفسك كما تتجلى فيك"
يؤلمنا ان الخطى تنفصل كانهار الخرائط, يا سيد وجدنا الحياة فعشناها ومن كتب عليه خطى مشاها, نحن هذا الغروب الاناء وكل اناء بالذي فيه ينضح يا سيد ولا يكلف الله نفساً الا وسعها , قال " كل مدينة مركبة من مدن عدة وكل لوحة بالوان عدة هل تصر على العيش في بغداد واحدة, قلت نعم قال هذا سبب غربتك عن سكارلت انها تحيا في بغداد اخرى
الحكمة والمأساة في وطنك تؤمان
كل ما يستحق الحياة يستحق المعرفة
النية سكة القلب والفعل سكة اخرى
خطواتي جذوري
من ليس جديراً بالسر وافه بالتفسير, قال من انت؟ كلنا غرباء في ارض غريبة تدعى الحياة
من اين جئت؟ من وطني واين هو ؟ لن تعرفيه الا اذا غادرت وطنك
توحد عندما تفكك الاشياء يا عبد. قال فضحك... لا يوجد عمق فيك ولا فيها الانسان كتلة
تنساب الفلسفه من بين حروفه كانسياب الماء فى الجداول ..وبعد نشوه ماخوذا بها" تغيبك عن الواقع لبرهه ستجد انك امام متجول فى ضواحى الجنون ومتسكع بين ازقه الزمن أتى كنبيٍّ ومضى كنبيٍّ من عالمٍ آخر ومن حُلُمٍ مختلفٍ
حجر الورد تجربه اخرى ستلقى بك الى شواطىء الحيره وربما ستشعلك ببعض التساؤلات لكنها ستحمل الكثير من العلم المغلف بالمتعه والنشوه
"كلَّما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة." هكذا يقول النفريّ، وهكذا انتهج حسين في كتابه "حجر الورد".
إن حسين البرغوثي هو الكاتب العربي الأقرب لقلبي، ولا ينافسه في المكانة إلا الكاتب النرويجي كنوت هامسون، وذلك لأصالة اللغة وجلال المعاني لدى حسين، ذلك الكاتب الذي يحفر في بطن الكلمة حتى يصل لأعمق معنى تستطيع صوغه، لم أقرأ أي عمل لحسين إلا وسرقني الذهول من بهاء تعبيراته، ولعل هذا أكثر ما أقدّسه في أدبه، سعيه الدءوب للخروج عن المألوف اللغوي والسياقات المستهلكة، لطالما كانت لديه قدرة سحرية على التشبيه، قدرة كافية لجعلي أشعر أنني في عالم بعيد وخلَّاب، لا يحدُّه إلا الخيال.. .
لقد قرأت سيرته في أولى معرفتي به، "الضوء الأزرق" و "سأكون بين اللوز"، وكعادتي مع الأعمال التي تأسرني لا أستطع أن أضع لمراجعتها كلمة، وأتمنى لو تفسح لي الحياة عن برهة من الزمن لأعود إليهما وأكتب الكثير والكثير.. .
بيد أن هذا العمل شطح فيه حسين كثيرًا، أنا متأكدة أن لديه ما يقوله، لكنه عجز كثيرًا عن إيصاله، وللأسف هذه هي أسوأ مخاوف حسين، أن ينجرف وراء جنونه اللغوي بحيث يستعصى على الأذهان، ولكنه -وبكل استياء- وقع في شباك مخاوفه في كتابه هذا.. . حيث أنني لم ألتقط ما الفكرة، ولا المحور الذي يتحدث حوله، حتى أنني لم أعرف كيف أصنّفه، إنه مفكك للغاية، ويبدو أن حسين كان يمر بمرحلة تيه وشتات داخلي حينما انكبّ على كتابته، لقد شعرت بالخواء، وكانت اللغة أجمل مما يجب، ولكن دون جدوى..، أنا حزينة لاضطراري لقول ذلك في مراجعة عمل لحسين، ولكني أضع الموضوعية -أغلب الوقت- رقم واحد في الأولوية.
ومع هذا لم يخلُ العمل من بعض الشذرات الباهرة، والتجديد اللغوي -المعتاد- الذي يأسرني عند حسين، من الاقتباسات:
"احيانا نعمى حين نرى " ولست اجزم اني فهمتك لكنني احسستك وهذا الاهم ، يكتب حسين ويقرا الجميع ولا يتفق على فكرة عنه أحد ، ومع هذا لا تفكر لحظة أن تقلع عن القراءة له ، حتى إن كان الصمت يحمل كل الكلام
حجر الورد كتاب ما،أشبه بالسحر أصعب من أي وصف ، يستحق أكثر من قراءة
ولا نهاية لك:هذا هو سر عظمتك لا بداية لك:هذا هو تميزك أغنيتك دوارة كقبة السماء ، ونهايتك وبدايتك متشابهتان وسطك يقودك إلى نهايتك،ونهايتك هي نفسخها بدايتك أنت متكامل .. مجمل القول أن ثلاثة أشكال على الأقل كانت مقدسة عند العرب في ذلك الزمن الوثني..دائرة،في جوف الددائرة مربع،في جوف المربع مثلث،وهندسة المقدس هذه (نواة) الشعر العربي ـــــــــــــــــ
قصر الخورنق نعم نعم ..أحد أربعة قصور شهيرة عند العرب تحفه غنية ..أجمل حتى من قصر السدير ،قيل إن الملك النعمان ابن ماء السماء دعى مهندسا روميا يدعى (سنمّار)ليبني له معجزه ،فبنى سنمار الخورنق :قصرا مربعا كل توازنه يعتمد على "آجره"واحده _قطعة من الطين المشوي_إن أزحتها من مكانها إنهار القصر كله ..ولما بلغ الملك أمر هذا الحجر السري ..سأل سنمار أيعرف سر هذا الحجر أحدا سواك ؟ قال: لا فقتله الملك كيلا يعرف أحد سر الآجره
_**شعر العرب قصر خورنق آخر :دوائر ومربعات ومثلثات ،ربما، ولكن كل توازنه يعتمد على حجر واحدكحجر سنمار هذا الحجر هو الذي يجب أن تبحث عنه ، أما المربع فسهل ،خذ الأهرامات ، قاعدة الهرم مربعة وعندما توصل قطريها ينقسم المربع إلى اربعة مثلثات..هكذا جاء المثلث من المربع جدران الهرم في هذه المثلثات ، وقمة الهرم إن نظر إليها نسر من عل ،تقع فوق مركز المربع تماما ، أترى ؟ يبدأ الفراعنه بمربع و يشتقون منه مثلثا كما في طقوس حجر الدوار عندنا ..الحجر الذي يذكره امروء القيس في معلقته ..هل سمعت به ؟! ــــــــــــــــــــ هل سمعت بقبيلة عك ؟ لا ..هل هناك قبيلة ب اسم كهذا نعم نعم في موسم الحج تسوق هذه القبيلة أمامها غلامين أسودين ينشدان ترنيمة دينية مطلعها (نحن غرابا عك عك)أي ..غرابان لقبيلة عك وتردد كل القبيلة نشيدها،هذان الغلامان توأمان ،هكذا أظن ..وهما غرابا لهما قدسية وإلا لما كانا يسيران أمام عك في طقوس الحج ..قدسية السواد ورهبته منتشران في روح العرب ..
لا أعلم باي لغة يكتب بها حسين البرغوثي فلا يوجد أحد يستطيع ان يتلاعب باللغة مثله. يلتقط البرغوثي ملامح الحياة و يدمجها ضمن بنيان لغوي شاعرى يركز علي نزعة تشكيلية تنتزع من التاريخ أحداثه معيدا تراكيبه حتي نصبح امام قراءة مغايرة تعيد للانسانية روحها. يصبح التاريخ في نص (حجر الورد) تساؤلا بحاجة الى رحالة يجوب الاراضي بحثا عن إجابات للهوية التي يبحث عنها حسين. يعبر حسين عن روح الفلسطيني الباحث عن هوية، ولا يكتفى بهذا البحث وانما نجوب معه عبر التساؤلات التي يتركها فينا. ان الترحال مرتبط بالنزعة الانسانية الباحثة عن جمالية خاصة حيث تنفتح الطبيعة والزمن امام الذاكرة البشرية التى تعمل علي قراءة الواقع من خلال مفاهيم الارتحال، و البحث عن هويتها في مختلف الازمنة.
ما هذا الإنسان!! كيف خلقه الله وكيف يَخلق الجنون والصراخ والإنفجارات الرمزية الكبيرة..ماذا أقول لك يا حسينيوس ؟تقتلني كُلّ ضوءٍ وكُلّ لوزٍ وكُلِّ جدارٍ وكُلّ وردةٍ حجرية.
من لم يقرأ ما سبق لحسين البرغوثي "الضوء الأزرق" و"الفراغ الذي رأى التفاصيل" لن يستطيع فهم الفلسفة المتوحدة للبرغوثي. من لم يتعرف على الصوفي "بري" لن يفهم ما كتبه حسين. مجنون!
كتابة مقرفة جدا، لغة مراهقة منسوخة وباهته. تحس انك بتقري نص لمراهق عمال بيحزق ويفرقع الحبوب اللى في وشه بعد ما قرا نصين لابن عربي والنفري. أنا فعلا بقرف من الكتابة ومش بقدر اتصالح معاه. يعنى ممكن افهم ان الكاتب يضعف قصاد اغراء المجازات، تستحلب الكناية من الاستعارة، والاستعارة من الشتبيه وتنجر لاغواء البلاغة المجوفة، وفيه قراء بيحبوا الطبل الصفيح لان صوته عالى لكن نصوص البرغوثي لم تصل حتى ان تكون طبل صفيح، مفيش جملة واحدة أصلية او تحس انها بتعبر عن كاتبها، بل اعادة تدوير لجمل ونصوص الاخيرين وليست المشكلة في التدوير بل الازمة انه تدوير سيء وقبيح جدا الاوسخ هو الهراء المصبوب في هئية معانى، نص جبان جدا خالى من الافكار اللهم إلا إعادة انتاج البروبجندا المعتادة عن الوطن، والوحدة والحلم.. وايه يا طيزى
هيروغلوفيا الذات الإنسانية هذا ماكان يقصده حسين البرغوثي في هذا النص ؛ يتمحور النص حول حجر الورد الذي تم اكتشافه في مصر عام ١٧٩٩ ، و بسبب حلّ شفرات النقوش التي عليه تم اكتشاف الهيروغليفية. .من أصعب النصوص التي قرأتها لأن تفكيك رمزيتها يحتاج لقراءة ثانية و ثالثة . لكن بلاشك حسين البرغوثي رائع ، مُبهر
كل ما ظننت أنني عرفت حسين جميل البرغوثي أقرأ عملاً جديداً له وأتفاجأ بكتاب آخر أكثر عبقرية ورسوخاً من الذي سبقه.. وفي كل مرة أحزن على حجم خسارتنا في رحيله المبكر، ألف رحمة ونور.
"قلب كلماتي تدرك أين تقيم الافعى" "أوديب رأى عندما فقأ عينيه" هكذا فقأ المعلم اعيننا جميعا لنرى الوجه الاخر لكل شيء اوركسترا من الهذيان والجنون ، انه المعلم مرة اخرى نص يصل بك الى اخر حدود الثمالة (ملاحظة:(كان المعلم رؤوفا بنا ولم يطل النص اكثر
لم يقرأ البرغوثي من لم يقرأ حجر الورد، فالذين قالوا أن الضوء الأزرق هو أفضل ما كتب أقلوا جدا من قدر هذه القطعة التي تبز نبي جبران سلاسة وأهمية. اقتباسات: "كلمات متلبسة يشعر بها كتشابيه نحاس في ذاكرة دمية من الخشب" "كان المسافة بين الوردة والفيضان، بين الفوضى والتحنيط، حوارَ الهندسة مع الماء" "كنا نلتف عليه كزنزانة، فينبسط كبحر وينسرحُ" "لا يبكي عاديٌّ على استثناء" "اللذة تحت الممنوع كالماء تحت العشب" "الرؤيا لا تجدي في وطن فيه الجريمة أفضلُ الخيارات، وأفضلُ الخيارات جريمة" "فأثار غبار المخطوطات علي وحولي، وبكيت، فقال: يا عبدُ، جُز هذه المنطقة، أحيانًا نعمى حين نرى" "من ليس جديرًا بالسر وافه بالتفسير" "قال: لستُ منفيا لأحن، ولا مهاجرًا لأتكيف" "نزلوا يتنادون كامبراطورية واسعة الأرجاء تخفي مطامعها بحب الاستطلاع" "أمهات مغلفات كقناني العطور بأحلام منكرة ومكتومة، يتضرعن لله بقبضاتٍ منكسرة كبرعم الورد"
القراءة لحسين البرغوثي هي تجربة شعورية، بتلقط حالك خلالها بتتنهّد فجأة، أو مبتسم أو ع طرف البكاء أو وسطه أو آخره -لسبب إنت مش عارفه وغير منطقي- خاصة إنك بتقرأ كلام بالمعظم مش فاهمه بس حاسس فيه جداً كإنه عم بيعرفك ع مساحة ما كنت عارف إنها موجودة بروحك، كإنها "محيطات أخرى -منسية فيك- ظلت خارج العبارة" لحد ما حكاها ��و لمّح إلها البرغوثي
من النّص: "إن الشّعر منضبط، والروح تشطح، والقلب والقالب مفصولان بحرف الألف الذي يرعى العشف كالثيران، ويشرب الماء من بحيرة منعزلة خلف غابات مقمرة الاتّساع"
"لا يبكي عادي على استثناء. أخرجناه إلى الهامش، كان "التطرف" كنا لسنا "التطرف"، أعني احتجناه لمي نُعرّف من نحن، وسئم، خرج من الصفحة والهامش إلى شيء أبيض، وعي أبيض، وسمعنا بأنه غادر"
"كان غريباً وضرورياً لنا كلنا، كالدموع والكتب المقدّسة"
"خطواتي جذوري، قال مهيار الدمشقي، "لست منفياً لأحنّ، ولا مهاجراً لأتكيّف""
"قبل أن تصير سوراً، أي فصلاً حجرياً بين الداخل والخارج، بين المنغلق على ذاته والمنفتح على سواه، والقطة خارج السور. تقنّع وصر خارجكّ تجاوز"
"خرق العادة إن لم يصبح عادة لا يُعوّل عليه"
"من يُحَب ويُحِب ينجو من الغرق"
"ومرة تبعني الحصان الأصفر بعصبة حمراء مربوطة حول جبينه كحرز. يلوّح بسكينة فضة طويلة ورثها عن جده الهندي الأحمر لكي يستخدمها في رسم دائرة من الطباشير يجلس في مركزها، كي تحرسه، وفي استخضار أرواح محاربي القبائل القدماء. "هذه السكينة هي كل ما تحتاجه في الغابة" قال: "قال جدي وقال بها أستطيع بناء كوخ من فروع الشجر وقصب العزلة، وبحدّها أستطيع أن أرسم دائرة من طباشير سحرية تحرس من يجلس في داخلها، وبها أقدر أن أقتل، أيضاً، وأما حضارة الرجل الأبيض فزائدة عن الحاجة"
"الرمل كون"
"لا تغرقنّ في الحياة بحثاً عن أنثى، واغرق في الأنثى بحثاً عن الحياة"
"علّميني السفر بين الحلم واليقظة، بين القلب والذاكرة، بين الداخل والخارج"
"هناك فرق بيني وبين ما أعرفه، بين ما أعرفه وما أفهمه، وبين ما أفهمه وما أشعر به، والعالم لوحة باهتة معلّقة على جدران الوعي، ارفعيني نحو أمومة أخرى"
النص عبارة عن صندوق من الرموز ذات الشحنة القوية متصلة بمواضع شائكة كالأنا والهوية والأخر ،الذكر والانثى والفرد من وسط الجموع. الكلمات كأنها شهب نارية في سماء قلبي وعقلي جعلتني اعيد القراءة مرارا حتى أصل لكل مخفي فيها. يا برغوثا حسيني الجمال...ما أعجبك في قاموسي.