What do you think?
Rate this book


325 pages, Paperback
First published January 1, 2017
لا أعرف من كانت الغريقة بيننا و المحتاجة لطوق نجاة. لا أحد يدري في أي منعطف ينتظره القدر. قطعت سنوات عجافا في أرض التيه فلم يلح لي وجه أليف و لا حتى سراب. كانت هوايتي أن أحفظ الماضي و أهرب منه. مفتاح أقرر إخفاؤه في درج ما و أنا أعرف أنني سأنسى أين دسسته. أدور و أبحث بدون جدوى. سعيدة بضياعه.يقول التعريف بالرواية أنها لامرأتان و رجل. عفوا أنا لم أرى أي رجل. فقط امرأتان. احداهما تأتي من بعيد جدا. من أعماق الماضي السحيق. تمشي الهوين بخطى ثابتة واثقة و دائما للأمام لا تعبأ بالجثث المتساقطة حولها بفعل سحرها و غموضها و تألقها. و أما الأخرى فجثة هامدة ذهبت روحها منذ مدة طويلة تاركة جسدا لم يستسلم للموت و لم يعد يعرف طعم الحياة. جسدا يتقهقر إلى الخلف و يهوي من علٍ لا يمنعه من السقوط التام إلا المرأة الأخرى التي تتمسك بأهداب الحياة و تأبى أن تفارق أعتابها بغير انجازٍ ما.
أعدت ملف رسائلها إلى الصندوق. دفعته بقدمي إلى مخبأه. مصيدة لم أكن مستعدة لها. لكنني. مثل تينة ناضجة متشققة. سقطت وحدي في شراك الحكاية. لم أعد أملك نفسي إزاء تاج الملوك.الجميل في الرواية أننا نركب آلة الزمن مع انعام الكجه جي لرؤية العراق في أفول حقبته الملكية تارة و في أفول نجم صدام حسين تارة أخرى و كأنها تقارن بين عهدين لم يتشابه فيهما أي شيء إلا المعدن النبيل للشعب العراقي و سوء الحظ الذي لازمه منذ ما سموه بالاستقلال و حتى تاريخنا الحاضر.
كنت أخشى عيونا تراقبني. ضغط الهلع على روحي. أنا أخاف. أنت تخاف. أنتِ تخافين. هم يخافون. نتظاهر كلنا بالشجاعة و نسخر من رعدة الجبان. و كلنا يرتعد تحت جلده. و يقلق على نفسه و أحبابه. يدور في حلقة زار تهيمن على البلد.
!!النبيذة،الرواية التى لم تفز بالبوكر العربية
عبر ثلاث شخصيات(تاجى عبد المجيد او تاج الملوك ،وديان ، منصور البادى) ، تحكى انعام كجى جه تاريخ حافل بالأحداث وحقب زمنية مختلفة من المملكة العراقية الهاشمية مرورا باحتلال الولايات المتحدة للعراق وصولا الى ثورات الربيع العربى.
دخل اليهود فلسطين فى ٤٨ وحدثت النكسة فى ٦٧ واحداث تتوالى وتفتح الجراح.
من القدس لبيروت مرورا بباكستان وصولا الى فنزويلا ، تصل الى القاهرة وتزور ايران.. بلدان واحداث بنيت على وقائع حقيقية.
انعام كجى جه تمتلك قلما ساحرا،لغة قوية وعميقة،وصف ممتاز وعبقرى، سرد ممتع وتنقل بين الازمنة بسلاسة.
تحكى انعام كجى جه على لسان شخصية وديان حال كل البلدان العربية وحالها هى ايضا:
"انا الهاربة من ذلك البلد ومن رموزه.كل اسم كبير هو بعبع يجدد خلايا رعبى.وطن من بعابع شتى تكلكل حتى على البرئ الذى لم يرتكب ولو مخالفة مرورية".
شخصية تاج الملوك الشخصية الرئيسية فى الرواية والتى تحكى تاريخ كبير وتصف اياما خوالى كانت حلوة احيانا وكانت مرة احيانا اخرى.. هى الشخصية القوية والمتلاعبة بالرجال واضعة اياهم فى وعاء
(-عفوا يا صاحب السمو، الضوء يتعب عينى..
-هل اصدر امرا بسجن الضوء ، يا آنسة؟)
والمتلاعبة بالظروف والعاشقة ايضا والتى اكتسبت حكمة الدهر وايقنت انها اصبحت عجوزا ليست كما مضى فأصبحت تخشى لقاء حبيب عمرها
( ستذهبين لملاقاته وابلاغه اعتذارى.لن اقوى على مواجهته.لا احب ان يرى تجاعيدى وبياض شعرى.
-سنحتال على شعرك بالصبغة يا تاجى
- وبما سنموه تقوس الظهر يا صغيرتى؟ )
على هامش الرواية : احببت شخصية وديان اكثر من شخصية تاج الملوك وتعاطفت معها اكثر.
وصف شخصية الاستاذ كان ثلاثى الابعاد وصف حى لدرجة عميقة جدا وصادقة جدا
الغلاف صورته معبرة جدا عن مقطع فى الرواية.
الرواية تستحق العلامة الكاملة وقلم روائية يستحق
مكانا مميزا فى الأدب العربى
كانت قراءة مشتركة مع الصديقات باكينام ونسرينا وان شاء الله يختاروا لنا روايات حلوة تانية 😂

"حياتها فصول من روايات متلاحقة. تلهث وراء وقائعها فلا يبقى وقت للتدوين"
"إن البشر لا يصابون بالعته من تراكم السنوات، بل تختلط عليهم التجارب الدفينة التي تُثقل دفاتر العمر."
...