كتاب قيم رائع لمؤلفه ابن رجب الحنبلي تلميذ ابن القيم رحمه الله, وقد تناول فيه ابن رجب شهور السنة العربية شهرا شهرا فوصف ما في كل شهر منها من العبادات المفروضة والمندوبة وأورد ما جاء فيها من نصوص القرآن والسنة وأقوال أهل العلم وما أُثر من أفعال الصالحين فيها لنقتدي بهم ونقلدهم فنفوز فوزا عظيما.
يقول ابن رجب -رحمه الله- : "وما مِنْ هذهِ المواسمِ الفاضلةِ موسمٌ إلاَّ وللهِ تَعالى فيهِ وظيفةٌ مِن وظائفِ طَاعتِهِ يُتَقَرَّبُ بها إليه، وللهِ فيهِ لطيفةٌ مِن لطائفِ نفحاتِهِ يُصيبُ بها مَن يَعودُ بِفضلِهِ ورحمتِهِ عليه. فالسَّعِيدُ مَنِ اغْتَنَمَ مواسمَ الشُّهورِ والأيَّامِ والسَّاعات، وتَقَرَّبَ فيها إلى مَولاهُ بما فيها مِن وظائفِ الطَّاعات، فعَسى أنْ تُصِيبَهُ نفحةٌ مِن تلكَ النَّفحاتِ، فيَسْعَدُ بها سعادةً يَأْمَنُ بعدَها مِن النَّارِ وما فيها مِن اللَّفَحات.
وقدِ اسْتَخَرْتُ اللهَ تَعالَى في أنْ أجْمَعَ في هذا الكتابِ وظائفَ شهورِ العام، وما يَخْتَصُّ بالشُّهورِ ومواسمِها مِنَ الطَّاعاتِ كالصَّلاةِ والصِّيامِ، والذِّكْرِ والشُّكرِ وبذْلِ الطَّعامِ وإفشاءِ السَّلام وغيرِ ذلكَ مِن خصالِ البَرَرَةِ الكرام لِيَكونَ ذلكَ عونًا لنفسي ولإخواني على التَّزَوُّدِ للمعادِ، والتَّأهُّبِ للموتِ قبلَ قدومِهِ والاستعداد، وأُفَوِّضُ أمرِي إلى اللهِ إنَّ اللهَ بصيرٌ بالعباد."
وقد تناول شهر رمضان فيما يقرب من مائة صفحة فكانت من خير ما قرأت عن هذا الشهر الكريم, ونحن الآن من رمضان على مرمى حجر -اللهم بلغنا رمضان- فيحسن بنا قراءة هذا الكتاب أو هذا الفصل على وجه الخصوص ففيه فائدة كبيرة وتذكير للقلب وشحذ للهمة بإذن الله.
ثم تناول فصول السنة الشمسية وذكرها في السُّنّة وما ينبغي على المسلم تجاهها من العمل والإعتبار بما فيها من قدرة الله من حر الصيف وزمهرير الشتاء وتذكيرهم لنا بحر جهنم وزمهريرها, وما يجب في الشتاء من العمل لمناسبة الزمان والطقس للعبادة, والربيع ونعيمه الذي يذكرنا بنعيم الجنة, فلما تقرأ الكتاب تشعر أن يوم المسلم وشهره وسنته كلها لله, كلها مملوءة بذكر الله وعبادته, وهذا هو مقصود المؤلف من الكتاب والذي ذكره في مقدمته.
ثم ختم الكتاب بفصل كامل عن التوبة والتعجيل بها قبل الممات وعدم الإصرار على الذنوب, واللحاق بركب التائبين قبل الفوت والندم, وذكر فضل التوبة وثمارها, ورغّب فيها ودعى إليها فأحسن وأجاد فجزاه الله خيرا.
والكتاب الأصلي لطائف المعارف قد اختصره وهذّبه الأستاذ محمد المهنا اختصارا لائقا لا يخل بما في الكتاب الأصلي وقد قدم له الدكتور عبد العزيز بن مرزوق الطريفي -فرج الله كربه- وأثنى على الكتاب الأصلي وأثنى على المختصر ثناءا جميلا وحث على قراءته والإنتفاع به.
وقد نشر الأستاذ محمد المهنا (على حسابه الرسمي بتويتر) نسخة إلكترونية فاخرة وأصلية من هذا المختصر بمعرفة دار النشر, وعدل حجم الخط بها ليصير مناسبا لعين القاريء فلا تجهده أو تتعبه, كما أتاح فيها النسخ وأضاف بعض الألوان للنصوص من القرآن والسنة, فخرجت النسخة على خير ما ينبغي تسر الناظر وتمتع القاريء فجزاه الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناته. وسيرا على نصيحة الأستاذ محمد المهنا فإنا نضيف هنا الرابط لتحميل نسخة الكتاب ونرجوا مشاركة الأجر معه فالدال على الخير كفاعله إن شاء الله.
أحببت فكرة اختصار المجلدات أو الكتب الكبيرة اختصارا لا يخل بمحتواها الأصلي بل ينظمها ويهذبها ويخرجها للعوام بما يتوافق مع اهتماماتهم خصوصا من لديه رغبة في الإطلاع على هذه المؤلفات العظيمة لكنه يجد صعوبة في الإمساك بمحتواها أو الوصول لزبدة الكتاب لكثرة الأسانيد وتفصيل الرواة وغيره .. مراجعة الأخ علي ستساعد من يريد معرفة محتوى هذا الكتاب https://www.goodreads.com/review/show...
وجزى الله الأستاذ محمد المهنا على هذا الإخراج وتوفير النسخة للتحميل المجاني