ميعاد

by كوثر الشريفي

كانت هناك مساحة فارغة تحول دون وصولها إلى الجنون. مساحة ظنتها فارغة تمامًا، حتى وعت بأن هناك شيئًا غامضًا يملأ أركانها، ويجعل من الوصول نحو المحطة الأخيرة أمرًا مستحيلًا. راقبت الغرفة الصغيرة التي احتوتها. كانت مصبوغة باللون الأزرق الذي قرأت عنه في إحدى المجلات بأنه لون مريح للأعصاب، ولكن أعصابها أبعد من أن تكون مسترخية الآن، فالغرفة لا يتخللها سوى إضاءة خافتة، أضفت على الجو العام كآبة وقلقًا أكبر. أين هي؟ كلّ ما تتذكره هو تلك النوبة الهستيرية التي اجتاحتها في الصباح حتى تهاوت على مدرج الجامعة! نظرت إلى ذراعها، ووريدها يرتوي من سائل شفاف يزيد من البرودة التي نخزت جسدها بأكمله. لم يكن هناك أحد معها ليخفف من شعورها العميق بالخوف والوحدة. بدأ عقلها في تناسل الأفكار، وبدأت الوساوس تغلف خلاياه المستسلمة له.

154 pages, Paperback

Published November 1, 2017

About the author

كاتبة يمنية صدر لها أول كتاب (لوحة للسماء) في سنة 2009، و هو كتاب قصص قصيرة يحتوي على 21 قصة، وصدر الثاني في 2018 باسم (ميعاد).

Reviews

[Mohammad Aboomar · Rating 5 out of 5]

استمتعت كثيرا بقراءة هذه المجموعة القصصية وأبهرتني بجودتها القصصية واللغوية. السمة العامة للقصص في هذا الكتاب هو الحزن، ولكنه ليس حزنا مفتعلا بل حزن عميق يكاد يكون سمة مميزة للمواطن العربي.

[مصطفى مسلم · Rating 4 out of 5]

بصعب على القارئ تقييم عمل أدبى كتبه أحد المقربين، إذ يستحضره بأفكاره وتاريخه الشخصى أثناء قراءة عمله، فيعطيه أفضلية أحيانًا على بعض القراء الآخرين، ويفسد عليه قرائته أحيانًا.

لدى العزيزة كوثر أسلوبًا رومانسيًا، وهى تكتب بلغة راقية ومركبة لا تخلو من الاستغراق فى وصف العاطفة أكثر من أى شىء آخر. وتلتقط من جميع القصص الواردة فى المجموعة أن كل شىء يدور حول ما يشعر به الإنسان، يظهر هذا فى قصصها الأولى قلب واحد لا يكفى، والجاثوم وبياض متسخ ومكون مفقود وكثير من القصص الأخرى.

أغلب أبطال القصص فى أزمات كبيرة تعكس هزيمة شاملة تبدأ من الضغوط الاجتماعية، خصوصًا على المرأة، أو حتى الذكر الذى يُتوقع منه دورًا معين فى هذا المجتمع، ولا تنتهى بهزيمة البلد، أو البلاد التى نعيش بها.

أذكى وأفضل القصص التى قرأتها هى الومضات الستة التى اختتمت بها كوثر الشريفى مجموعتها، وهى قصص شديدة القصر لا تتجاوز الواحدة عدة أسطر، تحت عنوان أقاصيص بلا عنوان، وتتمتع بطرافة التركيز على المفارقات.

أحببت هذا العمل، على الرغم من معرفتى بأن كاتبته قد تجاوزته فى المستوى والأفكار، وأتطلع لقراءة عمل جديد لها.