شابة وحيدة تبحث عن عمل وملاذ لها وسط الخراب. بعد طردها من الصحيفة التي تعمل فيها، تجد نفسها تائهة في دوّامة القاهرة المخيفة. تستحوذ المرأة، التي قبلت أن تؤجّرها غرفة في شقتها، على تفكيرها بسبب أطوارها الغريبة. تسعى للخروج من أزمتها فتقع على مجموعة من الشبان يقودونها معهم إلى العالم السفلي حيث الهروب من الواقع سلاح بقائهم الوحيد.بين اضطراب شخصيّة المرأة وغموض عالم صاحب دكّان التّحف، تجد بطلة الرواية فسحةً كبيرة لهذيانها في شوارع المدينة القاسية على أبنائها المتكئين على أوهام.
هدى عمران، شاعرة وكاتبة مصرية، تحضر الماجيستير في السياسات الثقافية والأدب النسوي، صدر لها رواية حشيش سمك برتقال الحائزة على منحة آفاق والمرشحة للقائمة القصيرة في جائزة ساويرس2021، حصل ديوانها القاهرة على جائزة حلمي سالم للشعر، وحصلت روايتها غير المنشورة لليافعين" حياة الجيمرز" على منحة مفردات. نشرت مؤخرا ديوان " كأنها مغفرة" عن دار صفصافة للنشر 2023 ومجموعة قصصية " حب عنيف" 2024 عن دار الكتب خان. بالإضافة إلى ديوان ساذج وسنتمنتالي عن دار روافد 2016.
"أفهم الآن كيف يكون الحزن كبير، ليست هذه المأساة المُحببة، ليست صرخات المأسات التي لا أجيدها، لا أحب الدراما، أقول لنفسي هذا باستمرار، لا أحب هذا النوع الرخيص من البكاء على الأطلال، لكن حزني كبير، وهناك جراح كبيرة بداخلي، دفعت روحي رغماً عنها إلى الصمت."
حسناً، هذه رواية لها من اسمها نصيب كبير، فعندما تبدأ فيها وتتوالى الفصول ستشعر تماماً كما لو أنك أكلت سمك وحليت ببرتقال، ثم لففت سيجارة حشيش، وربما ينقصك كوب من الشاي أو القهوة حسب التفضيل الشخصي، ورغم طرافة ما قد يحتويه العنوان، فهذه الرواية غارقة في السوداوية، والحزن.
فطوال منتصف الرواية الأول، كنت مُتشوقاً لمعرفة الأحداث وفهم الصورة الكاملة والتطلع لما قد يُخفيه النص من أحداث قادمة، ولكني وجدت نفسي طوال النصف الثاني من الأحداث أشعر بالاستفزاز، ثم أخذتني المفاجآة بالنهاية، وتركتني في ذهول بارد مُستفز، ليس لأن هناك أسئلة لم تُجاب، الحقيقة أنه لم يتم الإجابة على أي سؤال، ولكني وجدت نفسي، -للغرابة- أفهم الحكاية! ذلك التيه، والأفعال اللامنطقية، والغرابة، أفهمه، ولكني لا استطيع شرحه في كلمات، من المُمكن لو قرأت الرواية ستفهم ما أتحدث عنه، فكل ما يحدث في الرواية، تشعر وكأن له ظلاً في الماضي، هناك خوف، وشرود، وانعدام شغف، فكيف انتهى الحال ببطلة الرواية التي تُحب البرتقال ولا يُذكر اسمها مطرودة من جريدتها التي عملت فيها؟ ومطرودة من صديقتها التي كانت تسكن معها؟ طيب، ما ماضيها؟ ما تاريخها؟ كم عمرها؟ أين عائلتها؟ أين معارفها؟ لا إجابة في النص، ولكن، ربما لك أن تتخيل إجابة.
ختاماً.. رواية غريبة بلا شك، ستسفز القارئ وتجعله يلهث وراءها من أجل معرفة ما ستؤول إليه الأحداث، وبعد ذلك، ستزيد من استفزازه، وسط العديد من اللامنطق والتيه والحيرة.
حشيش سمك برتقال:أبطال بلا أسماء وجوع لا سبيل لإشباعه! ******* ثلاثة أشخاص بلا أسماء يجوبون شوارع القاهرة بسيارة متهالكة، و بلا هدف سوي التنّزه، متجاوزين ميدان التحرير في وسط المدينة برمزيته، مارين علي باعة البرتقال ينهلون من حلاوته. هل هذا هو الحب؟ منتهي الحب؟ أم هذا لاشيء؟ إنه السؤال الذي تطرحه الكاتبة الشابة هدي عمران في روايتها الأولي »حشيش سمك برتقال« الصادرة عن دار الساقي هذا العام وبمنحة من الصندوق العربي للثقافة والفنون «آفاق»، بإشراف من الكاتب جبور الدويهي . الرواية من ثلاثة فصول وتدور أحداثها عن بطلة مجهولة، امرأة بلا اسم ولا ماضٍ، فماضيها نسيته تماماً، تبحث عن سكن ووظيفة شأن ملايين القاهريين والقاهريات. تبحث عن أربعة جدران وغرفة ولقمة عيش، امرأة خائفة ووحيدة وجائعة. تحصل البطلة المجهولة علي غرفة في بيت امرأة أخري تطلق عليها عمران المرأة الإوزة.هي أيضًا بلا اسم. وكذلك كل أبطال الرواية مجهولون بلا أسماء أو بأسماء كودية، أبطال مهمشون تجمعهم المدينة الشرسة، وينامون بين فكيّها كل ليلة، المكان شارع ضيق حيث تستأجر البطلة غرفة في الطابق السادس عند امرأة غريبة، تكتب مذكراتها المقتضبة بين الحين والآخر.تحصل البطلة علي غرفة بسريرين متقاطعين، تنمو بين الاثنين علاقة خافتة حذرة أقرب للترقب. البيت في شارع قريب من ميدان التحرير. وفي أحد الشوارع الموازية يوجد سوق لمختلف أنواع الأسماك، السوق فيه محل للأنتيكات والتحف حيث رائحة السمك تعبق الجو، يصدح من داخل الدكان فونوغراف بأغاني أسمهان وإديث بياف اللتين تغنيان للحب، البطلة المجهولة يذكرها السمك بالحب، تحب أكله وتحب الكلام مع الغرباء عن الحب. إنه الجوع في صورته البدائية، النهم للحب بشكله الحسي والروحاني، محاولة لكسر الوحدة والمشاركة مع الآخر. بشكل غير متعمد تري البطلة صاحبة البيت في أحضان صاحب دكان التحف. تشاهد مضاجعة آلية بين الاثنين، تطرح عليها الكثير من الأسئلة. تفتش البطلة المجهولة خلسة في مذكرات صاحبة البيت لتكتشف أنها تتحدث عنها وعن صديقها الذي تسميه اسب .صاحبة البيت لا تأكل السمك، تكتفي بالأرز فقط. هي لا تعرف الحب أيضاُ، تعرف جنساً جافاً خاليا من الإشباع . بخط أفقي وبلا أحداث متصاعدة مثل أفلام المخرج الأمريكي جيم جارموش رائد السينما الأمريكية المستقلة الذي عرف عنه الاهتمام بتفكيك خفايا الطبيعة الانسانية، حيث فشل التواصل هو ما تتفق عليه شخوصه، برغم اختلافها الظاهري وتنوع دوافعها تمضي رواية «عمران» لنهايتها. > > > كما يرمز السمك في الرواية للإشباع والحب، فالبرتقال يرمز للارتواء والسعادة ،تحرص البطلة المجهولة علي التهامه بنهم، رغم ضياعها بين البيت والسوق ومحل الأنتيكات وشوارع القاهرة فهي تعود للبيت عند نفاده. تتشارك المرأتان في فعل الأكل، تيمة الجوع برمزيتها تغطي مشاهد كثيرة. فعل الأكل مغرق في حسيته خاصة عندما تتشارك المرأتان أكل «المسقعة»، وإن كانت البطلة أكثر إقبالاً علي الطعام وعلي الحياة، بينما صاحبة البيت تترك سمكها للتعفن والفساد. تقول البطلة التي تحوطها الوحدة في المدينة والبيت:«رقدت علي جنبي، فأصبحت الصورة داخل البرواز أمام عيني. يظهر منها في الظلام كتف المرأة الأصفر فقط.قلبت الصورة علي ظهرها، وأدرت برأسي المخدة أكثر وأغمضت عيني. كنت أشعر بالخزي الشديد، بالوحدة في البيت أكثر من أي وقت مضي. زاد علي إحساسي الوحدة التي تتسع وتبتلعني في هذا البيت.كأنني دخلت صورة فوتوغرافية في برواز أكبر من حجمي بكثير، كنت أقف في منتصفه، فأبدو مثل نقطة صغيرة في فراغ شاسع». تدورعمران بين مشاهد رواياتها بكاميرا سينما، وبشاعرية فائقة لترصد لقاء البطلة بشبان غرباء يجمعهم العطش والسأم والوحدة، في أحد الشوارع تدخل سينما لتتعرف علي مجموعة من الفتيات والفتيان لا رابط بينهم، تسميهم «شباب السينما» يتشاركون مشاهدة أحد الأفلام وأكل البرتقال الذي تحمله البطلة في كيس وهي تتجول في شوارع المدينة، ثم يدعون الفتاة للقدوم لبيتهم لمشاركتهم حفلاً. تنتقل عمران إلي مشهد حالم وشاعري آخر، فالبطلة تطوف سوق السمك يمزقها الجوع. تسير وراء الرائحة فتدخل أحد البيوت لتصعد طابقه الثاني، تجد صبياً، سبق وباع لها سمكة، يقلي السمك في قدر كبير ويوزعه علي آلاف من البشر، الجميع يبحث عن الإشباع، الجميع يبحث عن الحب. الجميع يتحلقون حول الأمل. تحصل البطلة علي رغيف مليء بالسمك الصغير تحصل دوما علي نصيب قليل من الحب والطعام كما نعرف في تطور السرد لاحقا. > > > تقول عمران يتحرك الشارع معي. وأنا أتحرك معه نحن صديقان حميمان، فألقي ذراعي فوق ذراعه ويلقي ذراعه فوق ذراعي. أتأبطه ونسير، الكاميرا في جيبي، والنقود في الجيب الآخر، وجوعي في بطني يتحرك مثل دودة. فأصبح أنا والشارع ودودة الجوع أصدقاء.لاأستطيع أن آكل حتي لا أضيع أحد أفراد الرفقة ثم، ثم ماذا؟ آه.كنت أمشي بخطواتي الواثقة. أري العيون اللامعة المحدقة من بعيد وأضحك، الضحك صديق رابع. أحثه علي التعبير عن ذاته. فأضحك وأضحك. وأشير إلي الأجساد الملتفة حول منضدة وحيدة مشغولة أمام المقهي. تبدأ صداقة بين البطلة وشبان السينما الذين، مثل باقي شخوص الحكاية، بلا أسماء تطلق عليهم أسماء في عقلها «مستر إكس، أبو شامة، البيضاء، السمراء» في هذه المرحلة لا نستطيع أن نتجاوز ببساطة إغفال الكاتبة لأسماء الشبان، بل تفعل ذلك بوعي متعمد، فلا حاجة لمعرفة أسماء من هم مجرد غرباء عابرين. تتشارك البطلة سجائر الحشيش مع شبان السينما.حشيش تعيد به اكتشاف ذاتها مرة ثانية. يلف مستر إكس السيجارة ثم يمررونها علي بعض، تمارس البطلة مع «أبو شامة» جنساً أكثر روتينية وبروداً من ممارسة صاحبة البيت ورجل محل التحف في المشهد الأول، جنساً لا يحرك مشاعرها ولا جسدها، لا يثير إلا الضحك. ضحك الخيبة والاغتراب. > > > تتوتر علاقة البطلة برباعي شبان السينما بين الحب والخوف والكراهية، تخرج للشارع تجد مدينة القاهرة مصبوغة حمراء وحميمية وكابوسية.جدرانها ملطخة بالجرافيتي المقشر ومليئة بسلال العيون النازفة، ولا تخفي الدلالة هنا علي الثورة النازفة دماء وعيوناً وأملاً. تخرج البطلة مع شبان السينما للمرة الأخيرة في نزهة. تجعلهم يقلونها للبيت، تصف الرحلة بأن السعادة «أن تركب سيارة مع مجموعة من المجانين». تذهب لنقطة البداية. صاحبة البيت علي حالها لكن العودة تجعلها تري علاقة مختلفة هي فيها الطرف الأقوي بين الاثنين، امرأة قادرة علي إذلال المرأة صاحبة البيت، وعلي غواية الرجل صاحب محل التحف واللعب بمشاعرهما. فهي بعد تجربة علاقتها بشبان السينما أكثر ثقة وسعادة. تستمر الأحداث وتستمر رحلة البطلة بين سيارة شبان السينما والسير في شوارع القاهرة المدينة القاسية ومشاركة الحشيش واقتسام الغربة. الفصل الثالث تعود البطلة للبيت. من الممكن أن نطلق عليه «فصل التطهر»، تغتسل وترتمي في حجر صاحبة البيت مبتلة مصابة بما يشبه الحمي، يحاول جسدها أن يلفظ المخدر والجنس الرتيب والخوف والقلق. تأتي خاتمة الرواية المفاجئة التي تدخرها لنا «عمران» حين ترتكب البطلة جريمة قتل. قتلت من؟ ولماذا؟ ولماذا تتواطأ إحدي الجارات علي حمايتها وتهريبها؟ هذا ما نعرفه في الصفحات الأخيرة . والتي تنطلق بعدها البطلة في رحلة بسيارة ستينية يقودها رجل دكان التحف وصاحبة المنزل في شوارع القاهرة موطن الحكي والخوف والجوع والبحث عن الحرية، ينطلق الثلاثة عابرين ميدان التحرير إلي أين؟ يسأل الرجل المرأتين، تجيب البطلة إلي كل شوارع القاهرة! https://adab.akhbarelyom.com/newdetai... نشر في أخبار الأدب المصرية 3/3/2018
هذه رواية ذكية ومختلفة وغير متوقَّعة، تلعب على الحد الغامض بين ما يمكن تصديقه كواقع منطقي ومقبول من ناحية والمفارق الغريب المقلق من ناحية أخرى. وإذا كانت الثيمة العامة التي يمكن استخلاصها من العمل هي الغربة أو الاغتراب فإن الجو العام الذي يهيمن عليه هو الغرابة، غرابة العالَم وهو هنا قاهرة شَبحية لا تظهر بصورها المألوفة في أعمال سردية كثيرة، قاهرة تجثم على الروح والوعي وتتلاعب بسكانها كأنهم فئران في مصيدة بحجم مدينة. لكنها أيضًا رواية عن العنف المضمر والمكتوم، أو المعلن والواضح. عنف متبادل بين جميع الأطراف، ولو ظهر في صورة سوء نية وجرائم صغيرة تكتمل في النهاية بجريمة قتل حقيقية. حالة من التيه المحبب تعيش فيه البطلة/الراوية سواء دخل أفكارها وهواجسها أو في شوارع وطرقات المدينة ومع شخصيات تقابلهم في رحلتها غير المعقولة. نحن لا نعرف أي شيء عن حياة البطلة ما قبل الصفحة الأولى أكثر من كونها كانت موظفة وفصلت من الجريدة الحكومية التي كانت تعمل بها زائد أنها تبحث عن سكن ووظيفة. فتبدو بلا تاريخ وبلا ذاكرة، لكن جميع أفكارها وأفعالها وتحركاتها تشي بتاريخ من العنف واعتياد الأذى وتوقع المكائد والمؤامرات من جميع الآخرين. لا نستطيع الجزم بأنها مضطربة نفسيًا، لكن ثمة اضطراب روحي غير محدد المعالم وغير معبر عنه بحسم. أكثر ما أعجبني هو قدرة الكاتبة على الحفاظ على خيط توتر مشدود طوال العمل، رغم عدم وجود أحداث كبرى بالمعنى المتوقع، نحن فقط نراقب حركة الراوية واحتكاكها بمجموعة شخصيات وردود أفعالها والأهم تيار أفكارها وهواجسها، ورغم ذلك نتورّط معها ببساطة وننتظر ماذا سيحدث لها تاليًا، في هذا الكابوس الطويل الممتد كأنه متاهة قاهرية تنعكس على طرقاتها عذابات روح بلا أبعاد وبلا ظلال.
إنها القاهرة، المدينة القاسية، التي تبتلع كل من أتى إليها، لتشكله وفقاً لمزاجها الخاص. فتتحول البراءة والسذاجة إلى كائن آثم مُحمل بالخطايا. وكأن شرط العيش في هذه المدينة هو تقديم قرابين من العنف الغير مبرر.
نهاية غير متوقعة، وللأمانة كل التحركات والعلاقات في هذه الرواية لا يمكن تخمين نهايتها. تصرفات البطلة بشكل عام في بعض المواقف كانت محيرة، ويصعب تفسيرها.
❞ «ليست العاصمة سوى جثّةِ ضبعٍ تنهشها مليونَا دودةٍ وبضعةُ نسورٍ، وأنا إحدى تلك الدّيدان، أحاول أن أتوازنَ بين الشّراهةِ الّتي تخلق لعابي فوق وليمتي المتعفّنة، والرّعبِ من أن يلتقطني منقارُ نسر». ❝
استعارة معبرة عن حال سكان العاصمة وردت على لسان إحدى شخصيات الكاتب سفيان رجب في روايته قارئة نهج الدباغين، لكنها ذكرتني تلقائيًا ببطلة رواية "حشيش سمك برتقال".
استحوذت علي اللغة، والأسلوب الساحر، السهل الممتنع، الذي يجعلك تعيش كل تفاصيل الشخصية بخيرها وشرها. أسلوب خاص متفرد، له شخصيته المستقلة عن أي أسلوب لكتاب آخرين.
قرئتها في يومين رغم أجوائها الكابوسية التي أصابتني بالكآبة بعض الشيء، ولكن جمال السرد هو ما دفعني لأتتبع بشغف رحلة هذه البطلة الجامحة التي تترك نفسها كريشة في مهب الريح، تقتحم المجهول وتسكن عند إمرأة غريبة الأطوار وتنطلق في مغامرة مع شباب مجهولين في اعتقاد منها أنها تختبر المشاعر وتتأمل الناس ولكنها تتورط حتى النخاع وتخرج من التجربة مثخنة الجراح.
رواية غرائبية و كابوسيه. و على الرغم من الروايات ذات الشخصيات التائهة و العوالم المبهمه لا تستهويني إلا إنها تملكتني براعة الكاتبه في نسج التفاصيل و رسم للمشاهد و قدرتها على ضبط إيقاع الروايه لتحعلك مشدوداً لها كلها تجعلك منجذبا. للرواية الروايه تكتبها الكاتبه و تملأ فراغاتها أنت بخيالك فتشعر بنفسك صانع آخر للروايه اإذا كنت تبحث عن رواية تقليدية بأبطالها و فصولها لا تقرأ هذه الروايه أما إن كنت تبحث عن مغامره روائيه تتورط فيها فأقرأ تلك الروايه
تحدثت مع احد اصدقائي مرة عن سبب ظهور البرتقال في الأفلام وعن تكرار الكلام عنه بشكل شاعري في الأدب والشعر.. لماذا البرتقال تحديدا؟ بدأت افكر انه ربما هناك اسطورة مخفية ولكن ليس الآن فهنا للبرتقال طعم مختلف فصوص من التوهان الرواية جميلة وكنت حاسة بالقرب بشكل كبير تشبه هلوساتي وكأني بسمع godspeed you black emperor على طريق مقطوع وبعدين بفوق فجأة على دوشة شارع السوق مع استيعاب تطرف الحياة
رواية غريبة حقاً. هي أقرب للهذيان منها للرواية. يحسب للكاتبة قدرتها على شد القاريء. بالرغم من شعورك كقاريء بأن ما تقرأه غريب بعض الشيء الا انك لا تترك الرواية حتى تنهيها تماماً. انهيتها في جلسة واحدة.
انتهيت من الروايه في جلسه واحده واول ماخطر في بالي امنيه ان تكتب روايه عكس هذه الفكره تماماً (لا اعلم سبب طلبي هذا) ملاحظه بعض الالفاظ الخارجه لم ترق لي
قراءة أمل إدريس هارون _ كاتبة مصرية وتدرس الانثروبولوجيا في جامعة مونتريال بكندا _ للرواية "حشيش سمك برتقال"، مسار الأنا المجردة بمواجهة المدينة
في روايتها الأولى تبدو الكاتبة الشابة هدى عمران، صاحبة ديوان "ساذج وسنتمنتالي"، بارعة في تطويع السرد والشاعرية للكتابة عن تيمة قاسية وهي تعاطي الفرد مع الذات المهزومة والمدينة. والأجمل هو إخراج التيه السائل في علاقتنا الأعمق بالقاهرة إلى طبقة أقرب من الشعور والوعي.
تسير الحكاية عما يبدو سير طويل غير محدد الهدف في شوارع المدينة، بألف ولام التعريف،لفتاة غير محددة الاسم، تبحث عن بيت وعمل، تقابل أشخاصاً تدركهم وتحادثهم وتتشابك مع وجودهم بنصف وعي، بنصف غياب، بنصف خوف وبنصف عداء، لكن بتحفز تفرضه الوحدة ويستدعيه الضعف. وعلى مدار الأحداث نلاحظ أن جميع الشخصيات متجذرة في لحظة حاضرة تشبه أجواء حلم، بينهم وبين علائق الماضي وتاريخهم الشخصي قطيعة ملفتة، لا نعرف لهم اسماً أو تاريخًا عائلياً ولا نرى تراكماً لرأسمال رمزي أو اجتماعي يتكئون عليه، مجرد أفراد في لحظة راهنة مُطلقون في مساحات تشبه ظل المدينة بينهم غربة هي ما يربطهم ويجمعهم، تجعلهم يتقاطعون ويمارسون عنفاً متبادلاً وتسود علاقتهم التوجس والتحالفات الوقتية التي لا تفضي لبناء علاقة مركبة.
تمضي أحداث الرواية إذن وتتداخل الشخصيات وتتعاطى مع العالم في تصاعد حتى النهاية لكن فيما يشبه الدوائر المغلقة، فلا يحدث شيء يمكننا تصنيفه في اطاره المتعارف عليه؛ لا شيء ينمو ولا شيء يكبر، دوائر من البحث، دوائر من الخذلان، دوائر من الليل والنهار، الطزاجة والتفسخ، العنف المتبادل والتيه، الحوار يغيّب أصحابه أكثر مما يفصح عنهم، الحب أغنية غامضة، الضحك هيستريا جماعية، الجوع هاجس مستمر، لا نهاية مُرضية وحادة، لا خراب تام ولا دمار تام، لا حب تام، ولا خلاص تام...
هي رواية عن التيه، التيه الشخصي الأعمق الذي يتجاوز كل الطبقات المراوغة من التكيف والسخرية والتكلم والتموضع وتسليك الأمور والخفة المجبورين عليها في الصراع مع المدينة والأخر، تصل بنا لتك المنطقة الأبعد، التي تظهر في لحظات الصمت والتحديق الداخلي، طبقة العجز والاختزال والخراب، الخراب الناتج عن الحياة، عن الهزيمة، عن الانكسار، عن العلاقات المتفسخة التي يختمر بها عنف مستمر ومجنون، عن عالم سائل وبؤر قوى أكبر تسحق كل ما عداها، وفي أقرب تأويل مبتذل هي رواية عما ألت إليه ثورة تلاشت وخلفت خلفها تشرذماً قاسياً للذات.
ما لفت انتباهي بشكل خاص هو هندسة مفاهيم ومعاني مألوفة بشكل مخالف، المرأة ليست بطلة لمخيلة إيروتيكية معتادة سابقة الإعداد ومختزلة، بل مكتملة الفردية لتصبح فضاءً للحزن والعنف بمواجهة المدينة والانكسار، العلاقات بين الشخصيات لا يوجد باللغة مسمى دقيق عنها يمكننا استيعابها بشكل تام من خلاله، صداقة؟ حب؟ عداوة؟ غيرة؟ أم مزيج غرائبي منها كلها؟ الألفاظ تبدو محدودة المعنى أمام سيولة العلاقات وأنماطها بين الشخصيات.
��لأمر الأخر أن السرد يبتلع المكان ليفرد المساحة للتيه الفردي، يصبح تشرذم الأنا مبعث كل وعي، بشكلها المجرد عن الجندر وعن طبقات الثرثرة المعهودة عن الحزن والانسحاق بالمدينة، هذه رواية عن الصمت، عن جماليات الهزيمة الداخلية والتعاطي معها لدرجة أن مدينة مهولة كالقاهرة تكاد تبدو كخلفية ضئيلة أمام تداعيات تلك الهزيمة المستمرة فلا نكاد نستمع لأي ضجيج مميز لها.
أنهي طرحي بالحديث عن العنوان، الذي يلخص بشكل متقطع وحاد، علاقتنا بالقاهرة، بشكل معكوس ربما أو مُعبرًا عما آل إليه حالنا، الحشيش هو اختيار اللاوعي اللحظي للانعتاق والنسيان والتجاهل؛ السمك هو التفسخ البطيء بفعل الحرارة وقسوة مرور الوقت، الموت القريب الذي كان في لحظة سابقة قريبة طزاجة الحياة الهشة؛ البرتقال، هو الوعد المنكوث به من المدينة، البراق في حلمنا البعيد عنها، المّر والملون والشهي ، الذي عندما نسرف فيه يؤذي -بالحموضة الزائدة- قدرتنا على الهضم السليم.
استمتعت بالسرد والتشبيهات الكتير أوي واللي كلها بتقول انها جاية من خيال خصب جدًا بناء الرواية والتسلسل الدرامي فيها ممتاز رغم الوحدة والحزن والآلم والعنف واللي آضفت عليها أجواء كئيبة بعض الشيء"ميالة لمزاجي عامةً" الحديث عن قسوة القاهرة ومفرمتها كان واضح بين السطور ، أتمنى يبقى ليها استكمال ك جزء تاني وشكرًا ع الوجبة الدسمة الممتعة دي