كان يدعى رالف رزق الله. في صباح السبت 28 تشرين الأول 1995، أوقف سيّارته التويوتا الخضراء بمحاذاة الرصيف أمام مقهى دبيبو، ثم ترجل منها مسرعاً، وتسلق الحافة الحجرية القصيرة، وقفز إلى الفضاء. قبل أن يقفز شرّع ذراعيه كالصليب، خلفه بيروت، وقبالته صخرة الروشة. كان يرتدي بنطلونه الجينز القديم، والقميص الكاكي الذي اشتراه قبل سنتين. كان في الخامسة والأربعين من عمره. ورمى نفسه
الروائي اللبناني ربيع جابر هو واحد من تلك الفئة القليلة بلا ريب وأحد ممثليها البارزين. روايته الأولى (سيد العتمة) التي نشرها سنة 1992 وهو في العشرين من عمره فازت بجائزة الناقد للرواية ذلك العام. نشر سبع عشرة رواية ما بين 1992 و2009 أي بمعدل رواية واحدة كل عام. بطبيعة الحال ليست غزارة الإنتاج وحدها هي ما يلفت في كتاباته بل جودتها وغناها وتنوع أجوائها ومشاربها وأساليب كتابتها التي يعرفها من قرأوا أعماله الروائية أو بعضها.
Rabee Jaber (Arabic: ربيع جابر; born 1972, Beirut) is a Lebanese novelist and journalist.
His books have been translated into French, German, Spanish and Polish.
Some of his work is included in the anthology Beirut39, published on the occasion of Beirut as World Book Capital in 2009. In 2010, Jaber was on the shortlist for the International Prize for Arabic Fiction (IPAF) prize also known as the Arabic Booker Prize for his book America, also adapted for the film Amreeka.
On 27 March 2012, Jaber was announced the winner of the International Prize for Arabic Fiction (IPAF) prize also known as the Arabic Booker Prize for his book The Druze of Belgrade.
رالف رزق الله في المرآة تقول رضا: أدخل المدرسة في اللحظة نفسها التي تكون أستاذة الفلسفة خارجة. أراها بوضوح. تنعكس في نهر الرؤية. تمضي إلى منابع التأمّل مثل معنى بين السطور، معنى لم يكتب بعد لم نتحدث قط، لكن شيئا منها يتسلل إلى نفسي، أو أراني فيها بشكل ما، أتمنى أن أرتدى مثلها. درجة ألوانها. رشاقتها. نظرتها التي تجيب على آلاف الأسئلة وتظل متسائلة أيضا ستقول رضا بعد سنوات: تلميذتي هدى. تجلس في أول صف. أظن أنها تسرح في الحصة. أسألها. تجيب وكأنها تحفظ ما أقوله بالضبط. بعد الحصة قالت لي: "أتمنى أن أكون مثلك. لقد رأيتك في الحلم قبل أن أدخل هذا الفصل وأجدك." قلت لها: ستكونين أفضل مني. قالت: "لا مثلك. كأني أنت" تقول رضا: هل تحبني هدى؟ هل تكرهني لأني حققّت وجودها الذي تتمناه فسرقته منها بالأقدمية؟ أقول لها: ستفهم. ستحبك. لن تكرهك. ربما تتمرد. تتجاوزك. لكنك في نهر مشاعرها مضيئة، رقراقة، منسابة مثل موجة محورية لا تغادر المحيط الهادئ أو الصاخب إلا لتعود إليه رالف رزق الله وربيع جابر كذلك عنايات الزيات وإيمان مرسال الحكاية نفسها لابد أن تراهم يا صديقي ندخل الرواية حين يخرج ربيع نتساءل: هل كان يرانا؟ أم يرى رالف؟ أم يجاول أن يرى نفسه المنعكسة في نبع الحبر. يوما ما أشار الجاحظ إلى ذاك المفهوم لاكان بعد سنوات طويلة سيتحدث عن رحلة الطفل في البحث عن هويته أمام المرآة رالف رزق الله اسم من الواقع، غربي شرقي في بلاد الله رالف رزق الله، يدخل ذهن الراوي المتماهي مع المؤلف. يمكنك القول إن الراوي هو الذي ارتحل في عيني رالف، في صوره المتتابعة أحدهما مرآة الآخر، يذهب الراوي إلى البحيرة التي غرق فيها رالف ونرسيس وهو يكاد يمسك بسراب ملامحه. يستند إلى فرناندوا بيسوا. يلتمس معونة أليس المنسابة في بحيرة لويس كارول السحرية. يذهب إلى طرف العالم مستعيرا وحدة الدب القطبي يقفز الراوي في المرآة متنقلا بين كهفه الذي أصبح مدينة عجائبه، والبحر الذي يشرب عزلتنا رالف رزق الله، متوالية حرف الراء تشد ربيع جابر إلى بحر اللغة من نهر المجاز، استعارات خافتة تحت إنارة مسرحية الأداء كأن الراوي يذيع الوصف التفصيلي لمباراة الحياة كما تجلّت في الخيال كأن الراوي يشرح لك مسار الضوء في لوحات معرض لتشاركه لحظة التخيّل مرآة الفن تجذبنا في السرد الضام الشارح لأبجديات الإبداع. تجذبنا ونعلم أننا نتألم ونحن نغرق في نهر الحكايات. لكننا نتعلّم أن نرى وحدتنا. أن نرى البؤساء أمثالنا. أن نتفهّم أسباب العزلة، متاهات الاختيار، تقاطعات السبل، نتعاطف مع هؤلاء الذين نرى صورهم، نتعاطف مع أنفسنا التي يراها خيال الآخرين، نتعاطف مع الصمت الذي ينفض عن نفسه فراء الدب كي يفصح عن إنسانيته غير المرئية
هل من الصعب معرفة أي انسان معرفة حقيقية أحيانا نتوهم فهم القريبين منا ثم نُفاجأ بفعل نكتشف منه اننا لم نكن نعرفهم بما يكفي لنفهم ما يدور في عقولهم ونفوسهم يبحث ربيع جابر– وهو موجود باسمه في الرواية- عن الجوانب المنسية وغير المرئية في حياة رالف رزق الله الأستاذ الجامعي الذي أقدم على الانتحار لأسباب غير معروفة الرواية قائمة على حدث حقيقي, الحوار قليل وأسلوب السرد ما بين حديث الراوي مع نفسه وبين الوصف الدقيق لتفاصيل الأماكن والأحداث والشخصيات
عندما تقرأ قرابة ال10 صفحات عن الدببة القطبية في رواية ما وأنت مستمتع فأعرف أن هذا الكتاب يسحرك إلى أبعد الحدود...
رالف رزق الله يقفز عن الحافة، يهوي إلى البحر، ويموت... ربيع جابر، صديقه (وكاتب الرواية) في آخر مرة رآه لم يسلّم عليه، ومن هنا يبدأ عذاب الضمير! رالف في غرفتي، يخرج من الباب الأسود، يتكلم معي عن أليس في بلاد العجائب، عن الدببة القطبية، عن الشمس والحياة، عن صخرة الروشة، رالف يقفز عن الصخرة، يموت منتحراً، كان متعباً كثيراً، أراد أن يرتاح.... ربيع يهلوس، يكتب عن أوجاعه، عن وحدة رالف بين أهله وأحبائه، الوحدة هنا هي أصعب الأنواع وربيع يتألم لوحدة صديقه....
كل ما في الرواية من أسلوب و أفكار يدفعني للاعجاب الشديد بها و انصافها بتقييم مرتفع ، لكن شيء بداخلي يرفض الافتتان و يتمسك بحيرته من النهاية .. و لربما مردّ ذلك أنّ هذه الرواية لم تُكتب لي ، أو أنّها زارتني في وقت غير ملائم . لذلك الأمر يتطلب إعادة قراءتها لاحقاً ، أو قراءة ربيع جابر في عنوان آخر .
بعد خمسة كتب لهذا الكاتب الذي اخشى ان ابحث عن معلومات تخص شخصه لكي لا اتخيل وجوده امامي اكثر مما افعل و انا اقرأه!! بعد خمسة كتب و لازلت لا املّ من ثرثرته.. كيف يمكن لشخص ما ان يستثمر كل هذا التداعي بهذا التنظيم و الاسلوب السلس و ان يضخ داخله هذا الكم من مشاعر التوتر و عدم الاستقرار، الحميمية و الغربة، كيف له ان يكون داخل رأسه كأنه "صاحب البيت"؟!
" فكرت بكلمات أقولها : إني أقرأ في كتاب لشاعر برتغالي اسمه فرناندو بسوا . إنه يقول إن الناس عبارة عن جزر منفصلة تقع في بحر واحد . أنا جزيرة وأنت جزيرة ورالف كان جزيرة . كل واحد منا جزيرة أو صخرة تقع وسط الماء . هذه المياه تسمح لنا بالاتصال ببعضنا بعضا . لكنها أيضا تمنعنا عن الاتصال حقا ، ومن التلامس فعلا . ولهذا السبب يستحيل عليك أن تفهمني أو تفهم رالف . وكذلك اﻷمر بالنسبة إلي أو إليه . بكلام آخر ، لا أحد يفهم أحدا ! المياه تأتي وتذهب بيننا . تجلب إلى جزيرتي بعض اﻷتربة والصخور التي حملتها من جزيرتك ، فأفهم عنك بعض اﻷشياء . وإذا كنت غبيا أفكر أن هذه اﻷشياء هي أنت ، وأن هذه اﻷتربة التي وصلت إلي من جزيرتك ، هي جزيرتك نفسها ، جزيرتك كلها . رغم أنها في الحقيقة ليست إلا جزءا يسيرا منك . هل فهمت قصدي ؟ " . رواية غريبة اﻷطوار ، لكن ممتعة وجذابة !
مرة أخرى يعود ربيع جابر إلى مشروعه السردي الأكثر خصوصية: تتبع أثر شخصية حقيقية في بيروت، انتهى بها المطاف إلى الانتحار. بعد البيت الأخير التي لاحق فيها ظلال المخرج مارون بغدادي من خلال شخصية "ك"، تأتي رواية رالف رزق الله في المرآة لتعيد التجربة، ولكن هذه المرة مع رالف، الشاب البيروتي الذي تبدأ الرواية بانتحاره، حين ألقى بنفسه من فوق صخرة الروشة.
لا تبدأ الرواية عند لحظة الانتحار فقط، بل تنطلق منها، كعلامة فاصلة، ومن ثم تنسج ما يشبه التحقيق الحميم. يتنقل ربيع جابر بين أصدقاء رالف وأفراد عائلته، يتتبع الأماكن التي مر بها، المقاهي التي جلس فيها، الشوارع التي مشى فيها، الصور القديمة، وحتى لحظة السقوط نفسها. في كل موقع كان فيه رالف، يشعر ربيع أنه ما زال موجودًا، يراه، يلمح ظله، يسمع خطاه. يصل التماهي بين الراوي والراحل حد الذوبان: يقف أمام المرآة فلا يرى سوى رالف. لم يعد يسرد فقط، بل يبحث عن الخلل، عن الشرخ الأول، عن تلك اللحظة التي بدأت منها النهاية.
الرواية تحمل تماسا واضحًا لرواية البيت الأخير. ففيها كما في رالف رزق الله في المرآة، نتتبع شخصية تغيب بينما نبحث عنها: في الأولى يتتبع مارون بغدادي صديقه "ك"، وفي الثانية يتتبع ربيع نفسه رالف رزق الله. التشابه لا يقتصر على البناء السردي بل يتجاوز ذلك إلى الشعور العميق بالفقد، بالعطب، بالأسئلة المعلقة التي لا إجابة لها.
السهل الممتنع هو ربيع جابر .. الروايه تتحدث عن رالف رزق الله ، الرجل الاربعيني الذي ينتحر من فوق صخرة (الروشة ) لـ رالف علاقه بربيع مُبهمة ، يقول لنا انهم تزاملوا سابقا في احد الصحف ، غير ان الجمله التي تتكرر دوما ، هي ان ربيع احنى رأسه في المدخل حين رأى رالف .. فهل كان يقصد انه تجاهله فعليا ؟ ام انها ترمز لشيء اخر ؟ العجيب ان رالف دكتور نفسي .. وربما لأنه فهم نفسه والبشر اكثر من اللازم ، عرف انهم لا يصلحون للعيش .. بالمناسبة فحين اقول ربيع جابر ضمن سياق النص فهذا لأنه وضع اسمه فعلا كـ اسم بطلنا الثاني .. روايه بخيلة الاحداث تتمحور حول امر واحد ، بل وبها بعض الكئابه ، هل انفرك من قراءتها ؟ مُطلقا ، لأنه حين ترى اسم ربيع جابر موقعا عليها تعرف انك ستغرق بها سريعا باسلوبه ..
قرأتها لأني شعرت أني بحاجة إلى أن أقرأ لربيع جابر، ثمة سؤال يلح عليّ كل حين: أين اختفى ربيع جابر؟ لماذا لم يعد يكتب الروايات؟ هل هناك من يعرف عنه شيئا أم أنه اختفى تماما كأحد أبطال رواياته الكثيرين؟ الرواية بسيطة الحبكة لكن المأساة تكمن فيها ككل روايات ربيع جابر، لابد أن تشعر بهذا الحزن الذي يتوغل في القلوب ويفوح من كل شيء، هذا الحزن غير المفهوم الذي يقبع في خلفية الأحداث مهما كانت عادية ومألوفة، لا أعرف، أبدو متناقضة، أحداث روايات ربيع جابر ليست عادية ولا مألوفة، إنها غريبة فعلا، فلماذا أحمل هذا الانطباع عنها بكونها عادية؟! ربما لأنه يسردها ببساطة ودون تكلف، أو ربما لأنه يقصد ذلك، يقصد أن يقول أن حياتنا اليومية المألوفة تنطوي طول الوقت على أحداث غريبة ومأساوية يمكن أن تفاجئنا في أي لحظة لتحرف مسار حياتنا وتقلبها رأسا على عقب. رالف رزق الله مواطن لبناني عمل بالجامعة والصحافة، لأسباب غير معروفة لأي أحد يقرر فجأة الانتحار، ربيع جابر أو الراوي يشغله ذلك ويحاول أن يفهم لماذا انتحر رالف رزق الله فيقترب من عائلته ويفتش في ماضيه ويسمع حكايات عنه من أهله وزوجته وأولاده، أنا شخصيا لم أفهم لماذا انتحر رالف رزق الله ولا أرى أي حكمة أو فائدة أو معنى وراء القصة، وهذا ما جعلني أراجع تاريخ قراءاتي العديدة لربيع جابر وأتساءل عن المعاني التي حصلتها منها من قبل، لقد كنت دوما أشعر بأن المعاني في قصص ربيع جابر لا يمكن استخلاصها، لأنها جزء من نسيج القصة نفسه، فأحداث القصة بعاديتها ومأساويتها وتفاصيلها التي يبرع في وصفها ربيع جابر هي الثمرة الحقيقية من القراءة كان ربيع جابر يصف مشهدا عاديا جدا في هذه الرواية، أظن أنه كان يشرب القهوة مع والد رالف رزق الله، كان يحكي بعباراته القصيرة البسيطة لكنني فجأة بكيت، لقد حاولت أن أفهم لماذا أبكتني عبارات عادية تصف مشهدا عاديا فلم أستطع، هل هي المشاعر الغامضة التي ينتزعها منا بعاديته المفرطة؟ هل هو الحنين الحزين الذي يدفعنا إليه طوال القراءة؟ هل هو التعاطف العظيم الذي ينمو داخلنا تجاه شخصياته كسيرة القلب وهي تعيش مأساتها بذهول واستسلام؟
على العموم كل هذه أسئلة لا إجابات لها، عايزين نسأل الأسئلة المهمة التي لا إجابات لها أيضا: أين اختفى ربيع جابر؟ ولماذا لم يعد يكتب روايات؟!
عندما تتنهتى اخر سطور الروايه تقف مشدوها تاخد نفسا عميقا تحاول ان تفهم ان تستوعب تفكر فى الوحده التى عاشها رالف تجد داخل نفسك رالف اخر لكنه لم يجرؤ على التعبير عن نفسه بعد تحاول ان تستوعب هذا الكم من الاسقاطات داخل الروايه تجدها متطابقه معك مع حياتك كالعاده بعد كل روايه لربيع جابر تجد نفسا عاجزا عن تقييم العمل وتظن ان ربيع جابر اعطى كل ابداعه فى هذا الكتاب وليس لديه جديد ليقدمه فيما بعد وعندما تبدا روايه جديده له تجد انفاسك تتلاهث داخل جدران الراويه عجيب ذاك الاسلوب الممل المفصل الذى يخطفك فتذوب داخله لتطلب المزيد منه
إنها أصدق الروايات الواقعيَّة التي قرأتها في حياتي -إن كانت رواية بالفعل- وليس واقعًا موازيًا عاشه الكاتب ذات يوم. لا تقرأ هذه الرواية على عجل. لا تقرأها في جلسة واحدة. تذكر أن تتنفس كل برهة وأخرى. لا تفكر كثيرًا مثلمَّا فكر راويها. إن كنت معجبًا بالدببة القطبية لا تقرأها. أعد لنفسك أكوابًا لا تحصى من القهوة. ستقرأ أفضل مقدمة لرواية ستمر عليك. حاوّل ألا تنظر في المرايا. تَّذكر، لا تنظر في المرآة. ستقرأ أفضل خاتمة لرواية ستمر عليك. رالف لن ينسى...وكذلك -هامبتي- فبعد كل شيء، لقد تذكر آليس.
ربيع جابر يكتب على طريقة الدببة .. أنا لا زلت لا أدرى إذا كان جاداً ام مازحا فى كتابه هذا .. هل كان يسخر من العالم ام من نفسه أم منى أنا ما يتميز به جابر انه يستطيع أن يكتب و ان كانت الكتابة فى غير المضمون لكنه يكتب .. اما عن الإنتحار فهو فى نظرى هو القرار الأوحد الذى لا تردد فيه إما "بونجا أو الموت " :'D .... كتاب آخر رائع لربيع جابر ..
رواية العزلة والهشاشة والدب القطبي، لو لم تخفض عينيك يا ربيع!
"ملكة التعبير عند الدببة فقيرة جدا، وبدائية جدا. لهذا السبب يتم تصنيف الدببة في السيرك على أنها الأخطر بين الحيوانات البرية، لأن المدرب لا يفهم تعابيرها، لأنها لا تعرف كيف تعبر عن أحاسيسها، وهو الأمر الذي تجيده جميع الحيوانات الأخرى."
أذكُر قبل ٤ سنين، وكطالبة علم نفس في الجامعة اللبنانية، يوم كانت تتكلم الدكتورة عن موضوع الانتحار، وذكرت الدكتور رالف رزق الله الذي غادر هذا العالم قافزاً إلى البحر، بعد أن شرِب قهوته في المقهى المذكور في الرواية، ولم أنسى هذه الحادثة منذ أن أخبرتنا بها.
عثرتُ منذ أيام، وبالصدفة، على هذه الرواية. لم أعِر اهتماماً للعنوان أو الاسم إلّا حين قرأتُ الملخّص واسترجعتُ ما سمعته منذ ٤ سنين عندما لم يفارقني السؤال وقتها؛ كيف لدكتور في قسم علم النفس أن ينتحر؟
لقد وجدتُ رالف رزق الله متجسّداً في ربيع، كما وجدته متجسّداَ في نفسي، في انعكاسي في المرآة. الوحدة، الغربة والسوداوية التي انهالت على كيان الدكتور قبل أن تجعلهُ يقفز. كلّها مشاعر متأصّلة في كل شخص فينا، بدرجات متفاوتة، بعضنا يعرف كيف يتعامل معها وبعضنا الآخر يخدّرها، لنعيش هذا العمر القصير.
بكيتُ في نهاية الرواية تماماً كما بكيت لوحدة الدب القطبي، وعلمي بأن الحيتان تنتحر، ورغبة "عبير" في التكلّم معك، أيّها الكاتب، علاقة عاطفية فاشلة؟ لستُ أدري ولكنّني أخمّن.
للاسف لم أجد في الرواية سوى ثرثرة ربيع جابر بدأت الرواية بداية جميلة لكنها في مكان ماء فقدت تماسكها فبدلا" من متابعة البحث لمعرفة أسباب أنتحار رالف أتجهت الى منحى أخر ثرثرة من نوع وصف لصور رالف ووصف للشوارع وتاه الموضوع الى شرح عن وحدة الدببة وفي النهاية وجدنا رواية لا تنتمي الى روائع ربيع جابر كما خبرناها .... ربما هي البدايات
كان يدعى رالف رزق الله. في صباح السبت 28 تشرين الأول 1995، أوقف سيّارته التويوتا الخضراء بمحاذاة الرصيف أمام مقهى دبيبو، ثم ترجل منها مسرعاً، وتسلق الحافة الحجرية القصيرة، وقفز إلى الفضاء. قبل أن يقفز شرّع ذراعيه كالصليب، خلفه بيروت، وقبالته صخرة الروشة. كان يرتدي بنطلونه الجينز القديم، والقميص الكاكي الذي اشتراه قبل سنتين. كان في الخامسة والأربعين من عمره. ورمى نفسه
يمكنني أن أقول اني عرفت عمق ربيع جابر من هذا الكتاب كيف يختار خمسة أو ستة أشخاص فقط .. ثم يحشر نفسه في هيئاتهم وملامحهم و كذلك صراعاتهم الذاتية، وفي الاخير يصف هو نفسه أحببت هذه الرواية.. وأحببت خاتمتها كثيرا
تجرعت الرواية على ليلتين. أتعبتني بهوامشها التي تحتل المتن، وأسرتني بغرابتها، ولم أمنع نفسي في التماهي مع كثير مما ورد على لسان جابر. هي جديرة بالقراءة، ولو أن اللبس يكتنف مسارها.
رواية عن الأسئلة .. الأسئلة أهم شيء في الحياة .. لكل منا اسئلته الخاصة وكذلك أجوبته الخاصة إلا النادر تجربة جيدة لربيع جابر خاصة أنها من روايات البدايات
طقس صيفي يمكن اعتباره سنوياً الآن: أقرأ عملاً لربيع جابر ابتعته من معرض الكتاب الذي سبقه. دروز بلغراد، الاعترافات، أميركا، ثم هذا. وأحرص على الكتابة عنها رغم توتر علاقتي بمحتوى الكتب أو المحتوى عموماً طالما أنه عن غير غزة. شيء يشبه تقافز قارئ لزج، يرغب باستماتة أن يرتبط اسمه بكاتب ما. وبما أن ربيع جابر أصابته حسب ما تعارف عليه الجمهور بـ "لعنة البوكر" إذ لم ينشر شيئاً منذ فوزه بالجائزة عام 2012، وبما أنني قرأت أربعة أعمال مما مجموعه ثمانية عشر عملاً، ربما ابتلعها بوتيرة أسرع، أنتهز هذه الفرصة لأقول له: أمامك مهملة ليست بالطويلة، لتنفض عنك الغبار والشائعات واللعنات وتأتي.
ولأسباب مثل هذه، رضيت بالعمل الذي قال بائع الآداب في المعرض أنه الوحيد المتوفر (علمت لاحقاً أنه ليس) رغم ارتيابي من الغلاف والذي وصفته لأصدقائي (واعذروا لغة أبناء جيلنا) "كأنه من الديب ويب" والطبعة القديمة برمتها المليئة بالبقع التي طلبت على إثرها أن يغيرلي البائع النسخة فأنبني بلؤم الباعة المعتاد (الذي لا أعرف سببه أو أدعي أنني لا أفهم) أن جميع النسخ هكذا بسبب قدم الطبعة. فكرت أنني سأنتهز الفرصة لقراءة عمل غير معروف لجابر، لأثبت أنني لست مثل الآخرين، يقرأون عملاً وعملين مشهورين لكاتب مدّعين أنهم يحبونه. ثم أكتب عنه لاحقاً لأقول أنني معجبة حقّة.
لكن هذا الكتاب لم يكن سهلاً مثل ما توقعت له أن يكون؛ بسبب حجمه وألفة أسلوب الكاتب عندي. كأنه علم بنواياي فأراد أن يتحداني أكثر، منذ التنويه الذي واجهني في البداية، فقرأته متململة ظانة أنه التكرار المعتاد، لتفاجئني أحداث الرواية رويداً رويداً، ربيع جابر يتحدث عن نفسه ويذكر أسماءً مثل إلياس خوري وبسام حجار، قرأت كل هذا بين الدهشة والانكار، حتى إذا ما أنهيت العمل وبدأت مهمة البحث، أصطدم بصورة رالف رزق بحاجبيه المتلاصقين وشعره الرمادي، ومقالات قديمة وجديدة عنه، أو عنهما معاً (ربيع ورالف) وكتابه الأشهر: يوم الدم.
ولا أعرف لماذا صدمني وزعزعني كل هذا. اعتدت أن تهزني القراءة لربيع جابر، ظننت أنني مستعدة. لكن مهمة البحث والتقصي التي ضلع بها الكاتب ودوّنها في عمله هذا كانت شيئاً حاداً وملموساً أكثر من مجرد عمل إبداعي عادي. ينتحر رالف رزق الله وهو في الخامسة والأربعين من عمره، دكتور علم نفس في الجامعة اللبنانية، بعائلة سعيدة وحياة -في ظاهرها- شبه مستقرة. فيثير انتحاره تساؤلاً مدرياً في حياة كل من عرفه على رأسهم ربيع جابر، الذي أنزل رأسه في آخر مرة التقاه فيها وهو خارج من الملحق الثقافي لجريدة النهار، وظل هذا المشهد يطارده ملحاحاً ومؤثراً.
أياً كانت الدوافع التي كتب جابر على إثرها هذا العمل، فإن ما فعله هنا كان سوالاً مفتوحاً عن ليس انتحار رزق الله فقط، "المثقف الذي قتلته أمراض المدينة" ولكنه سؤال مفتوح عن الحرب والتعاسة والندم والاغتراب والجدوى. أثارته من قبله مقالات رالف رزق ذاته، ومن بعده كل هذه المقالات التي لا زالت تكتب عنه إلى يومنا هذا، من رفاقه السابقين أو قرّاء ضائعين مثلي.
ما أودّ قوله، أن هذه المئة وثمانين صفحة، أكثر فجاجة مما سيتوقع أي قارئ، بما فيها تلك الأربع صفحات عن الدب القطبي، تلك التي لن أتجاوزها بسهولة، وجاء حلمي باثنان منها تدك جدار غرفتي المقابل لسريري بعد أكثر من أسبوع من انهائي للعمل ليؤكد ذلك.
عن ماذا تتحدث هذة الرواية؟ هل عن الراحل رالف رزق الله؟ أم عن ربيع جابر ذاته؟ أم عن لبنان؟ أم عن الإنسان والوجود؟ أم عن كل ما سبق؟
في لعبة سردية حداثية شديدة الدهاء والمتعة والعذوبة يأخذ ربيع جابر القارئ في رحلة إلي بيروت بعد خمس سنوات من إنتهاء الحرب الأهلية اللبنانية .. لا تذكر الحرب بتاتاً طوال أحداث الرواية اللهم مرة أو أثنين بطريقة غير مباشرة .. لكن ظلها كالكسوف حاضر في الخلفية يغيم علي كل التفاصيل ويضفي عليها سواد حالكاً لا فرار منه
عبر قصة رالف المؤلمة والغامضة نخوض رحلة بحث يخيم عليها الحزن والصداع والهلوسة عن الحقيقة الغائبة والتي ستظل غائبة حتي النهاية
في أجواء حداثية تتداخل فيها الحقيقة مع الخيال والأحلام والهلاوس وتتلاشي فيها أشكال السرد الروائي الكلاسيكية وتحضر بقوة أجواء الصحافة الاستقصائية وتداخل مع هو روائي مع ما هو معلوماتي والإنطباع الشخصي والسيرة الذاتية مع الحقائق والمواد التوثيقية نخوض رحلة تطرح الأسئلة أكثر من وصولها إلي إجابات مفيدة وتركز علي البحث والتأمل أكثر من سعيها وراء الحقيقة
تنبت الرواية من أرضية خصبة سمادها قصة مشوقة ومخيفة وغامضة لإنتحار كاتب شاب ذائع الصيط في الأوساط الثقافية اللبنانية .. أما طينتها فهي تجربة ربيع جابر التي يرويها من منظور الراوي الداخلي ويتناول فيها وصفاً وسرداً كل تفاصيل رحلته منذ تلقيه الخبر وحتي كتابته للسطور والأولي من الرواية .. علي طريقة فيلليني في ثمانية ونصف حينما صنع فيلم عن صناعة الفيلم ذاته .. لكن التجربة لم تتوقف فقط عند رحلة البحث بل تطرقت لحياة ربيع نفسها وهواجسه وأفكاره وقراءاته .. تطرقت إلي كافكا وبيسوا والدببة القطبية وحياته في قبوه وأحلامه وإنطباعته عما يقرأ ويتناول وصداعه المزمن وكيف رأي أهل رالف ومادته الفوتوغرافية ورؤيته لحياته ولماذا كل هذا الإهتمام لشخص لم تكن تجمعه به علاقة وطيدة
الرواية تشبه إحدي القصص القصيرة لتشيخوف تسمي "العطسة" عن رجل عطس في وجه رجل أخر في حفلة وظل يعتذر له حتي أزعجه ودفعه للصراخ في وجهه وعدم قبول الإعتذار مما أدي لوفاة المعتذر حزناً .. لكن هنا لا يموت الراوي الحساس فعلياً لكنه يغرق في بحور الشعور بالذنب تجاه رالف بعد أن تجاهله في أخر لقاء بينهما وكأنه يريد أن يثبت لذاته أنه لم يكن بمقدوره أن يثنيه عن قراره
ما بين السطور وبين ثنايا رحلة ربيع جابر المهتمة بوصف وتصوير كل تفصيلة في الأماكن المتواجد فيها نجد شبح الحرب موجود عند كل زاوية وحاضر في كل تفصيلة .. حتي في كلمات رالف الأخيرة لزوجته .. لم يعد الناس بشراً .. صاروا وحوشاً .. أثار الدمار لم تترك البيوت والشوارع بعد .. ولا النفوس
قد يكون رالف ضحية غير مباشرة لعالم ما بعد دمار الحرب .. أو لعل الدمار فتح عينيه علي الحقيقة المرة التي لا فرار منها سوا بالموت
إكتئاب مع بعد الصدمة؟ .. من يعلم
الخطير في الرواية أنها لا تتحدث فقط عن رالف ولا عن ربيع .. بل عن الوجود وعن أنفسنا .. لذلك أعتبرها من أقسي ما قرأت وأشد النصوص التي قرأتها في حياتي رعباً
عفوًا ، النجمة الواحدة ؛ لأنَّ اللغة جيدةٌ ، أما عن الحبكة ؛ فقد ظننتُ - وما زِلتُ- على طول الرواية أني لم أكُ بالتركيز الكافي لاستيعابِها ، وكلّ حينٍ أذهب لقراءةِ الـ reviews ؛ لعلِّي أجدُ ما لم أصِل له مِن معنى ، ولكني لم أجد سوى استطرادٍ في وصفٍ للصورِ والأماكن ؛ فـ حدثتني نفسي أن ربما يقومَ الروائي بعملِ المحققِ وقد انتقلنا إلى روايةٍ بوليسيَّةٍ وما أجملَ هذا لقلبي ! ولكني صُدِمتُ ثانيةً وذهبتُ لقراءةِ التعليقاتِ ، ولم أجد جديدًا ! ولم أزددْ إلَّـا حيـرةً ! وما أوصلني لقمةِ الحيرةِ وأظنهُ للآنِ شيئًا لم أستوعبه ربما ، التناقض بين ما وردَ في صفحتي ( ١٤١ ، ١٦٣ ) من وصفٍ للجثةِ أم كان يقصدُ شخصًا آخر !! أعتقد أنَّ الكاتبَ لتركيزهِ على فكرة معينةٍ ، قد ضرب بكلِّ بناء الرواية عرض الحائط ! أو ربما تحتاجُ لقراءةٍ أخرى بتأنٍّ ودراسة للوصول لما وراء السطورِ 😐
This entire review has been hidden because of spoilers.
القراءة الثانية ل ربيع جابر بعد دروز بلغراد, ماذا تعتقد لو نظرت في المراّة, بقصد تأمل نفسك و معرفة الجزء المفقود من المراّة, قصة انتحار رالف رزق الله بكل ملابساتها, يتحدث عنها ربيع جابر احيانا بغرض الكتابة عنه و احيانا تشعر انه محقق وصف جميل لصخرة الروشة كعادة ربيع جابر في قدرته على الوصف و السرد البسيط السلس
رغم انني لن امنحها اكثر من 3 نجمات الا انني متيقنة ان ربيع جابر كاتب رائع للغاية.. ربما عقدت امالا اكبر مما يجب عليه و لكن ما قراته لم يكن رواية بل كان من نوع ادبي أرقى ربما و هذا ما جعلني اشعر ببعض الخيبة لانني توقعتني اقرأ رواية تشبه حبكة دروز بلغراد او اعترافات .. رالف رزق الله في المراة رغم انها لن تاخذ مني سوى 3 نجمات الا انها عمل ادبي محترم للغاية لكاتب ناجح للغاية سأقرا له المزيد