أحدُ أبرز الشعراء والكتاب العرب من الجيلِ الستيني. ولدَ في بغداد 1945، وتخرّج من جامعتها، وانصرفَ بعد عامٍ في التدريس إلى العملِ الحرّ ككاتب. هاجر إلى بيروت وأقامَ فيها 69 ـــــ 1972، ثم إلى لندن، منفاه الثاني، منذُ عام 1979 حتى اليوم. أصدر مجلةَ «اللحظة الشعرية» لبضعة سنوات، وواصل كتابةَ عموده الأسبوعي في الصحافة الثقافية طوالَ حياته، في الشأن الشعري، الموسيقي والفني. له أكثر من 22 مجموعة شعرية، منها مختاراتٌ صدرت في الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، والإيطالية. إلى جانب الشعر له أكثر من 18 كتاباً في حقل النقد الشعري، الموسيقي والقصة. وله معارض عدة كفنان تشكيلي
فوزي كريم يكتب عن الذات والوطن والغُربة والحنين صوت شعري جميل.. هادئ وحزين
تراكمت على ردائي مِحنُ الماضي، وما تهرأ الرداء لأن كل ما ارتكبتُه من الأخطاء, صار من الرقة خيطاً في نسيجه ------- أأنا شاعرٌ، وإذا كنتُ من يختبر قدرتي في احتمال الخسارة واليأس؟ تضحيتي حفنة من قصائد أندبُ موتاي فيها وعلى كاهلي يقفُ النسر أحدب، أوهنه الطيرانُ بلا هدف ------- في الليلِ أطفئُ كلَّ ضوءٍ أترك الشباكَ دون ستارةٍ، وأشرّعُ الأبواب إني أعرضُ للغزاةِ خرائبي.. كتباً ومحبرةً وأشباحاً ------- لو أن كل ضحيةٍ تُنبيكَ عمّن أسهموا في القتل, من يدري؟ لعل ملامح الوجه المقاتلِ فيكَ أقربُ قاتليها ------- سأعود غدًا أو بعد غد وأعيد السمك من الحوض الراكد لمياه التيار ما أطول درب العودة يا بغداد ما أطولها سنوات المنفى من دونك طمّعني ربع القرن بأن اختلق بديلا عنك ذاكرتي قطعت حبل الوصل مع الزمن العابر وانتبذت بيتا في مرتفع التل لا يرقى الطيرُ إليها, أو ينحدر السيل ستكون وسيطي حين أعود وأنيسي حين يضيقُ على عنقي حبلُ الحاضر
آخر الغجر" يفيض في الكلام عن اوضاع كثير من العراقيين شعراء وغير شعراء ممن شردتهم في انحاء العالم سنوات الأسى المتتالية في بلادهم. كثير من قصائد المجموعة يصور فعل الزمن والاحزان والغربة في الانسان. فالعمر يمر ويترك وراءه شيبا في الرؤوس وتجاعيد في الوجوه وانحناءات قاسية في الاجسام تنذر بعجز قادم بعد خطوة او خطوات. وعلى رغم الاهوال والفواجع القديمة يبقى الامل يرافق المشرد في غربته فلا وطن بديلا عنده حتى بعد تشرد ربع قرن. في قصيدة "سأعود يوما" يقول الشاعر "سأعود غدا او بعد غد - وأعيد السمك من الحوض الراكد - لمياه التيار - وغنائي من منفاي الى الخمارة - يا خمار - عريني من وطاة ذاكرتي عري الفتيان - من وطأة موتاهم - ...- ما أطول درب العودة يا بغداد - ما أعمق رائحة الجلاد - ما بين غضونك - ما أطولها سنوات المنفى من دونك - طمعني ربع القرن بأن اختلق بديلا عنك - فهلّ رماد من رأسي ".