"الجدة هانم ما زالت تمشي، تبحث عن بيت ابنتها نرجس ناحية يدها الشمال، وشباكها الأخضر المفتوح. تدور مع الأزقة، وتغيب في الحارات، تفتش في وجوه الناس، تلج البيوت المفتوحة وتغادرها. وتدخل الدكاكين على أصحابها، تتفرج، وتلمس فترينات العرض الزجاجية بأصابعها الدقيقة الجافة، وتضحك في عبها. وتدارى اخضرار وجهها الغريب في طرحتها الحريرية السوداء. إذا داهمها الليل تحتمي بالماء. تنام جالسة بجرمها الصغير تحت شجيرات الخروع بأوراقها العريضة المائلة على حافلة النهر الساكن، تغفو، وتقوم على ارتجافه الفجر الفضي عبر الكوبري الحديدي القاتم. تبلل وجهها وتمضغ قبضة من الأعشاب الرطبة وتحبو. تطلع أعلى الشاطئ المنحدر، وتقف هناك تحت الكافورة الكبيرة العالية. الجدة هانم تنظف ثوبها من قش المكان. وترهف أذنيها صوب موكب عربات الكارو القادمة من سكة القناطر وهي تقترب، محملة بالخضر الطازجة. تتابع خبب الخيل التي يقودها الرجال النائمون في ضباب الصباح. تسمع رنين الأجراس النحيلة وعي تتأرجح, تشيعها وهي تخبو وتغيب، واحدة تلو الأخرى عند انحناءة النهر. وتنادى، على أحداً يسمها: "مش رايح البلد يا بني؟" "إبراهيم أصلان" تركها عصافير النيل ترفرف في ثنايا روايته كأنها الأحلام في ليالي الطفولة... تنساب الأحداث فيها كانسياب ماء نهر غزير، متعاقبة تسلسلها العبارات التي تحمل سمة العفوية فلا يغدو بين القارئ والراوي حواجز... يتداخل فيها... يتفاعل مع أشخاصها وكأنه واحد منهم يتحدثون ملياً في قصص الحياة
Ibrahim Aslan ولد إبراهيم أصلان بمدينة طنطا بمحافظة الغربية في عام 1935، ثم إنتقلت أسرته الى حي إمبابة الشهير التابع لمحافظة الجيزة. بعد أن أتم دراسته عمل بهيئة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. بدأ أصلان الكتابة والنشر في عام 1965. وفي عام 1987 تم إنتدابه للعمل نائبا لرئيس تحرير سلسلة مختارات فصول وإستمر بها إلى أن خرج للمعاش في عام 1995. فى عام 1997 عمل رئيسا لتحرير سلسلة آفاق الكتابة وأستمر بها الى أن استقال منها في عام 1999 عندما اشتعلت أزمة رواية (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر، لكنه إستمر فى العمل لبعض الجرائد الخليجية بالمكافأة، والحياة اللندنية بالقطعة.
من أهم الأعمال التي كتبها أصلان هى : بحيرة المساء ، ويوسف والرداء ، وحكايات من فضل الله عثمان ، ومالك الحزين (والمأخوذ عنه فيلم الكيت كات الشهير الذى لعب دور بطولته الممثل محمود عبد العزيز)، ووردية ليل، وعصافير النيل، ثم خلوة الغلبان. يتميز إبراهيم أصلان بالمحلية الشديدة في كتاباته، فهو يستمد شخوصه ببراعة تامة من الحى الشعبي الذى عاش فيه كل حياته وهو حي امبابة الشهير، إضافة الى انه يرسم بكتاباته الأزقة وحواري تلك المنطقة فتشعر وكأنك تعيش فيها وتتحرك داخلها، وهو في هذا الصدد شديد الارتباط بالأرض والواقع الذى عاش فيه.
من خلال إبراهيم أصلان عرفت عبقرية وسحر البساطة. أنا ممتن للصدفة التي جعلت من إبراهيم أصلان روائيًا، فإجازة التفرغ التي حصل عليها بتوصية من نجيب محفوظ ولطيفة الزيات كان ينوي بها كتابة مجموعة قصصية أخرى لكنه لم يعرف أنه لابد أن يكتب رواية بهذه الإجازة، وكانت رائعته مالك الحزين هي البداية. كتابات أصلان تترك أثر عميق في النقس بأسلوبه المميز البسيط وحكاياته الساحرة النابعة من فضل الله عثمان والكيت كات والأحياء الشعبية.
عصافير النيل الأكثر نضجًا بين روايات أصلان.. تيدأ بتوهان الجدة ثم تعيش مع كل شخصية في جزء إلى أن تموت.. السرد متقطع ودائم التنقل بين الماضي والحاضر، على حسب الحاجة في سرد الحكاية. الصدق في العاطفة والقرب من النقس البشرية هي أفضل ما يفعل أصلان في كتاباته.
وأقول مرة أخرى بأنني بعد أن انتهي من أي عمل لأصلان تنتابني حالة من الحزن لادراكي أنني لم يتبق لي سوى القليل مما كتب.
إنتهيت من هذه الرواية العذبة الآن وأشعر بالحزن لذلك، وأشعر بأنى أريد أن أقابل هؤلاء الناس : عبد الرحيم ونرجس والبهى عثمان وعبدالله وإحسان. أجلس معهم على كنبة بلدى وقت العصارى وشعاع الشمس مائل على الحائط ونشرب الشاى معا وأسمع ذكرياتهم الحميمة، وسوف تحرص نرجس أن تحدثنى عن سريرها النحاسى وطقم الصينى الذى اندثر مع الزمن. إبراهيم أصلان يحكى عن البشر والأشياء والحياة والحب والإستمتاع والمعاناة والمرض والموت، عن التفاصيل التى تشغل ذهن كل شخصية، ما يراه وما يسمعه وما يجلس عليه وما يمسكه وما يملكه وما يحبه وما يكرهه، يصف الملمس والألوان والروائح والأشكال، عن الأمور والأشياء ليست "كما هى" وليست "كما نعرفها جميعا" وإنما من خلال عين وإحساس وإدراك كل شخصية، فيتحول كل شعور إلى خبرة ذاتية فريدة، وكل موقف إلى شىء غريب بالنسبة للشخصية، حيث نجد أن الشخصيات "تندهش" أو "تستغرب" لإدراكها شىء يمكن أن نعتبره عابر أو عادى أو لا يثير الإهتمام أو الإستغراب، ويمكن أن يكون هذا الشىء هو شعور أو عاطفة مرت بها الشخصية واندهشت لها لأنها لأول مرة تدرك أنها يمكن أن تشعر على هذا النحو.
هذا نوع من الكتابة يجعلنى أشعر بالشجن والحزن النبيل وبأن هناك فى الحياة أشياء جميلة وحميمة لا تشترى بالمال. نوع من الكتابة يجعل الواحد يشعر أنه أصبح إنسانا أفضل بعد قراءته، نشعر بإنسانيتنا وضعفنا وبالمباهج الصغيرة التى يمكن أن تسعدنا، نعذر أنفسنا ونعذر غيرنا ونتسامح مع كل البشر.
" هو فيه ايه ؟ " الجملة التي لم أقل غيرها وأنا أقرأ هذه الرواية
توهان غير طبيعي ، توهان لم أشعر به منذ مدة طويلة وأحداث باهتة لا هي مثيرة ولا درامية ولا فلسفية ولا لها أي معني وشخصيات كثيرة ، بعضها يظهر فجأة ، وبعضها يختفي فجأة .. زحمة ، وخنقة وحوارات لا محل لها من الاعراب ثم يأتي ختام هذا المزيج العصيب الغير محتمل بالنسبة لي .. الملــل
الطبيعي عندما أقرأ رواية تدور أحداثها بين المهمشين أو طبقة المطحونين في المجتمع بوجه عام ، على أقل تقدير ، أتعاطف مع أبطال الحكاية ، ولكن هنا ، الشخصيات بجد تشعر إنها بلا ملامح ، بلا أي خلفية تدفعني للتعاطف معها ، وتشعر أنها كلها نفس الشخصية ومنسوخة كذا مرة مع تغيير تفصيلة بسيطة ،
وصلت لصفحة 120 وقررت التوقف عند هذا الحد
للمرة الثانية في خلال يومين على التوالي ، ولأول مرة تحصل لي ، أجد نفسي غير معجب بعمل أثار دهشة واعجاب العديد من القراء ، فتقبلوا رأيي المتواضع وعدم انضمامي لصفوف المعجبين بالرواية بصدر رحب
برع إبراهيم أصلان في رسم أشخاص روايته ، وفي وصف الأماكن والأحداث ، مستخدماً لغة بسيطة غير معقدة تعبر عن بساطة الشخصيات التي تتحدثها ، ولغة مرنة ضمنت سمات كل عصر من العصور التي تحكي عنها ، فالرواية تتدور في أزمنة مختلفة يتقاطع ماضيها مع حاضرها ربما تربكك بتداخل الأشخاص والأسماء ، ولكنك تستدل علي الزمن من اللغة التي تحتوي بعض الأشياء الدالة ، فهي تفرق بين الحقبة الملكية والناصرية أو الحقبة الحديثة التي ظهرت فيها الإلكترونيات مثل التلفاز والأتاري ، اللغة هي مربط الفرس لتلك الرواية فمن خلال اللغة البسيطة الشعبية المستخدمة تتجلي المعاني من وراء الرواية ، فنجد أن الوصف واللغة المستخدمة في الوصف جاءت صريحة وجريئة معرية للواقع وللنزوات الجنسية بالطريقة التي تحدث في مثل هذه الأماكن لم يستحي إبراهيم أصلان من ذكر الواقع كما يجري حتي يضعك في قلب الحدث كاملاً ، أحياناً أعيب علي الكاتب إستخدام الجنس والوصف المبالغ فيه ، ولكن في رواية إبراهيم أصلان كان للجنس عامل قوي في تعريف القارئ علي الشخصية البسيطة حتي في إفراغ شهواتها مثل عبدالرحيم بطريقة عفوية بهيمية ، اللغة أيضاً عبرت عن الرواية فإختيار لفظ العصافير جاء معبراً عن شخصيات تلك الرواية التي تتسم بالهشاشة في تأثيرها في الحياة ، فهي شخصيات هامشية تعيش علي الهامش لكل منها عالمه ، ولا يحمل في قلبه شراً أو خيراً هو فقط يعيش وفق دوافع تلك الفترة ، فشخصية عبدالرحيم كانت شخصية القروي البسيط الذي يسلم نفسه لموج البحر يحركه كما يشاء ، زواج طلاق عمل تسريح لا يهم فكلها أقدار لا يستطيع عبدالرحيم تغييرها ولا يبالي ، أما النيل كان هو المكان الثابت بما حوله وما علي ضفافه مكان فضل الله عثمان الثابت أيضاً لا يتغير سوي الأشخاص يتغيرون دون أن يحدثوا تغيير في طبيعة الأحداث والمكان ، لأنهم عصافير ، يتسمون بالهشاشة ولا يقوون علي التغيير ، الوصف عند إبراهيم أصلان وافي وكافي حقاً ومتقن ، فمشهد الغُسل أثار في قلبي رجفة وشعرت كأني أراه وأشعره أني أنا المغسل والمغتسل ،ووصف الأماكن كان متقناً للتعبير عن الإنتقال من زمن لأخر ، فهي نفس العربة تجدها حية تبرق في زمن وتجدها غابرة لم يبقي منها سوي الهيكل في زمن آخر لتستدل علي النقلة من زمن لأخر ، ناهيك عن روعة السرد والقص التي لا تشعرك للحظة بالملل ,, إبراهيم أصلان رغم كرهي للإغراق في إستخدام اللغة الشعبية في رواية إلا أنه مع إبراهيم أصلان الوضع يختلف ، اللغة تأسرك ، جريئة واضحة صريحة ..
من أين جاء إبراهيم أصلان بتلك الشخصيات؟ من أين ذكرهم حيث عاشوا و ماتوا منسيين لا يذكرهم أحد؟! من أين رسم لنا تلك الصور لفضل الله عثمان الذي يبدو و كأنه أول العالم و آخره؟
كيف عاش هؤلاء المنسيين بلا ترابط حقيقي بواقعهم ولا اهتمام بواقعهم بهم؟! لم يأتوا للدنيا مهمين و لم تشعر الدنيا بوجودهم، فجائت بداياتهم ختلطة مع نهاياتهم! تشابهت حياتهم مع الموت فاختلط بها! و لم يبدو أن للنهاية أهية ففقدت البداية اهميتها كذلك
نفوس محرومة خائفة، منسية، بلا بداية ولا نهاية ولا أحلام! يحلمون بصيد السمك فيصطادون احلاما طائرة سرعان ما تفر من سنانيرهم .. يحلمون بالقبض عل ىالحرية فتهرب منهم حتى و هي عرجاء فتزيد فشلهم احباطا و يأساً
شخصيات نسيها الواقع .. فأتت خيالية .. مؤلمة .. ككابوس أفزعك و صحوت لا تذكره .. فصحا العالم لا يذكرهم!
هذه رواية لا تنسى بحوارتها البسيطة وشخوصها الساذجة و ردودهم العفوية ..ستنهى الرواية ولا تزال حوارتها عالقة فى ذهنك ..ستبدأ فى القراءة ولن تتركها الا مع النهاية ..ابراهيم أصلان ساحر بكل معانى الكلمة ..ستضحك عاليا من هؤلاء البشر و أفعالهم الغير مبررة فى أحيان كثيرة !! ...
أحب أن أؤكد أولاً أني لم أقرأ هذه الرواية بطبعة دار الشروق، وإنما وجدتها عندي (وبعد مشاهدة الفيلم بفترة) صـدفـةً نسخـة الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتهمتها كما يأكل هذا الرجل شقة البطيخ في 4 ساعات تقريبًا . والغلاف هنا لا يوحي بأي شيء من الرواية ـ فيما أرى ـ فيما كان في الغلاف الثاني "القديم" صورة لمركب شراعي، قد يوحي بأن هناك نيلاً :) المهم
الرواية في نظري ـ لاسيما مقارنة بالفيلم السينمائي ـ جيدة إلى حد بعيد، برع فيها صاحب "مالك الحزين" في رسم تفاصيل شخصيات بسيطة بإتقان بالغ، صنع منها ما أعتبره شاعرية أحداث، وساءني كثيرًا أن تم التركيز في الفيلم على التفاصيل الجنسية بل وأسطرة بعض الشخصيات وإضافة تفاصيل لها لم تكن موجودة أصلاً (بسيمة العايقة) ليتحول مجرى الفيلم أصلاً ولكن في الرواية شخصيات كـنرجس والبهي عثمان رسمت بدقة واقتدار وشخصيات أخرى جعلت المرء يقترب جدًا من الرواية ويعيشها لحظة بلحظة شكرًا لإبراهيم أصلان ــــــــــــــــــــــــــــــ بعد القراءة التانية 9/1/2012 لازلت مستمتعًا ومندهشًا بكم التفاصيل التي يلم بها هذا الرجل ـ رحمه الله ـ أجزاء روايته . هذا روائي أصدقه تمامًا، هو يحكي لي عن أشخاص يبدو وأنه يعرفهم، لأنه يختار مواقف معينة دالة على شخصية كل واحد منهم، ويتنقل بالزمان والمكان كما شاء ليترك في ذهنك بصمة وفي نفسك تأثيرًا لا يزول، ربما لا يهمني بعد ذلك كون الرواية تحمل اسم عصافير النيل أو حكايات فضل الله عثمان حتى :) إنها صورة حية لواقع مصري عاشه وسيظل حيًا فيه دومًا ... ولن يموت .
"أراح رأسه على كفه وقد أعطى جنبه للمكان، وطفرت دموعه في هدوء، ثم بدأ يرتجف. كان يجهش دون صوت، كأنما هو يمضغ البكاء... داخل فمه الخالي من الأسنان."
هل يتم الحزن مقداره يوما في حياة الناس فيتوقف؟ لا حاجة له أن يتناقص أو يختفي، فقط ألا يتزايد ليخلع ما تبقى من قلوبنا، أن نتمكن من المضي خفافا لا لنا أو علينا، لا كلمات عالقة أو دموع مخنوقة أو نهايات بائسة؟
يبدأ أصلان روايته خفيفا، لا تتملكك الشخصيات من البداية أو تسيطر على عقلك بأحداث صارخة الحزن أو الفرح أو أي نقيضين يلفتان الأنظار لهما، فقط شخصيات بسيطة نرافقها في مراحل متفرقة، دون زمن يحكم أو تسلسل قصة يخطط سردها، هو فقط أصلان يلاحق ذاكرته من الناس وما أضاف عليهم من حياته، دون أن ينسى القالب الأساسي لكل ما نسرده ونحياه وهو الحزن والخيبة، ولكنهما من نوع خاص هنا، ذلك النوع الذي يظهر في فلتات العيون وتردد الايماءة وضياع العمر، والذي نشير له بالبحث عن صنارة صيد طويلة تعود خائبة أو خيبة عصفور جريح لم نصطده ولم نملكه أبدا، أو حتى لمبة مضيئة توصي بها نرجس لتضيء قبرها ثم تموت في غرفة باردة معتمة، وغيرها من الأحداث الخفيفة البسيطة التي تتراكم حتى تنتهي بك وأنت تأكل قلبك دون أن تترك لك بقية تكمل بها بقية يومك وحزنك العادي.
أما أصلان فطوال قراءتي ظل يتردد في ذهني وصف قرأته سابقا ينطبق عليه: "حزنك أنيق. الله يلعن حزنك".
"كانت العرايس تظهر، على غفلة، وتختفي. في الأول، ضاعت واحدة، وضاعت الثانية، والثالثة. وظلت الأخيرة موجودة حتى الآن. تغيب، وتبين. تعثر عليها في بير السلم. تغسلها وتجففها حتى تلمع، وتركنها في مكان معلوم، وتختفي، سنة، أو اثنتين. وتمر الأيام وتنسى المكان، وتغادر نرجس مكانها. ينتهي النهار وهي قاعدة على الكليم. المنديل انحدر عن شعرها الذي شابه البياض، وتراكمت حولها الكراكيب التي كانت تحت السرير، وتحت الكنبات، وتحت الكرسي الكبير، والتي كانت في المطبخ. وفي منضدة التلفزيون المقفلة، والدولاب، الهدوم المخزونة، والزنط الذي بحث عنه البهي وارتداه يوم رحيله، كانت مرمية كلها على الأرض، وعلى المساند المقلوبة، وهي تجلس هكذا وقد أغلقت فمها الخالي من الأسنان، وجف وجهها الملتهب، تتأمل العروسة، وتقلبها في حجرها، وتمسح الغبار عن نحاسها القديم المنقوش، وتفكر في مكان تضعها فيه بحيث لا تغيب أبدًا عن عينيها".
رواية عصافير النيل رواية تحاكي الإنسانية.. تبدأ من الريف إلى المدينة ترصد حياة ويوميات بسطاء الناس، اختار لها الكاتب "فضل الله عثمان: ليكون مسرحا لأحداثها
رواية تدور بين زمنين.. الماضي الذي تمثله الجدة "هانم" عندما فقدت اتصالها بالحاضر، والمستقبل يمثله الحفيد "عبدالله" الذي تمرد على كل تقاليد ومبادئ عائلته
تحكي الرواية قصة عائلة تعيش في منطقة شعبية تتعرض لأحداث ومواقف إنسانية تبدأ عندما ينتقل "عبدالرحيم" وشقيقته "نرجس" وزوجها من الريف إلى القاهرة
يرسم لنا الكاتب مشهد "عبدالرحيم" وهو طريح الفراش في المستشفى والتقائه بحبيبته ليستعيدا معا ذكرى أول لقاءاتهما وافتراقهما، ومن هنا تتوالى الأحداث والشخوص على طريقة الفلاش باك بين زمانين من الماضي إلى الحاضر والعكس
مثلت الرواية مفهومين متناقضين.. الموت والحياة أو الحضور والغياب، فبموت أحدهم تبدأ حياة أخرى.. وبإنتهاء الأحلام تنتهي الحياة ليأتي موت آخر
رواية بديعة لإبراهيم أصلان بإسلوبه السهل الممتنع وبسرده الرائع.. أبدع حقا في رسم المشاهد وحياكة التفاصيل.. كلما قرأت لأصلان وجدتني داخل إطار الصورة تماما
إبراهيم أصلان يمارس هوايته في وصف التفاصيل الصغيره الجميله لشخوصه .. الروايه الغير المرتبه زمنيا تنتقل عبر فصولها إلى الماضى تارة و المستقبل تاره .. الشخصيات واقعيه للغايه .. حتى تدفعك حين تسير في الشارع إلى أن تسأل نفسك أي من الناس هو البهي عثمان ؟؟؟ أو من هو عبد الرحيم ... روايه تدفعك كما الحلم ... إلى الحنين لمصر أخرى
سحرٌ ما جذبني للاستمرار ف قراءتها الرواية فيها جمال خفي وسحر وغموض
ع عكس المتوقع عجبني انه بيحكي مقتطفات ومش ماشي بترتيب زمني معين
الرواية مخلياني أحس بهدوء إجباري ودي حاجة نادراً ما بحسها فيها خفة مش طبيعية وانت بتقرأها تحس كأنك عصفور محلق ف السما
فعلاً كأن كل رواية بيبقالها شخصية منفصلة وكأنك ملكش ايد ف اللي بتحسه هيا اللي بتقودك وبتطغى عليك بشخصيتها والرواية دي بقى ليها شخصية وشخصية قوية كمان وساحرة أسرتني ❤️
كلام مصري أنا كنت نسيته أصلاً كلام عذب وجميل يمكن مبقيناش نحس جماله من كتر ما ألفناه لهجتنا جميلة .. بحب أكسر المألوف عندي وأفكر ف الكلام اللي بنردده بدون معنى واحنا حافظين مش فاهمين فبتأكد من جمالها أكتر وأكتر وقعت ف حب الكلام المصري جداً ده كلمة زي " ميصحش " فيها عذوبة وجمال ورقة وأدب .. حاجة كده تفكرك بجدودك ❤️
حساها مختلفة عن كل اللي قريته وهيا أول حاجة أقرأها لأصلان
طب ليه بالحاجات دي كلها ونجمتين بس ؟! لأنه حكي بلا هدف وعارفة أنه مش لازم الحكي يكون ليه هدف بس أنا موصليش حاجة أكتر من كده ولا حسيت اني مكتفية بالحكي هنا وأرضاني ومزجني لدرجة الانبهار يعني
حسنا .. يجب ان يطلق ع إبراهيم أصلان ملك التفاصيل والمشاعر الانسانية عن جدارة واستحقاق يختلف إبراهيم أصلان عن رفاقه من الكتاب ف كونه يمتلك اسلوب ادبى رائع يمكنه من سبر غور المشاعر الانسانية دون ابتذال او ملل ف تلك الرواية ؛ ارتفعت ملكات إبراهيم أصلان لأعلى درجة ، فجاءت الرواية مليئة بالمشاعر الجميلة ووصفها بشكل بارع ، فيكفى ع سبيل المثال وصف أصلان لمشهد تغسيل جثمان عبد الرحيم بتلك التفاصيل والشجن ف مشهد وفاة البهى وهو يرتدى الزنط الحكومى جالسا ع الكنبة ومشهد وفاة نرجس لم اكن اعلم عند مشاهدتى لفيلم عصافير النيل إنها نفس رواية إبراهيم أصلان ، ولكن للأمانة جاء الفيلم مغايرا لبعض تفاصيل الرواية خاصة تركيزه اللامبرر ع الحياة الجنسية لعبد الرحيم اكثر من اى شئ آخر ولكن الشئ الجيد الوحيد الذى جلبته نتيجة مشاهدتى للفيلم قبل الرواية هو ارتباط الشخصيات ف ذهنى بالشخصيات التى قامت بتمثيلها ف الفيلم
أول مرة اقرأ لإبراهيم أصلان .. ولا أدري كيف وقعت هذه الرواية بين يدي .. ربما بالصدفة البحتة عموما لقد شاهدت الفيلم اولا ومن ثم الرواية .. هناك اختلاف بين الاثنين بطبيعة الحال أكثر ما شد انتباهي في الرواية هو.. التفاح بطعم الكاز وقصة نرجس مع اللمبة في القبر
شدتني بعض الأحداث والبعض الأخر لم أعرها اي انتباه
عموما هي رواية جيدة ولكنها لخبطتني كثير بسبب الانتقال من زمن لزمن ومن مكان لمكان.. ولولا مشاهدتي للفيلم من قبل .. ربما لم افهمها جيدا ..ربما
التفاصيل تجعل من كتابات إبراهيم أصلان لوحات فنية غاية فى البراعة .. فى هذه الرواية يمثل الحوار مرتكزا هاما فى تقديمها بصورة تلقائية غير مشوهة بالنقل من الواقع للكتاب ......
غير أنى غير متحمس للفيلم المأخوذ عنها بعدما رأيت إعلانه لتغييره الكثير من أركان الرواية
رواية من الطراز الأصلاني. بها مسحة من كآبة، وأطياف من بشر، ونزعة من بساطة الحكي، وبساطة الأحلام. شخصية عبد الرحيم مذهلة، والفلاش باك والفلاش فوررد والت��اط التفاصيل الحياتية كان بديع. أحببتها.
يعني بصراحة انا ما عم اقدر انبهر بكتابات ابراهيم اصلان ينقلنا من الاحداث الحالية الى احداث الماضي بطريقة غريبة . جسد اختفاء الجدة هانم مجازاً بالارض التي اضاعوها وعدم الاهتمام بها وكثرة افراد العائلة وموت الورثة
"عبد الرحيم أخذ رشفة أخيرة من الكوب. ومد يده إليها. هي حدقت في صمت، وهو ابتسم في النور الخفيف... ولمح أوراق النعناع مائلة، على كمية من ثفل الشاي المبلول."
نادى المنادي وسمعته بوداني، من مات شقيقه مايعوضوش تاني .
إبراهيم أصلان . . عصافير النيل ______________________ * من هو إبراهيم أصلان ؟
- إذا كان أغلبُ الروائيين وكتابُ القصةِ قد تبنَّوا تناولَ أحداثٍ مهمة، في حيواتِ أشخاصٍ مهمين، أبطالٍ لهم صورةٌ واضحةٌ في المجتمع؛ فأصلان تبنّى حيواتِ هؤلاء الأشخاصِ العاديين الذين ليس لهم من يتكلمُ عنهم، الذين لم تحفلْ حيواتُهم بأي أحداثٍ مهمة، فقط حيوات تمتلئ بالرتابةِ والملل؛ لكن لك أن تتخيل أن يُبلورَ أصلان تلك الرتابةِ بمنتهى الإنسانية في صياغةٍ عبقرية، وإن كان إسلوبُه خاليًا تمامُا من زُخرفِ اللفظِ فهو مليءٌ بحوارٍ بديعٍ وسردٍ متدفق ، أصلان يتبنّى من حيواتِ هؤلاء الأشخاصِ وجودَهم المغيبَ العشوائيَّ في الحياة .
( أليس بكاف ذلك أن يكون أصلان إنسان بمعنى الكلمة ومبدع ؟ ) بلى . . . . . * ما الذي يميز إسلوب إبراهيم أصلان ؟
- أصلان يملك إسلوبًا مختلفًا مُغايرًا لأي كاتبٍ قرأتُ له من قبل، متفردًا في منطقةٍ ما من الكتابة، يتجلى فيها الحوار، يتدفق فيها السرد، تحفل فيها اللغةُ بكافةِ التقنياتِ البصريةِ والسينيمائية؛ حتى إنك ترى بعينيك عوالمَه وشخصياتِه من كافةِ الجهاتِ أثناء القراءة، تقرأ كما تنبغي القراءةُ أن تكون، فحين تقرأ حوارًا بين عبد الرحيم ونرجس يَعوجُّ لسانُك لينطلقَ رَحْبًَا في الحديثِ بلغةٍ ريفيةٍ بَحتْة، تقذف بالكلماتِ لنرجس وتلتقطها منها في براعةِ ريفيٍّ فلاح . . . * عصافير النيل ؟
- يتجلى أصلان فيصنعُ ثلاثةَ خطوطٍ دارمية حوارية متوازية؛ من الماضي والحاضر والمستقبل، من ثلاثةَ أجيال. تتفرّع تلك الخطوط في مختلفِ الجهات على خلفيةِ إيقاعٍ مدهش يتسارع ويتباطء في صورةٍ تبادلية دقيقة، تتشابك وتتداخل وتصُبُّ في نقطةٍ واحدة، يُظلمُ فيها فضل الله عثمان المكان ويرتعش فيها الزمن من التعب ليستكين في النهاية في أحضانهم أثناء الرحيل . . . " ينتهي النهار وهي قاعدة على الكليم . المنديل انحدر عن شعرها الذي شابه البياض، وتراكمت حولها الكراكيب التي كانت تحت السرير، وتحت الكنبات، وتحت الكرسي الكبير، والتي كانت في المطبخ . وفي منضدة التلفزيون المقفلة، والدولاب، الهدوم المخزونة، والزنط الذي بحث عنه البهي وارتداه يوم رحيله، كانت مرمية كلها على الأرض، وعلى المساند المقلوبة، وهي تجلس هكذا وقد أغلقت فهما الخالي من الأسنان، وجف وجهها الملتهب، تتأمل العروسة، وتقلّبها في حجرها، وتمسح الغبار عن نحاسها القديم المنقوش، وتفكر في مكان تضعها فيه بحيث لا تغيب أبدًا عن عينيها " . كأنّك مُقبلٌ على موتٍ تتجسّدُ صورتُه جَليّةً في أشياءِ الراحلين، أصلان يلتقط للموت صورة من زاوية الأشياء، والأشياء تُشيّع وتودّع وقد صَبّتْ فوقها الترابَ حزنًا وكمدا .
سحر البساطة سحر لا يمكن مقاومته، رواية أصلان "عصافير النيل" رغم أنها الرواية الوحيدة إلى الآن التي قرأتها له إلا أنها جعلتني أبدأ الإبحار في عالم إبراهيم أصلان الساحر، فعبقرية أصلان من رأيي في هذه الرواية ظهرت في بساطة وهدوء أسلوبه رغم صخب الأحداث، وسلاسة السرد رغم كثرة المواقف الحادثة، إضافةً إلى ترتيب جيد متناسق بين الحاضر والماضي لأن الرواية تنتقل بين الماضي والحاضر في كثير من الأحيان حسب الحاجة في السرد، لم أفهم في بداية قراءة الرواية السبب الذي جعل الموت يصيب كثيرًا من شخصيات الرواية وعندما سألت أحد قرّاء أصلان ومحبيه قال إن أصلان كان يسيطر عليه هاجس الخوف من الموت وقد عكس أصلان هذا الخوف في أحداث الرواية وقد عرف هذا من خلال أحد حوارات أصلان. أجاد أصلان وصف التفاصيل بدقة غير طبيعية فلم يترك أي تفصيل يمكن أن يتخيله القارئ بنفسه لأنه يصف أدق وأصغر التفاصيل وهذه التفاصيل من أكثر ما أحببته في الرواية؛ تفاصيل الحب والمشاعر تفاصيل المعاناة والمرض والضلال والنسيان والموت، إلى جانب براعته في وصف حياة سكان أحياء القاهرة القديمة بالتحديد سكان شارع فضل الله عثمان البسيطة في القرن الماضي، وتميز إبراهيم أصلان في وصف بعض المواقف بطريقة كانت من رأيي لا منازع لها مثل موقف تغسيل عبد الرحيم ومشهد موت البهي عثمان وهو يرتدي (الزنط) الحكومي ومشهد موت نرجس، ورغم أنها بدايتي مع روايات أصلان إلا أنها بالتأكيد لن تكون النهاية فقد حزنت كثيرًا بعدما أنهيت الرواية فقليلًا بل نادرًا ما أقرأ عملًا بهذا التميز والروعة. الشيء الوحيد الذي لم أجده في الرواية هو حبكة الأحداث؛ فالرواية جميلة وذات فكرة عميقة جدًا ولكنها مملة فلم أجد الحبكة الروائية بتاتًا ولكن العجيب أنه رغم عدم وجود الحبكة إلا أن الرواية كانت شديدة المتعة، وأسلوب أصلان في الرواية كان جيدًا جدًا ومناسبًا لها، والتقييم: 8 من 10.
مشكلة أصلان معي في تكرار نفس الأسلوب في أغلب أعماله: سرد التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية لفرد أو جماعة أفراد فتجد أن حجرتان وصالة هي نفسها عصافير النيل هي نفسها وردية ليل، مع اختلاف الإطار الاجتماعي للحكاية.
أصلان يسرد التفاصيل بشكل رائع وشاعري، لكن سرد التفاصيل غير كافي لصنع رواية عظيمة روايته دائمًا ما تكون بلا صراع واضح، فقط مجرد سريان لتفاصيل حياة يومية للأبطال، مما يعيق تعدد مستويات القراءة للرواية
الراجل ده عبقري و فذ بمعنى الكلمة ، قادر على الإلمام بكل تفصيلة مهما كانت صغيرة ، إبراهيم أصلان مش للقراءة السريعة العابرة لازم تحس كل كلمة بيكتبها ، مش هتلاقي خط درامي واضح للرواية ، لكن رسم الشخصيات بدقة مذهلة و كأنها شخصيات حية زي روايته "مالك الحزين" عم أصلان بيحط حتة من روحه في كل رواية مش أي قارىء هيحس بيها ، خسارة إنه مكتش غير روايتين ، رحمك الله يا عم أصلان :(
إنها حكاية المكان..ماذا لو استنطقنا الأمكنة..ماذا يمكن أن تقول؟..ماذا يمكن أن تحكي؟..تلك هي حكاية عصافير النيل..هل الأماكن تسكننا أم نسكنها..وهل تصبح هي هي بعد أن يمضي من يمضي ويأتي من يأتي؟ أسئلة كثيرة وحكاية تجمع شتاتها ذاكرة..أو أكثر من ذاكرة..