... وفكرت كم هى كثيرة تلك الأعمال التى كان يتحتم على أن أقوم بإنجازها قبل أن ينتهى العام ولكن أحدا منهم لم يكن يعرف أن السطح أثناء النهار كان يبدو أقل منه اتساعا فى أى وقت آخر وأن أطفال المبنى وكذلك المبانى المجاورة كانوا قد تعودوا الصعود واللعب فى أرجائه الخالية وأن الشرطى الذى استأجر إحدى الحجرات التى تقع فى الدور الاعلى صعد وهو يحمل كيساً ممتلئاً بهذه القطع الزجاجية الصغيرة وراح يبدرها على الأرضية المتربة الناعمة وقد كف الاطفال حقاً عن الصعود ولكن بات مقدراً على منذ ذلك الحين انا المستاجر القديم أن أنتعل حذائى الوحيد ،كلما أردت أن أقوم بجولتى الليلية ولكن أحداً منهم لم يكن يعرف
Ibrahim Aslan ولد إبراهيم أصلان بمدينة طنطا بمحافظة الغربية في عام 1935، ثم إنتقلت أسرته الى حي إمبابة الشهير التابع لمحافظة الجيزة. بعد أن أتم دراسته عمل بهيئة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. بدأ أصلان الكتابة والنشر في عام 1965. وفي عام 1987 تم إنتدابه للعمل نائبا لرئيس تحرير سلسلة مختارات فصول وإستمر بها إلى أن خرج للمعاش في عام 1995. فى عام 1997 عمل رئيسا لتحرير سلسلة آفاق الكتابة وأستمر بها الى أن استقال منها في عام 1999 عندما اشتعلت أزمة رواية (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر، لكنه إستمر فى العمل لبعض الجرائد الخليجية بالمكافأة، والحياة اللندنية بالقطعة.
من أهم الأعمال التي كتبها أصلان هى : بحيرة المساء ، ويوسف والرداء ، وحكايات من فضل الله عثمان ، ومالك الحزين (والمأخوذ عنه فيلم الكيت كات الشهير الذى لعب دور بطولته الممثل محمود عبد العزيز)، ووردية ليل، وعصافير النيل، ثم خلوة الغلبان. يتميز إبراهيم أصلان بالمحلية الشديدة في كتاباته، فهو يستمد شخوصه ببراعة تامة من الحى الشعبي الذى عاش فيه كل حياته وهو حي امبابة الشهير، إضافة الى انه يرسم بكتاباته الأزقة وحواري تلك المنطقة فتشعر وكأنك تعيش فيها وتتحرك داخلها، وهو في هذا الصدد شديد الارتباط بالأرض والواقع الذى عاش فيه.
أزعم أني قارئة ذكية و متذوقة للجمال, و من حقك أن تعترض و من حقي أن أتشبث برأيي.
لا أدري من الذي أشار على " أصلان" بنشر هذا الغثاء و تصنيفه كقصة قصيرة.؟
أنا لم أجد قصصاً و لا حكايات و لا مشاهد فنية و لا لقطات و لا حتى نصوص مُتنكرة فيما يُسمى بالتجليات الأدبية..؟
وبعيدا عن البناء الدرامي _الغير متواجد في هذا العمل_ إلا أني لم ألتقط رسالة أو مغزى أو إشارة توحي بما يريد " أصلان" أن يرسله إلينا عبر بحيرة المساء, فقط حوار و حوار و حوار,, و المصيبة أنه مُلغز و مقتضب و لا يساعدك في رسم الصورة التي أعيا نفسه بوصف تفاصيلها.
فهو كمن حاول أن يصف لأعمى ما يحدث حوله.. فذكر أدق أدق التفاصيل, و نسي أن .يخبره عن أمر أصحاب الدار و عما يدور من أحداث
و يكفي أن لا شيء, اسم, مشهد, شخصية, موقف علق بذاكرتي _ الفولاذية_ من بين كل هذه المدعوة قصصاً.
اللعنة على الأسماء البرّاقة التي نقع في براثنها فنشتري بسببها الكُتب.
ما زال لـ " أصلان" فرصة واحدة أخرى معي, أتمنى أن يغتنمها
الذين يقرأون الأدب وفى رأسهم توقعات مسبقة بالتأكيد لن يستمتعوا بهذه المجموعة وأعتقد أن استمتاعهم يكون منقوصاً بقراءة الأدب عموماً . . ربما لن تخرج من هذه المجموعة بحدث ما ولكنك ستخرج بانطباع رئيسى وهو الشعور بعبثية الكثير مما نفعله . . وكيف أن حياة الإنسان العادى تخلو من الدراما . . إنه أشبه بتفريغ لحوارات نجريها فى حياتنا اليومية وتبدو لنا وقتها أن لها معنى ولكننا عندما نعيد قراءتها على الورق نكتشف أنه لا معنى لها على الإطلاق . . وأن أوقاتنا التى قضيناها فيها هى أوقات ضائعة وأن أعمارنا التى نقضيها فى تلك الحياةالمهمشة هى أعمار ضائعة . . أنها تعرض لك حركة الإنسان الرتيبة والبطيئة والعشوائية فى اللازمان وكأنك تشاهد حركة نملة حائرة تذهب من هنا لهناك وتبدو لك حركتها لا معنى لها وكأنها تتحرك فقط لكى تثبت لنفسها أنها لازالت على قيد الحياة . . بينما هى تشعر وكأنها فى مهمة مقدسة . . حتى عندما يتركك الكاتب حائراً فى حوار مقطوع من منتصفه لاتعلم عن ماذا يدور ولا من هو هذا ولا لماذا يقول ذلك و يفعل ذك إنه يخبرك هنا أنه حتى لو عرفت فالأمر لا يهم . . إن الكاتب هنا لا يكترث للحدث ولا للقارئ ولكنه فقط يكتب لأنه قرر أن يكتب
المجموعة القصصية الأولى لأصلان والبداية الجيدة في مشواره الأدبي. أصلان ساحر يلاعبنا بإيقاعه الهادئ في ظاهره، المُحمَّل بالصور والمعاني المبهمة في باطنه.. الفرق بين هذه المجموعة وبين يوسف والرداء أني هنا وجدت قصصًا وحكايات حتى وإن لم أفهمها.
مع كل كتاب أنهي قراءته لأصلان أزداد حزنًا لأني أوشكت على الانتهاء من كل ما كتب.
أولى قراءاتي لابراهيم أصلان، وبعد .. مجموعة قصصية صغيرة، قد يمكن وصفها بمشاهد قصيرة من حيوات عدة، فلسفية إلى حد كبير، ربما كان السبب في أني لم اعطها ٥ نجوم أن بعض القصص لم يصل إلي فلسفتها ولم أجد منها طائل رغم استغراقي في التفكر فيها. اللغة جيدة جدا أحببتها، وأحببت طريقة السرد والوصف فشعرت عدة مرات وكأني أشاهد الموقف بأم عيني وينتابني مشاعر الرائي والمعاصر للحدث فقد أغضب وقد أحزن وقد أشعر بالوحدة، تعد من أفضل ما قرأت حتى الآن في عام ٢٠١٧ والذي لا أظنني موفقة كثيرا في اختياري لما قرأت فيه حتى الآن، يمكن تكون " فاتحة خير " .
تفاصيل صغيرة وربما غير مهمة قد يمر بها أي فرد ، لحظات يتوقف عندها أصلان ليكتبها ويمضي ، لا يهم لماذا لكنها تستحق القراءة وربما استعادة بعض اللحظات التي تعبرنا مثلها ولم ننتبه لها ،، في هذه المجموعة بعض إبداعات إبراهيم أصلان وروحه
ماذا يقول أصلان الكبير ؟ العالم فقد معناه، هو غامضٌ له كما هو غامضٌ لنا لا معنى و لا شيء تقريبا .. و لا أحد يُريد أن يُفصح هو لا يفهم و لذا لا ينقل لنا معرفة هناك تشتت و ضباب في الأجواء .. هناك عبثة ما في حياتنا و كل شيءٍ يسكنه البؤس و الملل و الرتابة .. و الضباب ! ليس هناك حبكة، و لا ذروة و لا قصة قصيرة تقليدية .. بل هي النهايات المفتوحة و البدايات المفتوحة هي قوالب مفرغة ليصبَّ كلٌّ منا بداخلها ما يُريد، هذه القصة \ اللوحة هي ما انتجته فترات عصيبة من تاريخنا ما أجمل جيل الستينات ! رحم الله أصلان رحمةً واسعة
إبراهيم أصلان علي في نظري أوي أوي المجموعة دي بتلغي أي stereotype ممكن يكون أصلان محطوط جواه هو بيعرف يعمل حاجات كتير أوي المجموعة عن الوحدة عن قلة الحيلة عن مشاعر كتير فردية أوي لو كنت هسمّي المقالة كنت هسميها "وقت للكلام" باسم القصة دي في الآخر كنت بحاول أفكر ايه القصص اللي حبيتها أكتر.. ولقيت إنهم معظم المجموعة.. برغم إني مش من الناس اللي بيقروا الحاجة مرتين.. ده لأني بقرا قليل أصلًا.. بس أتمنى إني أرجع أقراها تاني
أحب الشعور الخفيف الذي يلامسني بعد قراءة قصة لأصلان، أحب التأمل الطويل الذي يُصيبني..النهايات البسيطة العميقة في الوقت ذاته، المفتوحة لتتركني أنظر للناس من حولي بغير ماكنت أنظر إليهم من قبل، ومحاولة تفسير التصرفات التي لاتحتمل التفسير. أصلان يُشعرك بأن أدق التصرفات وأقلها أهمية، تلك التي تأتي بشكل عفوي تكون نتيجة لظروف حياتية قاسية متفرقة والأهم أنها لم تأتي عبثاً.
أولى كتابات إبراهيم أصلان في مشواره الأدبي، وبالطبع تُفصح عن موهبة فذّة في الكتابة بشكل عام والقصة القصيرة التصويرية بشكل خاص، وإذا كان هذه أولى كتاباته فهي بكل تأكيد ترقى لأن تكون أفضل من كتابات كثير من الكُتّاب.
"بساطة في قمة التعقيد." الوصف الذي ينطبق على كل كتابات إبراهيم أصلان، أحد أكثر الحكائين المفضلين لدي، يعرض مشاهدا مقتطعة قد لا يستسيغها كثيرون، لكن هذا هو الفن، أن تستقبل القطعة كما هي، وإن أردت تضيف عليها في مخيلتك ما تراه سيُتِمها، لا نعرف أين بدأت القصة ولا كيف انتهى الأمر بالشخوص ليوجدوا سويا في تلك الأماكن، وحتى الحوار لا يمكننا أن نجزم معرفتنا لما وراءه. نادرا ما يعطي لشخوصه أسماء، هناك الكثير من ضمائر الغائب، لا وصف عاطفي يفرض عليك اتجاه خيالاتك، فقط رسم مفصل للمشهد، المكان والجماد والطقس قبل هيئات البشر. الكثير من الأصدقاء الخياليين المبهمين! -
هذه المجموعة كانت مليئة بالرفاق الحزانى، أو هكذا استطعت أن أراهم. • الملهى القديم: لا يمكنك أن تقرأ ﻷصلان دون أن تسافر معه إلى الكيت كات، هنا كان السفر عبر الزمان والمكان وخلال الشخوص. قرأتها من يومين وحتى الآن أذكر كل تفاصيلها، هيئة الرجل العجوز وحديثه الممتلئ بالحنين عن ابنته والبيت القديم، السيدة المجذوبة التي استحوذت على فكره وظل يعاود سؤاله عنها كلما اتجه الحديث مع البائع لمواضيع أخرى. مشهد مليء بالوحدة، والحنين.
•
البحث عن عنوان: رجل يفاجأ بآخر يستوقفه في الشارع يعرفه بنفسه كزميل سابق له ويحكي له عن سنين الدراسة التي جمعتهم سويا، يسترسل في الحديث عن ذكريات يفترض أنها تخصهما لكن الأول لا يتذكر أي شيء. مِلت إلى الاعتقاد أن الثاني يتلاعب باﻷول بينما لا يعرفه في الحقيقة، لكن مع السطور الأخيرة وتلذذ الأول بالمعلومات التي تلقاها من الثاني ابتسمت له وأشفقت عليه مقنعة نفسي أنه ربما فقد ذاكرته أو عانى من أمر ما لم يفصح عنه أصلان، كالعا��ة.
• بحيرة المساء: مجموعة من الرفاق يجتمعون معا على مقهى، أحدهم يجلس بالقرب من رجل غريب عنهم ويتبادلان أطراف الحديث، يحدثه عن المقابر التي ستُهَد ولا يمكنه نقل أهله منها ويكرر سؤاله: الناس الذين لا يستطيعون أن يجدوا مدفنا آخر، ماذا سيفعلون في هذه الحالة؟!
• رائحة المطر: ألذ المشاهد وقعا على قلبي، الطقس العام ومكان الحدث محبب إلي بشكل شخصي. الشخصية الملفتة للجميع هنا كانت ذلك الشاب المجنون الذي يقوم ليعانق كل من يمر بجانبه ويقبله من كتفه، بدون سبب معلوم ﻷي من المشاهدين. لو أن كل الجنون بهذا اللطف لعشقت رفقة المجاذيب! لكن شخصيات القصة وترابط الحوار بها لم يتوقف عند هذا الحد، هناك الصعيدي الذي يستفسر عن كل شيء مستهلا ب"ممكن سؤال يا سعادة البيه؟"، والشاب الذي يقرأ رواية ويصر على الرجوع ﻷخذها بعدما أفسدها المطر، والحاج الوقور، والراوي، والجرسون والفتاة الصغيرة التي كانت مركز الحدث. قصة دسمة ثرية بحق!
•
إنهم يرثون الأرض: يدور أصلان مهما دار ثم يعود إلى المقهى وأحاديثها، هنا يتحدث عم عمران عن "التاريخ الحقيقي." ويروي تجربته في الحرب، وبالموازاة يدور حوار حول الألم ومحدودية تحمل البشر له.
•
الرغبة في البكاء: لم أعرف ما علاقة هذا الاسم بهذه القصة، الرابط بين الشخوص والواضح جليا في الحوار بينهم هو البرود والفتور. قرأتها مرتين بالفعل ﻷخلص إلى سبب تسميتها كهذا، ربما نتيجة التحاليل التي أتى ذكرها مثلا! أما معرفة هذا الذي ذكر أنه لم يفعله أبدا؟ فقد فشلت فيه، ولم ألح على أصلان بتساؤلي.
•
وقت الكلام: بدأت القصة وتعلقت بالشخوص وأنهيتها وأنا لا أعرف ما العلاقة التي تجمع الفتاة بالشاب؟ ومن "هو" الذي يبدو أنه الرابط القوي، وربما الوحيد، بينهما؟ لكن مشهد العجوزان وهما يشربان الليمون سويا، ومشهد الفتاة وهي تتحدث عن "هو" والسينما الصامتة التي تطل من وراء زجاج المكان، هذان المشهدان كفياني ﻷحب القصة.
•
التحرر من العطش: فتاة تزور منزل يفترض أن به شابين لكنها لا تجد سيد الذي جاءت للقائه وبدلا من ذلك تلتقي ب"هو" ذلك الشاب السوداوي الحزين، ويدور بينهما حديث مطول. من كثؤة اعتناء أصلان بالتفاصيل ظل يعود إلى كوب الشاي الموضوع على الشباك الذي ذكره في بداية القصة وتابع حركة تلك النملة التي تحاول جاهدة تسلقه، بالموازاة مع الحوار الدائر بالفعل.
•
اللعب الصغيرة: لم أفهم ما وراءها؛ رجلان يذهبان إلى بلدة غريبة بحثا عن فتاة لكن بعدما تدلهما إليها امرأة عجوز تطلب منهم أن يمارسا معها الجنس أمامها. • في جوار رجل ضرير: ساكن جديد ينزل على سطوح رجل ضرير، المفترض أن لا أحد يسكن السطوح غيره لكنه يلاحظ حركة في الغرفة المجاورة لغرفته، ينهي القصة بتأكيده أن الضرير يرى الأشياء بيديه، ولا يفصح عن حقيقة تلك الغرفة. • المستأجر: شعرت أنها تتمة لسابقتها، ساكن في مبنى ما يتابع فتاة صغيرة وهي تعين رجلا كبيرا، يسكن في غرفة مجاورة، على الطعام وتعتني به ولكنه يحاول مراودتها عن نفسها فينتهي به الأمر بثقب في حلمة أذنه علق في ذهني مشهد كفه وهو يقلبه تحت اﻷباجورة المعدنية الخضراء. تاني تفاصيل أصلان التي تغنينا عن أي نية لفهم ما وراء الحدث! :') <3 • العازف: رجل بدين يلقنه آخران كيف سيعمل ك"متظاهر بالعزف" في أحد الملاهي الليلية. • الجرح: رجل يعين امرأة على تحميم عجوز يعاني من شلل نصفي، أثناء ذلك يصفعها العجوز فتصاب بجرح في شفتها. • طواف: رجل يكلف بتوصيل البريد بدلا عن زميل له أو ما شابه من خلال السير في طريق طويل بين القرى، ويقوم بتوصيل أحد الرسائل لغير صاحبها.
هناك قصة قصيرة رائعة لإبراهيم أصلان عنوانها "رائحة المطر" في مجموعته "بحيرة المساء" هذا هو استهلالها: "في طريقنا إلى المقهى كان المطر قد كف، ولكن رائحته لا تزال باقية في الهواء الذي ازدادت رطوبته. وعندما انحرفنا إلى الطريق الجانبي جلسنا على المقاعد الموضوعة بجوار المقهى على الطوار المبتل. وأمامنا في الجانب الآخر كانت بقايا المبنى الحكومي قد تناقصت عن أمس. وكان عمال الهدم قد كفوا عن العمل وجلسوا متناثرين بين الأحجار في قطعة الأرض الخراب. وبدا واضحًا أن الأمطار قد أهمدت الغبار الذي تعودنا أن نراه في مثل ذلك الوقت من كل يوم. وكانت الساعة قد بلغت العاشرة صباحًا عندما قال أحمد: ـ يا أخي بعدما خرجت من البيت، رجعت ولبست البلوفر. قال الحاج وهو يضم سترته على جسده الضئيل: ـ لا تخلعه، ما دمت ارتديته. تساءل أحمد: ـ ابتدأ الشتاء فعلا؟ فكر الحاج قليلاً. قال: ـ لا ـ إذن لماذا لا أخلعه؟ ـ لا تخلع أي شيء؟ ـ البلوفر. ـ يا بني فترة التقلبات هي أخطر فترة على الصحة. ـ يا سلام؟ صاح الحاج: ـ طبعًا. وعندما حضر الجرسون رآنا. وعندما رآنا ذهب ليحضر لنا الشاي دون أن يسألنا." عنوان القصة بداية يرتبط بعنوان المجموعة في استحضار البعد الكوني.. أو في التماس الخيط الواصل بين التجربة الإنسانية والتجربة الكونية, فلدينا إشارة تستدعي حاسة معرفية (رائحة) تصل بين الإدراك البشري ودراما الطبيعة بما فيها من متغيرات.. ولدينا الفضاء الذي يربط المكان بالزمان (بحيرة المساء) ليضع أمام التأمل الإنساني العالم في وحدة كلية. ولدينا ثلاثة من الرفاق يخرجون إلى المقهى بعد المطر, الثلاثة بنية مصغرة للمجتمع, فهناك ذات وآخر والبعد الثالث, وهذا النموذج البنائي كان أساسا لمطلع القصيدة العربية القديمة التي كان الخروج فيها لالتماس المعرفة من الأفق الصحراوي الحافل بالغموض الكوني, وفي الوقت نفسه يحتوي المجهول في فضاء المستقبل الوليد وغياهب الماضي البعيد ويحتفظ بصفحة في الطبيعة من دستور القبيلة ويختزن في أعماقه كوامن النفس المرتحلة بين الأرض والسماء ومن الجدب إلى الكلأ والرجاء, لكن الثلاثة في مطلع القصة القصيرة المعاصرة يخرجون في فضاء المدينة من جوف البيوت الضيقة إلى رحابة المقهى لمطالعة كتاب الحياة. أحد الثلاثة هو الراوي, تماما كما كان أحد الثلاثة في زمن قصيدة الرحلة والراحلة القديمة هو الشاعر, الثاني اسمه أحمد وهو قارئ كان معه كتاب وضعه على طاولة المقهى وهو مرن يغير سلوكه طبقا لقراءة الأحوال من حوله ساعيا إلى المناسب والأفضل, الثالث هو الحاج وهو متمسك برأيه لا يحيد عنه مهما كانت المتغيرات من حوله. تمطر السماء في غير موعد المطر, بمعنى إشاري وهو أن الكون يعلمنا التغير وحرية التعبير والخروج عن النمط أحيانا, يرتدي أحمد "البلوفر" ويفكر في التحرر منه لأن هذا المطر حالة استثنائية فموعد الشتاء لم يأت بعد, الحاج ينصحه بألا ينزع شيئا ارتداه, يبدو واضحا أن الراوي يقدم نمطين من الرؤية: النمط المتطور والنمط الساكن, ويلاحظ القارئ أن الراوي يمارس خطابه مثل "كاميرا الفيديو", فهو يقوم بنقل الصورة والصوت دون تعليق, بمعنى أنه يعود بالبيان إلى دلالته الكونية التي أدرك العقل العربي بها معنى البيان في المعجم, فمادة "بين" تدل على الأفق المفتوح الذي تراه العين من موضع النظر إلى منتهاه, وفي هذه المساحة يظهر "البان" أو الشجر الأخضر الجميل الذي يزين المدى الصحراوي الأصفر وكأن الحياة تعبر عن نفسها ليتعلم الإنسان من كتاب الطبيعة. إن الأفق القصصي الذي يصور فضاء المقهى حافل بأشجار "البان" بالمعنى المجازي, أو يضع أمام الأصحاب الثلاثة مساحة لتأمل العالم بأبعاده: البعد الكوني والبعد الحضاري والبعد الاجتماعي, فهناك المختل الذي يسلم على من يعرف ومن لا يعرف, إنه مثل الطبيعة التي تخرج أحيانا عن المعيار الذي يتخذه البشر قاعدة وهو مع سلوكه المتحرر من رباط العقل بالمفهوم الاجتماعي للسلوك العقلاني يصبح خطرا على الآخرين بالفعل أو بالتوهم, فهو يلعب مع طفلة تنهار أمها حينما يحملها بعيدا لأنه "خطر" غير مأمون العاقبة. وهناك الرجل الذي ضيق على نفسه رداءه حين أغلق "الزرار" بإحكام على عنقه ليعاني من فعلته دون أن يجد حلا لمشكلته لأنه يخاف البرد أيضا. وهناك بائع الجلود الذي لا يمكن الحكم على بضاعته إذا كانت من جلد الغزال أو من جلد الماعز. تنتهي القصة بهجوم الرجال على المختل وإعادة الطفلة, وتظل الحياة سائرة في أفق يمتد بين القواعد المعيارية الصارمة التي تضيق على الإنسان سبيله والتحرر الذي قد يكون عشوائيا فنخشى جميعا عواقبه مثلما تخشى الأم "المختل" على ابنتها. ويعود أحمد ليحمل كتابه من على الطاولة فيجد الورق قد التصق نتيجة المطر فيقول إن الكتاب لم يعد صالحا للقراءة. لقد مرت اللحظة وقرأت الشخصيات معا صفحة من كتاب الكون الذي تجلى أمامها بكل دراميته الفاعلة وخطابه الناطق وبلاغته المحكمة التي نتعلم منها, مثلما طالعت صفحة من كتاب التاريخ في منتصف الستينيات . تلك هي عبقرية القصة القصيرة
مجموعة غريبة من القصص التي لم أدرك أي معنى لها منفردة أو مجتمعة ثم تنبهت إلى أنه ربما قصدها هكذا، مغرقة في العادية ، مملة قليلا وكما قال أحد المعلقين بها نكهة عبثية بالتأكيد بعض الشخصيات تكررت كالرجل ذي العين السليمة الواحدة على ما أذكر لكن لا رابطة ولا معنى واضح خلف القصص سرد ثم سرد وحوار ووصف كثير مبهر، أنت ترى وتشعر بالشخصيات وبالزمن والمكان لكنك لا تخرج بأي شيء تقريبا، لكنك كالعادة ستجد أسلوبه السهل المنساب برشاقة ليصف الناس العاديين ويساعدك لتراهم بعين أخرى هناك أيضا مسحة من الكآبة لا أعرف هل سببها لي الملل أم أنه فعلا قصد بثها في مجموعة القصص
لا أعرف الكثير عن حياة أصلان رحمه الله لكن لو كان يشير لنفسه حين يتكلم بصيغة المتكلم في القصص فالرجل قد عمل في وظائف غريبة : طوافا (ساعي بريد)، عازفا زائفا في فرقة!
لو أردت أن تقرأ للمرة الأولى شيئا جميلا لابراهيم أصلا فعليك بحجرتان وصالة وعصافير النيل وخلوة الغلبان ومالك الحزين
" .. ولكن، لماذا لاتكون هذه طبيعة الأيام والأشياء؟ قد يكون ذلك صحيحا، وقد لا يكون. ولكن الأمر المؤكد بالنسبة لي على الأقل، أن هناك شيئا ما من الضروري أن أضع حدا له.. والوقت يمضي." ..
بدايات ابراهيم أصلان.. أول مجموعة قصصية ليه، واللي بيتضح فيها أسلوبه باهتمامه بالتفاصيل _المادية والنفسية_ وقدرته على التعبير عنها، ونقله للحالة بشكل حياتي واقعي جدا بدون أي رتوش أو توضيح أو تعديل.. بينقلك الحياة في موقف ما زي ما هي فممكن كتير ماتلقاش النهاية اللي تبهرك أو تعجبك أو تريحك.. وإنما بشكل عادي وبسيط جدا، وده دليل على إنه مش مهتم بالنهاية قدر اهتمامه بالرحلة نفسها.. بالحياة نفسها خلال الموقف
عجبتني التفاصيل فيها أكتر من القصص نفسها.. وهي أقل حاجة عجبتني لابراهيم أصلان لحد دلوقتي
يقولون أن تلك أفضل مجموعة قصصية لأصلان. بعدما قرأت خلوه الغلبان وحكايات من فضل الله عثمان, أستطيع أن أقول : نعم هى أفضل ماقرأت لإبراهيم أصلان. إبراهيم أصلان يرى الجانب الآخر من الإنسان, الجانب الذى لانراه, ومن هنا تكمن عبقريته. عندما تقرأ قصة من قصص أصلان تتلهف لأن تعثر على حوار يسبغه بمتعة فريدة. أعتقد أن قوة أصلان فى الحوار..
بعض القصص ممتعة وبعضها الآخر مملة...
من القصص الجميلة: - بحيرة المساء - الملهى القديم - البحث عن عنوان - العازف - رائحة المطر
صحيح ان القصص بتلك المجموعة لم تلمسنى بأى شكل انسانى الا ان الاربع نجوم للاسلوب الادبى الراقى جدا من الاديب الكبير ابراهيم اصلان ...ثالث كتاب اقراءه له ولاحظت انه يتميز عن باقى الادباء بأنه يسنطيع ان يخلق من موقف عادى جدا ملحمة ادبية عالية الرقى
شعور غريب بأني أتجول غريبا تائها في مكان يعمه الظلام والبرودة الشديدة، مرتديا أثقل ملابسي لا أعرف أي شيء لا عن الناس ولا عن المكان. قصص غيربة لا تتوقع أن تقرأ قصص ذات حبكة أو ترتيب معتاد، القصص هنا عبارة عن مواقف ربما عبثية، ربما لا تهدف إلي شيء، لكنها واقعية كثيرا. الشيء الرائع في القصص ليس القصص ذاتها بل هو الأسلوب السهل الرائق جدا للكاتب.
أعجبتني للغاية ، و تحديداً القصص الأخيرة . التقط ابراهيم اصلان التفاصيل الإنسانية الصغيرة التي قد لا تلفت نظر احداً ، كما صور المواقف التي تطرأ على حياتنا بسلاسة ، مواقف قد تبدو عادية لكنها أثناء السرد تتخذ بعدا أخر ممتع و بالغ الجمال . أستمتعت و ادعوكم لقراءتها