لم يكن أسامة الدناصوري يخجل من الكتابة عن جسده، هذا الجسد الذى أتته الخيانة من أعضائه، منذ أصيب فى الصبا بآلام ظلت تزيد حتى أخذته إلى " الفشل الكلوى".
سنوات وأسامة يذهب للغسيل ثلاث مرات أسبوعياً، يعمل ويكتب ويتحدث ويحب ويصادق. وفى اليوم التالى يسلم جسده " للجهاز" الذى صار بعد وقت صديقه اللدود: يتركه ساعات ليعمل فى جسده، ويتفرغ هو للقراءة أو الشرود، أو محادثة المرضى والممرضات، سنوات وهو يسرد شفوياً، محتاراً فى " الطريقة المثلى" لكتابة فضاء المرض وتجربته، حتى انفجرت الكتابة دفعة واحدة فى الصيف الماضى. كان يكتب كأنه يأكل فى آخر زواده، بتوتر وانهماك وسرعة. وكلما أنجز نصاً حمله معه أينما حل، وبثه للأصدقاء البعيدين، وألقاه على القريبين، كما يلقي شعره، وكلما استشعر من سامعيه ما عهده فيهم من الرضا تألقت عيناه، وبانت الدماء فى وجهه، واسترخى، كأنه خصائص شعر أسامة التكثيف والسخرية ونفى الزوائد وكراهية السنتمنتالية والتجاور بين الكلاسيكى ونقيضه. كما أن فيها ذلك التوقد الدائم لديه لتنحية " المعنى الأول الخادع" والبحث عن معان أخرى، أبعد وأعمق ، مع أنه، ويا للعجب، يبدأ دائما من السطح والتجاعيد والثنايا".
يعد الشاعر المصرى أسامة الدناصورى أحد شعراء قصيدة النثر المبدعين، الذي استخدم لغة شعرية مفعمة بالإحساس عميقة المعني بسيطة الكلمات جمعت بين المتناقضات بين الرقة والقسوة لتنفذ الي القلوب دون معاناة.
وصدر للدناصوري أربعة دواوين هي "حراشف الجهم" 1991، و"مثل ذئب أعمي" 1996، و"عين سارحة وعين مندهشة" 2003،، بالإضافة إلى ديوان بالعامية "علي هيئة واحد شبهي" 2001، ونشر كل أعماله في طبعات خاصة ومحدودة لتجنب مواجهة الرقابة.
وأسامة الدناصوري من مواليد 1960 حصل علي بكالوريوس علوم البحار في جامعة الإسكندرية سنة 1984، وتوفي بعد معاناة طويلة مع مرض "الفشل الكلوي" دون أن يترك إرثا كبيرا مكتفيا بأربعة دواوين
له أربع مجموعات شعرية بينها ديوان بالعامية المصرية وهي: حراشف الجهم (دار مصرية) -1991 مثل ذئب أعمى (طبعة محدودة) - 1996 على هيئة واحد شبهي (عامية -طبعة خاصة) - 2001 عين سارحة وعين مندهشة (دار ميريت) - 2003 و صدر كتابه "كلبي الهَرِم..كلبي الحبيب" بعد وفاته عن دار ميريت-2007
لما تلاقي نفسك بتبكي و إنت بتقرأ.. لما تحس إن قلبك واجعك مع كل كلمة و في كل صفحة ومع ذلك مش قادر تبطل قراءة.. لما تخلص الكتاب و تحس إن الكاتب صاحبك،كإنك تعرفه من زمان و يبقي نفسك تروح تطبطب عليه و تقوله أنت إزاي قدرت تستحمل كل دة...:(
في هذه اليوميات أو المذكرات يؤرخ الشاعر والرسام أسامة الدناصوري رحلته مع مرض الفشل الكلوي التي استمرت لأكثر من ١٢ عاماً كما إنه حمل منذ طفولته مرض في المسالك البولية ولم يتوقف عذاب المرض و لو حتي ليوم واحد في حياة هذا الرجل ولم يتوقف أيضاً حبه للحياة و لو حتي ليوم واحد:(
علي الرغم إن الكتاب مؤلم جداً ومع ذلك هو مكتوب بسلاسة وبساطة غير عادية وحتحس إن الكاتب بيفضفض معاك باللي في قلبه بعفوية...
كتب أسامة الدناصوري أخر جزء من هذه المذكرات في سبتمبر ٢٠٠٦ وتوفي علي سرير الغسيل الكلوي في يناير ٢٠٠٧ عن عمر يناهز ٤٧ عاماً و نُشر الكتاب بعد وفاته بأشهر..
هل كان الكاتب يودع الحياة بهذا الكتاب؟ أم كتبه كمحاولة أخيرة للتشبث بالحياة؟ رحم الله هذا الرجل الشجاع.. وجع قلب بس:(
يُشفى الإنسان عندما يكون قادراً على الصراخ بصوتٍ عال. وكان الورق والأقلام هى وسيلة صراخ ونجاة "أسامة الدناصوري" من رهبة ملاقاة موته المُحتم. كان كل شىء ينتهي بالنسبة له، وهو على علم بذلك. ولكن أعطت الكتابة لحياته مدة صلاحية مؤقتة، وغمرته ب"حلاوة روح" كان في أشد الحاجة إليها.
دائماً ما أظن أن النوائب تُخرج أصدق ما بنا. فللمحن قدرة عظيمة على "تعرية" دواخلنا الحقيقية أمام أنفسنا. فتنهار كل قلاع الخوف والكبرياء والمرواغة التي بنيناها لزمن طويل، لتكشف أصل وجودنا ومعناه.
عرّى الكاتب الراحل أسامة الدناصوري نفسه في تلك السيرة غير عابئ بأي شئ سوى بروحه التي أراد ان يُحررها من أي ثقلٍ قبل أن يغادر هذا العالم. تلك شجاعة منه قد لا يستطيعها غيره. ولكن أتحفظ على ذكره لتفاصيل شخصية تخص بعض من عرفهم وذكرهم بالأسم ثلاثي ورباعي. وأتمنى أن تكون تلك أسماءاً مُختلقة وليست الحقيقية.
لا أتخيل أنني ستواتيني الشجاعة لأحيا تلك الحياة التي عاشها. أنحني لشجاعة كل من يتعايش مع مرض مزمن وأراه بطلاً مغواراً، فأنا اكثر جبناً من أن أواجه ألماً يستمر لأكثر من ربع ساعة، كما إنني لا أجد أن بالحياة ما يستحق ان أعيش بها مهددة بالخطر في كل لحظة. ولكن من يختار قدره؟ لا أحد.
ربما "ربك رب عطا، يدي البرد على قد الغطا". لمست في روح الكاتب الراحل نوعاً من "اللامبالاة" تجاه الحياة. ربما كانت تلك اللامبالاة هى "الغطا" وسلاحه الوحيد أمام تلك المرض الذي كان ينهش حياته حتى قضى عليها.
رحم الله الكاتب، وأعان ومنح القوة لكل ما من يعاني ويحارب ببسالة لأخر نفس.
"كُنت في غاية الحزن. أبكي بكاءً داخلياً لا ينقطع."
هذا الكتاب هو سيرة لرحلة المرض مع "أسامة الدناصوري" الشاعر والكاتب، الذي -وأقتبس من كلماته- يرى المرض أنه "يلضم" حياته سوياً، وكيف لا؟، وهو الذي وجد نفسه يُعاني من الأمراض منذ الطفولة، حتى توفي على سرير المرض في يناير 2007، بعد حياة طويلة من الصراع، مع ذلك الوحش الكاسر الذي لم يتورع في الفتك بمن يُنازلهم، ولكن "أسامة الدناصوري" كان مُقاتلاً صعباً، نعلم أنه خسر، وخسرناه، ولكنه كافح، وناضل، ولم يستسلم، تستطيع أن تلمس أي شخصية هو، ومن أي معدن كان، من خلال حكاياته عن المرض، وسيرته التي كتبها بخفة ولطف، على عكس كل تلك الآلام التي نعرف أنها موجودة ومُسيطرة على حياته.
ما يُميز هذه السيرة، هو الوضوح والشفافية، فـ"أسامة الدناصوري" يحكي حكايته بلا تذويق أو تلميع، كما هي، بكل لحظات الذل، والسخرية، والمعاناة، بكل لحظاته السيئة وأكثر لحظاته عُرياً ليس جسدياً فقط، ولكن فكرياً، هنا "أسامة" يكشف أفكاره، كل شيء مهما كان غريباً وغير ملائم، كأنه يعتبر القراء كلهم أصدقاءه، وصدقني بمجرد أن تبدأ في أول صفحات هذا الكتاب ستعد نفسك واحداً من أعزاءه.
نحنُ نعرف المرض، ونعرف كيف يُمكن أن يكون فتاكاً بالمرء، نزلة برد عابرة قد تجعلك راقداً في سريرك بلا حراك، تغيب عن الدُنيا في عالم الحُمى والهذيان، تقوم من هذه الوعكة، وأنت كارهاً لكل تفاصيلها، العجز، عدم القدرة على أن تُصبح عادياً، فكان العادي بالنسبة لأسامة هو الفشل الكلوي، كان العادي بالنسبة له أن يكون مريضاً، وأن يكون الألم عند درجة مُعينة، أوصاف "الدناصوري" لحالته، وتعقيدها، يشرحها لك لتعرف وتفهم كيف أن مرضه لم يكن بالشيء الهين، ووسط كل ذلك، لم يكن يطلب أن تتعاطف معه! لم يطلب أن تُشفق عليه، كان يحكي حكايته بشجاعة وبسالة، كما عاش حياته، وسط أصدقاءه وعائلته، وأضف إليهم قراءه؛ نحن، الذين أحببناه من كلماته فقط. وبرحيله فقدنا عزيزاً.
ختاماً.. هذه السيرة المؤلمة تستحق أن تُقرأ، مكتوبة بلغة بسيطة وبخفة رغم الألم والوجع والمرض والحزن، لكن في أحلك الأوقات سيجعلك "الدناصوري" تبتسم وتضحك لخفة دمه الجلية، ولطرافة المواقف التي تجعلنا نضحك، رغم ما نمر به.
أخاف من المرض، ومن الحديث عنه لازمني منذ الصغر هوس أنني مريضة أو قد أمرض بصورة خطرة يصعب علاجها يرعبني المحقن وإبرته الحادة وهي تنغرس في جلدي، أفضل التوجع بمرضي على هذه الوخزة الصغيرة! أخاف من الآلام بكل صورها ومع ذلك؛ تجذبني حكايات المرضى عن معاناتهم، حكايات رضوى عاشور، وطه حسين، والآن أسامة الدناصوري.. جميعهم يشكلون جزءاً مني شاركتهم هذا الحزن ظناً مني أنني بذلك أخفف عنهم، أو ربما عن نفسي، لا أدري في هذه النصوص وجدت رفيقاً حكى لي عن ألمه بصدق لم يخجل من شيء وكان يضحك معي من مرضه الذي أبكاني لم يثقل عليّ لامس قلبي حزنه وحملت جزءاً منه في نفسي أظنه سيبقى في داخلي، أحمله معي لا أدري إلى متى..
«!لقد خدعتني يا صديقي» صارحتك سرًا عندما أمسكت بالكتاب أول مرة ،أنى لا أحتمل قراءة بمثل هذا القرب عن حياة مع المرض. فوعدتني أن القراءة خفيفة ومحتملوة وبها الكثير من السخرية، وأنك اعتدت المرض حتى ألفته، وأنك منتبه تمامًا للموت فلا داعي لأخاف القراءة.. فلماذا أبكيتني؟ في مشوارك المعتاد لسنوات إلى مراكز الغسيل الكلوي التي شعرت أني عايشتها في يوم واحد هو مدة قراءتي لمذكرات مرضك التي لم أتمكن من إغلاقها حتى نهايتها.. أحب هذا الكتاب بقدر ما خشيت البدء فيه، وأحب كيف كتبه أسامة بصدق وحميمية وشجاعة نادرة.. من تفاصيل الغداء الذي يريد تناوله.. إلى رؤيته لحياته ومرضه وشعره. Sun, Mar 5, 2023♥️📚
الكتاب ده ليه قصة طويلة معايا، عارف إني هنساها قريب لأني خلاص قريته، فهحكيها هنا باختصار لأغراض التوثيق.
بدأت معرفتي بأسامة الدناصوري بتردد اسمه قدامي وسط الكلام عن جيل شعراء التسعينات، الناس إللي زي علاء خالد وإيمان مرسال وعماد أبو صالح وجيهان عمر ومهاب نصر، وأسامة الدناصوري..إللي كنت مع الوقت قريتله شوية قصائد متفرقة وعجبني جداً الحس الساخر من الذات فيها (كإثبات إضافي إن فكرة الجيل هي فكرة تبسيطية جداً لأن صعب تلاقي نفس الحس الساخر ده عند ناس زي عماد أبو صالح مثلاً).. وعرفت بعدها إنه كتب كتاب بيتناول فيه حياته من خلال مرضه، وتبدأ بعدها أطول فترة بحث عن كتاب عدت عليا في حياتي..
مبدئياً، الكتاب ما إتطبعش منه غير طبعة واحدة، ونتيجة لأن أسامة (وجيل التسعينات كله عموماً، فيما عدا كام اسم) مش معروفين خالص، فمفيش أمل إنك تلاقي الكتاب بي دي إف، خصوصاً إن موضوعه ذاتي جداً. ولكن ده ما منعش الواحد من البحث عنه في كل حتّة، من أول سور النبي دانيال مروراً بمكتبات الكتب الجديدة، وترك اسمه ورقمي في كل مكتبة على أمل إنهم أول ما يلاقوا طبعة منه يكلموني، وكان فيه في النص وعود من أصدقاء بيشتغلوا في مؤسسات فيها نسخة من الكتاب، إنهم هيمسحوا الكتاب بي دي إف ويرفعوه للجميع، ولكن التكاسل من جانبي في المتابعة، والتكاسل من جانبهم في الوفاء بوعدهم، أدى لنسيان الموضوع كله، وخلى الكلام مع ناس منهم محرج جداً عشان ما يبانش إني بفكر حد فيهم بالموضوع أو حاجة لا سمح الله.
هل أيأس؟ كلا البتة والله. قررت أتواصل مع دار النشر شخصياً، ورحت دار ميريت إللي نشرت الطبعة الوحيدة، وحظي (إللي كنت فاكره سعيد وقتها) قادني لإني أقابل محمد هاشم في الدار وقتها وأسأله عن الكتاب، فيقوللي إنه موجود جوّه في المخزن بس مش هيعرف يدور عليه دلوقتي (هعرف بعدين إن محمد هاشم راجل طيب، ومش بيحب يضايق حد أو يحرجه، وده بيؤدي بيه لإنه يفضل يوعدك لشهور وشهور)، وإداني محمد هاشم رقمه وقاللي أكلمه كمان أسبوع يكون لقى الكتاب، وأنا قلتله إني جي من إسكندرية مخصوص (كانت كدبة بيضا عشان أحسسه بجسامة الأمر)، ووعدني إنه هيلاقيه..وطبعاً كلمته بعد أسبوع وكنت حاسه مش فاكر الموضوع كله (يبدو إن موضوع إسكندرية ما حسسوش بجسامة الموضوع)، وأما فكرته قاللي إنه ما لقاهوش وإنه هيطبعه في معرض الكتاب، إللي كان معاده قرب وقتها.
دار ميريت كانت في نفس القاعة إللي فيها معظم دور النشر إللي كنت هشتري كتب منها (المرايا والمركز القومي للترجمة ودار الكرمة بشكل أساسي)، فكنت حاسس إن الرحلة هتكون سهلة، وإني ��روح أظفر بالكتاب وأروح أقراه على طول. طبعاً أما وصلت لقيت الناس بتقوللي إنه لا اتطبع ولا حاجة، واتصلت بأستاذ محمد هاشم إللي أكدلي إنه هيتطبع في تاني أسبوع، وإن أول أسبوع من المعرض بيبقى مخصص للأعمال ا��جديدة، قبل إعادة طبع الأعمال القديمة..طبعاً مش محتاج أقول لحضراتكم إني قطعت نفس المشوار في تاني أسبوع وما لقتش الكتاب ولا حاجة، وإن أستاذ محمد هاشم حلفلي إنه هيطلعلي الكتاب من مكتبته الخاصة عشان تعبي ده، وأنا طبعاً كبرت دماغي من الموضوع كله ويأست تماماً من إني أوصل معاه لحاجة خلاص، وقلت مش مشكلة بقى، مش لازم أقرا الكتاب ده يعني، مش آخر ولا أول كتاب، والكتب كتيرة بس إنتا ركز.
من كام يوم كنت بفر على الإنترنت بلا هدف، وقررت أدور مرة أخيرة على الكتاب، يمكن يكون حد في خلال الفترة الأخيرة اهتم ورفع الكتاب بي دي إف، لحد ما لقيت أبليكيشن اسمه كتبي بيعرض شراء الكتاب وقرايته أونلاين مقابل مبلغ عبيط لا يساوي تمن أي مواصلة ركبتها في سبيل البحث عن الكتاب. واستغربت الحقيقة من السهولة، وإن الحل ده كان قدامي بقاله كتير بس ما كنتش مصدق أوي إن الكتاب عندهم فعلاً، لحد ما حملت الأبليكيشن والفلوس اتسحبت من الفيزا، ولقيتني بفر في الكتاب على موبايلي فعلاً. كانت لحظة جميلة جداً الحقيقة، لم يعكر صفوها غير التفكير في كم الإحراج إللي أحرجته لنفسي ولآخرين وإللي كان ممكن تجنبه لو كنت دورت في سادس نتيجة (حرفياً) على جووجل.
الكتاب في الآخر كان يستاهل كل التعب ده، ولقيت فيه كل إللي متوقعه: كتابة صريحة جداً عن الجسم، وتناول أسامة شديد الجمال والحساسية لعلاقته بإللي حواليه من خلال مرضه، واختزاله لعالمه معاهم في العلاقة دي. في الحقيقة الكتاب فيه كل الصراحة مع الذات إللي ممكن يستحملها كتاب 200 صفحة. واتكتب بروح حساسة وواعية جداً بذاتها، ويمكن المرض هو إللي ضاعف الوعي ده بالذات، باعتبار المرض نفسه حاجة الواحد فيها بيعي وجود جسمه (من الألم الموضعي إللي ما كانش في الأول حاسس بيه). وما كانش ينفع مع الوعي الحاد ده، بالذات وبالآخرين، غير السخرية، إللي كانت بتطال ذات الكاتب زي كل الشخصيات التانية، السخرية الطيبة الهادية، إللي بتمشي الدنيا بين الناس وبتبقى طريقة لإدارة العلاقة بينهم، سخرية لتعليق الحكم والتعامل بروح خفيفة مع الأمور. حسيت في الآخر إن أسامة الدناصوري، وإن كان ما إتكسفش يتكلم عن نفسه بكل هذه الصراحة، فكتابه نفسه، زي حيوان أليف، كان مكسوف يظهر قدام الناس وإن الناس تقراه، أو ده إللي الواحد بيقوله لنفسه.
بسبب قسوته كنت بحاول أخلصه في أسرع وقت بس ما كنتش بقدر أقرأ أكتر من صفحات قليلة بعدها بكمل يومي وأصحى أقرأ صفحات قليلة وأكمل.. حاسة إن أسامة الدناصوري أصبح صديق بشكل ما، بقا بيوحشني فعلاً! حاطة كتاب الأعمال الكاملة جنب السرير كنوع من الونس، وبحاول استوعب إنه مات وإني ماعرفتش الجمال ده غير متأخر وصدفة.
نصوصه الأخيرة خرجت بلا رتوش ولا معاناة ، التكلف بريئ مما كتبه ( أسامة ) قبل الرحيل تخال لك الكلمات مأنها قطع موسيقية تطربك في نظرك فينبهر سمعك لاحقاً عندما تتردد كلماته في الخاطر… من أبدع ما قرأت من نصرص قصيرة
منذ أن استيقظت وأنا أُمسك بهذا الكتاب، وبالرغم من الألم الذي سببه لي، إلا أني لم أستطع تركه قبل إنهائه!
مبدئياً، من العيب أن نطلق على هذا الكتاب رواية! من الممكن أن نسميه سيرة المرض، سيرة الألم، سيرة الكاتب مع الفشل أياً يكن. إلا أن عنوان الكتاب ألطف وأخف وطأة.
في هذا الكتاب الصغير، يصف الكاتب رحلته مع مرض الفشل الكلوي. بعد ثلاث سنوات من الانقطاع عن الكتابة، تعود له بقوة، مجبرة إياه على وصف ما لاقاه في رحلة الغسيل الكلوي مع بعض المقتطفات من حياته اليومية وطفولته التي لم تكن تخلو من المرض أيضاً 💔
من الواجب أن أذكر أن في هذا الكتاب ما يجعلك تفتح عينيك على اتساعهم من الصدمة! لكنك ستفتح عينيك أكثر من وصف الكاتب لما يعانيه في الفصل التالي، وقد يكون في نفس الفصل!
يصف الكاتب أن كتابه له عمود فقري وهو مرضه المزمن؛ الفشل الكلوي فيروي لنا بمنتهى الصراحة عن مآسيه وصراعه مع المرض. وعلى الرغم من طبيعة موضوع الكتاب المؤلمة، لكنه ينقل لنا عن عذابه المستمر دون أن يبدو ضعيفًا أو يطلب الشفقة من القارئ، ولا حتى التعاطف. فهو قادر على عرض عيوبه وأخطائه، دون أن يفقد احترام القارئ له. تجرد تماماً من كل ما يغطي عوراته ويحتفظ به سراً، وبدا عارياً فيحكي لنا عن مواقفه المحرجة مع التبول اللا إرادي بنبرة عجز في تارة، وعن مغامراته الذكورية بفخر رجولي في تارةً أخرى، فيرسم نفسه إنسان كامل صادق، ضعيف وعليل، خطاء أحياناً وعزيز النفس دائماً.
بعد إتمام القراءة، زاد تقديري لمثل هذا النص الصريح وكاتبه الذى نال أكثر من نصيبه العادل في سوء الحظ الدنيوي. الفاتحة على روحه.
سيرة موجعة للكاتب اسامه الدناصوري مع المرض منذ طفولته لمدة ٢٢ عام حتي اصابته بالفشل الكلوي ومرحلة غسيل الكلي لمدة ١٢ عاما حتي وفاته ، لا تعتبر سيرة عادية بل مقتطفات ومواقف من حياته مرت به اثناء المرض
الكتاب لوحده حزين وموجع والاكتر انه فكرني بفترة صعبة وهي علاج خالي الله يرحمه من تعب الكلي وفترة الغسيل والعمليات وصبره وصبر زوجته - ربنا يجازيها كل خير - علي المرض وابتسامته في اصعب الأوقات حتي وفاته، كنت بعتبره والدي واخويا الكبير وصاحبي ، واكتر واحد مفتقده في الدنيا ربنا يرحمه ويغفر له ويرزقه العليين في الجنة ويجمعنا بيه في الجنة بفضله ورحمته ، ويرحم ويشفي كل المرضي ومرضي الكلي ويهون عليهم ويكتب تعب والصبر علي المرض ده في ميزان حسناتهم
كتاب صادق جدًا ومؤلم جدًا لدرجة أنني أحيانًا كنت أتوقف عن القراءة لأتنفس الصعداء.
تأثرت بعلاقته المعقدة مع والديه، وكيف أوقدت احباطاته العاطفية كتابته للشعر. لكن أكثر ما مسّني هو كلامه عن مرضه بكل أريحية وخفة دم–خصوصًا لمعرفتي بدوامات الفشل الكلوي بعد مرض أبي.
"إنني مدين لهذه المواقف، بل مدين للتبوُّل اللاإرادي ذاته بكثير.. إنه النار الهادئة التي نضجت عليها. لقد خرجت من هذه المواقف بحكمة «إذا اضطررت إلى السير حافيًا في المدينة، فلا تنظر إلى قدميك كل دقيقة خجلًا، بل ارفع رأسك، وانس ذلك تمامًا.. ولن يلحظ الجميع شيئًا.»"
أنا فقط لا أفهم لِمَ كتاب كهذا قد يُقيّم بأكثر من نجمة؟ بل أن نجمة وحيدة أكثر مما يستحق، إذن كل المراجعات المادحة ذات الأربع والخمس نجوم من أين أتت؟ أنا فقط لا أفهم أستكثر النجمة عليه حتى! ليس لدي فضول حقًا لإلقاء نظرة على كتابات الكاتب الأخرى، ليست هذه بلغة شاعر ولا كاتب، لا انسيابية، لغة جافة بها القليل جدًا من المرونة. أصدقاؤه وزوجته الذين أحبوا الكتاب، علام أحبوه؟ أنا فقط لا أفهم. وبالطبع محتوى الكتاب البذيء للغاية، قل عني متخلفة رافضة للتحرر وضيقة الأفق رجعية، قل عني ما شئت ولكن ما قرأته هنا فُحش ولا شيء سواه. لمن لم يقرأ الكتاب، فهو يتكلم عن مشاكل الكاتب الصحية منذ طفولته ولا عيب في ذلك، احتباس بول وفشل كلوي وأشياء أخرى، ويتكلم أيضًا عن تجاربه في التدخين والمخدرات-حشيش وبانجو- وتجاربه الجنسية-قبل الزواج بالطبع- ولا داعي للإطالة هنا لأني كنت أقرأ ولا أدري لِمَ قد يصل الأمر بأي إنسان للجهر بالمعصية بهذه الفجاجة، ضايقتني نقطة إعراضه عن الصلاة ولكن قد تلاشى ضيقي من فرط ما قرأتُ بعدها. لم يُشر الكاتب لوجود أية أطفال له، لذا لا أعتقد أنه أب وأحمد الله أنه ليس أبي وليس لي أبًا مثله وأن أبي كان أبي وحسب. قدموا لي تبريرًا منطقيًا لِم هذا الكتاب جيد-وأقول جيد لا رائع-، لا لغة ولا مضمون ولا فكرة! أنا في عمر هذا الكتاب بالمناسبة، وُلدت في الفترة ما بين بدايته ونهايته، ولكنها نجمة وإن كنا أقرانًا.
بما إني بشتغل في مستشفى، دايما بتساءل المكان والعاملين في نظر المرضى شكلهم ايه؟ ازاي عايشين مع أمراضهم؟ هل فاكرينها طول الوقت؟ هل بتشكل حياتهم ولا بتتنسى عادي؟
أكيد الإجابة هتختلف حسب طبيعة الناس وأمراضهم، لكن الكتاب بطريقة ما إجابة على الأسئلة دي.
انتهيت للتو من قراءة أكثر الكتب انتماءاً لي، هيبارين فلاتر تورم الوجه صاكشن غسيل الباي كارب عملية الذراع تجلط الوريد أشعة الدوبلكس على أوردة الرقبة والصدر كرياتنين باولينا، كل تلك المصطلحات والعبارات التي ترددت في أذني طوال عامين، أثناء مرافقتي لأبي في رحلته مع مرض الفشل الكلوي وانتهاء الرحلة في ١٧ أكتوبر من العام الماضي بوفاته، وفاته وانتهاء الرحلة والألم والعذاب المستمر، ظللت منتظرة انتهاءها بالشفاء أو الوفاة ونظرًا لكون الشفاء أمنية مستحيلة وطلب صعب تقديمه للرب كان الموت هو المصير المحدق كل يوم، لكن ممتنة للرحلة اللي كونت جزء كبير من شخصيتي وجعلتني أكثر قربًا من والدي وعكازًا آخر يستند عليه، أتمنى تكون كل إبرة سبب في شفاعتك يا بابا، ألف رحمة ونور يا حبيبي❤️
كل مرات التدوير و الفشل في إني ألاقيه كانت في محلها و طلع يستحق، الفكرة بس إني مكنتش مستعد لكل الحزن ده، هو ممزوج بفخة دم و ذكاء مش قليلين، بس برضه. الكلام عن الجسد بالشكل ده و بالصدق و الصراحة دول حاجة مش معتادة خالص، بالذات في الوقت اللي اتكتب فيه، أعتقد إحساس الكاتب إن أجله قرب خلاه يتحرر من كل حاجة بالشكل ده. الشعراء برضه لما يكتبوا نثر بالذات عن سيرهم الذاتية، ديما بيطلع حاجة جميلة كده. من أجمل ايفيهات اللي في الكتاب ده هو معنى عنوان الكتاب، اللي أتكلم عنه في فصل جوه، ضحكت بصوت عالي فيه :D
سيرة للوجع، وللألم، ولعذابات كتبت على صاحبها فتحملها صابرا بل وحوَّلها إلى رفيق حياة، وجرد منها ذاتا أخرى عايشها وائتنس بوجودها الثقيل إلى أن رحلا عن عالمنا. كل رجائي أن تكون روح أسامة قد وجدت السكينة والسلام، ودعائي له بالرحمة وبأن يغفر له الله زلاته جزاء صبره ومعاناته.. الفاتحة أمانة لصاحب هذا السرد الصادق، والألم الذي لا مزيد عليه منذ الطفولة وحتى الرحيل.
٢٠٢٠ تقييم ٣/٥ فقط قرأت المختارات الموجودة على الموقع الرسمي له
٢٠٢٣ تقييم ٥/٥
أشتريت نسخة كاملة من الكتاب وأقدر أقول هو قد إيه وجع قلبي ترى سخرية لاذعة وحزن وألم في النصوص اللي كتبها أسامة الدناصوري لتوثيق رحلته مع المرض اللي في الأول بتعتقد إنه الفشل الكلوي اللعين هو تعبه لكن هي رحلة أليمة بتبدأ منذ ولادته.
::انطباع عام:: =-=-=-=- تكمن عبقرية هذا النص في قدرته على تحويل العادي لهائل والهائل لعادي. الهائل الموت، والعادي الحياة. السخرية اللاذعة من الذات والمرض والتضخيم للحب والحياة وخفوت الإيمان الديني وهجران الصلاة وعدم اصطباغ النصوص لدى أسامة بأي توجه أخلاقي أو تعزيات دينية قد تسلو المريض عن مرضه - هي اللغة الشاعرية الطفولية على رغم عاديتها؛ والأحداث المروعة رغم سرديتها الحميمية الودودة. التحرر الأخلاقي الظاهري والحميمية الشديدة أعطتا النص صبغة حياتية طفولية محببة للنفس. تقديم المشافي على أنها منازل والأطباء على أنهم آباء روحانيين والممرضات على أنهن سميرات وعشيقات أحيانًا والغياب عن المشافي يكون بمثابة محض "إجازة".
***
::المحاور:: =-=-=-= ١- البشر أهم من الأماكن حيث الأطباء والعشيقات: ص٣٦ ٢- الذات: ص٦٧\١٥٥ ٣- الكلب الهرم\الحبيب هو التصالح مع البيولوجي وهو كذلك المعادل الموضوعي\الشاعري للعضو البيولوجي ومحاولة استرداد خصوصية العضو المنتهك من قبل الطب: ص٦٧\١٢٩ ٤- المرض: ص٨٩\١٣٨\١٣٩\١٥٩ ٥- الحب والشعر صنوان: ص١٢٧\١٣٥ ٦- تجاهل البيولوجي والالتهاء عنه: ص١٠٢ ٧- الصيغة الأضخم من المرض تقدم نعيمًا لمن يعاني من فتات مرض غير متمكن من مريضه حتى النهاية: ص١٣٨ ٨- المرأة: ص١٤٥ ٩- المرأة حصرًا: سهير الزوجة أول من استمتعت لهذه النصوص في ولادتها\فاطمة شعلة الشعر\عايدة\سلوى\نوال\سناء\عفاف والرغبة في التسلل لمعرفة هل ستنال التجاعيد منها حقًا؟\داليا الصديقة ١٠- الكتابة هي الفعل المنقذ من الموت: ص١٦١
***
::ملاحظات:: =-=-=-=- بعد الانتهاء من هذا الكتاب وأثناءه كان حتمًا الشعور باحتقان عجيب لدى قارئه إذا كان رجلاً بالطبع في جزءه البيولوجي السفلي كله! هنالك حالة توحد ومشاركة ألم عجيبة تحدث لقارئ النص. ففي صـ١٤٥ معاناة التقاذف بين شدة الرغبة والحب والالتهاب وبين المرض ذلك الجدار العنيف الصاد.
***
::شهادة:: =-=-=-
"رغم كل التجارب والأفكار والمناقشات واللحظات الصعبة التي رأيتُ أسامة فيها أو من خلالها، يخطر أسامة ببالي عادة داخل مشاهد كهذه؛ لحظات الضحك التي تُمرّر وتهزم لحظات التوتّر. في مستويات أكثر تعقيداً، يحضر أسامة عبر السخريّة في الحياة وفي الكتابة من الخوف، من الإحباط، من الانقطاع عن الكتابة، من نوبات الاكتئاب، ومن المرض والموت أيضاً. مرّة قال لي أسامة أنه لا يصدّق “اللي دمهم تقيل” مهما كانوا طيبين أو مخلصين. لقد عارضته وقتها ولكني أتفق معه الآن." إيمان مرسال
اخر نص كان بتاريخ 8 ديسمبر 2006، قبل وفاته بأقل من شهر، بالتالي الوفاة دي بشكل ما هي النص الاخير في الكتاب.
ماعتقدش اني قريت حاجة مشابهة قبل كده، يمكن باستثناء تدوينات محمد ابو الغيط الفترة الاخيرة، و عدد مش قليل من النصوص أثر فيا و حبيته جدا، اكترهم كان الاول: "الولاعة الصفراء الجديدة" و "وقف حال".
" أعلم أيضًا أنني بت لا أهوى الطّراد. وبت لا أنخدع بمرأى الطرائد التي تتقافز أمامي عينيّ طوال الوقت. الطرائد في الرأس يا صديقي. إنها تسقط من تلقاء نفسها بين يدي الآن كلما رغبتها. فقط عليّ أن أرغبها بقوة"