بدأت هذه الدراسة كمحاولة لوصف فهم العدالة الإلهية في الإسلام أو شرعية الوجود الإلهي ، وعلى ضوء ما هو شائع ومعروف من أن الإسلام لا يقبل ولا يعترف بمفهوم الخطيئة الأولى لآدم ، سعيت لأفهم كيف يرصد الإسلام الشر المنتشر في العالم وكيف يبرره ، فلا يحتوي الإسلام على شكل واحد من أشكال العدل الإلهي أو شرعية الوجود الإلهي ، مثلما يوجد في الديانات الأخرى ، فهو يشتمل على آراء متنوعة ومتباينة ووجهات نظر ورؤى عبر العصور المختلفة وعبر اختلاف الأماكن والمناطق الجغرافية ، ورغم ذلك سادت وهيمنت معتقدات معينة ، مثل تلك التي يمكن أن نطلق عليها التقاليد المسرودة والسرد القصصي .
Whitney S. Bodman is a professor of Comparative Religions at Austin Seminary. He holds a Doctorate of Theology in Islamic Studies at Harvard Divinity School, Cambridge. He is the chair of the Texas Conference of Churches Muslim-Christian Forum and serves on the Executive Committee of Interfaith Center for Public Policy.
لماذا نعصي؟ كيف نتحول من الطاعة للعصيان والعودة مرة اخرى للطاعة؟ ماالدور الذي تلعبه قدرة الله وعلمه المسبق بهذا التقلب؟ وعلى وقف تلك الاسئلة الملحة لا يبزغ ابليس كشخصية شريرة بقدر ما يظهر كشخصية مأساوية ...
يبحث بودمان في هذه الدراسة في مباحث ومعاني عدة كمفهوم العدل الإلهي وما شابه من اختلافات في التفسير بين مختلف الفرق الدينية، وغيرها، مع تخصيص جزء كبير من هذه الدراسة في السرد الأسطوري عن أصل وطبيعة الشر / إبليس والشيطان ونظائرها في السياق القرآني، وهل هناك فرق بين الإثنين؟ عبر المقاربة السردية للقص القرآني، مع ابداء الاهتمام ب زمان وترتيب نزول مختلف تلك الروايات لقصة إبليس ودلالاتها. و بتفحص مختلف التفسيرات القصصية لمنبع وطبيعة الشر، متكئاً على التأويل والتناص بإحالاته الخاصة في القراءة والبحث والتفسير، مع إمعانه في وضع مختلف أنواع التفسيرات والشروح عن الشر في الكتاب المجمع المقدس ( الإنجيل والتوراة) ، وفي الروايات والأساطير الواردة في تجميعات قصص الأنبياء للكسائي، والثعلبي وغيرهما، أو تاريخ الطبري، وابن كثير ، والدياربكري، ورفاقهم + الأدب أو التراث الصوفي. وكذا أطرق بفحص الثقافة الحديثة المعاصرة والأعمال الأدبية التي يظهر فيها إبليس؛ وخاصة أربعة أعمال منها: روايتان للكاتب المصري نجيب محفوظ ، والكاتبة المصرية نوال السعداوي ، وقصة قصيرة لتوفيق الحكيم، و قصيدة لمحمد إقبال .
الكتاب رائع ، ويثير الكثير من الأسئلة والشك والحيرة في الذهن !؟
حاول الكاتب من خلال هذا الكتاب دراسة مفهوم الشر في الإسلام لأن الفقه الإسلامي يعلمنا كيف نتعامل مع تبعات الشر إلا أنه لا يتحدث عن جوهر وطبيعة الشر نفسه.
في الفصل الأول :
وضح الكاتب الفرق بين إبليس والشيطان في سرديات اللاهوت إذ وصف إبليس أنه شخصية تمثل الإغواء والخداع في بعض القصص وتارة تجده يظهر بصورة المساعد على الخير ومن الواضح أن شخصية إبليس شديدة التعقيد. وتساءل البشر دوما لماذا وكيف أن إبليس هو المخلوق الوحيد الذي رفض إطاعة أوامر المولى عز وجل وهل من الممكن أن يرجع عن رأيه هذا في يوم ما ؟؟…وعلى وقع هذه الأسئلة تظهر شخصية إبليس أكثر مأساوية وأقل شرا وتم التساؤل من وجهة نظر إبليس إذا كان الله عادلا في عقابه له أم لا. في
الفصل الثاني :
تحدث عن القرآن من ناحية الوصف الأدبي وذلك لأن الشخصيات التي يقدمها غالبا ما تكون خيرة أو شريرة من دون اعتبار أنه قد تكون هناك وسطية بين الخير والشر ولذلك فالإنسان لا يجد تعاطفا مع الأشرار أبدا في القرآن ويتناول موضوع الإسرائيليات بصفتها مهمة جدا لفهم الإسلام بما أن الكثير من القصص اليهودية والمسيحية تتشارك مع الإسلام. وتحدث الكاتب عن مدى أهمية فهم النص وأن الظروف المحيطة بالقارئ وثقافته وبنيته الاجتماعية قد تؤثر سلبا على فهمه وغالبا ما يتم تأويل النص بتأثير من الفهم والإدراك .. ذكرت قصة إبليس سبع مرات في القرآن فهل يا ترى هناك رابط بين القصص ؟؟
وتناول الجدل القائم بخصوص صحة ترتيب الصور والآيات وذلك بسبب تأثر التدوين بعوامل الذاكرة وعدم توفر لوازم حفظ السور
في الفصل الثالث :
تحدث عن أسطورة الصراع بين الخير والشر في الكتب السماوية وأنه غالبا ما يتم خلط إبليس مع الشيطان في الأساطير القديمة للملائكة مثالا على ما جاء في سفر أيوب (الشيطان ذو النزعة الشريرة وملاك الموت كلها شيء واحد وهو سمي الشيطان كما يكتب فخرج الشيطان من حضرة الرب )
وتحدث عن أسطورة الملاك المتمرّد المطرود من السماء وعدد النصوص السماوية التي تحدثت عنها والقصص كلها متقاربة في مضمونها رغم اختلاف الحوارات فيها وهي أن إرادة إبليس في استقلاله وانفصاله عن الله أدت إلى طرده من السماء وسقوطه في اليوم السادس وأصبح اسمه ساتانا أو المنحرف ودعي بأوصاف كثيرة منها شيدا الملعون وإيدايو الحقير
وبدايته في زرع الشر مع أول مولود لآدم ومحاولة إيقاعه في الخطيئة وهي قتل أخيه هابيل وتعددت الحكايات والقصص بهذا الشأن.
في الفصل الرابع :
ناقش ذكر إبليس في سورة طه وتناول حادثة إسلام عمر وبدأ شرح السورة والقصص التي جاءت فيها كقصة موسى مع فرعون وجاء ذكر إبليس أيضا في رفضه السجود إلا أن دوره في هذه السورة كان صغيرا ولم يكن شخصية أساسية في السورة والهدف من ذلك هو تسليط الضوء على رواية قصص المواجهات بين الرسل والناس للعظة والاعتبار.
في الفصل الخامس :
ناقش سورة الكهف وعرض بعض القصص التي جاءت فيها وعن الجن باعتبارهم مالكين للأماكن البرية الخالية من البشر وأنهم خصوم لهم كما يمكن اتخاذهم حلفاء وشركاء أيضا. وقصص الذين يسعون إلى نيل حمايتهم من دون الله واتخاذ الأولياء والصالحين أربابا من دونه وذكر علاقة إبليس بقبائل الجن المتقلّبة الكارهة لوجود البشر عامة
. في الفصل السادس :
تم مناقشة سورة الحجر وأسطورة عزازيل ومجادلة إبليس بشأن السجود لآدم مرة أخرى مما يراه إبليس قرارا خاطئا من وجهة نظره لأنه مخلوق من نار ومترفّع عن السجود لمخلوق من طين كريه الرائحة واتخذ إبليس من وجوده غاية لإثبات الخطأ الذي حدث بحقه وأنه سوف يستعيد مكانته يوما ما.
في الفصل السابع:
تناول سورة ص التي بدورها تتحدث عن النزاع بين الكافرين والمؤمنين وكيف تم إضافة قصة إبليس للفكرة الكلية وتم ذكره بسبب ورود الملأ الأعلى وهم الملائكة وليس فقط في القرآن بل ذكر أيضا ما ورد في التوراة على الملأ الأعلى ودائما ما يتكرر السؤال على إبليس مثل ما منعك؟؟ وما لك ؟؟
ومعضلة الرفض عند إبليس تكررت في أكثر من موضع وخاصة أنه يستقل بقراراته عن الملأ الأعلى ودائما ما عرف بمجادلته ولكن لم يتوقع منه أبدا أن يرفض بصريح العبارة ويقبل العقوبة الأبدية.
في الفصل الثامن :
ناقش سورة الإسراء تم التركيز على بني إسرائيل وفشلهم في الالتزام بما نزل عليهم وتناول تركيب السورة القصصي وخاصة دور إبليس في هذه السورة في التأكيد على الخصومة بينه وبين الله والبشر وقد ظهر من خلال كلام إبليس استخدامه عبارات قوية أنه ليس فقط خصم بل أصبح عدوا لله ..
وما يميز هذه السورة عن غيرها هو إبراز إبليس بشخصية لا تستوجب التعاطف أبدا.
أما في الفصل التاسع :
سورة الأعراف وهي تقريبا ضعف طول السور التي تم ذكرها سابقا وتحمل في آياتها العداوة السائدة بين إبليس والله وتوضح تبعات وعواقب الاختيار الخاطئ وفي القسم الآخر من السورة يسرد قصة طرد إبليس والمهلة التي منحت له وكانت هناك مقارنة بين أفعال إبليس وأفعال آدم بعد ارتكاب المعصية.
في الفصل العاشر:
تناول سورة البقرة و توجد قصة إبليس في سورة البقرة في قسم من أربع أجزاء وهي إعادة وتلخيص لنصوص سابقة في التنزل
. في الفصل الحادي عشر :
تم مناقشة خلاصة ذكر إبليس في الأدب ومنها أعمال نوال السعداوي ونجيب محفوظ وأيضا في الكتابات المعاصرة وقصيدة لمحمد إقبال يذكر فيها قصة السجود والرفض ..
لقد قام هذا الكتاب بتحليل شخصية إبليس بطريقة موضوعية وجديدة لم نكن نعرفها من قبل.
This entire review has been hidden because of spoilers.
Intriguing and poetic analysis on the character of Iblis and his refusal to bow to Adam despite God's command, and the subsequent conflation of the character of Iblis into al-Shaytan, the one-dimensional hound of humanity.
"The evil of al-Shaytan is simple and clear; one knows to reject it even if one does not. If humanity had been created with neither will nor reason, al-Shaytan would be sufficient to reveal the boundaries of the straight path. But mortals were not so formed. The burdens of discernment and the power of desire, even desire for God, lead mortals into a wilderness of God's own design. Although will and righteousness direct us towards the final destinatio, that same will and righteousness also lead us astray. Like al-Hallaj's Iblis, we cannot assume that God's command, often interpreted through human medium and contextualized in time and space, with God's will, which is eternal, are the same. The very recognition that there is a difference is the fertile soil of tragedy. We choose, discern, reason, decide, and suffer the consequences, trusting in God's mercy.
While it is tempting, in the human search for the straight path, to dismiss tragedy as a failure of faith in God's good mercy, in fact it is in the tragic that we recognize that the straight path is not well lit. We choose, and suffer the consequences. That is the path."
عمل بودمان في هذا الكتاب على تحليل شخصية "إبليس" بوصفها شخصية رئيسية في سردية الوجود، ويتكئ على مجموعة من الأساطير والقصص التي دارت حول شخصية إبليس ومركزيّة الشر، ويتتبّع تطوّر هذه الشخصية حتى العصر الحديث عند إقبال ونجيب محفوظ ونوال السعداوي وتوفيق الحكيم. كما وقد حلّل شخصية إبليس في الأدبيات الصوفية عند العطار والحلاج .
يصف بودمان شخصية إبليس بالمعقدة والمتركبة، وهذه الطبيعة "المأساوية" تصل بنا إلى فهم عقيدة الإنسان وثمّ طبيعة الإله؛ ذلك أنه لا يمكن فهم إبليس خارج إطار الأسئلة حول العدل والحكمة الإلهيّة.
ويخلص بودمان إلى أنّ القرآن نسج شخصية إبليس في سرد مركب ويوحي بتعدد التفسيرات والاختلاف فيها، وفي مدى هذا التنوّع وجد المسلمون الفروق الدقيقة لشرعية المشكلة الأزلية المتمثلة في شرعية الوجود والعدالة الإلهية.
يتناول الكتاب قصة #إبليس ذلك الكائن ذو السيرة المحيرة والتركيب المختلف عليه، يتناولها بتدرج من مرحلة الكائن السماوي المأساوي الى مرحلة شيطنة ابليس وطرده وعقد الاتفاق بينه وبين #الله معتمداً المؤلف في ذلك على النصوص القرآنية التي ذُكر فيها ابليس و على متوازياتها من النصوص الانجيلية والتوراتية، يطرح المؤلف عدة تساؤلات كعلاقة ابليس بالشيطان، طبيعة الشر و كيفية نشوءه، طبيعة العقد المبرم بين الله وابليس، سبب عداء ابليس لآدم وحقيقة كون ابليس كائن سماوي ينتمي لدرجة اقل رفعةً من درجة الملأ الأعلى وماذا يُقصد بالملأ الأعلى والكثير من التساؤلات الاخرى المحيرة التي قد لا يجد لها القارئ جواباً كما المؤلف، لكنها تبقى اسئلةً جديرة بان تُطرح و تفتح للعقل آفاقاً جديدة للتفكر والتأمل كتاب رائع انصح به مع بعض التحفظ لمن لا يملك خلفية في علم الاديان.